
17-03-2022, 03:16 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (105)
صـ 173 إلى صـ 179
استقلال أحدهما يناقض استقلال الآخر، وسيأتي بسط هذا (1) .
والمقصود هنا أنه يمتنع أن يكون أحدهما يعطي الآخر كماله، ويمتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في كماله إلى غيره، فيمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، فإن الافتقار: إما في تحصيل الكمال، وإما في منع سلبه الكمال، فإنه إذا كان كاملا بنفسه ولا يقدر غيره (2) أن يسلبه كماله، لم يكن محتاجا بوجه من الوجوه، فإن ما ليس كمالا له فوجوده ليس مما يمكن أن يقال: إنه يحتاج [إليه] (3) ؛ إذ حاجة الشيء إلى ما ليس من كماله ممتنعة، وقد تبين أنه لا يحتاج إلى غيره في حصول كماله، وكذلك (4) لا يحتاج في منع سلب الكمال كإدخال نقص عليه، وذلك لأن ذاته (5) إن كانت مستلزمة لذلك الكمال امتنع وجود الملزوم بدون اللازم، فيمتنع أن يسلب ذلك الكمال مع كونه واجب الوجود بنفسه، وكون لوازمه يمتنع عدمها.
فإن قيل: إن ذاته لا تستلزم كماله (6) ، كان مفتقرا في حصول ذلك الكمال إلى غيره، وقد تبين أن ذلك ممتنع.
فتبين أنه يمتنع احتياجه إلى غيره في تحصيل شيء أو دفع شيء، وهذا هو المقصود، فإن الحاجة لا تكون إلا لحصول شيء أو دفع
_________
(1) يتكلم ابن تيمية عن هذا الموضوع بالتفصيل فيما بعد 2/59 - 74 بولاق.
(2) ن، م: أحد.
(3) إليه: ساقطة من (ن) فقط.
(4) ن، م: ولذلك.
(5) ن: وذلك لا ذاته، وهو تحريف.
(6) ن (فقط) : إن كماله تستلزم كماله، وهو تحريف.
*************************
شيء: إما حاصل يراد إزالته، أو ما لم يحصل بعد فيطلب منعه. ومن كان لا يحتاج (1) إلى غيره في جلب شيء ولا في دفع شيء امتنعت حاجته مطلقا، فتبين أنه غني عن غيره مطلقا.
وأيضا، فلو قدر أنه محتاج إلى الغير، لم يخل: إما أن يقال: إنه يحتاج إليه في شيء (2) من لوازم وجوده، أو شيء من العوارض له.
أما الأول فيمتنع، فإنه لو افتقر إلى غيره في شيء من لوازمه لم يكن موجودا إلا بذلك الغير ; لأن وجود الملزوم بدون اللازم ممتنع، فإذا كان لا يوجد إلا بلازمه، ولازمه لا يوجد إلا بذلك الغير، لم يكن هو موجودا [إلا بذلك الغير، فلا يكون موجودا بنفسه، بل يكون: إن وجد ذلك الغير وجد، وإن لم يوجد لم يوجد، ثم ذلك الغير: إن لم يكن موجودا] (3) بنفسه واجبا بنفسه افتقر إلى فاعل مبدع، فإن كان هو الأول لزم الدور في العلل: وإن كان غيره لزم التسلسل في العلل، وكلاهما ممتنع باتفاق العقلاء كما قد بسط في موضع آخر.
وإن كان ذلك الغير واجبا بنفسه موجودا بنفسه (4) والأول كذلك (5) ، كان كل منهما لا يوجد إلا بوجود الآخر، وكون كل من الشيئين لا يوجد إلا مع الآخر جائز إذا كان لهما سبب غيرهما، كالمتضايفين مثل الأبوة والبنوة،
_________
(1) ن، م: منعه وكل من لا يحتاج.
(2) ن (فقط) : يحتاج إلى شيء.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(4) ا، ب: الغير موجودا بنفسه واجبا بنفسه.
(5) كذلك: ساقطة من (أ) ، (ب) .
*****************************
فلو كان لهما سبب غيرهما، كانا ممكنين يفتقران (1) إلى واجب بنفسه، والقول فيه كالقول فيهما.
