عرض مشاركة واحدة
  #124  
قديم 28-04-2022, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,320
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله



تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 629 الى صـ 634
الحلقة (124)





وقد روى مالك عن نافع: أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف، وصفها ثم قال: فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.

قال نافع: لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه الشيخان.

ولمسلم أيضا عن ابن عمر قال: فإن كان خوف أشد من ذلك فصل راكبا أو قائما تومئ إيماء.

وأخرج الإمام أحمد وأبو داود، بإسناد جيد، عن عبد الله بن أنيس الجهني قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن سفيان الهذلي - وكان نحو عرنة وعرفات - فقال: « اذهب فاقتله» . قال: فرأيته - وحضرت صلاة العصر - فقلت: إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما إن أؤخر الصلاة، فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه، فلما دنوت منه قال لي: من أنت؟ قلت: رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل، فجئتك في ذلك، قال: [ ص: 630 ] إني لفي ذلك، فمشيت معه ساعة، حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد. وهذا نص أبي داود.

وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والنسائي وأبو يعلى والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فشغلنا عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كفينا ذلك. وذلك قوله: وكفى الله المؤمنين القتال فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام لكل صلاة إقامة، وذلك قبل أن ينزل عليه: فإن خفتم فرجالا أو ركبانا

تنبيه:

هذه الآية قد أطلقت الخوف، فيدخل فيه أي مخافة من عدو أو سبع أو جمل صائل، وهذا قول الأكثر. وشذ قول الوافي وبعض الظاهرية: إن الخوف مختص بأن يكون من آدمي. وقد أفادت هذه الآية أن فعلها بالإيماء هو فرضهم، فلا قضاء عليهم بعد الأمن. قال في (التهذيب) خلاف ما يقوله بعضهم، ولكن هذا إذا أتوا بما يسمى صلاة، فإن لم يمكنهم شيء من الأفعال، وإنما أتوا بالذكر فقط. فقال الناصر زيد وابن أبي الفوارس وأبو جعفر: هذا لا يسمى صلاة فيجب القضاء. وقال الراضي بالله والأمير الحسين: هو بعض الصلاة، فلا قضاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . وإذا ثبت الترخيص [ ص: 631 ] في هذه الصلاة - بترك كمال الفروض - رخص فيها بفعل ما تحتاج إليه، وبلباس ما فيه نجس إذا احتيج إليه - كذا في تفسير بعض علماء الزيدية.

فإذا أمنتم أي: زال خوفكم: فاذكروا الله أي: فصلوا صلاة الأمن. عبر عنها بالذكر ؛ لأنه معظم أركانها. وقوله: كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون أي: مثل ما علمكم من صلاة الأمن، أو لأجل إنعامه عليكم، فالكاف للتعليل. وهذه الآية كقوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا والفائدة في ذكر المفعول فيه، وإن كان الإنسان لا يعلم إلا ما لم يعلم: التصريح بذكر حالة الجهل التي انتقلوا عنها، فإنه أوضح في الامتنان.
القول في تأويل قوله تعالى:

[240] والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم

والذين يتوفون منكم أي: يقبضون من رجالكم: ويذرون أي: يتركون: أزواجا بعد الموت: وصية لأزواجهم خبر (الذين) أي: يوصون، أو ليوصوا، [ ص: 632 ] أو كتب الله عليهم وصية. وفي قراءة بالرفع، أي: عليهم وصية لأزواجهم في أموالهم: متاعا إلى الحول بدل من وصية، على قراءة من نصبها. وعلى قراءة الرفع فمنصوب بـ وصية أو بفعله: غير إخراج حال من أزواجهم، أي: غير مخرجات. والمعنى: يجب على الذي يتوفون أن يوصوا قبل الاحتضار لأزواجهم بأن يمتعن بعدهم حولا بالنفقة والسكنى من غير أن يخرجن من مسكن زوجهن: فإن خرجن عن منزل الأزواج من قبل أنفسهن: فلا جناح عليكم على أولياء الميت: في ما فعلن في أنفسهن من معروف لا ينكره الشرع - كالتزين والتطيب وترك الحداد والتعرض للخطاب - وفيه دلالة على أن المحظور إخراجها عند إرادتها القرار، وملازمة مسكن الزوج، والحداد من غير أن يجب عليها ذلك، وأنها مخيرة بين الملازمة مع أخذ النفقة، وبين الخروج مع تركها: والله عزيز حكيم ثم ليعلم أن اختيار جمهور المفسرين أن هذه الآية منسوخة بالتي قبلها وهو قوله تعالى: يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا قالوا: كان الحكم في ابتداء الإسلام أنه إذا مات الرجل اعتدت زوجته حولا، وكان يحرم على الوارث إخراجها من البيت قبل تمام الحول، وكانت نفقتها وسكناها واجبتين في مال زوجها تلك السنة، وليس لها من الميراث شيء، ولكنها تكون مخيرة. فإن شاءت اعتدت في بيت زوجها ولها النفقة والسكنى، وإن شاءت خرجت قبل تمام الحول وليس لها نفقة ولا سكنى ؛ وكان يجب على الرجل أن يوصي بذلك. فدلت هذه الآية على مجموع أمرين، أحدهما: أن لها النفقة والسكنى من مال زوجها سنة. والثاني: أن عليها عدة سنة، ثم نسخ هذان الحكمان.

