
17-03-2022, 06:19 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,593
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (109)
صـ 201 إلى صـ 207
{والمؤلفة قلوبهم} [سورة التوبة: 60] ، وقوله: {وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم} [سورة الأنفال: 63] ، وقوله: {إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} [سورة آل عمران: 103] .
وللناس اصطلاحات في المؤلف والمركب، كما للنحاة اصطلاح، فقد يعنون بذلك الجملة التامة، وقد يعنون به (1) ما ركب تركيب مزج كبعلبك، وقد يعنون به المضاف وما يشبهه وهو ما ينصب في النداء.
وللمنطقيين ونحوهم من أهل الكلام اصطلاحات أخر يعنون به ما دل جزؤه على جزء معناه، فيدخل في ذلك المضاف إذا قصد به الإضافة دون العلمية، فلا (2) يدخل فيه بعلبك ونحوه.
ومنهم من يسوي بين المؤلف والمركب ومنهم من يفرق بينهما، وهذا كله تأليف في الأقوال.
وأما التأليف في الأعيان، فأولئك إذا قالوا: [إن] (3) الجسم هو المؤلف والمركب، لم يعنوا (4) به ما كان مفترقا فاجتمع ولا ما يقبل التفريق، بل يعنون به ما تميز منه جانب عن جانب، كالشمس والقمر وغيرهما من الأجسام.
وأما المتفلسفة فالمؤلف والمركب عندهم (5) أعم من هذا، يدخلون
_________
(1) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(2) أ، ب: ولا.
(3) إن: زيادة في (أ) ، (ب) .
(4) أ: يعنوا، ب: لا يعنون ; م: لم يعنون.
(5) ن، م: فالمؤلف عندهم والمركب.
*****************************
في ذلك تأليفا عقليا لا يوجد في الأعيان، ويدعون أن النوع مؤلف من الجنس والفصل، فإذا قلت: الإنسان حيوان ناطق، قالوا: الإنسان مؤلف من هذين، وإنما هو موصوف بهما.
ثم تنازع (1) هؤلاء في الجسم: هل هو مركب من أجزاء لا تقبل القسمة، وهي الجوهر الفرد عندهم، وهو شيء لم يدركه أحد بحسه، وما من شيء نفرضه إلا وهو أصغر منه عند القائلين به ; أو مركب من المادة والصورة تركيبا عقليا؟
وإذا حقق الأمر عليهم في المادة لم يوجد إلا نفس الجسم وأعراضه: تارة يعنى بالمادة الجسم الذي هو جوهر، والصورة شكله واتصاله القائم به. وتارة يعنى بالصورة نفس الجسم (2) الذي هو الجوهر، وبالمادة القدر المطلق الذي يعم الأجسام كلها، أو يعنى بها ما منه خلق الجسم (3) .
وقد يعنى بالصورة العرضية (4) التي هي الاتصال والشكل القائم به، فالجسم هو المتصل، والصورة هي (5) الاتصال، فالصورة هنا عرض، والمادة الجسم، كالصورة (6) الصناعية: كشكل السرير فإنه صورته (7) والخشب مادته.
_________
(1) ن، م: ينازع.
(2) ن: نفي، وهو خطأ.
(3) ن: الجسم والصورة.
(4) أ: العريضة، وهو تحريف.
(5) ن، م: نفي، وهو خطأ.
(6) ن، م: كالصور.
(7) أ، ب: صورة.
****************************
ولفظ المادة والهيولي يعنى به عندهم هذه الصورة الصناعية، وهي عرض يحدث بفعل الآدميين، ويعنى به (1) الصورة الطبيعية وهي نفس الأجسام، وهي جواهر (2) ومادة وما منها خلقت.
وقد يعنى بالمادة [المادة] (3) الكلية وهي ما تشترك فيه الأجسام من القدر ونحوه.
وهذه كليات حاصلة في الأذهان، وهي في الخارج معينة: إما أعراض وإما جواهر.
وقد يعنى بالمادة [المادة] (4) الأزلية وهي المجردة عن الصورة. وهذه يثبتها أفلاطن (5) ، وسائر العقلاء أنكروها، وفي الحقيقة هي ثابتة في الذهن لا في الخارج، والأجسام مشتركة في كون كل واحد (6) منها له قدر يخصه، فهي مشتركة في نوع المقدار لا في عينه، فصارت الأجسام مشتركة في المقدار، فقالوا: بينها مادة مشتركة [وهيولي مشتركة] (7) ، ولم يهتدوا إلى الفرق بين الاشتراك في الكلي المطلق والاشتراك في الشيء المعين، فاشتراك الأجسام في الجسمية والامتداد والمقدار الذي يظن أنه المادة ونحو ذلك، كاشتراك الناس في الإنسانية، واشتراك الحيوانات (8) في الحيوانية.
