عرض مشاركة واحدة
  #69  
قديم 23-03-2022, 10:11 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,450
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى



تَّفْسِيرِ
(الْجَامِعِ لِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَالْمُبَيِّنِ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنَ السُّنَّةِ وَآيِ الْفُرْقَانِ )
الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقُرْطُبِيُّ
المجلد (1)
سُورَةُ الْبَقَرَةِ
من صــ 414 الى صــ 419
الحلقة (69)

وليس في رواية النعيمي عن الفربري أصلا شيء من هذا الخبر في القردة ، ولعلها من المقحمات في كتاب البخاري . والذي قال البخاري في التاريخ الكبير : قال لي نعيم بن حماد أخبرنا هشيم عن أبي بلج وحصين عن عمرو بن ميمون قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قرود فرجموها فرجمتها معهم . وليس فيه " قد زنت " . فإن صحت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاري دلالة على أن عمرو بن ميمون قد أدرك الجاهلية ولم يبال بظنه الذي ظنه في الجاهلية . وذكر أبو عمر في " الاستيعاب " : عمرو بن ميمون وأن كنيته أبو عبد الله " معدود في كبار التابعين من الكوفيين ، وهو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة إن صح ذلك ؛ لأن رواته مجهولون . وقد ذكره البخاري عن نعيم عن هشيم عن حصين عن عمرو بن ميمون الأودي مختصرا قال : رأيت في الجاهلية قردة زنت فرجموها - يعني القردة - فرجمتها معهم . ورواه عباد بن العوام عن حصين كما رواه هشيم مختصرا . وأما القصة بطولها فإنها تدور على [ ص: 413 ] عبد الملك بن مسلم عن عيسى بن حطان ، وليسا ممن يحتج بهما . وهذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنى إلى غير مكلف ، وإقامة الحدود في البهائم . ولو صح لكانوا من الجن ؛ لأن العبادات في الإنس والجن دون غيرهما " . وأما قوله عليه السلام في حديث أبي هريرة : ( ولا أراها إلا الفأر ) وفي الضب : ( لا أدري لعله من القرون التي مسخت ) وما كان مثله - فإنما كان ظنا وخوفا لأن يكون الضب والفأر وغيرهما مما مسخ ، وكان هذا حدسا منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه أن الله لم يجعل للمسخ نسلا ، فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوف ، وعلم أن الضب والفأر ليسا مما مسخ ، وعند ذلك أخبرنا بقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن القردة والخنازير : هي مما مسخ ، فقال : إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك . وهذا نص صريح صحيح رواه عبد الله بن مسعود ، أخرجه مسلم في كتاب القدر . وثبتت النصوص بأكل الضب بحضرته وعلى مائدته ولم ينكر ، فدل على صحة ما ذكرنا . وبالله توفيقنا . وروي عن مجاهد في تفسير هذه الآية أنه إنما مسخت قلوبهم فقط ، وردت أفهامهم كأفهام القردة . ولم يقله غيره من المفسرين فيما أعلم ، والله أعلم .
قوله تعالى : فقلنا لهم كونوا قردة " قردة " خبر كان . " خاسئين " نعت ، وإن شئت جعلته خبرا ثانيا ل " كان " ، أو حالا من الضمير في " كونوا " . ومعناه مبعدين . يقال : خسأته فخسأ وخسئ ، وانخسأ أي : أبعدته فبعد . وقوله تعالى : ينقلب إليك البصر خاسئا أي : مبعدا . وقوله : " اخسئوا فيها " أي : تباعدوا تباعد سخط . قال الكسائي : خسأ الرجل خسوءا ، وخسأته خسأ . ويكون الخاسئ بمعنى الصاغر القميء . يقال : قمؤ الرجل قماء وقماءة صار قميئا ، وهو الصاغر الذليل . وأقمأته : صغرته وذللته ، فهو قميء على فعيل .
قوله تعالى : فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين

قوله تعالى : فجعلناها نكالا نصب على المفعول الثاني . وفي المجعول نكالا أقاويل ، قيل : العقوبة . وقيل : القرية ؛ إذ معنى الكلام يقتضيها وقيل : الأمة التي مسخت .

