عرض مشاركة واحدة
  #123  
قديم 17-05-2022, 03:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,847
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث -
كتاب البيوع
الحلقة (123)
صــــــــــ 113 الى صـــــــــــ118




شراءه مذبوحا بعدد ألا ترى أنه إن قال أبيعك لحم شاة ثنية ماعزة ولم يشترط وزنا لم أجزه ؟ ; لأنه لا يعرف قدر اللحم بالصفة ، وإنما يعرف قدره بالوزن ; ولأن الناس إنما اشتروا من كل ما يؤكل ويشرب الجزاف مما يعاينون فأما ما يضمن فليس يشترونه جزافا ( قال ) : والقياس في السلف في لحم الحيتان يوزن ، لا يلزم المشتري أن يوزن عليه الذنب من حيث يكون لا لحم فيه ويلزمه ما يقع عليه اسم ذنب مما عليه لحم ، ولا يلزمه أن يوزن عليه في الرأس ، ويلزمه ما بين ذلك إلا أن يكون من حوت كبير فيسمي وزنا من الحوت مما أسلف فيه موضعا منه لا يجوز أن يسلف فيه إلا في موضع إذا احتمل ما تحتمل الغنم من أن يكون يوجد في موضع منه ما سلف فيه ويصف لموضع الذي سلف فيه ، وإذا لم يحتمل كان كما وصفت في الطير .
الرءوس والأكارع

( قال الشافعي ) : رحمه الله : ولا يجوز عندي السلف في شيء من الرءوس من صغارها ، ولا كبارها ، ولا الأكارع ; لأنا لا نجيز السلف في شيء سوى الحيوان حتى نجده بذرع أو كيل أو وزن فأما عدد منفرد فلا وذلك أنه قد يكون يشتبه ما يقع عليه اسم الصغير وهو متباين وما يقع عليه اسم الكبير وهو متباين فإذا لم نجد فيه كما حددنا في مثله من الوزن والذرع والكيل أجزناه غير محدود وإنما نرى الناس تركوا وزن الرءوس لما فيها من سقطها الذي يطرح ، ولا يؤكل مثل الصوف والشعر عليه ومثل أطراف مشافره ومناخره وجلود خديه وما أشبه ذلك مما لا يؤكل ، ولا يعرف قدره منه غير أنه فيه غير قليل فلو وزنوه وزنوا معه غير ما يؤكل من صوف وشعر وغيره ، ولا يشبه النوى في التمر ; لأنه قد ينتفع بالنوى ، ولا القشر في الجوز ; لأنه قد ينتفع بقشر الجوز وهذا لا ينتفع به في شيء ( قال ) : ولو تحامل رجل فأجازه لم يجز عندي أن يؤمر أحد بأن يجيزه إلا موزونا . والله تعالى أعلم ، ولإجازته وجه يحتمل بعض مذاهب أهل الفقه ما هو أبعد منه .
( قال الشافعي ) : وقد وصفت في غير هذا الموضع أن البيوع ضربان : أحدهما : بيع عين قائمة فلا بأس أن تباع بنقد ودين إذا قبضت العين أو بيع شيء موصوف مضمون على بائعه يأتي به لا بد عاجلا أو إلى أجل وهذا لا يجوز حتى يدفع المشتري ثمنه قبل أن يتفرق المتبايعان وهذان مستويان إذا شرط فيه أجل أو ضمان أو يكون أحد البيعين نقدا والآخر دينا أو مضمونا قال وذلك أني إذا بعتك سلعة ودفعتها إليك وكان ثمنها إلى أجل فالسلعة نقد والثمن إلى أجل معروف .

وإذا دفعت إليه مائة دينار في طعام موصوف إلى أجل فالمائة نقد والسلعة مضمونة يأتي بها صاحبها لا بد ، ولا خير في دين بدين ولو اشترى رجل ثلاثين رطلا لحما بدينار ودفعه يأخذ كل يوم رطلا فكان أول محلها حين دفع وآخره إلى شهر وكانت صفقة واحدة كانت فاسدة ورد مثل اللحم الذي أخذ أو قيمته إن لم يكن له مثل وذلك أن هذا دين بدين ولو اشترى رطلا منفردا وتسعة وعشرين بعده في صفقة غير صفقته كان الرطل جائزا والتسعة والعشرون منتقضة وليس أخذه أولها إذا لم يأخذها في مقام واحد بالذي يخرجه من أن يكون دينا .

