عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 26-03-2022, 02:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,269
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب الجنائز)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (162)

صـــــ(1) إلى صــ(11)

[أولى الناس بتغسيل الميت]
يقول المصنف رحمه الله: [وأولى الناس بتغسيله وصيه].
يبين رحمه الله بهذه العبارة أن أحق الناس بتغسيل الميت وصي الميت، وهذه الوصية مشروعة؛ وذلك لأنه ربما كان ذلك الشخص الموصى إليه معروفا بالعلم والاستقامة والسنة، والحرص على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء بالخير؛ فيكون أفضل من غيره وأولى وأحرى، وخاصة في الأماكن التي يكثر فيها الجهل أو توجد فيها البدع والأهواء، ويكون هناك من عرف بالاستقامة والحرص على سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فتكون الوصية لمثله آكد وأولى وأحرى.
وقد جاء عن أبي بكر رضي الله عنه أنه وصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس رضي الله عنها وأرضاها، وهذا يدل على مشروعية الوصية، وكذلك جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه وصى أن يغسله محمد بن سيرين، وكان مرهونا في دين، فأخرج من سجنه لتغسيل أنس رضي الله عنه؛ لأنه وصى له بذلك.فالوصي مقدم على غيره؛ لأن الميت اختاره من دون الناس، خاصة إذا وجد المبرر -كما قلنا- من علم واستقامة وحرص على الخير.
وقوله: [ثم أبوه].يلي الوصي الأب، فالأب أحق بتغسيل ابنه؛ وذلك لمكان عظيم الشفقة والقيام بحقه على أتم الوجوه.
وهذا إنما يكون إذا تنازع القرابة فقال الأخ:
أنا أريد تغسيله،
وقال الابن:
أنا أريد تغسيله، واختصم الأقرباء، فحينئذ يحتاج الفقهاء إلى وضع ترتيب للأقارب بحيث يبين من الذي يقدم من الأقارب، فقال رحمه الله: [ثم أبوه] أي: الأب هو أول من يقدم من قرابة الميت، والأمر واضح؛ فإن أحق الناس هم الوالدان، ولكن الأم يتعذر غسلها لابنها، فبقي الحق للأب على الأصل في تغسيل الرجل للرجل.
وقوله:
[ثم جده].الضمير عائد إلى الميت، أي: جد الميت: وهو أبو الأب، فالمراد جهة الأبوة،
إذا قلت:
يقدم الأب ستنظر إلى هذه الجهة، وتبدأ بالأب المباشر، ثم أبوه وإن علا، فيقدم الأب على الجد، والجد الأقرب على الجد الأبعد، فأبو الأب مقدم على جد الأب؛ وهذا لأن الجهة يقدم بها،
فإذا تساووا في الجهة نظر إلى القرب:
فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا لو اختصم أب وجد في تغسيل الابن فإنه يقدم الأب المباشر على الجد، وهكذا لو اختصم الجد وجد الجد، قدم الجد الأقرب على الجد الأبعد.
وقوله: [ثم الأقرب فالأقرب من عصباته]: الآباء ثم الأبناء ثم الإخوان، فإذا لم يوجد له أب ولا ابن -الذي هو الفرع- ينتقل إلى جهة الإخوة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (عم الرجل صنو أبيه) والعم أخ للأب، فجعل الأخ مع أخيه كالشيء الذي خرج من أصل واحد، فبعد الأب يقدم الابن، ثم إذا لم يكن للميت ابن يقدم الإخوة الأشقاء، ثم الإخوة لأب، ثم أبناء الإخوة الأشقاء، ثم أبناء الإخوة لأب، ثم الأعمام الأشقاء، ثم الأعمام لأب، ثم أبناء الأعمام الأشقاء، ثم أبناء الأعمام لأب،
ثم بعد ذلك أقرب العصبات:
فيقدم ابن ابن العم على ابن ابن ابن العم، على حسب الترتيب الذي سبق الإشارة إليه.
وقوله: [ثم ذوو أرحامه]: أي: فيقدمون على حسب منازلهم، كابن بنت الابن مع ابن بنت بنت الابن؛ فإنه يقدم الأقرب على الأبعد، وذوو الأرحام في الفرائض هم الذين ليس لهم فرض ولا تعصيب، كابن الخالة، فإنه ليس له فرض ولا تعصيب، ولهم ميراث خاص سيأتي -إن شاء الله- الكلام عليه في باب الفرائض.
وقوله:
[وأنثى وصيتها].بعد أن بين الرجال فقال: نقدم الآباء ثم آباءهم وإن علوا، ثم الأبناء وأبناءهم وإن نزلوا، ثم الإخوة، ثم أبناء الإخوة، ثم الأعمام، ثم أبناء الأعمام على الترتيب الذي ذكرناه؛ شرع في الإناث،
فقال:
الحكم في المرأة كالحكم في الرجل سواء بسواء، فقال: [وصيتها] فلو أوصت امرأة أن التي تلي تغسيلها هي فلانة، ولو كانت أجنبية فإنها تقدم على قريباتها.وقوله: [ثم القربى فالقربى من نسائها]: أي: على نفس الترتيب، فتقدم الأم أولا، فإذا وجدت الأم فهي أحق من يلي تغسيل ابنتها، ثم أمها وهي الجدة -أم الأم- وتقدم القربى على البعدى، فأم الأم مقدمة على أم أم الأم، وبعد جهة الأمومة ينتقل إلى البنوة، فالبنت إذا لم توجد أمها، أو كانت الأم لا تستطيع أن تلي التغسيل فننتقل إلى البنات، فبنتها أحق بتغسيلها، ثم بنت بنتها وإن نزلت، ثم بعد ذلك أختها الشقيقة، ثم أختها لأم، وقال بعض العلماء: أختها لأب.
وإن كان من جهة الأم قالوا: نقدم الأم، على خلاف الذكور، فإنا نقدم من جهة العصبة والرجل والذكر.
ثم بعد ذلك بنات الأخوات الشقيقات، ثم بنات الأخوات لأم، ثم ينتقل بعد ذلك إلى العمات؛ ثم بنات العمات على حسب الترتيب الذي عكسه في الرجال.