[ ص: 414 ] وقيل : الحيتان ، وفيه بعد . والنكال : الزجر والعقاب . والنكل والأنكال : القيود . وسميت القيود أنكالا لأنها ينكل بها ، أي : يمنع . ويقال للجام الثقيل : نكل ونكل ؛ لأن الدابة تمنع به ونكل عن الأمر ينكل ، ونكل ينكل إذا امتنع . والتنكيل : إصابة الأعداء بعقوبة تنكل من وراءهم ، أي : تجبنهم . وقال الأزهري : النكال : العقوبة . ابن دريد : والمنكل : الشيء الذي ينكل بالإنسان ، قال [ رياح المؤلي ] :
فارم على أقفائهم بمنكل


قوله : لما بين يديها قال ابن عباس والسدي : لما بين يدي المسخة ما قبلها من ذنوب القوم . وما خلفها لمن يعمل مثل تلك الذنوب . قال الفراء : جعلت المسخة نكالا لما مضى من الذنوب ، ولما يعمل بعدها ليخافوا المسخ بذنوبهم . قال ابن عطية : وهذا قول جيد ، والضميران للعقوبة . وروى الحكم عن مجاهد عن ابن عباس : لمن حضر معهم ولمن يأتي بعدهم . واختاره النحاس ، قال : وهو أشبه بالمعنى ، والله أعلم . وعن ابن عباس أيضا لما بين يديها وما خلفها : من القرى . وقال قتادة : لما بين يديها من ذنوبهم ، " وما خلفها " من صيد الحيتان .

قوله تعالى : وموعظة للمتقين عطف على نكال ، ووزنها مفعلة من الاتعاظ والانزجار . والوعظ : التخويف . والعظة الاسم . قال الخليل : الوعظ التذكير بالخير فيما يرق له القلب . قال الماوردي : وخص المتقين وإن كانت موعظة للعالمين لتفردهم بها عن الكافرين المعاندين ، قال ابن عطية : واللفظ يعم كل متق من كل أمة ، وقال الزجاج : وموعظة للمتقين لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن ينتهكوا من حرم الله جل وعز ما نهاهم عنه فيصيبهم ما أصاب أصحاب السبت ؛ إذ انتهكوا حرم الله في سبتهم
قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين

قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فيه أربع مسائل :

