
17-05-2022, 03:55 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,300
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث - كتاب البيوع
الحلقة (122)
صــــــــــ 107 الى صـــــــــــ112
نقصان عما سلف فيه والآخر أن كل جنس من هذه قد يصلح لما لا يصلح له غيره أو يجزئ فيما لا يجزئ فيه غيره أو يجمعهما ، ولا يجوز أن يعطي غير ما شرط إذا اختلفت منافعهما ( قال ) : وما وصفت من عسل بر وصعتر وغيره من كل جنس من العسل في العسل كالأجناس المختلفة في السمن لا تجزئ إلا صفته في السلف وإلا فسد السلف ألا ترى أني لو أسلمت في سمن ووصفته ولم أصف جنسه فسد من قبل أن سمن المعزى مخالف سمن الضأن ، وأن سمن الغنم كلها مخالف البقر والجواميس فإذا لم تقع الصفة على الجنس مما يختلف فسد السلف كما يفسد لو سلفته في حنطة ولم أسم جنسها فأقول مصرية أو يمانية أو شامية وهكذا لو ترك أن يصفه العسل بلونه فسد من قبل أن أثمانها تتفاضل على جودة الألوان وموقعها من الأعمال يتباين بها وهكذا لو ترك صفة بلده فسد لاختلاف أعمال البلدان كاختلاف طعام البلدان وكاختلاف ثياب البلدان من مروي وهروي ورازي وبغدادي وهكذا لو ترك أن يقول عسل حديث من عسل وقت كذا من قبل اختلاف ما قدم من العسل وحدث ، وإذا قال عسل وقت كذا فكان ذلك العسل يكون في رجب وسمي أجله رمضان فقد عرف كم مر عليه وهذا هكذا في كل من يختلف فيه قديمه وجديده من سمن أو حنطة أو غيرهما .
( قال الشافعي ) : وكل ما كان عند أهل العلم به عيب في جنس ما سلف فيه لم يلزمه السلف وكذلك كل ما خالف الصفة المشروطة منه فلو شرط عسلا من عسل الصرو وعسل بلد كذا فأتى بالصفة في اللون وعسل البلد فقيل ليس هذا صروا خالصا وهذا صرو وغيره لم يلزمه كما يكون سمن بقر لو خلطه بسمن الغنم لم يلزم من سلف واحدا من السمنين ولو قال أسلمت إليك في كذا وكذا رطلا من عسل أو في مكيال عسل بشمعه كان فاسدا لكثرة الشمع وقلته وثقله وخفته وكذا لو قال أسلم إليك في شهد بوزن أو عدد ; لأنه لا يعرف ما فيه من العسل والشمع .
باب السلف في السمن
( قال الشافعي ) : رحمه الله : والسمن كما وصفت من العسل وكل مأكول كان في معناه كما وصفت منه ويقول في السمن سمن ماعز أو سمن ضأن أو سمن بقر ، وإن كان سمن الجواميس يخالفها قال : سمن جواميس لا يجزئ غير ذلك ، وإن كان ببلد يختلف سمن الجنس منه قال سمن غنم كذا وكذا كما يقال بمكة : سمن ضأن نجدية وسمن ضأن تهامية ، وذلك أنهما يتباينان في اللون والصفة والطعم والثمن ( قال ) : والقول فيه كالقول في العسل قبله ، فما كان عيبا وخارجا من صفة السلف لم يلزم السلف ، والقديم من السمن يتبين من القديم من العسل ; لأنه أسرع تغيرا منه ، والسمن منه ما يدخن ومنه ما لا يدخن ، فلا يلزم المدخن ; لأنه عيب فيه .
السلف في الزيت
( قال الشافعي ) : رحمه الله : والزيت إذا اختلف لم يجز فيه إلا أن يوصف بصفته وجنسه ، وإن كان قدمه يغيره وصفه بالجدة أو سمي عصير عام كذا حتى يكون قد أتى عليه ما يعرفه المشتري والبائع ، والقول في عيوبه واختلافه كالقول في عيوب السمن والعسل ( قال ) : والآدام كلها التي هي أوداك السليط وغيره إن اختلف ، نسب كل واحد منها إلى جنسه ، وإن اختلف عتيقها وحديثها نسب إلى .
