عرض مشاركة واحدة
  #118  
قديم 17-05-2022, 03:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,137
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث -
كتاب البيوع
الحلقة (118)
صــــــــــ 83 الى صـــــــــــ88



( قال الشافعي ) : ولا بأس بالسلف في الطري من الحيتان إن ضبط بوزن وصفة من صغر وكبر وجنس من الحيتان مسمى لا يختلف في الحال التي يحل فيها فإن أخطأ من هذا شيئا لم يجز .

( قال الشافعي ) : ولا بأس بالسلف في الحيوان كله في الرقيق والماشية والطير إذا كان تضبط صفته ولا يختلف في الحين الذي يحل فيه وسواء كان مما يستحيا أو مما لا يستحيا فإذا حل من هذا شيء ، وهو من أي شيء ابتيع لم يجز لصاحبه أن يبيعه قبل أن يقبضه ولا يصرفه إلى غيره ولكنه يجوز له أن يقيل من أصل البيع ويأخذ الثمن ولا يجوز أن يبيع الرجل الشاة ويستثني شيئا منها جلدا ولا غيره في سفر ولا حضر ولو كان الحديث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 83 ] في السفر أجزناه في السفر والحضر .

( قال الشافعي ) : فإن تبايعا على هذا فالبيع باطل ، وإن أخذ ما استثنى من ذلك وفات رجع البائع على المشتري فأخذ منه قيمة اللحم يوم أخذه .
( قال الشافعي ) : ولا خير في أن يسلف رجل في لبن غنم بأعيانها ، سمى الكيل أو لم يسمه كما لا يجوز أن يسلف في طعام أرض بعينها ، فإن كان اللبن من غنم بغير أعيانها فلا بأس وكذلك إن كان الطعام من غير أرض بعينها فلا بأس .