الأولى : قوله تعالى : إن الله يأمركم حكي عن أبي عمرو أنه قرأ " يأمركم " بالسكون ، وحذف الضمة من الراء لثقلها . قال أبو العباس المبرد : لا يجوز هذا لأن الراء حرف [ ص: 415 ] الإعراب ، وإنما الصحيح عن أبي عمرو أنه كان يختلس الحركة . أن تذبحوا في موضع نصب ب " يأمركم " أي : بأن تذبحوا . " بقرة " نصب ب " تذبحوا " . وقد تقدم معنى الذبح ، فلا معنى لإعادته .
الثانية : قوله تعالى : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة مقدم في التلاوة وقوله : قتلتم نفسا مقدم في المعنى على جميع ما ابتدأ به من شأن البقرة . ويجوز أن يكون قوله : قتلتم في النزول مقدما ، والأمر بالذبح مؤخرا . ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها ، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها ثم وقع ما وقع في أمر القتل ، فأمروا أن يضربوه ببعضها ، ويكون وإذ قتلتم مقدما في المعنى على القول الأول حسب ما ذكرنا ؛ لأن الواو لا توجب الترتيب . ونظيره في التنزيل في قصة نوح بعد ذكر الطوفان وانقضائه في قوله : حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين إلى قوله إلا قليل . فذكر إهلاك من هلك منهم ثم عطف عليه بقوله : وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها . فذكر الركوب متأخرا في الخطاب ، ومعلوم أن ركوبهم كان قبل الهلاك . وكذلك قوله تعالى : الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما . وتقديره : أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا ، ومثله في القرآن كثير .
الثالثة : لا خلاف بين العلماء أن الذبح أولى في الغنم ، والنحر أولى في الإبل ، والتخير في البقر . وقيل : الذبح أولى ؛ لأنه الذي ذكره الله ، ولقرب المنحر من المذبح . قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا حرم أكل ما نحر مما يذبح ، أو ذبح مما ينحر . وكره مالك ذلك . وقد يكره المرء الشيء ولا يحرمه . وسيأتي في سورة " المائدة " أحكام الذبح والذابح وشرائطهما عند قوله تعالى : إلا ما ذكيتم مستوفى إن شاء الله تعالى . قال الماوردي : وإنما أمروا - والله أعلم - بذبح بقرة دون غيرها ؛ لأنها من جنس ما عبدوه من العجل ليهون عندهم ما كان يرونه من تعظيمه ، وليعلم بإجابتهم ما كان في نفوسهم من عبادته . وهذا المعنى علة في ذبح البقرة ، وليس بعلة في جواب السائل ، ولكن المعنى فيه أن يحيا القتيل بقتل حي ، فيكون أظهر لقدرته في اختراع الأشياء من أضدادها .
الرابعة : قوله تعالى : بقرة البقرة اسم للأنثى ، والثور اسم للذكر مثل ناقة وجمل [ ص: 416 ] وامرأة ورجل . وقيل : البقرة واحد البقر ، الأنثى والذكر سواء . وأصله من قولك : بقر بطنه ، أي : شقه ، فالبقرة تشق الأرض بالحرث وتثيره . ومنه الباقر لأبي جعفر محمد بن علي زين العابدين ؛ لأنه بقر العلم وعرف أصله ، أي : شقه . والبقيرة : ثوب يشق فتلقيه المرأة في عنقها من غير كمين . وفي حديث ابن عباس في شأن الهدهد ( فبقر الأرض ) . قال شمر : بقر نظر موضع الماء ، فرأى الماء تحت الأرض . قال الأزهري : البقر اسم للجنس وجمعه باقر . ابن عرفة : يقال : بقير وباقر وبيقور . وقرأ عكرمة وابن يعمر " إن الباقر " . والثور : واحد الثيران . والثور : السيد من الرجال . والثور القطعة من الأقط . والثور : الطحلب ، وثور : جبل . وثور : قبيلة من العرب . وفي الحديث : ووقت العشاء ما لم يغب ثور الشفق يعني انتشاره ، يقال : ثار يثور ثورا وثورانا إذا انتشر في الأفق وفي الحديث : ( من أراد العلم فليثور القرآن ) . قال شمر : تثوير القرآن : قراءته ومفاتشة العلماء به .
قوله تعالى : قالوا أتتخذنا هزوا هذا جواب منهم لموسى عليه السلام لما قال لهم : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة وذلك أنهم وجدوا قتيلا بين أظهرهم ، قيل : اسمه عاميل واشتبه أمر قاتله عليهم ، ووقع بينهم خلاف ، فقالوا : نقتتل ورسول الله بين أظهرنا ، فأتوه وسألوه البيان - وذلك قبل نزول القسامة في التوراة ، فسألوا موسى أن يدعو الله فسأل موسى عليه السلام ربه فأمرهم بذبح بقرة ، فلما سمعوا ذلك من موسى وليس في ظاهره جواب عما سألوه عنه واحتكموا فيه عنده ، قالوا : أتتخذنا هزؤا والهزء : اللعب والسخرية ، وقد تقدم . وقرأ الجحدري " أيتخذنا " بالياء ، أي : قال ذلك بعضهم لبعض ، فأجابهم موسى عليه السلام بقوله : أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين لأن الخروج عن جواب السائل المسترشد إلى الهزء جهل ، فاستعاذ منه عليه السلام ، لأنها صفة تنتفي عن الأنبياء . والجهل نقيض العلم . فاستعاذ من الجهل ، كما جهلوا في قولهم : أتتخذنا هزؤا " لمن يخبرهم عن الله تعالى ، وظاهر هذا القول يدل على فساد اعتقاد من قاله . ولا يصح إيمان من قال لنبي قد ظهرت معجزته ، وقال : إن الله يأمرك بكذا : أتتخذنا هزؤا ، ولو قال ذلك اليوم أحد عن بعض أقوال النبي صلى الله عليه وسلم لوجب تكفيره . وذهب قوم إلى أن ذلك منهم على جهة غلظ الطبع والجفاء والمعصية ، على نحو ما قال القائل للنبي صلى الله عليه وسلم في قسمة غنائم حنين : إن هذه لقسمة ما [ ص: 417 ] أريد بها وجه الله . وكما قال له الآخر : اعدل يا محمد وفي هذا كله أدل دليل على قبح الجهل ، وأنه مفسد للدين .

