
17-03-2022, 04:55 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (108)
صـ 194 إلى صـ 200
[فساد استدلال الفلاسفة بآيات سورة الأنعام]
وهذا غلط من وجوه: أحدها: أن هذا القول لم يقله أحد من العقلاء، لا قوم إبراهيم ولا غيرهم، ولا توهم أحدهم (1) أن كوكبا أو القمر أو الشمس خلق هذا العالم، وإنما كان قوم إبراهيم مشركين يعبدون هذه الكواكب زاعمين أن في ذلك جلب منفعة أو دفع مضرة، على طريقة الكلدانيين (2) والكشدانيين (3) " [وغيرهم من المشركين أهل الهند وغيرهم] (4) ، وعلى طريقة هؤلاء صنف الكتاب الذي صنفه أبو عبد الله بن الخطيب الرازي (5) في السحر والطلسمات (6) ودعوة الكواكب (7) ، وهذا دين المشركين من
_________
(1) ن، م: أحد.
(2) ن، م: الكذابين، وهو تحريف.
(3) لم أجد فيما بين يدي من المراجع شيئا عنهم سوى عبارة قصيرة في " تاج العروس " للزبيدي مادة " كشد ": " الكشدانيون بالضم طائفة من عبدة الكواكب
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن: أبو عبد الله الطبري، وهو تحريف ; م: أبو عبد الله الرازي.
(6) قال الشهاب الخفاجي في " شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل " مادة " طلسم ": " لفظ يوناني لم يعربه من يوثق به: وكونه مقلوبا من مسلط وهم لا يعتد به، وفي " السر المكتوم ": هو عبارة عن علم بأحوال تمزيج القوى الفعالة السماوية بالقوى المنفعلة الأرضية لأجل التمكن من إظهار ما يخالف العادة والمنع مما يوافقها ".
(7) وهو كتاب " السر المكتوم في مخاطبة النجوم ". انظر: وفيات الأعيان 3/318 ; لسان الميزان 4/426 ; الأعلام للزركلي 7/203.
**************************
الهند والخطا (1) والنبط (2) والكلدانيين والكشدانيين (3)
ولهذا قال الخليل: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 77] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] ، وأمثال ذلك.
وأيضا، فالأفول في لغة العرب هو المغيب والاحتجاب، ليس هو الحركة والانتقال (4) .
_________
(1) يطلق لفظ الخطا أحيانا على الصين بعامة، وأحيانا على الصين الشمالية بخاصة، ويطلق تارة على قبائل الخطا التي كانت تعيش في شمال الصين والتي نزحت من موطنها في القرن السادس الهجري إلى غرب إقليم التركستان حيث كونوا دولة عرفت بمملكة القراخطائيين. انظر: جامع التواريخ لرشيد الدين الهمذاني، المجلد الثاني، 1/109 - 121، ط. الحلبي، 1960 ; المغول في التاريخ للدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد، ص [0 - 9] ، 29 - 33، ; دائرة المعارف البريطانية مادة cathay
(2) في اللسان: " النبيط والنبط كالحبيش والحبش في التقدير: جيل ينزلون السواد، وفي المحكم ينزلون سواد العراق وهم الأنباط. وفي الصحاح: ينزلون البطائح بين العراقين ". وذكر الأستاذ أحمد عطية الله في " القاموس الإسلامي " مادة: " أنباط " أنباط أو نبط: شعب عربي قديم كان يعيش في الإقليم الصحراوي الذي يمتد ما بين شبه جزيرة سيناء وحوران. . وكان للأنباط حضارة مازالت آثارها تتمثل في أطلال مدينة بطرا أو البتراء. . وعند ظهور الإسلام كانت هناك بقايا من الأنباط اختلطت بغيرها من شعوب المنطقة كالسريان والأراميين وللأنباط كتابة خاصة تعرف بالخط النبطي وهو يشبه الخط الحميري "
(3) ذكرت كلمتا: " الكلدانيين والكشد انيين " محرفتين في (ن) . وغير هؤلاء.
(4) في اللسان: " أفل أي: غاب، وأفلت الشمس تأفل (بكسر الفاء وضمها) أفلا وأفولا: غربت ".
**************************
وأيضا، فلو كان احتجاجه (1) بالحركة والانتقال لم ينتظر [إلى] (2) أن يغيب، بل كان نفس (3) الحركة التي يشاهدها من حين تطلع إلى أن (4) تغيب هي (5) الأفول.
