عرض مشاركة واحدة
  #98  
قديم 13-04-2022, 12:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,395
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(84)
الحلقة (98)
صــ 71إلى صــ75
933 - حدثني به يونس بن عبد الأعلى قال ، أخبرنا ابن وهب . قال : [ ص: 71 ] سألته - يعني ابن زيد - عن قول الله عز وجل : ( وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان ) فقال : أما " الفرقان " الذي قال الله جل وعز : ( يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ) [ الأنفال : 41 ] ، فذلك يوم بدر ، يوم فرق الله بين الحق والباطل ، والقضاء الذي فرق به بين الحق والباطل . قال : فكذلك أعطى الله موسى الفرقان ، فرق الله بينهم ، وسلمه وأنجاه ، فرق بينهم بالنصر . فكما جعل الله ذلك بين محمد صلى الله عليه وسلم والمشركين ، فكذلك جعله بين موسى وفرعون .

قال أبو جعفر : وأولى هذين التأويلين بتأويل الآية ، ما روي عن ابن عباس وأبي العالية ومجاهد : من أن الفرقان الذي ذكر الله أنه آتاه موسى في هذا الموضع ، هو الكتاب الذي فرق به بين الحق والباطل ، وهو نعت للتوراة وصفة لها . فيكون تأويل الآية حينئذ : وإذ آتينا موسى التوراة التي كتبناها له في الألواح وفرقنا بها بين الحق والباطل .

فيكون " الكتاب " نعتا للتوراة أقيم مقامها ، استغناء به عن ذكر التوراة ، ثم عطف عليه ب " الفرقان " ، إذ كان من نعتها .

وقد بينا معنى " الكتاب " فيما مضى من كتابنا هذا ، وأنه بمعنى المكتوب .

وإنما قلنا هذا التأويل أولى بالآية ، وإن كان محتملا غيره من التأويل ، لأن الذي قبله من ذكر " الكتاب " ، وأن معنى " الفرقان " الفصل - وقد دللنا على ذلك فيما مضى من كتابنا هذا - ، فإلحاقه إذ كان كذلك ، بصفة ما وليه أولى من إلحاقه بصفة ما بعد منه . [ ص: 72 ] وأما تأويل قوله : ( لعلكم تهتدون ) ، فنظير تأويل قوله : ( لعلكم تشكرون ) ، ومعناه لتهتدوا .

وكأنه قال : واذكروا أيضا إذ آتينا موسى التوراة التي تفرق بين الحق والباطل لتهتدوا بها ، وتتبعوا الحق الذي فيها ، لأني جعلتها كذلك هدى لمن اهتدى بها واتبع ما فيها .
القول في تأويل قوله تعالى ذكره ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ( 54 ) )

وتأويل ذلك : اذكروا أيضا إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل : يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم . وظلمهم إياها كان فعلهم بها ما لم يكن لهم أن يفعلوه بها ، مما أوجب لهم العقوبة من الله تعالى . وكذلك كل فاعل فعلا يستوجب به العقوبة من الله تعالى فهو ظالم لنفسه بإيجابه العقوبة لها من الله تعالى . وكان الفعل الذي فعلوه فظلموا به أنفسهم ، هو ما أخبر الله عنهم : من ارتدادهم باتخاذهم العجل ربا بعد فراق موسى إياهم .

ثم أمرهم موسى بالمراجعة من ذنبهم ، والإنابة إلى الله من ردتهم ، بالتوبة إليه ، والتسليم لطاعته فيما أمرهم به . وأخبرهم أن توبتهم من الذنب الذي ركبوه قتلهم أنفسهم .

وقد دللنا فيما مضى على أن معنى " التوبة " : الأوبة مما يكرهه الله إلى ما يرضاه [ ص: 73 ] من طاعته .

فاستجاب القوم لما أمرهم به موسى من التوبة مما ركبوا من ذنوبهم إلى ربهم ، على ما أمرهم به ، كما : -

934 - حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة بن الحجاج ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الرحمن أنه قال في هذه الآية : ( فاقتلوا أنفسكم ) قال : عمدوا إلى الخناجر ، فجعل يطعن بعضهم بعضا .

