عرض مشاركة واحدة
  #115  
قديم 07-03-2022, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,320
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله




كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث -
كتاب البيوع
الحلقة (115)
صــــــــــ 65 الى صـــــــــــ70


( قال ) : فأما الرجل يقول للرجل وعنده صبرة تمر له أضمن لك هذه الصبرة بعشرين صاعا فإن زادت على عشرين صاعا فلي فإن كانت عشرين فهي لك ، وإن نقصت من عشرين فعلي إتمام عشرين صاعا لك فهذا لا يحل من قبل أنه من أكل المال بالباطل الذي وصفت قبل هذا وهذا بالمخاطرة والقمار أشبه وليس من معنى المزابنة بسبيل ليس المزابنة إلا ما وصفت لا تجاوزه .
( قال ) : وهذا جماعه ، وهو كاف من تفريعه ، ومن تفريعه ما وصفت فأما أن يقول الرجل للرجل عد قثاءك أو بطيخك هذا المجموع فما نقص من مائة فعلي تمام مائة مثله وما زاد فلي أو اقطع ثوبك هذا قلانس أو سراويلات على قدر كذا ، فما نقص ، من كذا وكذا قلنسوة أو سراويل فعلي وما زاد فلي أو اطحن حنطتك هذه فما زاد على مد دقيق فلي وما نقص فعلي فهذا كله مخالف للمزابنة ومحرم من أنه أكل المال بالباطل ، لا هو تجارة عن تراض ، ولا هو شيء أعطاه مالك المال المعطى ، وهو يعرفه فيؤخر فيه أو يحمد ولا هو شيء أعطاه إياه على منفعة فأخذها منه ولا على وجه خير من الوجه المأذون فيه دون غيره الذي هو من وجوه البر قال ولا بأس بثمر نخلة بثمر عنبة أو بثمر فرسكة كلاهما قد طابت كان ذلك موضوعا بالأرض أو في شجرة أو بعضه موضوعا بالأرض إذا خالفه وكان الفضل يحل في بعضه على بعض حالا وكان يدا بيد فإن [ ص: 65 ] دخلت النسيئة فسد أو تفرقا بعد البيع قبل أن يتقابضا فسد البيع
( قال ) : وكذلك لا بأس أن يبيع ثمر نخلة في رأسها بثمر شجرة فرسك في رأسها أو يبيع ثمر نخلة في رأسها بفرسك موضوع في الأرض أو يبيع رطبا في الأرض بفرسك موضوع في الأرض جزافا .

( قال ) : وجماعه أن تبيع الشيء بغير صنفه يدا بيد كيف شئت .
( قال الشافعي ) : وما كان بصفة واحدة لم يحل إلا مثلا بمثل كيلا بكيل وزنا بوزن يدا بيد ولا يتفرقان حتى يتقابضا ولا يباع منه رطب بيابس ولا رطب يبس برطب إلا العرايا خاصة .
( قال الشافعي ) : وكذلك لا يجوز أن يدخل في صفقة شيئا من الذي فيه الربا في الفضل في بعضه على بعض يدا بيد ومن ذلك أن يشتري صبرة تمر مكيلة أو جزافا بصبرة حنطة مكيلة أو جزافا ومع الحنطة من التمر قليل أو كثير وذلك أن الصفقة في الحنطة تقع على حنطة وتمر بتمر وحصة التمر غير معروفة من قبل أنها إنما تكون بقيمتها والحنطة بقيمتها والتمر بالتمر لا يجوز إلا معلوما كيلا بكيل .
باب وقت بيع الفاكهة .

( أخبرنا الربيع ) : قال .

( قال الشافعي ) : رحمه الله وقت بيع جميع ما يؤكل من ثمر الشجر أن يؤكل من أوله الشيء ويكون آخره قد قارب أوله كمقاربة ثمر النخل بعضه لبعض فإذا كان هكذا حل بيع ثمرته الخارجة فيه مرة واحدة والشجر منه الثابت الأصل كالنخل لا يخالفه في شيء منه إلا في شيء سأذكره يباع إذا طاب أوله الكمثرى والسفرجل والأترج والموز وغيره إذا طاب منه الشيء الواحد فبلغ أن ينضج بيعت ثمرته تلك كلها قال ، وقد بلغني أن التين في بعض البلدان ينبت منه الشيء اليوم ثم يقيم الأيام ثم ينبت منه الشيء بعد حتى يكون ذلك مرارا والقثاء والخربز حتى يبلغ بعضه وفي موضعه من شجر القثاء والخربز ما لم يخرج فيه شيء فكان الشجر يتفرق مع ما يخرج فيه ، ولم يبع ما لم يخرج فيه فإن كان لا يعرف لم يجز بيعه لاختلاط المبيع منه بغير المبيع فيصير المبيع غير معلوم فيأخذ مشتريه كله أو ما حمل مما لم يشتر فإن بيع ، وهو هكذا فالبيع مفسوخ .

