
17-03-2022, 02:52 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (101)
صـ 145 إلى صـ 151
فإن قيل: هو في مكان بمعنى (1) إحاطة غيره به وافتقاره إلى غيره.
فالله منزه عن الحاجة إلى الغير وإحاطة الغير به ونحو ذلك.
وإن أريد بالمكان ما فوق العالم وما هو الرب فوقه؛ قيل: [إذا لم يكن] (2) إلا خالق أو مخلوق، والخالق بائن من المخلوق (3) ، كان هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء.
وإذا قال [القائل] (4) : هو سبحانه فوق سماواته على عرشه (5) بائن من خلقه ; فهذا المعنى حق سواء: سميت ذلك مكانا أو لم تسمه.
وإذا عرف المقصود فمذهب أهل السنة والجماعة (6) ما دل عليه الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة، وهو القول (7) المطابق لصحيح المنقول وصريح المعقول.
[الكلام على قوله وإلا لكان محدثا]
[الرد على دليل الرافضة والمعتزلة]
وأما قوله: " وإلا لكان محدثا " فمضمونه أنه لو كان جسما أو في مكان لكان محدثا.
[فيقال له: قد بينا ما ينفى عنه من معاني الجسم والمكان، وبينا ما لا يجوز نفيه عنه، وإن سماه بعض الناس جسما ومكانا، لكن ما الدليل على أنه لو كان كذلك لكان محدثا] (8) وأنت (9) لم تذكر دليلا على ذلك؟
_________
(1) ن، م: هو في المعنى بمعنى، وهو تحريف.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: ولا مخلوق بائن من الخالق.
(4) القائل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: فوق عرشه.
(6) والجماعة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ن، م: المعقول.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(9) ن: فأنت ; م: قلت.
****************************
وكأنه (1) اكتفى بالدليل المشهور الذي يذكره [سلفه] وشيوخه (2) المعتزلة: من أنه لو كان جسما لم يخل عن الحركة والسكون، وما لم يخل (3) عن الحوادث فهو حادث لامتناع حوادث لا أول لها. ثم يقولون: ولو [كان] قام به (4) علم وقدرة وحياة وكلام (5) ونحو ذلك من الصفات لكان جسما.
وهذا الدليل عنه (6) جوابان: أحدهما: أن يقال [له: هو] عندك (7) حي عليم قدير، ومع هذا فليس بجسم عندك، مع أنك لا تعلم حيا عليما قديرا (8) إلا جسما فإن كان قولك (9) حقا أمكن أن يكون له حياة وعلم وقدرة، وأن يكون مباينا للعالم عاليا عليه وليس بجسم.
فإن قلت: لا أعقل مباينا عاليا إلا جسما؛ قيل لك: ولا يعقل حي عليم قدير إلا جسم، فإن أمكن أن يكون مسمى (10) بهذه الأسماء ما ليس بجسم، أمكن أن يتصف بهذه الصفات ما ليس بجسم، وإلا فلا ; لأن الاسم (11) مستلزم للصفة.
_________
(1) ن، م: فكأنه.
(2) ن، م: الذي يذكره شيوخه.
(3) ن، م: وما لا يخلو.
(4) ن، م: ولو قام به.
(5) وكلام: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فهذا الدليل عليه.
(7) ن، م: أن يقال عندك.
(8) ن، م: عالما قادرا.
(9) ن، م: قوله.
(10) ن، م: أن يسمى.
(11) ن، م: الجسم، وهو خطأ.
*****************************
وكذلك إذا قال: لو كان فوق العالم لكان جسما، ولكان إما أكبر من العالم وإما أصغر وإما مساويا له، وكل ذلك ممتنع، فيقال له: إن كثيرا من الناس يقولون: إنه فوق العالم وليس بجسم.
فإذا قال النافي (1) : قول هؤلاء معلوم فساده بضرورة العقل، قيل له: فأنت تقول: إنه موجود قائم بنفسه، وليس بداخل في العالم ولا خارج عنه، ولا مباين له ولا محايث (2) له، وأنه لا يقرب منه شيء ولا يبعد منه شيء، [ولا يصعد إليه شيء] (3) ولا ينزل منه شيء، وأمثال ذلك من النفي الذي إذا عرض على الفطرة السليمة جزمت جزما قاطعا أن هذا باطل وأن وجود مثل هذا ممتنع، وكان جزمها ببطلان هذا أقوى من جزمها ببطلان كونه فوق العالم وليس بجسم.