( قال ) : ولا يجوز أن يسلف في لبن غنم بعينها الشهر ولا أقل من ذلك ولا أكثر بكيل معلوم كما لا يجوز أن يسلف في ثمر حائط بعينه ولا زرع بعينه ، ولا يجوز السلف بالصفة إلا في الشيء المأمون أن ينقطع من أيدي الناس في الوقت الذي يحل فيه ولا يجوز أن يباع لبن غنم بأعيانها شهرا يكون للمشتري ولا أقل من شهر ولا أكثر من قبل أن الغنم يقل لبنها ويكثر وينفذ وتأتي عليه الآفة وهذا بيع ما لم يخلق قط وبيع ما إذا خلق كان غير موقوف على حده بكيل ; لأنه يقل ويكثر وبغير صفة ; لأنه يتغير فهو حرام من جميع جهاته وكذلك لا يحل بيع المقاثي بطونا ، وإن طاب البطن الأول ; لأن البطن الأول ، وإن رئي فحل بيعه على الانفراد فما بعده من البطون لم ير ، وقد يكون قليلا فاسدا ولا يكون وكثيرا جيدا وقليلا معيبا وكثيرا بعضه أكثر من بعض فهو محرم في جميع جهاته ولا يحل البيع إلا على عين يراها صاحبها أو بيع مضمون على صاحبه بصفة يأتي بها على الصفة ولا يحل بيع ثالث
( قال الشافعي ) : ولا خير في أن يكتري الرجل البقرة ويستثني حلابها ; لأن ههنا بيعا حراما وكراء
( قال الشافعي ) : ولا خير في أن يشتري الرجل من الرجل الطعام الحاضر على أن يوفيه إياه بالبلد ويحمله إلى غيره ; لأن هذا فاسد من وجوه ، أما أحدها إذا استوفاه بالبلد خرج البائع من ضمانه وكان على المشتري حمله فإن هلك قبل أن يأتي البلد الذي حمله إليه لم يدر ، كم حصة البيع من حصة الكراء ؟ فيكون الثمن مجهولا والبيع لا يحل بثمن مجهول فأما أن يقول هو من ضمان الحامل حتى يوفيه إياه بالبلد الذي شرط له أن يحمله إليه فقد زعم أنه إنما اشتراه على أن يوفيه ببلد فاستوفاه ولم يخرج البائع من ضمانه ولا أعلم بائعا يوفي رجلا بيعا إلا خرج من ضمانه ثم إن زعم أنه مضمون ثانية ، فبأي شيء ضمن بسلف أو بيع أو غصب فهو ليس في شيء من هذه المعاني فإن زعم أنه ضمن بالبيع الأول فهذا شيء واحد بيع مرتين وأوفي مرتين والبيع في الشيء الواحد لا يكون مقبوضا مرتين .
( قال الشافعي ) : ولا خير في كل شيء كان فيه الربا في الفضل بعضه على بعض وإذا اشترى الرجل السمن أو الزيت وزنا بظروفه ، فإن شرط الظرف في الوزن فلا خير فيه ، وإن اشتراها وزنا على أن يفرغها ثم يزن الظرف فلا بأس وسواء الحديد والفخار والزقاق .
( قال الشافعي ) : ومن اشترى طعاما يراه في بيت أو حفرة أو هري أو طاقة فهو سواء فإذا وجد أسفله متغيرا عما رأى أعلاه فله الخيار في أخذه أو تركه ; لأن هذا عيب وليس يلزمه العيب إلا أن يشاء كثر ذلك أو قل .
( قال الشافعي ) : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها } فإذا كان الحائط للرجل وطلعت الثريا واشتدت النواة واحمر بعضه أو اصفر ، حل بيعه على أن يترك إلى أن يجد وإذا لم يظهر ذلك في الحائط لم يحل بيعه ، وإن ظهر ذلك فيما حوله ; لأنه غير ما حوله وهذا إذا كان الحائط نخلا كله ولم يختلف النخل ، فأما إذا كان نخلا وعنبا أو نخلا وغيره من الثمر فبدا صلاح صنف منه فلا يجوز أن يباع الصنف الآخر الذي لم يبد [ ص: 84 ] صلاحه ولا يجوز شراء ما كان المشترى منه تحت الأرض مثل الجزر والبصل والفجل وما أشبه ذلك ويجوز شراء ما ظهر من ورقه ; لأن المغيب منه يقل ويكثر ويكون ولا يكون ويصغر ويكبر وليس بعين ترى فيجوز شراؤها ولا مضمون بصفة فيجوز شراؤه ولا عين غائبة فإذا ظهرت لصاحبها كان له الخيار ولا أعلم البيع يخرج من واحدة من هذه الثلاث .

( قال الشافعي ) : وإذا كان في بيع الزرع قائما خبر يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أجازه في حال دون حال فهو جائز في الحال التي أجازه فيها وغير جائز في الحال التي تخالفه ، وإن لم يكن فيه خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يجوز بيعه على حال ; لأنه مغيب يقل ويكثر ويفسد ويصلح كما لا يجوز بيع حنطة في جراب ولا غرارة وهما كانا أولى أن يجوزا منه . ولا يجوز بيع القصيل إلا على أن يقطع مكانه إذا كان القصيل مما يستخلف ، وإن تركه انتقض فيه البيع ; لأنه يحدث منه ما ليس في البيع ، وإن كان القصيل مما لا يستخلف ولا يزيد لم يجز أيضا بيعه إلا على أن يقطعه مكانه فإن قطعه أو نتفه فذلك له ، وإن لم ينتفه فعليه قطعه إن شاء رب الأرض والثمرة له ; لأنه اشترى أصله ومتى ما شاء رب الأرض أن يقلعه عنه قلعه ، وإن تركه رب الأرض حتى تطيب الثمر فلا بأس وليس للبائع من الثمرة شيء .