( قال الشافعي ) : في موضع آخر إلا أن يشاء البائع أن يسلم ما زاد على ما باع فيكون قد أعطاه حقه وزاده قال فينظر من القثاء والخربز في مثل ما وصفت من التين فإن كان ببلد يخرج الشيء منه في جميع شجره فإذا ترك في شجره لتتلاحق صغاره خرج من شجره شيء منه كان كما وصفت في التين إن استطيع تمييزه جاز ما خرج أولا ولم يدخل ما خرج بعده في البيع ، وإن لم يستطع تمييزه لم يجز فيه البيع بما وصفت قال ، وإن حل بيع ثمرة من هذا الثمر نخل أو عنب أو قثاء أو خربز أو غيره لم يحل أن تباع ثمرتها التي تأتي بعدها بحال فإن قال قائل : ما الحجة في ذلك ؟ قلنا لما { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السنين ونهى عن بيع الغرر ونهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه } كان بيع ثمرة لم تخلق بعد أولى في جميع هذا .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر قال نهيت ابن الزبير عن بيع النخل معاومة ، قال فإذا { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل والتمر بلحا شديدا لم تر فيه صفرة } ; لأن العاهة قد تأتي [ ص: 66 ] عليه كان بيع ما لم ير منه شيء قط من قثاء أو خربز أدخل في معنى الغرر ، وأولى أن لا يباع مما قد رئي فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعه وكيف يحرم أن يباع قثاء أو خربز حين بدا قبل أن يطيب منه شيء وقد روى رجل أن يبتاع ولم يخلق قط ؟ وكيف أشكل على أحد أنه لا يكون بيع أبدا أولى بالغرر من هذا البيع ؟ الطائر في السماء ، والعبد الآبق ، والجمل الشارد ، أقرب من أن يكون الغرر فيه أضعف من هذا ; ولأن ذلك شيء قد خلق وقد يوجد وهذا لم يخلق بعد . وقد يخلق فيكون غاية في الكثرة ، وغاية في القلة وفيما بين الغايتين منازل . أو رأيت إن أصابته الجائحة بأي شيء يقاس ؟ أبأول حمله فقد يكون ثانيه أكثر وثالثه فقد يختلف ويتباين فهذا عندنا محرم بمعنى السنة والأثر والقياس عليهما والمعقول ، والذي يمكن من عيوبه أكثر مما حكينا وفيما حكينا كفاية إن شاء الله تعالى .

( قال ) : فكل ما كيل من هذا أو وزن أو بيع عددا كما وصفت في الرطب بالتمر لا يحل التمر منه برطب ولا جزاف منه بكيل ولا رطب برطب عندي بحال ولا يحل إلا يابسا بيابس ، كيلا بكيل أو ما يوزن وزنا بوزن ، ولا يجوز فيه عدد لعدد ، ولا يجوز أصلا إذا كان شيء منه رطبا يشتري بصنفه رطب فرسك بفرسك ، وتبن بتبن ، وصنف بصنفه ، فإذا اختلف الصنفان فبعه كيف شئت يدا بيد ، جزافا بكيل ، ورطبا بيابس ، وقليله بكثيره ، لا يختلف هو ، وما وصفت من ثمر النخل والعنب في هذا المعنى ، ويختلف هو وثمر النخل والعنب في العرايا ، ولا يجوز في شيء سوى النخل ، والعنب العرية بما يجوز فيه بيع العرايا من النخل والعنب ، لا يجوز أن يشتري ثمر تينة في رأسها بمكيلة من التين موضوعا بالأرض ، ولا يجوز أن يشتري من غير تينة في رأسها بثمر منها يابس موضوع بالأرض ولا في شجره أبدا جزافا ولا كيلا ولا بمعنى ، فإن قال قائل فلم لم تجزه ؟ قلت ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سن الخرص في التمر ، والعنب وفيهما أنهما مجتمعا التمر لا حائل دونه يمنع الإحاطة وكان يكون في المكيال مستجمعا كاستجماعه في نبته كان له معان لا يجمع أحد معانيه شيء سواه وغيره ، وإن كان يجتمع في المكيال فمن فوق كثير منه حائل من الورق ولا يحيط البصر به ، وكذلك الكمثرى وغيره ، وأما الأترج الذي هو أعظمه فلا يجتمع في مكيال وكذلك الخربز ، والقثاء ، وهو مختلف الخلق لا يشبههما وبذلك لم يجتمع في المكيال ولا يحيط به البصر إحاطته بالعنب ، والتمر ولا يوجد منه شيء يكون مكيلا يخرص بما في رءوس شجره لغلظه وتجافي خلقته عن أن يكون مكيلا ، فلذلك لم يصلح أن يباع جزافا بشيء منه كما يباع غيره من النخل ، والعنب إذا خالفه ، ومن أراد أن يبتاع منه شيئا فيستعريه ابتاعه بغير صنفه ثم استعراه كيف شاء .
باب ما ينبت من الزرع .