فإن كان حكم الفطرة السليمة مقبولا وجب بطلان مذهبك، فلزم أن يكون فوق العالم، وإن كان مردودا بطل ردك لقول من يقول: إنه فوق العالم وليس بجسم، فإن الفطرة الحاكمة بامتناع هذا هي الحاكمة بامتناع هذا، فيمتنع قبول حكمها في أحد الموضعين دون الآخر.
وذلك أن هؤلاء النفاة يزعمون أن الحكم بهذا المنع من حكم الوهم المردود لا من حكم العقل المقبول، ويقولون: إن الوهم هو أن يدرك في المحسوسات (4) ما ليس بمحسوس، كما تدرك الشاة عداوة الذئب
_________
(1) ب (فقط) : فإذا قال لنا.
(2) ن، م: مجانب.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ن، م: في المحسوس.
****************************
وتدرك السخلة (1) صداقة أمها، ويقولون: الحكم الفطري الموجود في قلوب بني آدم، بامتناع وجود مثل هذا هو حكم الوهم لا حكم العقل (2) ، فإن حكم الوهم إنما يقبل في المحسوسات لا فيما ليس بمحسوس (3) .
فيقال لهم: إن كان هذا صحيحا فقولكم: إنه يمتنع أن يكون فوق العالم وليس بجسم هو أيضا من حكم الوهم ; لأنه حكم فيما ليس بمحسوس عندكم، وكذلك حكمه بأن كل ما يرى (4) فلا بد أن يكون بجهة من الرائي هو حكم الوهم أيضا.
وكذلك سائر ما يدعون امتناعه على الرب [هو] (5) مثل دعوى امتناع كونه لا مباينا ولا محايثا (6) ، فإن كان حكم الفطرة بهذا الامتناع مقبولا في
_________
(1) في اللسان: السخلة ولد الشاة من المعز والضأن، ذكرا أو أنثى. . أبو زيد: يقال لولد الغنم ساعة تضعه أمه من الضأن والمعز جميعا، ذكرا أو أنثى، سخلة.
(2) ن: الفعل، وهو تحريف.
(3) يعرف ابن سينا في كتابه النجاة (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 63، نشر محيي الدين الكردي، الطبعة الثانية 1357/1938) القوة الوهمية بقوله: " ثم القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني الغير محسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب منه وأن الولد معطوف عليه ". وانظر كتاب الشفاء، القسم الخاص بالنفس، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 60 - 161، 177 - 179، نشر يان باكوش، طبع المجمع العلمي التشكوسلوفاكي، براغ، 1956 مبحث عن القوة النفسانية، ضمن مجموعة بعنوان: أحوال النفس، نشرها الدكتور أحمد فؤاد الأهواني، ص [0 - 9] 66 - 167، القاهرة، 1952.
(4) ن: كل من لا يرى ; م: كل ما لا يرى، وكلاهما خطأ.
(5) هو: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن، م: مجانبا.
************************
شيء من ذلك قبل في نظيره، وإلا فقبوله في أحد المتماثلين ورده في الآخر تحكم.
وهؤلاء بنوا كلامهم على أصول متناقضة، فإن الوهم عندهم قوة في النفس تدرك في المحسوسات ما ليس بمحسوس، وهذا الوهم لا يدرك إلا معنى جزئيا لا كليا كالحس والتخيل، وأما الأحكام الكلية فهي عقلية، فحكم الفطرة بأن كل موجودين إما متحايثان (1) وإما متباينان، وبأن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه لا يكون إلا معدوما، وأنه يمتنع وجود ما هو كذلك، ونحو ذلك، أحكام كلية عقلية، ليست أحكاما جزئية شخصية في جسم معين حتى يقال: إنها من حكم الوهم.
وأيضا فإنهم يقولون: [إن] (2) حكم الوهم فيما ليس بمحسوس باطل ; لأنه إنما يدرك ما في المحسوسات من المعاني التي ليست محسوسة، أي: لا يمكن إحساسها، ومعلوم أن كون رب العالمين لا تمكن رؤيته أو تمكن مسألة مشهورة، [فسلف الأمة] (3) وأئمتها وجمهور نظارها وعامتها على أن الله يمكن رؤيته ورؤية الملائكة والجن وسائر ما يقوم بنفسه، فإذا ادعى المدعي أنه لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة (4) التي يسميها هو (5) المجردات
_________
(1) ن، م: متجانبان.