( قال ) : وإذا ظهر القرط أو الحب فاشتراه على أن يقطعه مكانه فلا بأس وإذا اشترط أن يتركه فلا خير فيه ، وإذا اشترى الرجل ثمرة لم يبد صلاحها على أن يقطعها فالبيع جائز وعليه أن يقطعها متى شاء رب النخل ، وإن تركه رب النخل متطوعا فلا بأس والثمرة للمشتري ومتى أخذه بقطعها قطعها فإن اشتراها على أن يتركه إلى أن يبلغ فلا خير في الشراء فإن قطع منها شيئا فكان له مثل رد مثله ولا أعلم له مثلا ، وإذا لم يكن له مثل رد قيمته والبيع منتقض ولا خير في شراء التمر إلا بنقد أو إلى أجل معلوم والأجل المعلوم يوم بعينه من شهر بعينه أو هلال شهر بعينه فلا يجوز البيع إلى العطاء ولا إلى الحصاد ولا إلى الجداد ; لأن ذلك يتقدم ويتأخر وإنما قال الله تعالى { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى } وقال عز وجل { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } فلا توقيت إلا بالأهلة أو سني الأهلة .

( قال ) : ولا خير في بيع قصيل الزرع كان حبا أو قصيلا على أن يترك إلا أن يكون في ذلك خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن لم يكن فيه خبر فلا خير فيه .
( قال الشافعي ) : ومن اشترى نخلا فيها ثمر قد أبرت فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع ، فإن اشترطها المبتاع فجائز ، من قبل أنها في نخله ، وإن كانت لم تؤبر فهي للمبتاع ، وإن اشترطها البائع فذلك جائز ; لأن صاحب النخل ترك له كينونة الثمرة في نخله حين باعه إياها إذا كان استثنى على أن يقطعها فإن استثنى على أن يقرها فلا خير في البيع ; لأنه باعه ثمرة لم يبد صلاحها على أن تكون مقرة إلى وقت قد تأتي عليها الآفة قبله ولو استثنى بعضها لم يجز إلا أن يكون للنصف معلوما فيستثنيه على أن يقطعه ثم إن تركه بعد لم يحرم عليه والاستثناء مثل البيع يجوز فيه ما يجوز في البيع ويفسد فيه ما يفسد فيه .

( قال ) : وإذا أبر من النخل واحدة فثمرها للبائع ، وإن لم يؤبر منها شيء فثمرها للمبتاع كما إذا طاب من النخل واحدة يحل بيعه ، وإن لم يطب الباقي منه ، فإن لم يطب منه شيء لم يحل بيعه ولا شيء مثل ثمر النخل أعرفه إلا الكرسف فإنه يخرج في أكمامه كما يخرج الطلع في أكمامه ثم ينشق فإذا انشق منه شيء فهو كالنخل يؤبر وإذا انشق النخل ولم يؤبر فهي كالإبار ; لأنهم يبادرون به إبارته إنما يؤبر ساعة ينشق وإلا فسد فإن كان من الثمر شيء يطلع في أكمامه ثم ينشق فيصير في انشقاقه فهو كالإبار في النخل وما كان من الثمر يطلع كما هو لا كمام عليه أو يطلع عليه كمام ثم لا يسقط كمامه فطلوعه كإبار النخل ; لأنه ظاهر فإذا باعه رجل ، وهو كذلك فالثمرة له إلا أن يشترطه المبتاع ومن باع أرضا فيها زرع تحت الأرض أو فوقها بلغ [ ص: 85 ] أو لم يبلغ فالزرع للبائع والزرع غير الأرض .
( قال الشافعي ) : ومن باع ثمر حائطه فاستثنى منه مكيلة ، قلت أو كثرت ، فالبيع فاسد ; لأن المكيلة قد تكون نصفا أو ثلثا أو أقل أو أكثر فيكون المشتري لم يشتر شيئا يعرفه ولا البائع ، ولا يجوز أن يستثني من جزاف باعه شيئا إلا ما لا يدخله في البيع وذلك مثل نخلات يستثنين بأعيانهن فيكون باعه ما سواهن أو ثلث أو ربع أو سهم من أسهم جزاف فيكون ما لم يستثن داخلا في البيع وما استثني خارجا منه فأما أن يبيعه جزافا لا يدري كم هو ويستثني منه كيلا معلوما فلا خير فيه ; لأن البائع حينئذ لا يدري ما باع والمشتري لا يدري ما اشترى ، ومن هذا أن يبيعه الحائط فيستثني منه نخلة أو أكثر لا يسميها بعينها فيكون الخيار في استثنائها إليه فلا خير فيه ; لأن لها حظا من الحائط لا يدري كم هو ; وهكذا الجزاف كله .