( قال الشافعي ) : رحمه الله كل ما كان من نبات الأرض بعضه مغيب فيها وبعضه ظاهر فأراد صاحبه بيعه لم يجز بيع شيء منه إلا الظاهر منه يجز مكانه ، فأما المغيب فلا يجوز بيعه ، وذلك مثل الجزر ، والفجل ، والبصل ، وما أشبهه فيجوز أن يباع ورقه الظاهر مقطعا مكانه ، ولا يجوز أن يباع ما في داخله ، فإن وقعت الصفقة عليه كله لم يجز البيع فيه إذا كان بيع نبات ، وبيع النبات بيع الإيجاب وذلك لو أجزت بيعه لم أجزه إلا على أحد معان إما على ما يجوز عليه بيع العين الغائبة فتلك إذا رآها المشتري فله الخيار في أخذها أو تركها ، فلو أجزت البيع على هذا فقلع جزرة أو فجلة ، أو بصلة ، [ ص: 67 ] فجعلت للمشتري الخيار كنت قد أدخلت على البائع ضررا في أن يقلع ما في ركيبه وأرضه التي اشترى ثم يكون له أن يرده من غير عيب فيبطل أكثره على البائع .

( قال ) : وهذا يخالف العبد يشترى غائبا والمتاع وذلك أنهما قد يريان فيصفهما للمشتري من يثق به فيشتريهما ثم يكون له خيار الرؤية فلا يكون على البائع ضرر في رؤية المشتري لهما كما يكون عليه ضرر فيما قلع من زرعه ولو أجزت بيعه على أن لم يكن فيه عيب لزم المشتري كان فيه الصغير والكبير والمختلف الخلقة فكان المشتري اشترى ما لم ير وألزمته ما لم يرض بشرائه قط ، ولو أجزته على أن يبيعه إياه على صفة موزونا كنت أجزت بيع الصفات غير مضمونة وإنما تباع الصفة مضمونة .

( قال ) : ولو أسلم إليه في شيء منه موصوف موزون ، فجاء به على الصفة جاز السلف ، وذلك أنه مأخوذ به يأتي به حيث شاء لا من أرض قد يخطئ زرعها ويصيب فلا يجوز في شيء من هذا بيع إلا بصفة مضمون موزون أو حتى يقلع فيراه المشتري .

( قال ) : ولا يشبه الجوز ، والبيض وما أشبهه هذا لا صلاح له في الأرض إلا بالبلوغ ثم يخرج فيبقى ما بقي منه ويباع ما لا يبقى مثل البقل ، وذلك لا صلاح له ، إلا ببقائه في قشره ، وذلك إذا رئي قشره استدل على قدره في داخله وهذا لا دلالة على داخله ، وإن رئي خارجه قد يكون الورق كبيرا والرأس صغيرا وكبيرا .
باب ما اشتري مما يكون مأكوله داخله .