ألا ترى أنه ليس له أنه أن يأخذ رطلا بعد الأول إلا بمدة تأتي عليه ؟ ، ولا يشبه هذا الرجل يشتري الطعام بدين ويأخذ في اكتياله ; لأن محله واحد وله أخذه كله في مقامه إلا أنه لا يقدر على أخذه إلا هكذا لا أجل له ، ولو جاز هذا ، جاز أن يشتري بدينار ثلاثين صاعا حنطة يأخذ كل يوم صاعا .

( قال ) : وهذا هكذا في الرطب والفاكهة وغيرها كل شيء لم يكن له قبضه ساعة يتبايعانه معا [ ص: 114 ] ولم يكن لبائعه دفعه عن شيء منه حين يشرع في قبضه كله لم يجز أن يكون دينا ( قال ) : ولو جاز هذا في اللحم جاز في كل شيء من ثياب وطعام وغيره ( قال الشافعي ) : ولو قال قائل هذا في اللحم جائز وقال هذا مثل الدار يتكاراها الرجل إلى أجل فيجب عليه من كرائها بقدر ما سكن .

( قال ) : وهذا في الدار وليس كما قال ، ولو كان كما قال أن يقيس اللحم بالطعام أولى به من أن يقيسه بالسكن لبعد السكن من الطعام في الأصل والفرع فإن قال : فما فرق بينهما في الفرع ؟ قيل أرأيتك إذا أكريتك دارا شهرا ودفعتها إليك فلم تسكنها أيجب عليك الكراء ؟ قال نعم قلت ودفعتها إليك طرفة عين إذا مرت المدة التي اكتريتها إليها أيجب عليك كراؤها ؟ قال نعم قلت أفرأيت إذا بعتك ثلاثين رطلا لحما إلى أجل ودفعت إليك رطلا ثم مرت ثلاثون يوما ولم تقبض غير الرطل الأول أبرأ من ثلاثين رطلا كما برئت من سكن ثلاثين يوما ؟ .

فإن قال لا قيل ; لأنه يحتاج في كل يوم إلى أن يبرأ من رطل لحم يدفعه إليك لا يبرئه ما قبله ولا المدة منه إلا بدفعه قال نعم ويقال له : ليس هكذا الدار فإذا قال لا قيل أفما تراهما مفترقين في الأصل والفرع والاسم ؟ فكيف تركت أن تقيس اللحم بالمأكول الذي هو في مثل معناه من الربا والوزن والكيل وقسته بما لا يشبهه ؟ أو رأيت إذا أكريتك تلك الدار بعينها فانهدمت أيلزمني أن أعطيك دارا بصفتها ؟ .

فإن قال لا : قيل فإذا باعك لحما بصفة وله ماشية فماتت ماشيته أيلزمه أن يعطيك لحما بالصفة ؟ فإذا قال نعم قيل أفتراهما مفترقين في كل أمرهما ؟ فكيف تقيس أحدهما بالآخر ؟ .

وإذا أسلف من موضع في اللحم الماعز بعينه بوزن أعطي من ذلك الموضع من شاة واحدة فإن عجز ذلك الموضع عن مبلغ صفة السلم أعطاه من شاة غيرها مثل صفتها ولو أسلفه في طعام غيره فأعطاه بعض طعامه أجود من شرطه لم يكن له عليه أن يعطيه ما بقي منه أجود من شرطه إذا أوفاه شرطه وليس عليه أكثر منه . .
باب السلف في العطر وزنا

( قال الشافعي ) : رحمه الله : وكل ما لا ينقطع من أيدي الناس من العطر وكانت له صفة يعرف بها ووزن جاز السلف فيه فإذا كان الاسم منه يجمع أشياء مختلفة الجودة لم يجز حتى يسمي ما أسلف فيه منها كما يجمع التمر اسم التمر ويفرق بها أسماء تتباين فلا يجوز السلف فيها إلا بأن يسمي الصنف الذي أسلم فيه ويسمي جيدا منه ورديئا فعلى هذا أصل السلف في العطر وقياسه فالعنبر منه الأشهب والأخضر والأبيض وغيره .

ولا يجوز السلف فيه حتى يسمى أشهب أو أخضر جيدا ورديئا وقطعا صحاحا وزن كذا ، وإن كنت تريده أبيض سميت أبيض ، وإن كنت تريده قطعة واحدة سميته قطعة واحدة ، وإن لم تسم هكذا أو سميت قطعا صحاحا لم يكن لك ذلك مفتتا وذلك أنه متباين في الثمن ويخرج من أن يكون بالصفة التي سلف ، وإن سميت عنبرا ووصفت لونه وجودته كان لك عنبر في ذلك اللون والجودة صغارا أعطاه أو كبارا ، وإن كان في العنبر شيء مختلف بالبلدان ويعرف ببلدانه أنه لم يجز حتى يسمى عنبر بلد كذا كما لا يجوز في الثياب حتى يقول مرويا أو هرويا .