قوله تعالى : " هزوا " مفعول ثان ، ويجوز تخفيف الهمزة تجعلها بين الواو والهمزة . وجعلها حفص واوا مفتوحة ؛ لأنها همزة مفتوحة قبلها ضمة فهي تجري على البدل ، كقوله : السفهاء ولكن . ويجوز حذف الضمة من الزاي كما تحذفها من عضد ، فتقول : هزؤا ، كما قرأ أهل الكوفة ، وكذلك " ولم يكن له كفؤا أحد " . وحكى الأخفش عن عيسى بن عمر أن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم ففيه لغتان : التخفيف والتثقيل ، نحو العسر واليسر والهزء . ومثله ما كان من الجمع على فعل ككتب وكتب ، ورسل ورسل ، وعون وعون . وأما قوله تعالى : وجعلوا له من عباده جزءا فليس مثل هزء وكفء ؛ لأنه على فعل ، من الأصل . على ما يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى .
مسألة : في الآية دليل على منع الاستهزاء بدين الله ودين المسلمين ومن يجب تعظيمه ، وأن ذلك جهل وصاحبه مستحق للوعيد . وليس المزاح من الاستهزاء بسبيل ، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح والأئمة بعده . قال ابن خويز منداد : وقد بلغنا أن رجلا تقدم إلى عبيد الله بن الحسن وهو قاضي الكوفة فمازحه عبيد الله فقال : جبتك هذه من صوف نعجة أو صوف كبش فقال له : لا تجهل أيها القاضي ، فقال له عبيد الله : وأين وجدت المزاح جهلا ؟ فتلا عليه هذه الآية ، فأعرض عنه عبيد الله ؛ لأنه رآه جاهلا لا يعرف المزح من الاستهزاء ، وليس أحدهما من الآخر بسبيل .
[ ص: 418 ] قوله تعالى : قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون

قوله تعالى : قالوا ادع لنا ربك هذا تعنيت منهم وقلة طواعية ، ولو امتثلوا الأمر وذبحوا أي بقرة كانت لحصل المقصود ، لكنهم شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم ، قاله ابن عباس وأبو العالية وغيرهما . ونحو ذلك روى الحسن البصري عن النبي صلى الله عليه وسلم . ولغة بني عامر " ادع " وقد تقدم ، و " يبين " مجزوم على جواب الأمر . ما هي ابتداء وخبر . وماهية الشيء : حقيقته وذاته التي هو عليها .