( قال الشافعي ) : من اشترى رانجا ، أو جوزا ، أو لوزا ، أو فستقا أو بيضا فكسره فوجده فاسدا أو معيبا فأراد رده والرجوع بثمنه ففيها قولان : أحدهما : أن له أن يرده والرجوع بثمنه من قبل أنه لا يصل إلى معرفة عيبه وفساده ، وصلاحه إلا بكسره ، وإذا كان المقصود قصده بالبيع داخله فبائعه سلطه عليه ، وهذا قول .

( قال ) : ومن قال هذا القول انبغى أن يقول على المشتري الكاسر أن يرد القشر على البائع إن كانت له قيمة ، وإن قلت إن كان يستمتع به كما يستمتع بقشر الرانج ويستمتع بما سواه أو يرد فإن لم يفعل أقيم قشرها فكانت للقشر قيمة منه وداخله على أنه صحيح وطرح عنه حصة ما لم يرده من قشره من الثمن ويرجع بالباقي ولو كانت حصة القشر سهما من ألف سهم منه ، والقول الثاني إنه إذا كسره لم يكن له رده إلا أن يشاء البائع ، ويرجع بما بين قيمته صحيحا وقيمته فاسدا ، وبيض الدجاج كله لا قيمة له فاسدا ; لأن قشره ليس فيه منفعة فإذا كسره رجع بالثمن ، وأما بيض النعام فلقشرته ثمن فيلزم المشتري بكل حال ; لأن قشرتها ربما كانت أكثر ثمنا من داخلها ، فإن لم يرد قشرتها صحيحة رجع عليه بما بين قيمتها غير فاسدة وقيمتها فاسدة ، وفي القول الأول يردها ولا شيء عليه ; لأنه سلطه على سرها إلا أن يكون أفسدها بالكسر ، وقد كان يقدر على كسر لا يفسد ، فيرجع بما بين القيمتين ولا يردها .

( قال الشافعي ) : فأما القثاء والخربز وما رطب فإنه يذوقه بشيء دقيق من حديد أو عود فيدخله فيه فيعرف طعمه إن كان مرا أو كان الخربز حامضا فله رده ، ولا شيء عليه في نقبه في القولين ; لأنه سلطه على ذلك أو أكثر منه ولا فساد في النقب الصغير عليه . وكان يلزم من قال لا يرده [ ص: 68 ] إلا كما أخذه بأن يقول يرجع بما بين قيمته سالما من الفساد وقيمته فاسدا .

( قال ) : ولو كسرها لم يكن له ردها ورجع عليه بنقصان ما بين قيمته صحيحا وفاسدا ما كان ذلك الفضل إلا أن يشاء البائع أن يأخذه مكسورا . ويرد عليه الثمن ; لأنه قد كان يقدر على أن يصير إليه طعمه من ثقبه صحيحا ليس كالجوز لا يصل إلى طعمه من نقبه وإنما يصل إليه ريحه لا طعمه صحيحا فأما الدود فلا يعرف بالمذاقة فإذا كسره ووجد الدود كان له في القول الأول رده ، وفي القول الثاني الرجوع بفضل ما بين القيمتين . ولو اشترى من هذا شيئا رطبا من القثاء والخربز فحبسه حتى ضمر وتغير وفسد عنده ثم وجده فاسدا بمرارة أو دود كان فيه فإن كان فساده من شيء يحدث مثله عند المشتري فالقول قول البائع في فساده مع يمينه ، وذلك مثل البيض يقيم عند الرجل زمانا ثم يجده فاسدا وفساد البيض يحدث . والله تعالى أعلم .
مسألة بيع القمح في سنبله

أخبرنا الربيع قال : قلت للشافعي إن علي بن معبد روى لنا حديثا عن أنس { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز بيع القمح في سنبله إذا ابيض } ، فقال الشافعي : إن ثبت الحديث قلنا به فكان الخاص مستخرجا من العام ، لأن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر } ، وبيع القمح في سنبله غرر ; لأنه لا يرى ، وكذلك بيع الدار والأساس لا يرى ، وكذلك بيع الصبرة بعضها فوق بعض أجزنا ذلك كما أجازه النبي صلى الله عليه وسلم فكان هذا خاصا مستخرجا من عام وكذلك نجيز بيع القمح في سنبله إذا ابيض إن ثبت الحديث كما أجزنا بيع الدار والصبرة .
باب بيع القصب والقرط .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء أنه قال في القصب لا يباع إلا جزة أو قال صرمة .