( قال ) : وقد زعم بعض أهل العلم بالمسك أنه سرة دابة كالظبي تلقيه في وقت من الأوقات وكأنه ذهب إلى أنه دم يجمع فكأنه يذهب إلى أن لا يحل التطيب به لما وصفت ( قال ) : كيف جاز لك أن تجيز التطيب بشيء وقد أخبرك أهل العلم أنه ألقي من حي وما ألقي من حي كان عندك في معنى الميتة فلم تأكله ؟ ( قال ) : فقلت له قلت به خبرا وإجماعا [ ص: 115 ] وقياسا قال فاذكر فيه القياس قلت الخبر أولى بك قال سأسألك عنه فاذكر فيه القياس قلت قال الله تبارك وتعالى { وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين } فأحل شيئا يخرج من حي إذا كان من حي يجمع معنيي الطيب ، وأن ليس بعضو منه ينقصه خروجه منه حتى لا يعود مكانه مثله وحرم الدم من مذبوح وحي فلم يحل لأحد أن يأكل دما مسفوحا من ذبح أو غيره فلو كنا حرمنا الدم ; لأنه يخرج من حي أحللناه من المذبوح ولكنا حرمناه لنجاسته ونص الكتاب به مثل البول والرجيع من قبل أنه ليس من الطيبات قياسا على ما وجب غسله مما يخرج من الحي من الدم وكان في البول والرجيع يدخل به طيبا ويخرج خبيثا ووجدت الولد يخرج من حي حلالا ووجدت البيضة تخرج من بائضتها حية فتكون حلالا بأن هذا من الطيبات .

فكيف أنكرت في المسك الذي هو غاية من الطيبات ، إذا خرج من حي أن يكون حلالا ؟ وذهبت إلى أن تشبهه بعضو قطع من حي والعضو الذي قطع من حي لا يعود فيه أبدا ويبين فيه نقصا وهذا يعود زعمت بحاله قبل أن يسقط منه أفهو باللبن والبيضة والولد أشبه أم هو بالدم والبول والرجيع أشبه ؟ فقال بل باللبن والبيضة والولد أشبه إذا كانت تعود بحالها أشبه منه بالعضو يقطع منها ، وإن كان أطيب من اللبن والبيضة والولد يحل وما دونه في الطيب من اللبن والبيض يحل ; لأنه طيب كان هو أحل ; لأنه أعلى في الطيب ، ولا يشبه الرجيع الخبيث ( قال ) : فما الخبر ؟ قلت ( أخبرنا ) الزنجي عن موسى بن عقبة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى للنجاشي أواقي مسك فقال لأم سلمة إني قد أهديت للنجاشي أواقي مسك ، ولا أراه إلا قد مات قبل أن يصل إليه فإن جاءتنا وهبت لك كذا فجاءته فوهب لها ولغيرها منه } ( قال ) : وسئل ابن عمر عن المسك أحنوط هو ؟ فقال أوليس من أطيب طيبكم ؟ وتطيب سعد بالمسك والذريرة وفيه المسك وابن عباس بالغالية قبل أن يحرم وفيها المسك ولم أر الناس عندنا اختلفوا في إباحته ( قال ) : فقال لي قائل خبرت أن العنبر شيء ينبذه حوت من جوفه فكيف أحللت ثمنه ؟ قلت أخبرني عدد ممن أثق به أن العنبر نبات يخلقه الله تعالى في حشاف في البحر فقال لي منهم نفر حجبتنا الريح إلى جزيرة فأقمنا بها ونحن ننظر من فوقها إلى حشفة ; خارجة من الماء منها عليها عنبرة أصلها مستطيل كعنق الشاة والعنبرة ممدودة في فرعها ثم كنا نتعاهدها فنراها تعظم فأخرنا أخذها رجاء أن تزيد عظما فهبت ريح فحركت البحر فقطعتها فخرجت مع الموج ولم يختلف على أهل العلم بأنه كما وصفوا وإنما غلط من قال : إنه يجده حوت أو طير فيأكله للينه وطيب ريحه وقد زعم بعض أهل العلم أنه لا تأكله دابة إلا قتلها فيموت الحوت الذي يأكله فينبذه البحر فيؤخذ فيشق بطنه فيستخرج منه .