وإذا كانا واجبين بأنفسهما، امتنع أن يكون وجود كل منهما أو وجود شيء من لوازمه بالآخر ; لأن كلا منهما يكون علة أو جزء علة في الآخر، فإن كلا منهما لا يتم إلا بالآخر، وكل منهما لا يمكن أن يكون علة ولا جزء علة إلا إذا كان موجودا، وإلا فما لم يوجد لا يكون مؤثرا في غيره ولا فاعلا لغيره، فلا (2) يكون هذا مؤثرا في ذاك حتى يوجد هذا، (* ولا يكون ذاك مؤثرا في هذا حتى يوجد ذاك (3) *) (4) ، فيلزم أن لا يوجد هذا حتى يوجد ذاك (5) ولا يوجد ذاك حتى يوجد هذا، ولا يوجد هذا حتى يوجد مفعول هذا، فيكون هذا فاعل فاعل هذا، وكذلك لا يوجد ذاك حتى يوجد فاعل [ذاك] (6) ، فيكون ذاك فاعل فاعل ذاك.
ومن المعلوم أن كون الشيء علة لنفسه، أو جزء علة لنفسه، أو شرط علة نفسه، ممتنع بأي عبارة عبر عن هذا المعنى، فلا يكون فاعل نفسه، ولا جزءا من الفاعل، ولا شرطا في الفاعل لنفسه، ولا تمام الفاعل لنفسه، ولا يكون مؤثرا في نفسه، ولا تمام المؤثر في نفسه، فالمخلوق
_________
(1) ن، م: مفتقرين.
(2) ن، م: ولا.
(3) ن، م: هذا، والصواب ما أثبته.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ن، م: هذا. وبعد كلمة " هذان " يوجد اضطراب وتكرار في نسختي (ن) ، (م) ، ولذلك حذفت هذه العبارات ولم أثبتها منهما.
(6) ذاك: ساقطة من (ن) فقط.
******************************
لا يكون رب نفسه، ولا يحتاج الرب نفسه بوجه من الوجوه إليه في خلقه (1) ؛ إذ لو احتاج إليه في خلقه لم يخلقه حتى يكون، ولا يكون حتى يخلقه، فيلزم الدور القبلي لا المعي (2) .
وإذا لم يكن مؤثرا في نفسه فلا يكون مؤثرا في المؤثر في نفسه (* بطريق الأولى، فإذا قدر واجبان كل واحد منهما له تأثير ما في الآخر، لزم أن يكون كل منهما مؤثرا في المؤثر في نفسه *) (3) وهذا ممتنع [كما تبين] (4) ، فيمتنع تقدير واجبين كل منهما مؤثر في الآخر بوجه من الوجوه، فامتنع أن يكون الواجب بنفسه مفتقرا في شيء من لوازمه إلى غيره، سواء قدر أنه واجب أو ممكن.
وهذا مما يعلم به امتناع أن يكون للعالم صانعان، فإن الصانعين إن كانا مستقلين كل منهما فعل الجميع، كان هذا متناقضا [ممتنعا] (5) لذاته، فإن فعل أحدهما للبعض يمنع استقلال الآخر به، فكيف باستقلاله به؟ !
ولهذا اتفق العقلاء (6) على امتناع اجتماع مؤثرين تامين في أثر واحد ; لأن ذلك جمع بين النقيضين؛ إذ كونه (7) وجد بهذا وحده يناقض كونه
_________
(1) ن، م: ولا يحتاج إليه ربه بوجه من الوجوه في خلقه.
(2) ن، م: القبلي العلي، وهو تحريف.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(4) كما تبين: ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ممتنعا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ن، م: العلماء.
(7) ن، م: أو كونه، وهو تحريف.
***********************************
وجد بالآخر وحده، وإن كانا متشاركين متعاونين، فإن كان فعل كل واحد (1) منهما مستغنيا عن فعل الآخر وجب أن يذهب كل إله بما خلق، فتميز مفعول هذا [عن مفعول هذا] (2) ، ولا يحتاج إلى الارتباط به، وليس الأمر كذلك، بل العالم كله متعلق بعضه ببعض، هذا مخلوق من هذا وهذا [مخلوق] من هذا (3) ، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، وهذا محتاج إلى هذا من جهة كذا، لا يتم شيء من أمور العالم إلا بشيء [آخر منه] (4) .
وهذا يدل على أن العالم كله فقير إلى غيره لما فيه من الحاجة، ويدل على أنه ليس فيه فعل لاثنين، بل كله مفتقر إلى واحد.
فالفلك الأطلس الذي هو أعلى الأفلاك في جوفه سائر الأفلاك، والعناصر والمولدات والأفلاك متحركات بحركات مختلفة [مخالفة] (5) لحركة التاسع، فلا يجوز أن تكون حركته هي سبب تلك الحركات المخالفة لحركته إلى (6) جهة أخرى أكثر مما (7) يقال: إن الحركة الشرقية هو سببها، وأما الحركات الغربية فهي مضادة لجهة حركته، فلا يكون هو سببها، [وهذا] (8) مما يسلمه هؤلاء (9)
_________
(1) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(3) أ، ب: هذا مخلوق من هذا، وهذا من هذا، وهذا من هذا.