_________
(1) أ، ب: بها.
(2) ب: جوهر، والمثبت عن (أ) ، (ن) (م) .
(3) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
(4) ما بين القوسين زيادة للإيضاح، والذي في الأصل صواب، حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه.
(5) ب: أفلاطون، والمثبت عن (أ) ، (ن) ، (م) .
(6) واحد: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
(8) ن، م: الحيوان.
**********************
وهؤلاء ظنوا أن هذه الكليات (1) موجودة في الخارج مشتركة، وذلك غلط، فإن ما في الخارج ليس فيه اشتراك، بل لكل موجود شيء يخصه لا يشركه فيه غيره، والاشتراك يقع في الأمور العامة الكلية المطلقة، وتلك لا تكون عامة مطلقة كلية إلا في الأذهان لا في الأعيان، فما فيه الاشتراك ليس فيه إلا العلم والعقل (2) ، وما به الاختصاص والامتياز - وهو (3) الموجود في الخارج - لا اشتراك فيه، وإنما فيه اشتباه وتماثل يسمى اشتراكا، كالاشتراك في المعنى العام، والانقسام بحسب الاشتراك، فمن لم يفرق بين قسمة الكلي إلى جزئياته، [والكل إلى أجزائه] (4) ، كقسمة الكلمة إلى: اسم، وفعل، وحرف (5) ، وإلا غلط كما غلط كثير من الناس في هذا الموضع.
ولما قالت طائفة من النحاة كالزجاجي (6) وابن جني (7) : الكلام ينقسم
_________
(1) ن، م: كليات.
(2) أ، ب: فما فيه الاشتراك إلا في العلم والعقل.
(3) ن، م: هو.
(4) ما بين القوسين غير موجود في النسخ الأربع وإثباته يقتضيه سياق الكلام.
(5) بعد كلمة " وحرف " يوجد تكرار واضطراب في نسختي (ن) ، (م) هكذا. . . وحرف وكقسمة الكل إلى أجزائه، كقسمة الكلمة إلى اسم، وفعل وحرف وإلا غلط.
(6) عبد الرحمن بن إسحاق ويعرف بالزجاجي، أبو القاسم النهاوندي، شيخ العربية في عصره، توفي بطبرية سنة 337 وقيل 339 وقيل 340. ترجمته في: وفيات الأعيان 2/317 - 318 ; إنباه الرواة للقفطي 2/160 - 161 (ط. دار الكتب، 1952) ; بغية الوعاة للسيوطي، ص 129 (ط. الخانجي، 1326) ; طبقات النحويين واللغويين للزبيدي، ص 129 (ط. الخانجي، 1945) ; الأعلام للزركلي 4.
(7) عثمان بن جني، أبو الفتح الموصلي، من أئمة الأدب واللغة، صاحب أبا علي الفارسي وروى عنه، توفي ببغداد سنة 392 وقيل 372. ترجمته في: وفيات الأعيان \ 410 - 412 ; إنباه الرواة 2/335 - 340 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 22 ; الأعلام للزركلي 4/364.
*************************
إلى: اسم، وفعل، وحرف، أو الكلام كله ثلاثة: اسم وفعل وحرف، اعترض على ذلك من لم يعرف مقصودهم، ولم يجعل القسمة نوعين كالجزولي (1) ; حيث قال: كل جنس قسم إلى أنواعه أو أشخاصه (2) ، أو نوع قسم إلى أشخاصه، فاسم المقسوم صادق على الأنواع والأشخاص، وإلا فليست أقساما له.
وكلام أبي البقاء (3) في تفسير ابن جني أقرب ; حيث قال: معناه أجزاء الكلام ونحو ذلك.
_________
(1) ن، م: الكزولي. وعيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى بن يوماريللى الجزولي (أو الكزولي) اليزدكنتي البربري المراكشي، وجزولة قبيلة من قبائل البربر، وربما قالوا: كزولة (بضم الجيم والكاف) ، لزم ابن بري بمصر لما حج وعاد فتصدر للإقراء بالمرية وغيرها وولي خطابة مراكش، توفي سنة 607 وقيل: 605 أو 606. ترجمته في: إنباه الرواة 2/378 - 382 ; بغية الوعاة، ص 269 - 270 ; وفيات الأعيان 3/157 - 159 ; الأعلام للزركلي 5/288.
(2) ن: كل شيء جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه ; م: كل جنس قسم إلى أنواعه وأشخاص أنواعه.