وأيضا، فحركتها (6) بعد المغيب والاحتجاب غير مشهودة ولا معلومة.
وأيضا، فلو كان قوله: {هذا ربي} أي (7) : هذا رب العالمين، لكانت قصة إبراهيم [عليه السلام] (8) حجة عليهم ; لأنه (9) حينئذ لم تكن الحركة عنده (10) مانعة من كونه رب العالمين، وإنما المانع هو الأفول (11) .
ولما (12) حرف هؤلاء لفظ " الأفول " سلك ابن سينا [هذا المسلك] (13)
_________
(1) احتجاجه: كذا في (أ) ، (ن) ، (م) ; وفي (ب) : احتجابه. والمعنى: لو كان احتجاج إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - على عدم ربوبية الكواكب أو الشمس أو القمر بحركة كل منها وانتقاله لم يحتج إلى الانتظار حتى يغيب بل كانت الحركة المشاهدة للعيان كافية للدلالة على عدم الربوبية.
(2) إلى: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ن، م: لم ينتظر أن يغيب بل نفس الحركة. . إلخ.
(4) ن: إلى حين.
(5) ب: هو.
(6) ن، م: فحركاتها.
(7) أي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) عليه السلام: زيادة في (أ) ، (ب) .
(9) ن، م: لأنهم.
(10) ن، م: عندهم.
(11) انظر تفسير آيات سورة الأنعام 74 - 79 في تفسير ابن كثير.
(12) ن (فقط) : ولا، وهو تحريف.
(13) هذا المسلك: ساقط من (ن) فقط.
**********************************
في " إشاراته " (1) فجعل الأفول هو الإمكان، وجعل كل ممكن آفلا، وأن الأفول هوي في حظيرة الإمكان (2) وهذا يستلزم أن يكون ما سوى الله آفلا (3) .
ومعلوم أن هذا من أعظم الافتراء على اللغة والقرآن ومن أعظم القرمطة ولو كان كل ممكن آفلا لم يصح قوله: {فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين} فإن قوله: {فلما أفل} يقتضي حدوث الأفول له، وعلى قول هؤلاء المفترين على اللغة والقرآن: " الأفول " لازم له لم يزل ولا يزال آفلا (4) ، ولو كان مراد إبراهيم بالأفول الإمكان، والإمكان حاصل في الشمس والقمر والكوكب في كل وقت، لم يكن به حاجة إلى أن ينتظر أفولها.
وأيضا، فجعل القديم الأزلي الواجب [بغيره] (5) أزلا وأبدا ممكنا قول انفرد به ابن سينا ومن تابعه (6) ، وهو قول (7) مخالف لجمهور العقلاء من سلفهم وخلفهم (8) .
_________
(1) ب (فقط) : إشارته وهو تحريف.
(2) ن: في حظيرة الشمس والقمر، وهو خطأ ; م: هو في حظيرة الشمس.
(3) قال ابن سينا: (الإشارات التنبيهات، ص 531 - 532 ط. المعارف) " قال قوم: إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته، واجب لنفسه، لكنك إذا تذكرت ما قيل لك في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس واجبا، وتلوت قوله تعالى: (لا أحب الآفلين) فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما ".
(4) آفلا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(5) بغيره: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) أ، ب: اتبعه.
(7) قول: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) أ، ب: وغيرهم.
*******************************
[عود إلى الكلام على معاني لفظ الجسم]
والمقصود هنا أنه لما ظهرت الجهمية نفاة الصفات تكلم الناس في " الجسم " وفي إدخال لفظ " الجسم " في أصول الدين وفي التوحيد، وكان هذا من الكلام المذموم عند السلف والأئمة، فصار الناس في لفظ " الجسم " على ثلاثة أقوال:
طائفة تقول: إنه جسم، وطائفة تقول: ليس بجسم، وطائفة تمتنع عن إطلاق القول بهذا، وهذا لكونه بدعة في الشرع أو لكونه (1) في العقل يتناول حقا وباطلا، فمنهم من يكف عن التكلم في ذلك، ومنهم من يستفصل المتكلم (2) : فإن ذكر في النفي أو الإثبات (3) معنى صحيحا قبله، وعبر عنه بعبارة شرعية (4) ، لا يعبر عنها بعبارة مكروهة في الشرع ; وإن ذكر معنى باطلا رده.