[ ص: 108 ] الحداثة والعتق فإن باينت العسل والسمن في هذا فكانت لا يقلبها الزمان ، ولا تغير قلت عصير سنة كذا وكذا لا يجزئه غير ذلك والقول في عيوبها كالقول في عيوب ما قبلها كل ما نسبه أهل العلم إلى العيب في جنس منها لم يلزم مشتريه إلا أن يشاء هو متطوعا .
( قال ) : ولا خير في أن يقول في شيء من الأشياء أسلم إليك في أجود ما يكون منه ; لأنه لا يوقف على حد أجود ما يكون منه أبدا فأما أردأ ما يكون منه فأكرهه ، ولا يفسد به البيع من قبل أنه إن أعطى خيرا من أردأ ما يكون منه كان متطوعا بالفضل وغير خارج من صفة الرداءة كله .
( قال ) : وما اشتري من الآدام كيلا اكتيل وما اشتري وزنا بظروفه لم يجز شراؤه بالوزن في الظروف لاختلاف الظروف وأنه لا يوقف على حد وزنها فلو اشترى جزافا وقد شرط وزنا فلم يأخذ ما عرف من الوزن المشترى إلا أن يتراضيا ، البائع والمشتري ، بعد وزن الزيت في الظروف بأن يدع ما يبقى له من الزيت ، وإن لم يتراضيا وأراد اللازم لهما وزنت الظروف قبل أن يصب فيها الإدام ثم وزنت بما يصب فيها ثم يطرح وزن الظروف ، وإن كان فيها زيت وزن ثم فرغت وزنت الظروف ثم ألقي من الزيت وما أسلف فيه من الإدام فهو له صاف من الرب والعكر وغيره مما خالف الصفاء .
السلف في الزبد
( قال الشافعي ) : رحمه الله : السلف في الزبد كهو في السمن يسمى زبد ماعز أو زبد ضأن أو زبد بقر ويقول نجدي أو تهامي لا يجزئ غيره ويشرطه مكيلا أو موزونا ويشرطه زبد يومه ; لأنه يتغير في غده بتهامة حتى يحمض ويتغير في الحر ويتغير في البرد تغيرا دون ذلك وبنجد يؤكل غير أنه لا يكون زبد يومه كزبد غده ، فإن ترك من هذا شيئا لم يجز السلف فيه وليس للمسلف أن يعطيه زبدا نجيخا وذلك أنه حينئذ ليس بزبد يومه إنما هو زبد تغير فأعيد في سقاء فيه لبن مخض ليذهب تغيره فيكون عيبا في الزبد ; لأنه جدده وهو غير جديد ومن أن الزبد يرق عن أصل خلقته ويتغير طعمه والقول فيما عرفه أهل العلم به عيبا أنه يرد به كالقول فيما وصفنا قبله .
السلف في اللبن
( قال الشافعي ) : رحمه الله : ويجوز السلف في اللبن كما يجوز في الزبد ويفسد كما يفسد في الزبد بترك أن يقول ماعز أو ضأن أو بقر ، وإن كان إبلا أن يقول لبن غواد أو أوراك أو خميصة ويقول في هذا كله لبن الراعية والمعلفة لاختلاف ألبان الرواعي والمعلفة وتفاضلها في الطعم والصحة والثمن فأي هذا سكت عنه لم يجز معه السلم ولم يجز إلا بأن يقول حليبا أو يقول لبن يومه ; لأنه يتغير في غده .
( قال الشافعي ) : والحليب ما يحلب من ساعته وكان منتهى حد صفة الحليب أن تقل حلاوته فذلك حين ينتقل إلى أن يخرج من اسم الحليب .
( قال ) : وإذا أسلف فيه بكيل : فليس له أن يكيله برغوته ; لأنها تزيد في كيله وليست بلبن تبقى بقاء اللبن ولكن إذا سلف فيه وزنا : فلا بأس عندي أن يزنه برغوته ; لأنها لا تزيد في وزنه فإن زعم أهل العلم أنها تزيد في وزنه فلا يزنه حتى تسكن كما لا يكيله حتى تسكن .