935 - حدثني عباس بن محمد قال ، حدثنا حجاج بن محمد ، قال ابن جريج ، أخبرني القاسم بن أبي بزة أنه سمع سعيد بن جبير ومجاهدا قالا قام بعضهم إلى بعض بالخناجر يقتل بعضهم بعضا لا يحن رجل على رجل قريب ولا بعيد ، حتى ألوى موسى بثوبه ، فطرحوا ما بأيديهم ، فتكشف عن سبعين ألف قتيل . وإن الله أوحى إلى موسى : أن حسبي فقد اكتفيت ! فذلك حين ألوى بثوبه .

936 - حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال ، حدثنا إبراهيم بن بشار قال ، حدثنا سفيان بن عيينة قال ، قال أبو سعيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال موسى لقومه : ( توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ) . قال : أمر موسى قومه عن أمر ربه عز وجل - أن يقتلوا أنفسهم ، قال : فاحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا ، [ ص: 74 ] وقام الذين لم يعكفوا على العجل ، وأخذوا الخناجر بأيديهم ، وأصابتهم ظلمة شديدة ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ، فانجلت الظلمة عنهم وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل ، كل من قتل منهم كانت له توبة ، وكل من بقي كانت له توبة .

937 - وحدثني موسى بن هارون قال ، حدثنا عمرو بن حماد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال : لما رجع موسى إلى قومه قال : ( يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ) إلى قوله : ( فكذلك ألقى السامري ) [ طه : 86 - 87 ] . فألقى موسى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه ( قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي ) [ طه : 94 ] . فترك هارون ومال إلى السامري ، ف ( قال فما خطبك يا سامري ) إلى قوله : ( ثم لننسفنه في اليم نسفا ) [ طه : 95 - 97 ] ثم أخذه فذبحه ، ثم حرقه بالمبرد ، ثم ذراه في اليم ، فلم يبق بحر يجري يومئذ إلا وقع فيه شيء منه . ثم قال لهم موسى : اشربوا منه . فشربوا ، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب . فذلك حين يقول : ( وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم ) [ البقرة : 93 ] . فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى ، ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا : " لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين " . فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل ، إلا بالحال التي كرهوا أن يقاتلهم حين عبدوا العجل ، فقال لهم موسى : ( يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ) . قال : فصفوا صفين ، ثم اجتلدوا بالسيوف . فاجتلد الذين عبدوه [ ص: 75 ] والذين لم يعبدوه بالسيوف ، فكان من قتل من الفريقين شهيدا ، حتى كثر القتل ، حتى كادوا أن يهلكوا حتى قتل بينهم سبعون ألفا ، وحتى دعا موسى وهارون ربنا هلكت بنو إسرائيل ! ربنا البقية البقية ! ! فأمرهم أن يضعوا السلاح ، وتاب عليهم . فكان من قتل شهيدا ، ومن بقي كان مكفرا عنه . فذلك قوله : ( فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم ) .

938 - حدثني محمد بن عمرو الباهلي قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله تعالى : ( باتخاذكم العجل ) ، قال : كان موسى أمر قومه - عن أمر ربه - أن يقتل بعضهم بعضا بالخناجر ، فجعل الرجل يقتل أباه ويقتل ولده ، فتاب الله عليهم .

939 - وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " باتخاذكم العجل " ، قال : كان أمر موسى قومه - عن أمر ربه - أن يقتل بعضهم بعضا ، ولا يقتل الرجل أباه ولا أخاه . فبلغ ذلك في ساعة من نهار سبعين ألفا .

940 - وحدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم ) الآية ، قال : فصاروا صفين ، فجعل يقتل بعضهم بعضا ، فبلغ القتلى ما شاء الله ، ثم قيل لهم : قد تيب على القاتل والمقتول .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.14 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.52 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]