(2) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) فسلف الأمة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(4) أ، ب: أنه لا يمكن رؤيته أو لا يمكن رؤيته ولا رؤية الملائكة. . إلخ.
(5) هو: ساقطة من (ب) فقط.
***************************
والنفوس والعقول، فهو يدعي وجود موجود قائم بنفسه لا يمكن الإحساس به بحال.
فإذا احتج عليه بالقضايا الفطرية التي تحكم بها الفطرة كما تحكم بسائر القضايا الفطرية، لم يكن له أن يقول: هذا حكم الوهم فيما ليس بمحسوس، فلا يقبل ; لأن الوهم إنما يدرك ما في المحسوس ; فإنه يقال له: إنما يثبت أن هذا مما لا يمكن أن يرى ويحس به إذا ثبت أن هذا الحكم باطل، وإنما يثبت أن هذا الحكم باطل إذا ثبت وجود موجود لا يمكن أن يرى ويحس به، وأنت لم تثبت هذا الموجود، إلا بدعواك أن هذا الحكم باطل، ولم تثبت أن هذا الحكم باطل (1) إلا بدعواك وجود هذا الموجود، فصار حقيقة قولك دعوى مجردة بلا دليل.
فإذا ثبت امتناع رؤيته بإبطال هذا الحكم، كان هذا دورا ممتنعا، وكنت قد جعلت الشيء مقدمة في إثبات نفسه، فإنه يقال لك: لم تثبت إمكان وجود غير محسوس إن لم تثبت بطلان هذا الحكم، ولا تثبت بطلانه إن لم تثبت موجودا قائما بنفسه لا يمكن رؤيته ولا الإحساس به.
فإذا قلت: الوهم يسلم (2) مقدمات تستلزم ثبوت هذا، قيل لك: ليس الأمر كذلك، فإنه لم يسلم مقدمة مستلزمة لهذا أصلا، بل جميع ما ينبني عليه ثبوت إمكان هذا، وإمكان وجود ما لا يمكن رؤيته ولا يشار إليه، مقدمات متنازع فيها بين العقلاء، ليس فيها مقدمة واحدة متفق عليها، فضلا عن أن تكون ضرورية أو حسية يسلمها الوهم.
_________
(1) ن، م: ولم يثبت به باطل.
(2) أ: يستلزم.
****************************
ثم يقال لك: إذا جوزت أن يكون في الفطرة حاكمان بديهيان: أحدهما حكمه باطل، والآخر حكمه حق، لم يوثق بشيء من حكم الفطرة، حتى يعلم أن ذلك من حكم الحاكم الحق، ولا يعرف عن ذلك حتى يعرف أنه ليس من الحكم الباطل، ولا يعرف أنه باطل حتى تعرف المقدمات البديهية الفطرية، التي بها يعلم أن ذلك الحكم باطل، فيلزم من هذا (1) أن لا يعرف شيء بحكم الفطرة، فإنه لا يعرف الحق حتى يعرف الباطل، ولا يعرف الباطل حتى يعرف الحق، فلا يعرف الحق بحال.
وأيضا، فالأقيسة القادحة في تلك الأحكام الفطرية البديهية أقيسة نظرية، والنظريات مؤلفة من البديهيات، فلو جاز القدح في البديهيات بالنظريات لزم فساد البديهيات والنظريات، فإن فساد الأصل يستلزم فساد فرعه، فتبين أن من سوغ القدح في القضايا البديهية الأولية [الفطرية بقضايا] نظرية (2) ، فقوله باطل يستلزم فساد العلوم العقلية بل والسمعية.
وأيضا لفظ " الوهم " في اللغة العامة يراد به الخطأ، وأنت أردت به قوة تدرك ما في الأجسام من المعاني التي ليست محسوسة، وحينئذ فالحاكم بهذا الامتناع إن كان حكم به في غير جسم فليس هو الوهم، وإن كان إنما حكم به في جسم فحكمه صادق فيه، فلم قلت: إن هذا هو حكم الوهم فيما لا يقبل حكمه فيه؟ .
ومعلوم أن ما تحكم به (3) الفطرة السليمة من القضايا الكلية المعلومة
_________
(1) ن، م: فيعرف من هذا. .
(2) ن (فقط) : البديهية الأولية النظرية، وهو خطأ.
(3) ن، م: ما لا تحكم به، وهو خطأ.
***************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|