[ ص: 109 ] قال ) : ولا خير في أن يسلف في لبن مخيض ; لأنه لا يكون مخيضا إلا بإخراج زبده وزبده لا يخرج إلا بالماء ، ولا يعرف المشتري كم فيه من الماء لخفاء الماء في اللبن وقد يجهل ذلك البائع ; لأنه يصب فيه بغير كيل ويزيده مرة بعد مرة والماء غير اللبن فلا يكون على أحد أن يسلف في مد لبن فيعطي تسعة أعشار المد لبنا وعشره ماء ; لأنه لا يميز بين مائه حينئذ ولبنه ، وإذا كان الماء مجهولا كان أفسد له ; لأنه لا يدري كم أعطى من لبن وماء .
( قال ) : ولا خير في أن يسلف في لبن ويقول حامض ; لأنه قد يسمى حامضا بعد يوم ويومين وأيام وزيادة حموضته زيادة نقص فيه ليس كالحلو الذي يقال له حلو فيأخذ له أقل ما يقع عليه اسم الحلاوة مع صفة غيرها وما زاد على أقل ما يقع عليه اسم الحلاوة زيادة خير للمشتري وتطوع من البائع ، وزيادة حموضة اللبن كما وصفت نقص على المشتري ، وإذا شرط لبن يوم أو لبن يومين فإنما يعني ما حلب من يومه وما حلب من يومين فيشترط غير حامض وفي لبن الإبل غير قارص فإن كان ببلد لا يمكن فيه إلا أن يحمض في تلك المدة فلا خير في السلف فيه بهذه الصفة لما وصفت من أنه لا يوقف على حد الحموضة ، ولا حد قارص فيقال هذا أول وقت حمض فيه أو قرص فيلزمه إياه وزيادة الحموضة فيه نقص للمشتري كما وصفنا في المسألة قبله
، ولا خير في بيع اللبن في ضروع الغنم ، وإن اجتمع فيها حلبة واحدة ; لأنه لا يدرى كم هو ، ولا كيف هو ، ولا هو بيع عين ترى ، ولا شيء مضمون على صاحبه بصفة وكيل وهذا خارج مما يجوز في بيوع المسلمين ( قال الشافعي ) : أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى عن سليمان بن يسار عن ابن عباس أنه كان يكره بيع الصوف على ظهور الغنم واللبن في ضروع الغنم إلا بكيل .
السلف في الجبن رطبا ويابسا
( قال الشافعي ) : رحمه الله والسلف في الجبن رطبا طريا كالسلف في اللبن لا يجوز إلا بأن يشرط صفة جبن يومه أو يقول جبنا رطبا طريا ; لأن الطراء منه معروف والغاب منه مفارق للطري فالطراء فيه صفة يحاط بها ، ولا خير في أن يقول غاب ; لأنه يقول إذا زايل الطراء كان غابا ، وإذا مرت له أيام كان غابا ومرور الأيام نقص له كما كثرة الحموضة نقص في اللبن لا يجوز أن يقال غاب ; لأنه لا ينفصل أول ما يدخل في الغبوب من المنزلة التي بعدها فيكون مضبوطا بصفة والجواب : فيه كالجواب في حموضة اللبن ، ولا خير في السلف فيه إلا بوزن فأما بعدد فلا خير فيه ; لأنه لا يختلف فلا يقف البائع ، ولا المشتري منه على حد معروف ويشترط فيه جبن ماعز أو جبن ضائن أو جبن بقر كما وصفنا في اللبن وهما سواء في هذا المعنى ( قال ) : والجبن الرطب لبن يطرح فيه الأنافح فيتميز ماؤه ويعزل خاثر لبنه فيعصر فإذا سلف فيه رطبا فلا أبالي ، أسمى صغارا أم كبارا ويجوز إذا وقع عليه اسم الجبن ( قال ) : ولا بأس بالسلف في الجبن اليابس وزنا وعلى ما وصفت من جبن ضائن أو بقر فأما الإبل فلا أحسبها يكون لها جبن ويسميه جبن بلد من البلدان ; لأن جبن البلدان يختلف وهو أحب إلي لو قال ما جبن منذ شهر أو منذ كذا أو جبن عامه إذا كان هذا يعرف ; لأنه قد يكون إذا دخل في حد اليبس أثقل منه إذا تطاول جفوفه ( قال ) : ولو ترك هذا لم يفسده ; لأنا نجيز مثل هذا في اللحم واللحم حين يسلخ أثقل منه بعد ساعة من جفوفه والثمر في أول ما ييبس يكاد يكون أقل نقصانا منه بعد شهر أو أكثر ، ولا يجوز إلا أن يقال جبن غير قديم فكل ما أتاه به فقال أهل العلم به ليس يقع على هذا اسم قديم أخذه ، وإن كان بعضه أطرى من بعض ; لأن .