مسائل في غسل الميت
[جواز تغسيل كل من الزوجين لصاحبه]
قال المصنف:
[ولكل واحد من الزوجين غسل صاحبه] أي: من حقه أن يلي تغسيل صاحبه،
حتى قال بعض العلماء:
الزوج يقدم على جميع الأقرباء، والزوجة تقدم على جميع الأقرباء.أما كون المرأة تلي تغسيل الرجل فهذا يكاد يكون كالقول الواحد عند العلماء رحمة الله عليهم.
وأما هل الرجل يغسل المرأة؟ فللعلماء قولان: الجمهور يرون أن للرجل أن يلي تغسيل امرأته، ولا حرج عليه في ذلك، وعصمة الزوجية باق حكمها، ولا تنفسخ بالموت.الحنفية رحمة الله عليهم لا يرون أن للرجل أن يغسل زوجته، ويرون أنه بمجرد أن تموت يحل له نكاح أختها، وكذلك أيضا يحل له نكاح بديل عنها إذا كانت هي الرابعة،
قالوا:
فحينئذ لا يلي تغسيلها؛ كأن العصمة شبه زائلة بالموت.
والصحيح:
ما ذهب إليه الجمهور؛
فإن حديث ابن ماجة عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لـ عائشة:
(لو أنك مت فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ثم دفنتك) وهذا حديث حسنه غير واحد من أهل العلم رحمة الله عليهم، وهو يدل على أن للرجل أن يلي تغسيل امرأته.
كذلك أيضا فعل السلف الذي صار كالإجماع بين الصحابة؛ وذلك أن عليا رضي الله عنه تولى تغسيل زوجته فاطمة رضي الله عنها، ولم ينكر أحد من الصحابة رضوان الله عليهم ذلك، فصار كالإجماع السكوتي،
ومن هنا قالوا:
إن تغسيل الرجل لزوجته يعتبر مشروعا، وهذا هو الصحيح.
وقوله: [وكذا سيد مع سريته]: أي: وكذا السيد مع سراريه، فالنساء اللواتي يتسرى بهن -وهن الإماء- من حقه أن يلي تغسيلهن؛ فإنه لا يزول ذلك بالموت، كما أن من حقه أن يلي تغسيل زوجته، وكذلك للأمة غسل سيدها.


[جواز تغسيل الرجل والمرأة لمن دون سبع سنين]
وقوله:
[ولرجل وامرأة غسل من له دون سبع سنين فقط].بعد أن بين لنا رحمه الله مراتب القرابة بالنسبة لتغسيل الميت، وحكم الزوجين، وحكم الإماء، شرع رحمه الله في مسألة ثانية تتصل بولاية تغسيل الميت.فالصبي الذي دون سبع سنين، إن وليته أمه أو وليه أبوه فلا حرج، وكذا لا حرج أن يلي تغسيله الرجال أو يلي تغسيله الإناث ولو أجانب، هذا بالنسبة للمولود دون سبع سنين.وابتدأ بالأقل والأخف الذي لا خلاف فيه وأمره يسير -وهو الصغير- لكي يتدرج منه إلى من هو أكبر؛ وذلك لأن تغسيل الأموات يختلف بعد السبع السنين بالنسبة للرجال والنساء،
فالأصل:
أن الذي يلي تغسيل الرجال هم الرجال، والذي يلي تغسيل النساء هم النساء، ما عدا مسألة الزوجين والسراري والإماء؛ وعلى هذا شرع رحمه الله في بيان مسائل تتعلق بهذا المبحث،
فقال:
إن من كان دون السبع السنين -وهو الصبي، وكذلك الصبية- فإن أمرهما خفيف، ولا حرج حينئذ أن يلي تغسيله الرجال أو يلي تغسيله الإناث.