(3) هو عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي، أبو البقاء محب الدين. ولد ببغداد سنة 538 وتوفي بها سنة 616، كان أدبيا نحويا فقيها على مذهب الحنابلة، أصيب في صباه بالجدري فعمي. من كتبه المطبوعة " شرح ديوان المتنبي " ومن تأليفه كتاب " شرح اللمع لابن جني " وكتاب: " تلخيص التنبيه لابن جني ". انظر ترجمته ومؤلفاته في: إنباه الرواة 2/116 - 118 ; بغية الوعاة، ص [0 - 9] 81 ; نكت الهميان للصفدي، ص [0 - 9] 78 ; وفيات الأعيان 2/286 - 287 ; الذيل لابن رجب 2/109 - 120 ; الأعلام للزركلي 4/208 - 209.
********************************
ومن المعلوم أن قسمة كل الشيء الموجود في الخارج إلى أبعاضه وأجزائه، أشهر من قسمة المعنى العام الذي في الذهن إلى أنواعه وأشخاصه، كقوله تعالى: {ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر} [سورة القمر: 28] ، وقوله: {وإذا حضر القسمة أولو القربى} [سورة النساء: 8] وقوله عليه الصلاة والسلام: " «والله إني ما أعطي أحدا (1) ولا أمنع أحدا وإنما أنا قاسم أقسم بينكم» " (2) ، وقوله: " «لا تعضية في الميراث (3) إلا ما حمل القسم» " (4) . وقول الصحابة [رضوان الله
_________
(1) ن: إني والله لا أعطي أحدا ; م: والله لا أعطي أحدا.
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، والحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في البخاري: 4/85 (كتاب فرض الخمس، باب فإن لله خمسه وللرسول) وانظر (فتح الباري 6/152 - 153) ; المسند (ط. المعارف) 12/180 (رقم: 7193 م) . وانظر درء تعارض العقل والنقل 8/278.
(3) ب: لا معصبة في الميراث ; ن، م: ولا يعصينه في معروف (وهو خطأ) ; أ: لا ـعصبه (كذا بدون نقط التاء والضاد) في الميراث، والصواب ما أثبته.
(4) الحديث في سنن البيهقي 10/133 وفيه: " قال أبو عبيد: قوله: لا تعضية في الميراث، يعني أن يموت الميت ويدع شيئا، إن قسم بين ورثته، إذا أراد بعضهم القسمة كان في ذلك ضرر عليهم أو على بعضهم. يقول: فلا يقسم. والتعضية التفريق، وهو مأخوذ من الإعضاء، يقال: عضيت اللحم إذا فرقته: قال الزعفراني: قال الشافعي في القديم: ولا يكون مثل هذا الحديث حجة، لأنه ضعيف. وهو قول من لقينا من فقهائنا. قال الشيخ (البيهقي) : وإنما ضعفه لانقطاعه وهو قول الكافة ". وفي " الجامع الكبير " للسيوطي 1/896: " لا تعضية (كذا) على أهل الميراث إلا ما حمل القسم. أبو عبيد في الغريب ق (البيهقي في سننه) عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم مرسلا ". وانظر " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 3/106 مادة " عضا ".
*************************
عليهم] (1) : «قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرض خيبر بين من حضر (2) الحديبية، وقسم غنائم حنين بالجعرانة (3) . مرجعه من الطائف ; وقسم ميراث سعد بن الربيع» (4) .
وقول الفقهاء: باب (5) . قسم الغنائم والفيء والصدقات (6) ، وقسمة الميراث، وباب القسمة، وذكر المشاع والمقسوم، وقسمة الإجبار والتراضي ونحو ذلك.
وقول الحاسب: الضرب والقسمة إنما يراد به قسمة الأعيان الموجودة في الخارج، فيأخذ أحد الشريكين قسما والآخر قسما، وليس (7) كل اسم
_________
(1) رضوان الله عليهم في (أ) ، (ب) .
(2) ن، م: شهد.
(3) في " معجم ما استعجم " للبكري 2/384: " الجعرانة بكسر الجيم والعين وتشديد الراء المهملة. . وقال الأصمعي: هي الجعرانة بإسكان العين وتخفيف الراء، وكذلك قال أبو سليمان الخطابي. وهي ماء بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أدنى، وبها قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين ومنها أحرم بعمرته في وجهته تلك ". وانظر أيضا: معجم البلدان
(4) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير، شهد العقبة وهو أحد النقباء الاثنى عشر وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم أحد شهيدا وليس له عقب. انظر ترجمته في طبقات ابن سعد 3/522 - 524، 612، الإصابة لابن حجر 2/24 - 52، الاستيعاب لابن عبد البر 2/31 - 32.
(5) ب: يلي ; أ: الكلمة غير واضحة ويبدو أنها كتبت أولا " باب " ثم حرفت إلى ما يقرب من كلمة " يلي "
(6) ن، م: الفيء والغنائم والفيء والصدقات.
(7) ن، م: فليس.
**********************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|