
26-03-2022, 08:07 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,296
الدولة :
|
|
رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله

تفسير "محاسن التأويل"
محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 436 الى صـ 440
الحلقة (86)
ثم قال ابن القيم رحمه الله: والدعاء من أنفع الأدوية. وهو عدو البلاء، يدافعه، ويعالجه، ويمنع نزوله، ويرفعه، أو يخففه إذا نزل، وهو سلاح المؤمن. كما روى الحاكم في " [ ص: 436 ] صحيحه " من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين، ونور السماوات والأرض» ، وله مع البلاء ثلاث مقامات: أحدها: أن يكون أقوى من البلاء فيدفعه. الثاني: أن يكون أضعف من البلاء فيقوى عليه البلاء فيصاب به العبد، ولكن قد يخففه وإن كان ضعيفا. الثالث: أن يتقاوما ويمنع كل واحد منهما صاحبه....
وقد روى الحاكم في " صحيحه " من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة» !. وفيه أيضا، من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل. فعليكم عباد الله، بالدعاء » !.
وفيه أيضا: من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم: « لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.. » !.
ثم قال ابن القيم رضي الله عنه: ومن أنفع الأدوية الإلحاح في الدعاء. وقد روى ابن ماجه في " سننه " من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من لم يسأل الله يغضب عليه » ! وفي " صحيح الحاكم " من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد » . وذكر الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله يحب الملحين في الدعاء » ؟ وفي كتاب " الزهد " للإمام أحمد عن قتادة قال: قال مورق: ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجل في البحر على خشبة، فهو يدعو: يا رب! لعل الله عز وجل أن ينجيه..!.
[ ص: 437 ] ثم قال ابن القيم نور الله ضريحه: ومن الآفات التي تمنع ترتب أثر الدعاء عليه، أن يستعجل العبد ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويدع الدعاء. وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا، فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله..!. وفي البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي» !. وفي صحيح مسلم عنه: « لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل» ! قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: « يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر الله يستجيب لي، فيستحسر عند ذاك ويدع الدعاء » . وفي مسند أحمد من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل» . قالوا: يا رسول الله! كيف يستعجل؟ قال: « يقول: قد دعوت لربي فلم يستجب لي » .
ثم قال:
فصل
وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب، وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان، وبين الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبات، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم، وصادف خشوعا في القلب، وانكسارا بين يدي [ ص: 438 ] الرب، وذلا وتضرعا ورقة، واستقبل الداعي القبلة، وكان على طهارة، ورفع يديه إلى الله تعالى، وبدأ بحمد الله والثناء عليه، ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده صلى الله عليه وسلم، ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار، ثم دخل على الله وألح عليه في المسالة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة، وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده، وقدم بين يدي دعائه صدقة ; فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا. ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة، أو أنها متضمنة للاسم الأعظم. فمنها ما في السنن، وفي صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد..!. فقال: « لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب » !. وفي لفظ: « لقد سألت الله باسمه الأعظم» . وفي السنن و " صحيح ابن حبان " أيضا من حديث أنس بن مالك أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلي، ثم دعا: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى» . وأخرج الحديثين أحمد في " مسنده " وفي " جامع الترمذي " من حديث أسماء بنت يزيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « اسم [ ص: 439 ] الله الأعظم في هاتين الآيتين: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم وفاتحة آل عمران: الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم » . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي " مسند أحمد " و " صحيح الحاكم " من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام» . يعني: تعلقوا بها والزموها وداوموا عليها. وفي " جامع الترمذي " من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء فقال: « سبحان الله العظيم » وإذا اجتهد في الدعاء قال: « يا حي يا قيوم.. » ! وفيه أيضا من حديث أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كربه أمر قال: « يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث» .
وفي صحيح الحاكم من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن: البقرة وآل عمران وطه » .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|