[حكم تغسيل رجل مات بين نسوة والعكس]
وقوله: [وإن مات رجل بين نسوة أو عكسه يممت].
أي:
وإن مات رجل بين نسوة وليس فيهن زوجة ولا أمه، أو ماتت امرأة بين رجال وليس فيهم زوج ولا سيد، فحينئذ تيمم المرأة وييمم الرجل، قالوا: ولا يلي الرجال تغسيل النساء إلا ما ذكرنا من الرجل مع زوجته وأمته، وأما ما عدا ذلك فإنه لا يغسل الرجل المرأة ولا تغسل المرأة الرجل، وإنما يلي الجنس الجنس، وذلك لعدم أمن الفتنة غالبا، لأن الرجل مفتون بالمرأة، والمرأة مفتونة بالرجل، وحينئذ يصار إلى الاحتياط، فلا يلي الرجال النساء ولا تلي النساء الرجال، وإنما ييمم الرجل إذا مات بين النساء، وتيمم المرأة إذا ماتت بين الرجال.
والتيمم: أن يضرب الحي بكفيه الأرض ثم يمسح بهما وجه الميت وكفيه، فإن وجد محرم فهو الذي يلي ذلك؛ لأنه سيحتاج إلى المس،
وأما إذا لم يكن من أقاربها فقال بعض العلماء:
إنه يرخص في هذا اللمس لوجود الحاجة والضرورة، ومسح الكفين والوجه أخف من غسله لها ومرور يده على بقية أجزاء جسمها، ولو ولي الرجل المرأة لخلا بها، والأصل يقتضي حظر خلوة الرجل بالمرأة وخلوة المرأة بالرجل؛
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:
(ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) وهذا يدل على أنه لا يلي الرجل تغسيل المرأة، والمرأة لا تلي تغسيل الرجل.


[حكم تغسيل الخنثى]
قال المؤلف: [كخنثى مشكل].
الخنثى:
هو الذي يكون له ما يدل على أنوثته ويدل على رجولته،
وهو ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: خنثى مميز، أي: تميز حاله بأن ظهرت فيه أمارة الفحولة والرجولة، فهو رجل وملحق بالرجال، أو ظهرت به أمارات الأنوثة والنساء فهو امرأة، وحينئذ لا إشكال.
القسم الثاني:
خنثى مشكل، ليس فيه أمارات تدل على فحولته ولا أمارات تغلب أنوثته، ولذلك لم يقتصروا على وصفه بكونه خنثى، وإنما أضافوا إليه وصف الإشكال، فأشكل أمره،
أي:
التبس، والشيء المشكل هو الذي أصبحت أشكاله كالشيء الواحد، فشكله امرأة وشكله رجل، -أي أن فيه شبها من الرجال وشبها من النساء، فهذا لا نستطيع أن نقول: يليه النساء؛ لخوفنا أن يكون ذكرا،
ولا نستطيع أن نقول:
يليه الرجال؛ لخوفنا أن يكون أنثى، فهذا الخنثى ييمم.


[حرمة تغسيل المسلم للكافر أو دفنه]
وقوله:
[ويحرم أن يغسل مسلم كافرا أو يدفنه، بل يوارى لعدم].
بعد أن بين لنا رحمه الله أن الطفل الصغير يليه الرجال والنساء على حد سواء، ثم الرجل بين النساء والمرأة بين الرجال ييممان، ثم الخنثى ييمم؛ لأنه نظير ملحق بما تقدم، والعلة بينه وبين من فقدت منه ما ذكرنا من الرجال والنساء واحدة، شرع رحمه الله بذكر الحكم بالنسبة للكافر.فلا يجوز للمسلم أن يغسل الكافر، فالكافر لا يغسل ولا يكفن وإنما يوارى جسده، وهذا فيه حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام لما جاءه علي بن أبي طالب وذكر له أن عمه أبا طالب قد توفي،
قال:
(اذهب فواره) وهذا الحديث متكلم في سنده، لكن أقوى منه ما فعله عليه الصلاة والسلام بقتلى بدر حيث أمر بهم في القليب، ولم يأمر بتغسيلهم ولا بتكفينهم، وحينئذ انعقد الإجماع على أن الكافر لا يغسل ولا يقام عليه كما يقام على المسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.09 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.35%)]