وذلك أن لفظ " الجسم " فيه اشتراك بين معناه في اللغة ومعانيه المصطلح عليها، وفي المعنى منازعات عقلية، فيطلقه كل قوم بحسب اصطلاحهم وحسب اعتقادهم، فإن الجسم عند أهل اللغة هو البدن، أو البدن ونحوه مما هو غليظ كثيف، هكذا نقله غير واحد من أهل اللغة.
ومنه قوله تعالى: {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} [سورة المنافقون: 4] وقوله تعالى: {وزاده بسطة في العلم والجسم} [سورة البقرة: 247] .
ثم قد يعنى به نفس الشيء الغليظ الكثيف، وقد يعنى به نفس غلظه وكثافته.
_________
(1) ن: ولكنه، وهو تحريف.
(2) ن، م: الكلام.
(3) ن، م: والإثبات.
(4) ن (فقط) : عنه بغيره شرعه، وهو تحريف ظاهر.
************************************
وعلى هذا فالزيادة في الجسم الذي هو الطول والعرض وهو القدر، وعلى الأول فالزيادة في نفس المقدر الموصوف.
وقد يقال: هذا الثوب له جسم، أي: غلظ وثخن، ولا يسمى الهواء جسما، ولا النفس الخارج من فم (1) الإنسان ونحو ذلك عندهم (2) جسما.
وأما أهل الكلام والفلسفة فالجسم عندهم أعم من ذلك، كما أن لفظ " الجوهر " في اللغة أخص من معناه في اصطلاحهم، فإنهم يعنون بالجوهر ما قام بنفسه أو المتحيز أو ما إذا وجد كان وجوده لا في موضع (3) ، أي: لا في محل يستغني عنه ; والجوهر في اللغة الجوهر المعروف.
ثم قد يعبرون عن الجسم بأنه ما يشار إليه، أو ما يقبل (4) الإشارة الحسية بأنه هنا أو هناك، وقد يعبرون عنه بما قبل الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق، أو بما كان فيه الأبعاد الثلاثة: الطول والعرض والعمق (5) .
ولفظ البعد: الطول (6) والعرض والعمق في اصطلاحهم أعم من
_________
(1) ن (فقط) : نفس.
(2) عندهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(3) ن، م: موضوع.
(4) ن: أو لا يقبل، وهو خطأ.
(5) يقول ابن سينا: (الشفاء، قسم الإلهيات 1/61، ط. وزارة الثقافة والإرشاد) : " وأما تحقيقه وتعريفه فقد جرت العادة بأن يقال: إن الجسم جوهر طويل عريض عميق ".
(6) أ، ب: والطول.
*******************************
معناه في اللغة، فإن أهل اللغة يقسمون الأعيان إلى طويل وقصير، والمسافة والزمان إلى قريب وبعيد، والمنخفض من (1) الأرض إلى عميق وغير عميق.
وهؤلاء عندهم كل ما يراه الإنسان من الأعيان فهو طويل عريض عميق، حتى الحبة - بل الذرة وما هو أصغر من ذرة - هو في اصطلاحهم طويل عريض عميق.
وقد يعبرون عن الجسم بالمركب أو المؤلف (2) ، ومعنى ذلك عندهم أعم من معناه في اللغة، فإن المركب (3) والمؤلف في اللغة ما ركبه مركب أو ألفه مؤلف، كالأدوية المركبة من المعاجين والأشربة ونحو ذلك، وبالمركب ما ركب على غيره أو فيه (4) ، كالباب المركب في موضعه ونحوه.
ومنه قوله تعالى: {في أي صورة ما شاء ركبك} [سورة الانفطار: 8] . وبالتأليف: التوفيق بين القلوب ونحو ذلك. ومنه قوله تعالى:
_________
(1) أ، ب: عن.
(2) يقول ابن الباقلاني (التمهيد، ص [0 - 9] 7، بيروت، 1957) : " فالجسم هو المؤلف "، ويقول (ص 191) : " حقيقة الجسم أنه مؤلف مجتمع بدلالة قولهم: رجل جسيم، وزيد أجسم من عمرو، وعلما بأنهم يقصرون هذه المبالغة على ضرب من ضروب التأليف في جهة العرض والطول ولا يوقعونها بزيادة شيء من صفات الجسم سوى التأليف ". ويقول ابن سينا (الشفاء، قسم الإلهيات 1/71) : " فقد بان أن الأجسام مؤلفة من مادة وصورة ". وانظر دائرة المعارف الإسلامية مادة " جسم " بقلم دي بور.
(3) ن، م: فالمركب.
(4) ن، م:. . . ونحو ذلك أو ما ركب على غيره أو فيه.
************************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|