قوله تعالى : قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك في هذا دليل على جواز النسخ قبل وقت الفعل ؛ لأنه لما أمر ببقرة اقتضى أي بقرة كانت ، فلما زاد في الصفة نسخ الحكم الأول بغيره ، كما لو قال : في ثلاثين من الإبل بنت مخاض ، ثم نسخه بابنة لبون أو حقة . وكذلك هاهنا لما عين الصفة صار ذلك نسخا للحكم المتقدم . والفارض : المسنة . وقد فرضت تفرض فروضا ، أي : أسنت . ويقال للشيء القديم فارض ، قال الراجز :
شيب أصداغي فرأسي أبيض محامل فيها رجال فرض


يعني هرمى ، قال آخر :
لعمرك قد أعطيت جارك فارضا تساق إليه ما تقوم على رجل


أي : قديما ، وقال آخر :
يا رب ذي ضغن علي فارض له قروء كقروء الحائض


أي : قديم . و " لا فارض " رفع على الصفة لبقرة . و " لا بكر " عطف . وقيل : لا فارض خبر مبتدأ مضمر ، أي : لا هي فارض وكذا لا ذلول ، وكذلك لا تسقي الحرث ، وكذلك مسلمة ، فاعلمه . وقيل : الفارض التي قد ولدت بطونا كثيرة فيتسع جوفها لذلك ؛ لأن معنى الفارض في اللغة الواسع ، قال بعض المتأخرين . والبكر : الصغيرة التي لم تحمل . وحكى القتبي أنها التي ولدت . والبكر : الأول من الأولاد ، قال :
يا بكر بكرين ويا خلب الكبد أصبحت مني كذراع من عضد


والبكر أيضا في إناث البهائم وبني آدم : ما لم يفتحله الفحل ، وهي مكسورة الباء . [ ص: 419 ] وبفتحها الفتي من الإبل . والعوان : النصف التي قد ولدت بطنا أو بطنين ، وهي أقوى ما تكون من البقر وأحسنه ، بخلاف الخيل ، قال الشاعر يصف فرسا :
كميت بهيم اللون ليس بفارض ولا بعوان ذات لون مخصف


فرس أخصف : إذا ارتفع البلق من بطنه إلى جنبه . وقال مجاهد : العوان من البقرة هي التي قد ولدت مرة بعد مرة . وحكاه أهل اللغة . ويقال : إن العوان النخلة الطويلة ، وهي فيما زعموا لغة يمانية . وحرب عوان : إذا كان قبلها حرب بكر ، قال زهير :
إذا لقحت حرب عوان مضرة ضروس تهر الناس أنيابها عصل


أي : لا هي صغيرة ولا هي مسنة ، أي : هي عوان ، وجمعها " عون " بضم العين وسكون الواو ، وسمع " عون " بضم الواو كرسل . وقد تقدم . وحكى الفراء من العوان عونت تعوينا .

قوله تعالى : فافعلوا ما تؤمرون تجديد للأمر وتأكيد وتنبيه على ترك التعنت فما تركوه ، وهذا يدل على أن مقتضى الأمر الوجوب كما تقوله الفقهاء ، وهو الصحيح على ما هو مذكور في أصول الفقه ، وعلى أن الأمر على الفور ، وهو مذهب أكثر الفقهاء أيضا ويدل على صحة ذلك أنه تعالى استقصرهم حين لم يبادروا إلى فعل ما أمروا به فقال : فذبحوها وما كادوا يفعلون . وقيل : لا ، بل على التراخي ؛ لأنه لم يعنفهم على التأخير والمراجعة في الخطاب . قاله ابن خويز منداد .
قوله تعالى : قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين

قوله تعالى : قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها " ما " استفهام مبتدأة ، و " لونها " الخبر . ويجوز نصب " لونها ب " يبين " ، وتكون ما زائدة . واللون واحد الألوان وهو هيئة كالسواد والبياض والحمرة . واللون : النوع . وفلان متلون : إذا كان لا يثبت على خلاق واحد وحال واحد ، قال :
كل يوم تتلون غير هذا بك أجمل


ولون البسر تلوينا : إذا بدا فيه أثر النضج . واللون : الدقل ، وهو ضرب من النخل . قال الأخفش هو جماعة ، واحدها لينة .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 35.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 34.50 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.79%)]