( قال الشافعي ) : ولا يجوز لرجل أن يبيع رجلا شيئا ثم يستثني منه شيئا لنفسه ولا لغيره إلا أن يكون ما استثنى منه خارجا من البيع لم يقع عليه صفقة البيع كما وصفت ، وإن باعه ثمر حائط على أن له ما سقط من النخل فالبيع فاسد من قبل أن الذي يسقط منها قد يقل ويكثر أرأيت لو سقطت كلها أتكون له ؟ فأي شيء باعه إن كانت له ؟ أو رأيت لو سقط نصفها أيكون له النصف بجميع الثمن ؟ فلا يجوز الاستثناء إلا كما وصفت .
( قال الشافعي ) : ومن باع ثمر حائط رجل وقبضه منه وتفرقا ثم أراد أن يشتريه كله أو بعضه فلا بأس به
( قال الشافعي ) : وإذا اكترى الرجل الدار وفيها نخل قد طاب ثمره على أن له الثمرة فلا يجوز من قبل أنه كراء وبيع وقد ينفسخ الكراء بانهدام الدار ويبقى ثمر الشجر الذي اشترى فيكون بغير حصة من الثمن معلوما والبيوع لا تجوز إلا معلومة الأثمان فإن قال قد يشتري العبد والعبدين والدار والدارين صفقة واحدة ؟ قيل نعم فإذا انتقض البيع في أحد الشيئين المشتريين انتقض في الكل ، وهو مملوك الرقاب كله والكراء ليس بمملوك الرقبة إنما هو مملوك المنفعة والمنفعة ليست بعين قائمة ، فإذا أراد أن يشتري ثمرا ويكتري دارا تكارى الدار على حدة واشترى الثمرة على حدة ثم حل في شراء الثمرة ما يحل في شراء الثمرة بغير كراء ويحرم فيه ما يحرم فيه .

( قال الشافعي ) : ولا بأس ببيع الحائطين أحدهما بصاحبه استويا أو اختلفا إذا لم يكن فيهما ثمر فإن كان فيهما تمر فكان التمر مختلفا فلا بأس به إذا كان الثمر قد طاب أو لم يطب ، وإن كان ثمره واحدا فلا خير فيه .

( قال الربيع ) : إذا بعتك حائطا بحائط وفيهما جميعا ثمر فإن كان الثمران مختلفين مثل أن يكون كرم فيه عنب أو زبيب بحائط نخل فيه بسر أو رطب بعتك الحائط بالحائط على أن لكل واحد حائطا بما فيه فإن البيع جائز ، وإن كان الحائطان مستويي الثمر مثل النخل ونخل فيهما الثمر فلا يجوز من قبل أني بعتك حائطا وثمرا بحائط وثمر والثمر بالثمر لا يجوز .

( قال الربيع ) : معنى القصيل عندي الذي ذكره الشافعي إذا كان قد سنبل فأما إذا لم يسنبل وكان بقلا فاشتراه على أن يقطعه فلا بأس .

( قال الشافعي ) : { عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر على الشطر وخرص بينهم وبينه ابن رواحة وخرص النبي صلى الله عليه وسلم تمر المدينة وأمر بخرص أعناب أهل الطائف فأخذ العشر منهم بالخرص والنصف من أهل خيبر بالخرص } فلا بأس أن يقسم ثمر العنب والنخل بالخرص ولا خير في أن يقسم ثمر غيرهما بالخرص ; لأنهما الموضعان اللذان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخرص فيهما ولم نعلمه أمر بالخرص في غيرهما [ ص: 86 ] وأنهما مخالفان لما سواهما من الثمر باستجماعهما وأنه لا حائل دونهما من ورق ولا غيره وأن معرفة خرصهما تكاد أن تكون بائنة ولا تخطئ ولا يقسم شجر غيرهما بخرص ولا ثمره بعدما يزايل شجره بخرص
( قال الشافعي ) : وإذا كان بين القوم الحائط ، فيه الثمر لم يبد صلاحه فأرادوا اقتسامه فلا يجوز قسمه بالثمرة بحال وكذلك إذا بدا صلاحها لم يجز قسمه من قبل أن للنخل والأرض حصة من الثمن وللثمرة حصة من الثمن فتقع الثمرة بالثمرة مجهولة لا بخرص ولا بيع ولا يجوز قسمه إلا أن يكونا يقتسمان الأصل وتكون الثمرة بينهما مشاعة إن كانت لم تبلغ أو كانت قد بلغت غير أنها إذا بلغت فلا بأس أن يقتسماها بالخرص قسما منفردا ، وإن أرادا أن يكونا يقتسمان الثمرة مع النخل اقتسماها ببيع من البيوع فقوما كل سهم بأرضه وشجره وثمره ثم أخذا بهذا البيع لا بقرعة .