[ ص: 633 ] أما الوصية بالنفقة والسكنى فنسخت بآية الميراث، فجعل لها الربع أو الثمن عوضا عن النفقة والسكنى، ونسخ عدة الحول بأربعة أشهر وعشر.

وقد روى البخاري عن ابن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا قد نسختها الآية الأخرى، فلم تكتبها أو تدعها..؟ قال: يا ابن أخي! لا أغير شيئا منه من مكانه.

وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: نسخت بآية الميراث بما فرض الله لهن من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا.

هذا، وقد ذهب مجاهد إلى أن هذه الآية محكمة كالأولى. أخرجه عنه البخاري. قال مجاهد: دلت الآية الأولى وهي: يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا على أن هذه عدتها المفروضة تعتدها عند أهل زوجها، ودلت هذه الآية، بزيادة سبعة أشهر وعشرين ليلة على العدة السابقة تمام الحول، أن ذلك من باب الوصية بالزوجات أن يمكن من السكنى في بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولا كاملا، ولا يمنعن من ذلك، لقوله: غير إخراج فإذا انقضت عدتهن بالأربعة أشهر والعشر - أو بوضع الحمل - واخترن الخروج والانتقال من ذلك المنزل، فإنهن لا يمنعن من ذلك لقوله: فإن خرجن إلخ. قال الإمام ابن كثير: وهذا القول له اتجاه، وفي اللفظ مساعدة له. وقد اختاره جماعة منهم الإمام أبو العباس ابن تيمية.

ومنهم أبو مسلم الأصفهاني قال: معنى الآية: من يتوفى منكم ويذرون أزواجا، [ ص: 634 ] وقد وصوا وصية لأزواجهم بنفقة الحول وسكنى الحول، فإن خرجن قبل ذلك وخالفن وصية الزوج بعد أن يقمن المدة التي ضربها الله تعالى لهن فلا حرج: في ما فعلن في أنفسهن من معروف أي: نكاح صحيح، لأن إقامتهن بهذه الوصية غير لازمة. قال: والسبب أنهم كانوا في زمان الجاهلية يوصون بالنفقة والسكنى حولا كاملا، وكان يجب على المرأة الاعتداد بالحول، فبين الله تعالى في هذه الآية أن ذلك غير واجب، واحتج على قوله بوجوه ساقها الفخر الرازي عنه - إلى أن قال: فكان المصير إلى قول مجاهد أولى من التزام النسخ من غير دليل، ثم قال: وإذا عرفت هذا فنقول: هذه الآية من أولها إلى آخرها تكون جملة واحدة شرطية، فالشرط هو قوله: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فهذا كله شرط، والجزاء هو قوله فإن خرجن فلا جناح عليكم إلخ، هذا تقرير قول أبي مسلم.

قال الرازي: وهو في غاية الصحة، والله أعلم.
القول في تأويل قوله تعالى:

[241] وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين .

وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين أي: للمطلقات متعة من جهة الزوج بقدر الإمكان، جبرا لوحشة الفراق، وأما المهر فهو حق البضع.

قال ابن كثير: وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء كانت مفوضة، أو مفروضا لها، أو مطلقة قبل المسيس، أو مدخولا بها.

وإليه ذهب سعيد بن جبير وغيره من السلف، واختاره ابن جرير.

وقد أخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال: لكل مؤمنة طلقت، حرة أو أمة، متعة. وقرأ الآية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.54 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]