
17-03-2022, 03:46 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,593
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (100)
صـ 138 إلى صـ 144
ثم هؤلاء منهم من قال: ينتهي بالتقسيم إلى جزء لا يتجزأ، كقول الشهرستاني وغيره، ومنهم من قال: بل لا يزال قابلا للانقسام إلى أن يصغر فيستحيل معه (1) تمييز بعضه عن بعض، كما قال ذلك من قال من الكرامية وغيرهم من نظار المسلمين، وهو قول من قاله من أساطين الفلاسفة، مع قول بعضهم: إنه مركب من المادة والصورة.
وبعض المصنفين في الكلام يجعل إثبات الجوهر الفرد هو قول المسلمين، وأن نفيه هو قول الملحدين.
وهذا لأن هؤلاء لم يعرفوا من الأقوال المنسوبة إلى المسلمين إلا ما وجدوه في كتب شيوخهم أهل الكلام المحدث في الدين الذي ذمه السلف والأئمة، كقول أبي يوسف: من طلب العلم بالكلام تزندق (2) ; وقول الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال
_________
(1) أ، ب: مع، والصواب ما أثبته، وهو الموافق لسياق الكلام.
(2) نقل السيوطي في كتابه " صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام " عن الهروي في كتابه ذم الكلام ما أورده في باب إنكار أئمة الإسلام ما أحدثه المتكلمون في الدين من أصحاب الكلام والشبه والمجادلة، ومما ورد في هذا الباب هذه العبارة لأبي يوسف (صون المنطق، ص [0 - 9] 0) ولكن جاء فيها: من طلب الدين بالكلام تزندق، ووردت نفس العبارة قبل ذلك (ص [0 - 9] 7) منسوبة إلى الإمام مالك.
*****************************
ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل على الكلام (1) وكقول أحمد بن حنبل: علماء الكلام زنادقة (2) ، وقوله: ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح (3) ، وأمثال ذلك.
وإلا فالقول بأن الأجسام مركبة من الجواهر المنفردة قول لا يعرف عن أحد من أئمة المسلمين، لا من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان، ولا من بعدهم من الأئمة المعروفين، بل القائلون بذلك يقولون: إن الله تعالى لم يخلق منذ خلق الجواهر المنفردة شيئا قائما بنفسه، لا سماء ولا أرضا، ولا حيوانا ولا نباتا، ولا معادن، ولا إنسانا ولا غير إنسان، بل إنما يحدث تركيب تلك الجواهر القديمة فيجمعها ويفرقها، فإنما يحدث أعراضا قائمة بتلك الجواهر، لا أعيانا قائمة بأنفسها. فيقولون: إنه إذا خلق السحاب والمطر والإنسان، وغيره من الحيوان والأشجار والنبات والثمار، لم يخلق عينا قائمة بنفسها، وإنما خلق أعراضا قائمة بغيرها. وهذا خلاف ما دل عليه السمع والعقل والعيان، ووجود جواهر لا تقبل القسمة منفردة عن الأجسام مما يعلم بطلانه بالعقل والحس، فضلا عن أن يكون الله تعالى لم يخلق عينا قائمة بنفسها إلا ذلك، وهؤلاء
_________
(1) ورد هذا الكلام في المرجع السابق، ص [0 - 9] 5، ولكن فيه: أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل.
(2) وردت هذه العبارة في " صون المنطق "، ص 150، نقلا عن كتاب " الانتصار لأهل الحديث " لأبي المظفر بن السمعاني ولكن نصها: أئمة الكلام زنادقة.
(3) نقل السيوطي عبارة مشابهة لهذه العبارة عن كتاب " جامع بيان العلم " لابن عبد البر وفيها: وقال أحمد بن حنبل: لا يفلح صاحب الكلام أبدا. وانظر صون المنطق ص [0 - 9] 36، جامع بيان العلم 2/95.
*****************************
يقولون: إن الأجسام لا يستحيل بعضها إلى بعض، بل الجواهر التي كانت مثلا في الأول هي بعينها باقية في الثاني، وإنما تغيرت أعراضها.
وهذا خلاف ما أجمع عليه العلماء - أئمة الدين وغيرهم من العقلاء - من استحالة بعض الأجسام إلى بعض، كاستحالة الإنسان وغيره من الحيوان بالموت ترابا، واستحالة الدم والميتة والخنزير وغيرها من الأجسام النجسة ملحا أو رمادا، واستحالة العذرات ترابا، واستحالة العصير خمرا، ثم استحالة الخمر خلا، واستحالة ما يأكله الإنسان ويشربه بولا ودما وغائطا ونحو ذلك، وقد تكلم علماء المسلمين في النجاسة: هل تطهر بالاستحالة أم لا؟ ولم ينكر أحد منهم الاستحالة.