( قال الشافعي ) : وبهذا نقول ، لا يجوز أن يباع القرط إلا جزة واحدة عند بلوغ الجزاز ويأخذ صاحبه في جزازه عند ابتياعه فلا يؤخره مدة أكثر من قدر ما يمكنه جزازه فيه من يومه .

( قال الشافعي ) : فإن اشتراه ثابتا على أن يدعه أياما ليطول أو يغلط أو غير ذلك فكان يزيد في تلك الأيام فلا خير في الشراء ، والشراء مفسوخ ; لأن أصله للبائع وفرعه الظاهر للمشتري .

فإن كان يطول فيخرج من مال البائع إلى مال المشتري منه شيء لم يقع عليه صفقة البيع فيملكه كنت قد أعطيت المشتري ما لم يشتر ، وأخذت من البائع ما لم يبع منه أعطيته منه شيئا مجهولا - لا يرى بعين ولا يضبط بصفة ولا يتميز ما للبائع فيه مما للمشتري فيفسد من وجوه .

( قال ) : ولو اشتراه ليقطعه فتركه وقطعه له ممكن مدة يطول في مثلها كان البيع مفسوخا إذا كان على ما شرط في أصل البيع أن يدعه لما وصفت مما اختلط به من مال البائع مما لا يتميز ، كما لو اشترى حنطة جزافا وشرط له أنها إن انهال له عليها حنطة فهي داخلة في البيع فانهالت عليها حنطة للبائع لم يبعها انفسخ البيع فيها ; لأن ما اشترى لا يتميز ولا يعرف قدره مما لم يشتر فيعطي ما اشترى ويمنع ما لم يشتر ، وهو في هذا كله بائع شيء قد كان [ ص: 69 ] وشيء لم يكن غير مضمون على أنه إن كان دخل في البيع ، وإن لم يكن لم يدخل فيه وهذا البيع مما لا يختلف المسلمون في فساده ; لأن رجلا لو قال أبيعك شيئا إن نبت في أرضي بكذا فإن لم ينبت أو نبت قليلا لزمك الثمن منك مفسوخا ، وكذلك لو قال أبيعك شيئا إن جاءني من تجارتي بكذا ، وإن لم يأت لزمك الثمن .

( قال ) : ولكنه لو اشتراه كما وصفت وتركه بغير شرط أياما وقطعه يمكنه في أقل منها كان المشتري منه بالخيار في أن يدع له الفضل الذي له بلا ثمن أو ينقض البيع .

( قال ) : كما يكون إذا باعه حنطة جزافا فانهالت عليها حنطة له ، فالبائع بالخيار في أن يسلم ما باعه وما زاد في حنطته أو يرد البيع لاختلاط ما باع بما لم يبع .

( قال ) : وما أفسدت فيه البيع فأصاب القصب فيه آفة تتلفه في يدي المشتري فعلى المشتري ضمانه بقيمته وما أصابته آفة تنقصه فعلى المشتري ضمان ما نقصته والزرع لبائعه وعلى كل مشتر شراء فاسدا أن يرده كما أخذه أو خيرا مما أخذه وضمانه إن تلف وضمان نقصه إن نقص في كل شيء
باب حكم المبيع قبل القبض وبعده

( أخبرنا الربيع بن سليمان ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أما { الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع حتى يقبض : الطعام } قال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله .

( قال الشافعي ) : وبهذا نأخذ ، فمن ابتاع شيئا كائنا ما كان فليس له أن يبيعه حتى يقبضه ، وذلك أن من باع ما لم يقبض فقد دخل في المعنى الذي يروي بعض الناس { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعتاب بن أسيد حين وجهه إلى أهل مكة انههم عن بيع ما لم يقبضوا وربح ما لم يضمنوا } .

( قال الشافعي ) : هذا بيع ما لم يقبض وربح ما لم يضمن ، وهذا القياس على حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن بيع الطعام حتى يقبض } ، ومن ابتاع طعامه كيلا فقبضه أن يكتاله ومن ابتاعه جزافا فقبضه أن ينقله من موضعه إذا كان مثله ينقل ، وقد روى ابن عمر { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتبايعون الطعام جزافا فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأمرهم بانتقاله من الموضع الذي ابتاعوه فيه إلى موضع غيره } ، وهذا لا يكون إلا لئلا يبيعوه قبل أن ينقل .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 39.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.98 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.59%)]