
07-03-2022, 11:33 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,892
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث - كتاب البيوع
الحلقة (107)
صــــــــــ 17 الى صـــــــــــ22
[ ص: 17 ] معنى القوت فقد تعد مأكولة ومشروبة وقياسها على المأكول القوت أولى من قياسها على ما فارقه مما يستمتع به لغير الأكل ثم الأدوية كلها إهليلجها وإيليلجها وسقمونيها وغاريقونها يدخل في هذا المعنى والله أعلم .
( قال ) : ووجدنا كل ما يستمتع به ليكون مأكولا أو مشروبا يجمعه أن المتاع به ليؤكل أو يشرب ووجدنا يجمعه أن الأكل والشرب للمنفعة ووجدنا الأدوية تؤكل وتشرب للمنفعة بل منافعها كثيرة أكثر من منافع الطعام فكانت أن تقاس بالمأكول والمشروب أولى من أن يقاس بها المتاع لغير الأكل من الحيوان والنبات والخشب وغير ذلك فجعلنا للأشياء أصلين أصل مأكول فيه الربا وأصل متاع لغير المأكول لا ربا في الزيادة في بعضه على بعض فالأصل في المأكول والمشروب إذا كان بعضه ببعض كالأصل في الدنانير بالدنانير والدراهم بالدراهم ، وإذا كان منه صنف بصنف غيره فهو كالدنانير بالدراهم والدراهم بالدنانير لا يختلف إلا بعلة وتلك العلة لا تكون في الدنانير والدراهم بحال وذلك أن يكون الشيء منه رطب بيابس منه وهذا لا يدخل الذهب ولا الورق أبدا ( قال ) : ، فإن قال قائل كيف فرقتم بين الذهب والورق وبين المأكول في هذه الحال ؟ قلت الحجة فيه ما لا حجة معه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لا يجوز أن تقيس شيئا بشيء مخالف له فإذا كانت الرطوبة موجودة في غير الذهب والفضة فلا يجوز أن يقاس شيء بشيء في الموضع الذي يخالفه ، فإن قال قائل فأوجدنا [ ص: 18 ] السنة فيه قيل إن شاء الله أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد أيتهما أفضل ؟ فقال البيضاء فنهى عن ذلك وقال { سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أينقص الرطب إذا يبس ؟ فقالوا نعم فنهى عن ذلك } .
( قال ) : ففي هذا الحديث رأي سعد نفسه أنه كره البيضاء بالسلت ، فإن كان كرهها بسنة فذلك موافق لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه نأخذ ولعله إن شاء الله كرهها لذلك ، فإن كان كرهها متفاضلة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز البر بالشعير متفاضلا وليس في قول أحد حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو القياس على سنة النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ( قال ) : وهكذا كل ما اختلفت أسماؤه وأصنافه من الطعام فلا بأس بالفضل في بعضه على بعض يدا بيد ولا خير فيه نسيئة كالدنانير بالدراهم لا يختلف هو ، وهي وكذلك زبيب بتمر وحنطة بشعير وشعير بسلت وذرة بأرز وما اختلف أصنافه من المأكول أو المشروب ، هكذا كله وفي حديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 19 ] دلائل منها أنه سأل أهل العلم بالرطب عن نقصانه فينبغي للإمام إذا حضره أهل العلم بما يرد عليه أن يسألهم عنه وبهذا صرنا إلى قيم الأموال بقول أهل العلم والقبول من أهلها ، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم نظر في معتقب الرطب فلما كان ينقص لم يجز بيعه بالتمر ; لأن التمر من الرطب إذا كان نقصانه غير محدود وقد حرم أن يكون التمر بالتمر إلا مثلا بمثل وكانت فيها زيادة بيان النظر في المعتقب من الرطب فدلت على أنه لا يجوز رطب بيابس من جنسه لاختلاف الكيلين وكذلك دلت على أنه لا يجوز رطب برطب ; لأنه نظر في البيوع في المعتقب خوفا من أن يزيد بعضها على بعض فهما رطبان معناهما معنى واحد فإذا نظر في المعتقب فلم يجز رطب برطب ; لأن الصفقة وقعت ولا يعرف كيف يكونان في المعتقب وكان بيعا مجهولا الكيل بالكيل ولا يجوز الكيل ولا الوزن بالكيل والوزن من جنسه إلا مثلا بمثل
باب جماع تفريع الكيل والوزن بعضه ببعض
( قال الشافعي ) : معرفة الأعيان أن ينظر إلى الاسم الأعم الجامع الذي ينفرد به من جملة ما مخرجه مخرجها فذلك جنس ، فأصل كل ما أنبتت الأرض أنه نبات ثم يفرق به أسماء فيقال هذا حب ثم يفرق بالحب أسماء والأسماء التي تفرق بالحب من جماع التمييز فيقال تمر وزبيب ويقال حنطة وذرة وشعير وسلت فهذا الجماع الذي هو جماع التمييز وهو من الجنس الذي تحرم الزيادة في بعضه على بعض إذا كان من صنف واحد وهو في الذهب والورق هكذا وهما مخلوقان من الأرض أو فيها ثم هما تبر ثم يفرق [ ص: 21 ] بهما أسماء ذهب وورق والتبر وسواهما من النحاس والحديد وغيرهما .