[ ص: 110 ] السلف أقل ما يقع عليه اسم الطراءة والمسلف متطوع بما هو أكثر منه ، ولا خير في أن يقول جبن عتيق ، ولا قديم ; لأن أقل ما يقع عليه اسم العتيق والقديم غير محدود وكذلك آخره غير محدود وكل ما تقدم في اسم العتيق فازدادت الليالي مرورا عليه كان نقصا له كما وصفنا قبله في حموضة اللبن وكل ما كان عيبا في الجبن عند أهل العلم به من إفراط ملح أو حموضة طعم أو غيره ، لم يلزم المشتري .
السلف في اللبأ
( قال الشافعي ) : رحمه الله : ولا بأس بالسلف في اللبأ بوزن معلوم ، ولا خير فيه إلا موزونا ، ولا يجوز مكيلا من قبل تكبسه وتجافيه في المكيال والقول فيه كالقول في اللبن والجبن يصف ماعزا أو ضائنا أو بقرا أو طريا فيكون له أقل ما يقع عليه اسم الطراءة ويكون البائع متطوعا بما هو خير من ذلك ، ولا يصلح أن يقول غير الطري ; لأن ذلك كما وصفت غير محدود الأول والآخر والتزيد في البعد من الطراءة نقص على المشتري .
الصوف والشعر
( قال الشافعي ) : رحمه الله : ولا خير في أن يسلم في صوف غنم بأعيانها ، ولا شعرها إذا كان ذلك إلى يوم واحد فأكثر وذلك أنه قد تأتي الآفة عليه فتذهبه أو تنقصه قبل اليوم وقد يفسد من وجه غير هذا ، ولا خير في أن يسلم في ألبان غنم بأعيانها ، ولا زبدها ، ولا سمنها ، ولا لبئها ، ولا جبنها ، وإن كان ذلك بكيل معلوم ووزن معلوم من قبل أن الآفة تأتي عليها فتهلكها فينقطع ما أسلف فيه منها وتأتي عليها بغير هلاكها فتقطع ما يكون منه ما أسلم فيه منها أو تنقصه وكذلك لا خير فيه ولو حلبت لك حين تشتريها ; لأن الآفة تأتي عليها قبل الاستيفاء ( قال الشافعي ) : وذلك أنا لو أجزنا هذا فجاءت الآفة عليها بأمر يقطع ما أسلم فيه منها أو بعضه فرددناه على البائع بمثل الصفة التي أسلفه فيها كنا ظلمناه ; لأنه بائع صفة من غنم بعينها فحولناها إلى غنم غيرها وهو لو باعه عينا فهلكت لم نحوله إلى غيرها ولو لم نحوله إلى غيرها كنا أجزنا أن يشتري غير عين بعينها وغير مضمون عليه بصفة يكلف الإتيان به متى حل عليه فأجزنا في بيوع المسلمين ما ليس منها ، إنما بيوع المسلمين بيع عين بعينها يملكها المشتري على البائع أو صفة بعينها يملكها المشتري على البائع ويضمنها حتى يؤديها إلى المشتري ( قال ) : وإذا لم يجز أن يسلم الرجل إلى الرجل في ثمر حائط بعينه ، ولا في حنطة أرض بعينها لما وصفت من الآفات التي تقع في الثمرة والزرع كان لبن الماشية ونسلها كله في هذا المعنى تصيبها الآفات كما تصيب الزرع والثمر وكانت الآفات إليه في كثير من الحالات أسرع ( قال ) : وهكذا كل ما كان من سلك في عين بعينها تقطع من أيدي الناس ، ولا خير في السلف حتى يكون في الوقت الذي يشترط فيه محله موجودا في البلد الذي يشترط فيه لا يختلف فيه بحال فإن كان يختلف فلا خير فيه ; لأنه حينئذ غير موصول إلى أدائه ، فعلى هذا كل ما .