( قال الشافعي ) : وإذا اختلف فكان نخلا وكرما . :

فلا بأس أن يقسم أحدهما بالآخر وفيهما ثمرة ; لأنه ليس في تفاضل الثمرة بالثمرة تخالفها ربا في يد بيد ، وما جاز في القسم على الضرورة جاز في غيرها وما لم يجز في الضرورة لم يجز في غيرها
( قال الشافعي ) : ولا يصلح السلم في ثمر حائط بعينه ; لأنه قد ينفذ ويخطئ ولا يجوز السلم في الرطب من الثمر إلا بأن يكون محله في وقت تطيب الثمرة فإذا قبض بعضه ونفدت الثمرة الموصوفة قبل قبض الباقي منها كان للمشتري أن يأخذ رأس ماله كله ويرد عليه مثل قيمة ما أخذ منه ، وقيل يحسب عليه ما أخذ بحصته من الثمن فكان كرجل اشترى مائة إردب فأخذ منها خمسين وهلكت خمسون فله أن يرد الخمسين وله الخيار في أن يأخذ الخمسين بحصته من الثمن ويرجع بما بقي من رأس ماله وله الخيار في أن يؤخره حتى يقبض منه رطبا في قابل بمثل صفة الرطب الذي بقي له ومكيلته كما يكون له الحق من الطعام في وقت لا يجده فيه فيأخذه بعده .
( قال الشافعي ) : ولا خير في الرجل يشتري من الرجل له الحائط النخلة أو النخلتين أو أكثر أو أقل على أن يستجنيها متى شاء على أن كل صاع بدينار ; لأن هذا لا بيع جزاف فيكون من مشتريه إذا قبضه ، ولا بيع كيل يقبضه صاحبه مكانه وقد يؤخره فيضمن إذا قرب أن يثمر ، وهو فاسد من جميع جهاته .
( قال الشافعي ) : ولا خير في أن يشتري شيئا يستجنيه بوجه من الوجوه إلا أن يشتري نخلة بعينها أو نخلات بأعيانهن ويقبضهن فيكون ضمانهن منه ويستجدهن كيف شاء ويقطع ثمارها متى شاء أو يشتريهن وتقطعن له مكانه فلا خير في شراء إلا شراء عين تقبض إذا اشتريت لا حائل دون قابضها أو صفة مضمونة على صاحبها وسواء في ذلك الأجل القريب والحال والبعيد لا اختلاف بين ذلك ولا خير في الشراء إلا بسعر معلوم ساعة يعقدان البيع .
وإذا أسلف الرجل الرجل في رطب أو تمر أو ما شاء فكله سواء ، فإن شاء أن يأخذ نصف رأس ماله ونصف سلفه فلا بأس إذا كان له أن يقيله من السلف كله ويأخذ منه السلف كله فلم لا يكون له أن يأخذ النصف من سلفه والنصف من رأس ماله ؟ فإن قالوا كره ذلك ابن عمر فقد أجازه ابن عباس ، وهو جائز في القياس ولا يكون له أن يأخذ نصف سلفه ويشتري منه بما بقي طعاما ولا غيره ; لأنه له عليه طعاما وذلك بيع الطعام قبل أن يقبض ولكن يفاسخه البيع حتى يكون له عليه دنانير حالة
وإذا سلف الرجل الرجل في رطب إلى أجل معلوم فنفد الرطب قبل أن يقبض هذا حقه بتوان أو ترك من المشتري أو البائع أو هرب من البائع فالمشتري بالخيار بين أن يأخذ رأس ماله ; لأنه معوز بماله في كل حال لا يقدر عليه وبين أن يؤخره إلى أن يمكن الرطب بتلك الصفة فيأخذه به وجائز أن يسلف في ثمر رطب في غير أوانه إذا اشترط أن يقبضه في زمانه ولا خير أن يسلف في شيء إلا في شيء مأمون لا يعوز في الحال التي اشترط قبضه فيها فإن سلفه في شيء يكون في حال ولا يكون لم أجز فيه السلف وكان كمن سلف في حائط بعينه وأرض بعينها [ ص: 87 ] فالسلف في ذلك مفسوخ ، وإن قبض سلفه رد عليه ما قبض منه وأخذ رأس ماله .
