عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 28-04-2022, 06:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,400
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله



تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سورة البقرة
المجلد الثالث
صـ 653 الى صـ 658
الحلقة (128)





* 37 * وقال داود: الرب الذي أنقذني من يد الأسد ومن يد الدب [ ص: 653 ] هو ينقذني من يد هذا الفلسطيني. فقال شاول لداود: اذهب وليكن الرب معك.

* 38 * وألبس شاول داود ثيابه، وجعل خوذة من نحاس على رأسه وألبسه درعا.

* 39 * فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه، وعزم أن يمشي لأنه لم يكن قد جرب. فقال داود لشاول: لا أقدر أن أمشي بهذه لأني لم أجربها. ونزعها داود عنه.

* 40 * وأخذ عصاه بيده، وانتخب له خمسة حجارة ملس من الوادي وجعلها في كنف الرعاة الذي له أي: في الجراب ومقلاعه بيده وتقدم نحو الفلسطيني.

* 41 * وذهب الفلسطيني ذاهبا واقترب إلى داود والرجل حامل الترس أمامه.

* 42 * ولما نظر الفلسطيني ورأى داود استحقره لأنه كان غلاما وأشقر جميل المنظر.

* 43 * فقال الفلسطيني لداود: ألعلي أنا كلب حتى أنك تأتي إلي بعصي؟ ولعن الفلسطيني داود بآلهته.

* 44 * وقال الفلسطيني لداود تعال إلي فأعطي لحمك لطيور السماء ووحوش البرية.

* 45 * فقال داود للفلسطيني: أنت تأتي إلي بسيف وبرمح وبترس. وأنا آتي إليك باسم رب الجنود إله صفوف إسرائيل الذي عيرتهم.

* 46 * هذا اليوم يحبسك الرب في يدي، فأقتلك وأقطع رأسك، وأعطي جثث جيش الفلسطينيين هذا اليوم لطيور السماء وحيوانات الأرض، فتعلم كل الأرض أنه يوجد إله لإسرائيل.

* 47 * وتعلم هذه الجماعة كلها أنه ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب لأن الحرب للرب وهو يدفعكم ليدنا.

* 48 * وكان لما قام الفلسطيني وذهب وتقدم للقاء داود أن داود أسرع وركض نحو الصف للقاء الفلسطيني.

* 49 * ومد داود يده إلى الكنف وأخذ منه حجرا ورماه بالمقلاع، وضرب الفلسطيني في جبهته، فارتز الحجر في جبهته وسقط على وجهه إلى الأرض.

* 50 * فتمكن داود من الفلسطيني بالمقلاع والحجر وضرب الفلسطيني وقتله، ولم يكن سيف بيد داود.

* 51 * فركض داود ووقف على الفلسطيني وأخذ سيفه واخترطه من غمده وقتله وقطع به رأسه، فلما رأى الفلسطينيون أن جبارهم قد مات هربوا.

* 52 * فقام رجال إسرائيل ويهوذا وهتفوا ولحقوا الفلسطينيين حتى مجيئك إلى الوادي وحتى أبواب عقرون... إلخ.

[ ص: 654 ] وتتمة شأن داود بعد ذلك إلى أن آتاه الله الملك مذكور في الفصول بعد هذا الفصل من التوراة. فانظره إن شئت.
القول في تأويل قوله تعالى:

[253] تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد .

تلك الرسل إشارة إلى من ذكر منهم في هذه السورة أو المعلومة للنبي صلى الله عليه وسلم: فضلنا بعضهم على بعض بأن خص بمنقبة ليست لغيره: منهم من كلم الله تفصيل التفضيل أي: منهم من فضله الله، بأن كلمه من غير سفير، وهو موسى عليه السلام: ورفع بعضهم درجات كإبراهيم اتخذه الله خليلا. وداود آتاه الله النبوة والخلافة والملك.

قال الزمخشري: أي: ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم بدرجات كثيرة.

والظاهر: أنه أراد محمدا صلى الله عليه وسلم لأنه هو المفضل عليهم حيث أوتي ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ألف آية أو أكثر. ولو لم يؤت إلا القرآن وحده لكفى به فضلا منيفا على سائر ما أوتي الأنبياء، لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات. وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى، لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذي لا يشبه والمتميز الذي لا يلتبس؛ يقال للرجل: من فعل هذا؟ فيقول: أحدكم أو بعضكم. تريد به الذي تعورف واشتهر بنحوه من الأفعال، فيكون أفخم من التصريح به وأنوه بصاحبه. [ ص: 655 ] وسئل الحطيئة عن أشعر الناس؟ فذكر زهيرا والنابغة ثم قال: ولو شئت لذكرت الثالث أراد نفسه. ولو قال: ولو شئت لذكرت نفسي، لم يفخم أمره.