[ ص: 111 ] سلف وقياسه ، ولا بأس أن تسلف في شيء ليس في أيدي الناس حين تسلف فيه إذا شرطت محله في وقت يكون موجودا فيه بأيدي الناس .
السلف في اللحم .
( قال الشافعي ) : رحمه الله : كل لحم موجود ببلد من البلدان لا يختلف في الوقت الذي يحل فيه فالسلف فيه جائز وما كان في الوقت الذي يحل فيه يختلف فلا خير فيه ، وإن كان يكون لا يختلف في حينه الذي يحل فيه في بلد ويختلف في بلد آخر جاز السلف فيه في البلد الذي لا يختلف وفسد السلف في البلد الذي يختلف فيه إلا أن يكون مما لا يتغير في الحمل فيحمل من بلد إلى بلد مثل الثياب وما أشبهها ، فأما ما كان رطبا من المأكول وكان إذا حمل من بلد إلى بلد تغير لم يجز فيه السلف في البلد الذي يختلف فيه ، وهكذا كل سلعة من السلع إذا لم تختلف في وقتها في بلد جاز فيه السلف ، وإذا اختلفت ببلد لم يجز السلف فيه في الحين الذي تختلف فيه إذا كانت من الرطب من المأكول .
صفة اللحم وما يجوز فيه وما لا يجوز
( قال الشافعي ) : رحمه الله : من أسلف في لحم فلا يجوز فيه حتى يصفه يقول : لحم ماعز ذكر خصي أو ذكر ثني فصاعدا أو جدي رضيع أو فطيم وسمين أو منق ومن موضع كذا ويشترط الوزن أو يقول لحم ماعزة ثنية فصاعدا أو صغيرة يصف لحمها وموضعها ويقول لحم ضائن ويصفه هكذا ، ويقول في البعير خاصة بعير راع من قبل اختلاف الراعي والمعلوف وذلك أن لحمان ذكورها وإناثها وصغارها وكبارها وخصيانها وفحولها تختلف ومواضع لحمها تختلف ويختلف لحمها فإذا حد بسمانة كان للمشتري أدنى ما يقع عليه اسم السمانة ، وكان البائع متطوعا بأعلى منه إن أعطاه إياه ، وإذا حده منقيا كان له أدنى ما يقع عليه اسم الإنقاء والبائع متطوع بالذي هو أكثر منه ، وأكره أن يشترطه أعجف بحال وذلك أن الأعجف يتباين والزيادة في العجف نقص على المشتري والعجف في اللحم كما وصفت من الحموضة في اللبن ليست بمحدودة الأعلى ، ولا الأدنى ، وإذا زادت كان نقصا غير موقوف عليه الزيادة في السمانة شيء يتطوع به البائع المشتري ( قال ) : فإن شرط موضعا من اللحم وزن ذلك الموضع بما فيه من عظم ; لأن العظم لا يتميز من اللحم كما يتميز التبن والمدر والحجارة من الحنطة ، ولو ذهب بميزه أفسد اللحم على آخذه وبقي منه على العظام ما يكون فسادا واللحم أولى أن لا يميز وأن يجوز بيع عظامه معه لاختلاط اللحم بالعظم من النوى في التمر إذا اشترى وزنا ; لأن النواة تميز من التمرة غير أن التمرة إذا أخرجت نواتها لم تبق بقاءها إذا كانت نواتها فيها .
( قال الشافعي ) : { تبايع الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر كيلا وفيه نواه } ولم نعلمهم تبايعوا اللحم قط إلا فيه عظامه ، فدلت السنة إذا جاز بيع التمر بالنوى على أن بيع اللحم بالعظام في معناها أو أجوز فكانت قياسا وخبرا وأثرا لم أعلم الناس اختلفوا فيه .