[ ص: 88 ] باب الشهادة في البيوع قال الله تعالى : { وأشهدوا إذا تبايعتم } .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى فاحتمل أمر الله جل وعز بالإشهاد عند البيع أمرين أحدهما : أن تكون الدلالة على ما فيه الحظ بالشهادة ومباح تركها لا حتما يكون من تركه عاصيا بتركه واحتمل أن يكون حتما منه يعصي من تركه بتركه والذي أختار أن لا يدع المتبايعان الإشهاد وذلك أنهما إذا أشهدا لم يبق في أنفسهما شيء ; لأن ذلك إن كان حتما فقد أدياه ، وإن كان دلالة فقد أخذا بالحظ فيها وكل ما ندب الله تعالى إليه من فرض أو دلالة فهو بركة على من فعله ألا ترى أن الإشهاد في البيع إن كان فيه دلالة كان فيه أن المتبايعين أو أحدهما إن أراد ظلما قامت البينة عليه فيمنع من الظلم الذي يأثم به ، وإن كان تاركا لا يمنع منه ولو نسي أو وهم فجحد منع من المأثم على ذلك بالبينة وكذلك ورثتهما بعدهما ، أو لا ترى أنهما أو أحدهما لو وكل وكيلا أن يبيع فباع هذا رجلا وباع وكيله آخر ولم يعرف أي البيعين أول ؟ لم يعط الأول من المشتريين بقول البائع ولو كانت بينة فأثبتت أيهما أول أعطي الأول فالشهادة سبب قطع التظالم وتثبت الحقوق وكل أمر الله جل وعز ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخير الذي لا يعتاض منه من تركه فإن قال قائل فأي المعنيين أولى بالآية الحتم بالشهادة أم الدلالة ؟ فإن الذي يشبه والله أعلم وإياه أسأل التوفيق أن يكون دلالة لا حتما يخرج من ترك الإشهاد فإن قال ما دل على ما وصفت ؟ قيل : قال الله عز وجل وأحل الله البيع وحرم الربا فذكر أن البيع حلال ولم يذكر معه بينة وقال عز وجل في آية الدين { إذا تداينتم بدين } والدين تبايع وقد أمر فيه بالإشهاد فبين المعنى الذي أمر له به فدل ما بين الله عز وجل في الدين على أن الله عز وجل إنما أمر به على النظر والاحتياط لا على الحتم قلت قال الله تعالى { إذا تداينتم بدين إلى أجل [ ص: 89 ] مسمى فاكتبوه } ثم قال في سياق الآية { ، وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته } فلما أمر إذا لم يجدوا كاتبا بالرهن ثم أباح ترك الرهن وقال { فإن أمن بعضكم بعضا } دل على أن الأمر الأول دلالة على الحض لا فرض منه يعصي من تركه والله أعلم .

وقد حفظ { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بايع أعرابيا في فرس فجحد الأعرابي بأمر بعض المنافقين ولم يكن بينهما بينة } فلو كان حتما لم يبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا بينة وقد حفظت عن عدة لقيتهم مثل معنى قولي من أنه لا يعصي من ترك الإشهاد وأن البيع لازم ، إذا تصادقا لا ينقضه أن لا تكون بينة كما ينقض النكاح ، لاختلاف حكمهما .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.42 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 40.79 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]