ثم قال: ويجوز أن يريد إبراهيم ومحمدا وغيرهما من أولي العزم.

وآتينا عيسى ابن مريم البينات كإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى: وأيدناه بروح القدس سبق الكلام فيه.

قال الزمخشري: فإن قلت: فلم خص موسى وعيسى من بين الأنبياء بالذكر؟ قلت: لما أوتيا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة. ولقد بين الله وجه التفضيل، حيث جعل التكليم من الفضل وهو آية من الآيات، فلما كان هذان النبيان قد أوتيا ما أوتيا من عظام الآيات، خصا بالذكر في باب التفضيل، وهذا دليل بين أن من زيد تفضيلا بالآيات منهم فقد فضل على غيره. ولما كان نبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي أوتي منها ما لم يؤت أحد في كثرتها وعظمها، كان هو المشهود له بإحراز قصبات الفضل غير مدافع.

ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم أي: من بعد الرسل لاختلافهم في الدين وتشعب مذاهبهم وتكفير بعضهم بعضا: من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد

قال الزمخشري: كرره للتأكيد. قال الناصر في حواشيه: ووراء التأكيد سر أخص منه، وهو أن العرب متى ثبت أول كلامهم على مقصد ثم اعترضها مقصد آخر وأرادت الرجوع إلى الأول، قصدت ذكره: إما بتلك العبارة أو بقريب منها، وذلك عندهم مهيع من الفصاحة مسلوك. وفي كتاب الله تعالى مواضع في هذا المعنى، منها قوله تعالى: من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا [ ص: 656 ] ومنها قوله تعالى: ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم إلى قوله: لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم وهذه الآية من هذا النمط. لما صدر الكلام بأن اقتتالهم كان على وفق المشيئة، ثم طال الكلام وأريد بيان أن مشيئة الله تعالى كما نفذت في هذا الأمر الخاص، وهو اقتتال هؤلاء، فهي نافذة في كل فعل واقع، وهو المعنى المعبر عنه في قوله: ولكن الله يفعل ما يريد طرأ ذكر تعلق المشيئة بالاقتتال لتلوه عموم تعلق المشيئة لتناسب الكلام، ويعرف كل بشكله. فهذا سر ينشرح له الصدر، ويرتاح له السر. والله الموفق.
القول في تأويل قوله تعالى:

[254] يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون .

يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم هذا أمر بالإنفاق لبعض من المال. قيل: هو أمر إيجاب وأنه أراد بذلك: الإنفاق الواجب وهو الزكاة، لأنه تعالى عقبه بالوعيد بقوله: والكافرون إلخ. حيث عني بهم مانعوها كما يأتي. وقال الأصم وأبو علي: أراد النفقة في الجهاد. وقال أبو مسلم وابن جريج: أراد الفرض والنفل. وهو المتجه. وقوله تعالى: من قبل أن يأتي يوم هو يوم القيامة: لا بيع فيه أي: فتحصلون ما تنفقونه [ ص: 657 ] أو تفتدون به من العذاب: ولا خلة حتى يعينكم الأخلاء الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ولا شفاعة حتى تتكلوا على شفعاء: إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا والكافرون هم الظالمون أراد: والتاركون الزكاة هم الظالمون وإيثاره عليه للتغليظ والتهديد، كما في قوله تعالى في آخر آية الحج: ومن كفر مكان ومن لم يحج وللإيذان بأن ترك الزكاة من صفات الكفار. قال تعالى: وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة ذكره الزمخشري.

ويحتمل أن يكون المعنى: والكافرون هم الظالمون لأنفسهم، بوضع الأموال في غير مواضعها، فلا تكونوا أيها المؤمنون مثلهم، في أن لا تنفقوا فتضعوا أموالكم في غير مواضعها. وفي هذه الآية دلالة على حسن المسارعة إلى الخيرات قبل فواتها بهجوم ما يخشى معه الفوت، من موت أو غيره.
[ ص: 658 ] القول في تأويل قوله تعالى:

[255] الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم .

الله لا إله إلا هو الحي أي: الباقي الذي لا سبيل عليه للفناء: القيوم الدائم القيام بتدبير الخلق وحفظه، وقرئ: القيام والقيم.

لا تأخذه سنة ولا نوم تأكيد للقيوم. أي: لا يغفل عن تدبير أمر الخلق تعالى وتقدس. والسنة كعدة والوسن محركة، وبهاء والوسنة: شدة النوم أو أوله، أو النعاس. كذا في القاموس.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 25.80 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.38%)]