( قال ) : وإذا أسلف في شحم البطن أو الكلى ووصفه وزنا فهو جائز ، وإن قال شحم لم يجز لاختلاف شحم البطن وغيره ، وكذلك إن سلف في الأليات فتوزن ، وإذا سلف في شحم سمي شحما ، صغيرا أو كبيرا ، وماعزا أو ضائنا
[ ص: 112 ] لحم الوحش
( قال الشافعي ) : رحمه الله : ولحم الوحش كله كما وصفت من لحم الأنيس ، إذا كان ببلد يكون بها موجودا لا يختلف في الوقت الذي يحل فيه بحال جاز السلف فيه ، وإذا كان يختلف في حال ويوجد في أخرى لم يجز السلف فيه إلا في الحال التي لا يختلف فيها قال ، ولا أحسبه يكون موجودا ببلد أبدا إلا هكذا وذلك أن من البلدان ما لا وحش فيه ، وإن كان به منها وحش فقد يخطئ صائده ويصيبه والبلدان ، وإن كان منها ما يخطئه لحم يجوز فيه في كل يوم أو بها بعض اللحم دون بعض فإن الغنم تكاد أن تكون موجودة والإبل والبقر فيأخذ المسلف البائع بأن يذبح فيوفي صاحبه حقه ; لأن الذبح له ممكن بالشراء ، ولا يكون الصيد له ممكنا بالشراء والأخذ كما يمكنه الأنيس فإن كان ببلد يتعذر به لحم الأنيس أو شيء منه في الوقت الذي يسلف فيه لم يجز السلف فيه في الوقت الذي يتعذر فيه ، ولا يجوز السلف في لحم الوحش إذا كان موجودا ببلد إلا على ما وصفت من لحم الأنيس أن يقول لحم ظبي أو أرنب أو ثيتل أو بقر وحش أو حمر وحش أو صنف بعينه ويسميه صغيرا أو كبيرا ويوصف اللحم كما وصفت وسمينا أو منقيا كما وصفت في اللحم لا يخالفه في شيء إلا أن تدخله خصلة لا تدخل لحم الأنيس إن كان منه شيء يصاد بشيء يكون لحمه معه طيبا وآخر يصاد بشيء يكون لحمه معه غير طيب شرط صيد كذا دون صيد كذا ، فإن لم يشرط مثل أهل العلم به فإن كانوا يبينون في بعض اللحم الفساد فالفساد عيب ، ولا يلزم المشتري ، فإن كانوا يقولون ليس بفساد ولكن صيد كذا أطيب فليس هذا بفساد ، ولا يرد على البائع ويلزم المشتري وهذا يدخل الغنم فيكون بعضها أطيب لحما من بعض ، ولا يرد من لحمه إلا من فساد ( قال ) : ومتى أمكن السلف في الوحش فالقول فيه كالقول في الأنيس فإنما يجوز بصفة وسن وجنس .
ويجوز السلف في لحم الطير كله بصفة وسمانة ، وإنقاء ووزن غير أنه لا سن له وإنما يباع بصفة مكان السن بكبير وصغير وما احتمل أن يباع مبعضا بصفة موصوفة وما لم يحتمل أن يبعض لصغره وصف طائره وسمانته وأسلم فيه بوزن لا يجوز أن يسلم فيه بعدد وهو لحم إنما يجوز العدد في الحي دون المذبوح والمذبوح طعام لا يجوز إلا موزونا ، وإذا أسلم في لحم طير وزنا لم يكن عليه أن يأخذ في الوزن رأسه ، ولا رجليه من دون الفخذين ; لأن رجليه لا لحم فيهما وأن رأسه إذا قصد اللحم كان معروفا أنه لا يقع عليه اسم اللحم المقصود قصده
الحيتان
( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى : الحيتان إذا كان السلف يحل فيها في وقت لا ينقطع ما أسلف فيه من أيدي الناس بذلك البلد جاز السلف فيها ، وإذا كان الوقت الذي يحل فيه في بلد ينقطع ، ولا يوجد فيه فلا خير في السلف فيها كما قلنا في لحم الوحش والأنيس ( قال ) : وإذا أسلم فيها أسلم في مليح بوزن أو طري بوزن معلوم ، ولا يجوز السلف فيه حتى يسمى كل حوت منه بجنسه فإنه يختلف اختلاف اللحم وغيره ، ولا يجوز أن يسلف في شيء من الحيتان إلا بوزن فإن قال قائل فقد تجيز السلف في الحيوان عددا موصوفا فما فرق بينه وبين الحيتان ؟ قيل الحيوان يشترى بمعنيين أحدهما المنفعة به في الحياة وهي المنفعة العظمى فيه الجامعة والثانية ليذبح فيؤكل فأجزت شراءه حيا للمنفعة العظمى ولست أجيز .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|