( قال الشافعي ) : رحمه الله والحكم فيما كان يابسا من صنف واحد من أصناف الطعام حكم واحد لا اختلاف فيه كحكم الذهب بالذهب والورق بالورق ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر تحريم الذهب والورق والحنطة والشعير والتمر والملح ذكرا واحدا وحكم فيها حكما واحدا فلا يجوز أن يفرق بين أحكامها بحال وقد جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم
باب تفريع الصنف من المأكول والمشروب بمثله قال الربيع ( قال الشافعي ) : الحنطة جنس ، وإن تفاضلت وتباينت في الأسماء كما يتباين الذهب ويتفاضل في الأسماء فلا يجوز ذهب بذهب إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يدا بيد قال وأصل الحنطة الكيل وكل ما كان أصله كيلا لم يجز أن يباع بمثله وزنا بوزن ولا وزنا بكيل قال ولا بأس بالحنطة مثلا بمثل ويدا بيد ولا يفترقان حتى يتقابضا ، وإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع بينهما كما يكون ذلك في الذهب بالذهب لا يختلف قال ولا بأس بحنطة جيدة يسوى مدها دينارا بحنطة رديئة لا يسوى مدها سدس دينار ولا حنطة حديثة بحنطة قديمة ولا حنطة بيضاء صافية بحنطة سوداء قبيحة مثلا بمثل كيلا بكيل يدا بيد ولا يتفرقان حتى يتقابضا إذا كانت حنطة أحدهما صنفا واحدا وحنطة بائعه صنفا واحدا وكل ما لم يجز إلا مثلا بمثل يدا بيد فلا خير في أن يباع منه شيء ومعه شيء غيره بشيء آخر لا خير في مد تمر عجوة ودرهم بمدي تمر عجوة ولا مد حنطة سوداء ودرهم بمدي حنطة محمولة حتى يكون الطعام بالطعام لا شيء مع واحد منهما غيرهما أو يشتري شيئا من غير صنفه ليس معه من صنفه شيء
باب في التمر بالتمر
( قال الشافعي ) : والتمر صنف ولا بأس أن يبتاع صاع تمر بصاع تمر يدا بيد ولا يتفرقان حتى يتقابضا .
[ ص: 22 ] ولا بأس إذا كان صاع أحدهما صنفا واحدا وصاع الآخر صنفا واحدا أن يأخذه ، وإن كان برديء وعجوة بعجوة أو برديء وصيحاني بصيحاني ولا خير في أن يكون صاع أحدهما من تمرين مختلفين وصاع الآخر من تمر واحد ولا خير في أن يتبايعا التمر بالتمر موزونا في جلال كان أو قرب أو غير ذلك ولو طرحت عنه الجلال والقرب لم يجز أن يباع وزنا وذلك أن وزن التمر يتباين فيكون صاع وزنه أرطال وصاع آخر وزنه أكثر منها فلو كيلا كان ، صاع بأكثر من صاع كيلا وهكذا كل كيل لا يجوز أن يباع بمثله وزنا وكل وزن فلا يجوز أن يباع بمثله كيلا ، ، وإذا اختلف الصنفان فلا بأس أن يبتاع كيلا ، وإن كان أصله الوزن وجزافا ; لأنا إنما نأمر ببيعه على الأصل كراهية التفاضل فإذا كان ما يجوز فيه التفاضل فلا نبالي كيف تبايعاه إن تقابضاه قبل أن يتفرقا
باب ما في معنى التمر
( قال الشافعي ) : وهكذا كل صنف يابس من المأكول والمشروب فالقول فيه كما وصفت في الحنطة والتمر لا يختلف في حرف منه وذلك يخالف الشعير بالشعير والذرة بالذرة والسلت بالسلت والدخن بالدخن والأرز بالأرز وكل ما أكل الناس مما ينبتون أو لم ينبتوا مثل الفث وغيره من حب الحنظل وسكر العشر وغيره مما أكل الناس ولم ينبتوا وهكذا كل مأكول يبس من أسبيوش بأسبيوش وثفاء بثفاء وصعتر بصعتر فما بيع منه وزنا بشيء من صنفه لم يصرف إلى كيل وما بيع منه كيلا لم يصرف إلى وزن لما وصفت من اختلافه في يبسه وخفته وجفائه قال وهكذا وكل مأكول ومشروب أخرجه الله من شجر أو أرض فكان بحاله التي أخرجه الله تعالى بها إلى غيرها فأما ما لو تركوه لم يزل رطبا بحاله أبدا ففي هذا الصنف منه علة سأذكرها إن شاء الله تعالى فأما ما أحدث فيه الآدميون تجفيفا من الثمر فهو شيء استعجلوا به صلاحه ، وإن لم ينقلوه وتركوه جف وما أشبه هذا

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|