ومثبتة الجوهر الفرد قد فرعوا عليه من المقالات التي يعلم العقلاء فسادها ببديهة العقل ما ليس هذا موضع بسطه، مثل تفليك الرحى والدولاب والفلك وسائر الأجسام المستديرة المتحركة (1) ، وقول من قال منهم: إن الفاعل المختار يفعل كلما تحركت، ومثل قول كثير منهم:
_________
(1) يشرح الرازي فكرة المتكلمين في كتابه " الأربعين في أصول الدين " فيقول (262) : " إذا استدار الفلك استدارة منطقية استدارت جميع الدوائر الموازية لتلك المنطقة - إذا عرفت هذا فنقول: إذا تحركت المنطقة جزءا فالدائرة الصغيرة القريبة من القطب الموازية للمنطقة إن تحركت أيضا جزءا، لزم أن يكون مدار تلك الدائرة الصغيرة مساويا لمقدار المنطقة، هذا خلف. وإن لم تتحرك ألبتة، فحينئذ يلزم وقوع التفكك في أجزاء الفلك. . وهذا الكلام قد يفرضونه في حركة الرحى ويلزمون عليه تفكك أجزاء الرحى، والمتكلمون يلتزمونه ويقولون إنه سبحانه وتعالى فاعل مختار فهو يفكك أجزاء الرحى حال استدارتها، ثم يعيد التأليف والتركيب إليها حال وقوفها ". وانظر أيضا شرح ابن تيمية لهذه الفكرة في: مجموعة تفسير ابن تيمية (ط. بمباي 1374/1954) ص 214.
***************************
إن الإنسان إذا مات فجميع جواهره باقية قد تفرقت، ثم عند الإعادة يجمعها الله تعالى.
ولهذا صار كثير من حذاقهم إلى التوقف في آخر أمرهم، كأبي الحسين البصري (1) وأبي المعالي الجويني وأبي عبد الله الرازي، وكذلك ابن عقيل والغزالي وأمثالهما من النظار الذين تبين لهم فساد أقوال هؤلاء، يذمون أقوال هؤلاء يقولون: إن أحسن أمرهم الشك، وإن كانوا قد وافقوهم في كثير من مصنفاتهم على كثير مما قالوه من الباطل، وبسط الكلام على فساد قول القائلين بتركيب الجواهر الفردة (2) المحسوسة أو الجواهر المعقولة له موضع آخر.
وكذلك ما يثبته المشاءون من الجواهر العقلية: كالعقول والنفوس المجردة، كالمادة والمدة والمثل الأفلاطونية، والأعداد المجردة التي يثبتها - أو بعضها - كثير من المشائين أتباع فيثاغورس وأفلاطون (3) وأرسطو. وإذا حقق الأمر عليهم لم يكن لما أثبتوه من العقليات وجود إلا في الأذهان لا في الأعيان، وهذا لبسطه موضع آخر (4) ، وهذا المصنف لم يذكر لقوله إلا مجرد الدعوى، فلذلك لم نبسط القول فيه.
وإنما المقصود التنبيه على أن آخر ما ينتهى إليه أصل هؤلاء - الذي
_________
(1) أ، ب: كأبي الحسن البصري، وهو تحريف.
(2) أ: المنفردة.
(3) أ: وأفلاطن.
(4) لابن تيمية كتاب " إبطال قول الفلاسفة بإثبات الجواهر العقلية " ذكره ابن عبد الهادي في كتابه العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، ص 36 ; ابن الجوزية: أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص [0 - 9] 0. وهذا الكتاب من كتب ابن تيمية المفقودة.
****************************
نفوا به ما ثبت (1) بالكتاب والسنة وإجماع السلف، بل ولما ثبت بالفطرة العقلية التي اشترك فيها جميع أهل الفطر التي لم تفسد فطرتهم بما تلقنوه من الأقوال الفاسدة، بل ولما ثبت بالبراهين العقلية - فالذي ينتهي إليه أصلهم هو أنه لو كان متصفا بالصفات، أو متكلما بكلام يقوم به، ومريدا بما يقوم به من الإرادة الحسية، وكانت رؤيته (ممكنة) في الدنيا أو في الآخرة (2) ، لكان مركبا من الجواهر المفردة الحسية أو الجواهر العقلية: المادة والصورة.
وهذا التلازم باطل عند جماهير العقلاء فيما نشاهد، فإن الناس يرون الكواكب وغيرها من الأجسام، وهي عند جماهير العقلاء ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا.
ولو قدر أن هذا التلازم حق، فليس في حججهم حجة صحيحة يوجب انتفاؤها اللازم، بل كل من الطائفتين تطعن في حجج الفريق الآخر وتبين فسادها، فأولئك يقولون: إن كل ما كان كذلك فهو محدث. ومنازعوهم يطعنون في المقدمتين ويبينون فسادهما، والآخرون يقولون: إن كل مركب فهو مفتقر إلى أجزائه، وأجزاؤه غيره، فكل مركب مفتقر إلى غيره، ومنازعوهم يثبتون فساد هذه الحجة وما فيها من الألفاظ المجملة والمعاني المتشابهة، كما قد بسط في موضع آخر.