(4) ب: لا يتم شيء من أمور شيء من العالم إلا بشيء.
(5) مخالفة: ساقطة من (ن) فقط.
(6) أ، ب: على.
(7) أ، ب: ما.
(8) وهذا: ساقطة من (ن) فقط.
(9) كلام ابن تيمية عن فلك الأطلس وسائر الأفلاك التي في جوفه وحركات الأفلاك متصل بنظرية الفلاسفة المعروفة بنظرية الفيض أو الصدور أو العقول العشرة. انظر كلام الفلاسفة عنها في: رسائل الكندي الفلسفية 1/238 - 261 ; الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة، ص 24 - 25 (ط. مكتبة الحسين، 1368/1948) ; ابن سينا: النجاة، 3/448 - 455 ; الشفاء، قسم الإلهيات 2/393 - 409.
********************************
وأيضا فالأفلاك في جوفه بغير اختياره، ومن جعل غيره فيه بغير اختياره كان مقهورا مدبرا، كالإنسان الذي جعل في باطنه أحشاؤه، فلا يكون واجبا بنفسه، فأقل درجات الواجب بنفسه أن لا يكون مقهورا مدبرا، [فإنه إذا كان مقهورا مدبرا] (1) كان مربوبا أثر فيه غيره، ومن أثر فيه غيره كان وجوده (2) متوقفا على وجود ذلك الغير، سواء كان الأثر كمالا أو نقصا، فإنه إذا (3) كان زيادة كان كماله موقوفا على الغير، وكماله منه فلا يكون موجودا بنفسه، وإن كان نقصا [كان غيره قد] (4) نقصه، ومن نقصه غيره لم يكن ما نقصه هو واجب الوجود بنفسه (5) ، فإن [ما] كان (6) واجب الوجود بنفسه يمتنع عدمه، فذاك الجزء المنقوص ليس واجب الوجود (7) ولا من لوازم واجب الوجود، وما لم يكن كذلك لم يكن عدمه نقصا؛ إذ النقص عدم كمال، والكمال الممكن هو من لوازم واجب الوجود كما تقدم، والتقدير أنه نقص، فتبين أن من نقصه غيره شيئا من لوازم وجوده،
_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. وفي (م) : فأما إذا. . إلخ.
(2) وجوده: ساقطة من (ن) فقط.
(3) ن، م: إن.
(4) كان غيره قد: ساقط من (ن) فقط.
(5) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(6) ن، م: فإن كان. . .
(7) ن، م: والنقص ليس واجب الوجود.
*******************************
أو أعطاه (1) شيئا من لوازم وجوده، لم يكن واجب الوجود بنفسه.
فالفلك الذي قد حشي بأجسام كثيرة بغير اختياره محتاج إلى ذلك الذي حشاه بتلك الأجسام، فإنه إذا كان حشوه كمالا له، لم يوجد كماله إلا بذلك الغير، فلا يكون واجبا بنفسه، وإن كان نقصا فيه كان غيره قد سلبه الكمال الزائل (2) بذلك النقص، فلا تكون ذاته مستلزمة لذلك الكمال، إذا لو استلزمته لعدمت بعدمه، وكماله من تمام نفسه، فإذا كان جزء نفسه غير واجب، لم تكن نفسه واجبة كما تقدم بيانه.
وأيضا، فالفلك الأطلس إن قيل: إنه لا تأثير له (3) في شيء من العالم، وجب أن لا يكون هو المحرك للأفلاك التي فيه، وهي متحركة بحركته، ولها حركة تخالف حركته، فيكون في الفلك الواحد قوة تقتضي حركتين متضادتين، وهذا ممتنع فإن الضدين لا يجتمعان، ولأن المقتضي للشيء لو كان مقتضيا لضده الذي لا يجامعه، لكان فاعلا له غير فاعل [له] (4) ، 8 فإن كان مريدا له [كان مريدا] (5) غير مريد، وهو جمع بين [النقيضين] (6) ، وإن كان له تأثير في تحريك الأفلاك، أو غير ذلك فمعلوم أنه غير مستقل بالتأثير ; لأن تلك الأفلاك لها حركات تخصها من غير تحريكه ; ولأن ما يوجد في الأرض من الآثار لا بد فيه من الأجسام
_________
(1) ن، م: وأعطاه.
(2) ن، م: الزائد، وهو تحريف.
(3) ن، م: إن له تأثير، وهو تحريف.
(4) له: ساقطة من (ن) فقط
(5) كان مريدا: ساقطة من (ن) فقط.
(6) ن (فقط) : بين الضدين النقيضين.
*******************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|