عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 10-05-2022, 09:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,435
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد



تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثانى
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(112)
الحلقة (126)
صــ 211إلى صــ 215





وكان بعضهم يتلوه : ( إن البقر تشابه علينا ) ، بتشديد الشين وضم الهاء ، فيؤنث الفعل بمعنى تأنيث " البقر " ، كما قال : ( أعجاز نخل خاوية ) ، ويدخل في أول " تشابه " تاء تدل على تأنيثها ، ثم تدغم التاء الثانية في " شين " " تشابه " لتقارب مخرجها ومخرج " الشين " فتصير " شينا " مشددة ، وترفع " الهاء " بالاستقبال والسلامة من الجوازم والنواصب .

وكان بعضهم يتلوه : ( إن البقر يشابه علينا ) ، فيخرج " يشابه " مخرج الخبر عن الذكر ، لما ذكرنا من العلة في قراءة من قرأ ذلك : ( تشابه ) بالتخفيف ونصب " الهاء " ، غير أنه كان يرفعه ب " الياء " التي يحدثها في أول " تشابه " التي تأتي بمعنى الاستقبال ، وتدغم " التاء " في " الشين " كما فعله القارئ في " تشابه " ب " التاء " والتشديد .

قال أبو جعفر : والصواب في ذلك من القراءة عندنا : ( إن البقر تشابه علينا ) ، بتخفيف " شين " " تشابه " ونصب " هائه " ، بمعنى " تفاعل " ، لإجماع الحجة من القراء على تصويب ذلك ، ودفعهم ما سواه من القراءات . ولا يعترض على الحجة بقول من يجوز عليه فيما نقل السهو والغفلة والخطأ .

وأما قوله : ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) ، فإنهم عنوا : وإنا إن شاء الله لمبين لنا ما التبس علينا وتشابه من أمر البقرة التي أمرنا بذبحها . ومعنى " اهتدائهم " في هذا الموضع معنى : " تبينهم " أي ذلك الذي لزمهم ذبحه مما سواه من أجناس البقر .
[ ص: 212 ] القول في تأويل قوله تعالى ( قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث )

قال أبو جعفر : وتأويل ذلك : قال موسى : إن الله يقول إن البقرة التي أمرتكم بذبحها بقرة لا ذلول .

ويعني بقوله : ( لا ذلول ) ، أي لم يذللها العمل . فمعنى الآية : إنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض بأظلافها ، ولا سني عليها الماء فيسقى عليها الزرع . كما يقال للدابة التي قد ذللها الركوب أو العمل : " دابة ذلول بينة الذل " بكسر الذال . ويقال في مثله من بني آدم : " رجل ذليل بين الذل والذلة " .

1248 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( إنها بقرة لا ذلول ) ، يقول : صعبة لم يذلها عمل ، ( تثير الأرض ولا تسقي الحرث ) .

1249 - حدثني موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : ( إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ) ، يقول : بقرة ليست بذلول يزرع عليها ، وليست تسقي الحرث .

1250 - حدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( إنها بقرة لا ذلول ) ، أي لم يذللها العمل . ( تثير الأرض ) يعني : ليست بذلول فتثير الأرض . ( ولا تسقي الحرث ) يقول : ولا تعمل في الحرث .

1251 - حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن [ ص: 213 ] الربيع : ( إنها بقرة لا ذلول ) يقول : لم يذلها العمل ، ( تثير الأرض ) يقول : تثير الأرض بأظلافها ، ( ولا تسقي الحرث ) ، يقول : لا تعمل في الحرث .

1252 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال الأعرج ، قال مجاهد ، قوله : ( لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث ) ، يقول : ليست بذلول فتفعل ذلك .

1253 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة : ليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث .

قال أبو جعفر : ويعني بقوله : ( تثير الأرض ) ، تقلب الأرض للحرث . يقال منه : " أثرت الأرض أثيرها إثارة " ، إذا قلبتها للزرع . وإنما وصفها جل ثناؤه بهذه الصفة ، لأنها كانت - فيما قيل - وحشية .

1254 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا جويبر ، عن كثير بن زياد ، عن الحسن قال : كانت وحشية .
القول في تأويل قوله تعالى ( مسلمة )

قال أبو جعفر : ومعنى " مسلمة " " مفعلة " من " السلامة " . يقال منه : " سلمت تسلم فهي مسلمة .

ثم اختلف أهل التأويل في المعنى الذي سلمت منه ، فوصفها الله بالسلامة منه . فقال مجاهد بما : -

1255 - حدثنا به محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " مسلمة " ، يقول : مسلمة من الشية ، و ( لا شية فيها ) ، [ ص: 214 ] لا بياض فيها ولا سواد .

1256 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

1257 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال مجاهد : ( مسلمة ) ، قال : مسلمة من الشية ، ( لا شية فيها ) لا بياض فيها ولا سواد .

وقال آخرون : مسلمة من العيوب .

ذكر من قال ذلك :

1258 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( مسلمة لا شية فيها ) ، أي مسلمة من العيوب .

1259 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : ( مسلمة ) ، يقول : لا عيب فيها .

1260 - حدثني المثنى قال ، حدثنا آدم قال ، حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : ( مسلمة ) ، يعني مسلمة من العيوب .

1261 - حدثت عن عمار قال ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بمثله .

1262 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال ابن عباس قوله : ( مسلمة ) ، لا عوار فيها .

قال أبو جعفر : والذي قاله ابن عباس وأبو العالية ومن قال بمثل قولهما في تأويل ذلك أولى بتأويل الآية مما قاله مجاهد . لأن سلامتها لو كانت من سائر أنواع الألوان سوى لون جلدها ، لكان في قوله : ( مسلمة ) مكتفى عن قوله : ( لا شية فيها ) . وفي قوله : ( لا شية فيها ) ، ما يوضح عن أن معنى قوله : ( مسلمة ) ، غير معنى قوله : ( لا شية فيها ) ، وإذ كان ذلك كذلك ، فمعنى الكلام : إنه [ ص: 215 ] يقول : إنها بقرة لم تذللها إثارة الأرض وقلبها للحراثة ، ولا السنو عليها للمزارع ، وهي مع ذلك صحيحة مسلمة من العيوب .
القول في تأويل قوله تعالى ( لا شية فيها )

قال أبو جعفر : يعني بقوله : ( لا شية فيها ) ، لا لون فيها يخالف لون جلدها . وأصله من " وشي الثوب " ، وهو تحسين عيوبه التي تكون فيه ، بضروب مختلفة من ألوان سداه ولحمته ، يقال منه : " وشيت الثوب فأنا أشيه شية ووشيا " ، ومنه قيل للساعي بالرجل إلى السلطان أو غيره : " واش " ، لكذبه عليه عنده ، وتحسينه كذبه بالأباطيل . يقال منه : " وشيت به إلى السلطان وشاية " . ومنه قول كعب بن زهير :


تسعى الوشاة جنابيها وقولهم إنك يابن أبي سلمى لمقتول
و " الوشاة جمع واش " ، يعني أنهم يتقولون بالأباطيل ، ويخبرونه أنه إن لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم قتله .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 26.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 26.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.33%)]