ولهذا يقول من يقول من العقلاء العارفين بحقيقة قول هؤلاء وهؤلاء:
_________
(1) أ: ما يثبت.
(2) أ، ب: من الإرادة الحسية وكانت رؤيته في الدنيا أو في الآخرة. . . إلخ. وردت كلمة (ممكنة) ليستقيم الكلام.
******************************
إن الواحد الذي يثبته هؤلاء لا يتحقق إلا في الأذهان لا في الأعيان.
ولهذا لما بنى (1) الفلاسفة الدهرية على قولهم بأن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، كان من أول ما يبين فساد قولهم أن الواحد الذي ادعوا فيه ما ادعوا لا حقيقة له في الخارج، بل يمتنع (2) وجوده فيه، وإنما يقدر في الأذهان كما يقدر سائر الممتنعات.
وكذلك سائر الجهمية والمعتزلة نفاة الصفات لما أثبتوا واحدا لا يتصف بشيء من الصفات، كانوا عند أئمة العلم الذين يعرفون حقيقة قولهم، إنما توحيدهم تعطيل مستلزم لنفي الخالق، وإن كانوا قد أثبتوه فهم متناقضون، جمعوا بين ما يستلزم نفيه وما يستلزم إثباته.
ولهذا وصفهم أئمة الإسلام بالتعطيل، وأنهم دلاسون ولا يثبتون شيئا ولا يعبدون شيئا ونحو ذلك، كما هو موجود في كلام غير واحد من أئمة الإسلام، مثل عبد العزيز بن الماجشون (3) وعبد الله بن المبارك (4) وحماد
_________
(1) أ: بين، وهو تحريف.
(2) أ: وإنما يمتنع.
(3) عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، أبو عبد الله الماجشون. فقيه ومن أئمة المحدثين، توفي ببغداد سنة 164. ترجمته في تهذيب التهذيب 6/343 - 344 ; تذكرة الحفاظ 1 - 207 ; شذرات الذهب 1/259 ; تاريخ بغداد 10/436 - 439 ; طبقات ابن سعد 5/414 ; الأعلام للزركلي 4/145 - 146.
(4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي بن حنظلة، الحافظ، شيخ الإسلام، ولد سنة 118 وتوفي سنة 181 وقيل سنة 182. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/253 - 257 ; تاريخ بغداد 10/152 - 169 ; وفيات الأعيان 2/237 - 239 ; طبقات ابن سعد 7/372 ; الأعلام للزركلي 4/256.
********************************
بن زيد (1) ومحمد بن الحسن (2) وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء *) (3) ولا بد للدعوى من دليل.
[التعليق على قوله ولا في مكان]
وكذلك قوله: " ولا (4) في مكان " (5) .
فقد يراد بالمكان (6) ما يحوي الشيء ويحيط به (7) ، [وقد يراد به ما يستقر الشيء عليه بحيث يكون محتاجا إليه، وقد يراد به ما كان الشيء فوقه وإن لم يكن محتاجا إليه] (8) ، وقد يراد به ما فوق [العالم] (9) وإن لم يكن شيئا موجودا.
_________
(1) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل، شيخ العراق في عصره، ولد بالبصرة سنة 98 وتوفي بها سنة 179. ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/9 - 11 ; تذكرة الحفاظ 1/212 ; تهذيب الأسماء واللغات 1/167 - 168 ; الأعلام 2/301.
(2) محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله، من أئمة الحنفية وهو الذي نشر علم أبي حنيفة، ولد سنة 131 وتوفي سنة 189. ترجمته في: الجرح والتعديل ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص [0 - 9] 27 ; لسان الميزان 5/121 - 122 ; وفيات الأعيان 3/324 - 325 ; تاريخ بغداد 2/172 - 182 ; طبقات ابن سعد 7/336 - 337، الأعلام للزركلي 6/309.
(3) هذا المعنى الذي قصدت نفيه. . وأحمد بن حنبل وغير هؤلاء: هنا ينتهي السقط في نسخة (ن) وقد بدأ ص 135. ويبدأ الكلام في (ن) بعد هذا السقط كما يلي: قيل له: لا بد للدعوى من دليل. . إلخ.
(4) ن، م: لا.
(5) وردت هذه العبارة - كما أشرت من قبل - في " منهاج الكرامة " 82 (م) ، وفي هذه الطبعة من " منهاج السنة " 2/98 - 102.
(6) ن، م: بالجسم، وهو تحريف.
(7) ن، م: ويختلط به.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) العالم: ساقطة من (ن) ، (م) .
*****************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|