قال فما تقول فيما استخرج من بطنه ؟ قلت يغسل عنه شيء أصابه من أذاه ويكون حلالا أن يباع ويتطيب به من قبل أنه مستجسد غليظ غير منفر لا يخالطه شيء أصابه فيذهب فيه كله إنما يصيب ما ظهر منه كما يصيب ما ظهر من الجلد فيغسل فيطهر ويصيب الشيء من الذهب والفضة والنحاس والرصاص والحديد فيغسل فيطهر والأديم ( قال ) : فهل في العنبر خبر ؟ قلت لا أعلم أحدا من أهل العلم خالف في أنه لا بأس ببيع العنبر ، ولا أحد من أهل العلم بالعنبر قال في العنبر إلا ما قلت لك من أنه نبات والنبات لا يحرم منه شيء ( قال ) : فهل فيه أثر ؟ .

قلت نعم ( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان .

[ ص: 116 ] عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس سئل عن العنبر فقال إن كان فيه شيء ففيه الخمس .

( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أذينة أن ابن عباس قال ليس في العنبر زكاة إنما هو شيء دسره البحر .

( قال الشافعي ) : ولا يجوز بيع المسك وزنا في فارة ; لأن المسك مغيب ، ولا يدرى كم وزنه من وزن جلوده والعود يتفاضل تفاضلا كثيرا فلا يجوز حتى يوصف كل صنف منه وبلده وسمته الذي يميزه به بينه وبين غيره كما لا يجوز في الثياب إلا ما وصفت من تسمية أجناسه وهو أشد تباينا من التمر وربما رأيت المنا منة بمائتي دينار والمنا من صنف غيره بخمسة دنانير وكلاهما ينسب إلى الجودة من صنفه وهكذا القول في كل متاع العطارين مما يتباين منه ببلد أو لون أو عظم لم يجز السلف فيه حتى يسمى ذلك وما لا يتباين بشيء من هذا وصف بالجودة والرداءة وجماع الاسم والوزن .

ولا يجوز السلف في شيء منه يخلطه عنبرا لا خليا من العنبر أو الغش ، الشك من الربيع فإن شرط شيئا بترابه أو شيئا بقشوره وزنا إن كانت قشوره ليست مما تنفعه أو شيئا يختلط به غيره منه لا يعرف قدر هذا من قدر هذا لم يجز السلف فيه ( قال ) : وفي الفأر إن كان من صيد البحر مما يعيش في البحر فلا بأس بها ، وإن كانت تعيش في البر وكانت فأرا لم يجز بيعها وشراؤها إذا لم تدبغ ، وإن دبغت فالدباغ لها طهور فلا بأس ببيعها وشرائها وقال في كل جلد على عطر وكل ما خفي عليه من عطر ودواء الصيادلة وغيره مثل هذا القول إلا أنه لا يحل بيع جلد من كلب ، ولا خنزير ، وإن دبغ ، ولا غير مدبوغ ، ولا شيء منهما ، ولا من واحد منهما .
باب متاع الصيادلة

( قال الشافعي ) : رحمه الله : ومتاع الصيادلة كله من الأدوية كمتاع العطارين : لا يختلف فما يتباين بجنس أو لون أو غير ذلك يسمى ذلك الجنس وما يتباين ويسمى وزنا وجديدا وعتيقا فإنه إذا تغير لم يعمل عمله جديدا وما اختلط منه بغيره لم يجز كما قلت في متاع العطارين ، ولا يجوز أن يسلف في شيء منه إلا وحده أو معه غيره كل واحد منهما معروف الوزن ويأخذهما متميزين فأما أن يسلف منه في صنفين مخلوطين أو أصناف مثل الأدوية المحببة أو المجموعة بعضها إلى بعض بغير عجن ، ولا تحبيب فلا يجوز ذلك ; لأنه لا يوقف على حده ، ولا يعرف وزن كل واحد منه ، ولا جودته ، ولا رداءته إذا اختلط .

( قال الشافعي ) : وما يوزن مما لا يؤكل ، ولا يشرب إذا كان هكذا قياسا على ما وصفت لا يختلف ، وإذا اختلف سمي أجناسه ، وإذا اختلف في ألوانه سمي ألوانه ، وإذا تقارب سمي وزنه فعلى هذا ، هذا الباب وقياسه ( قال ) : وما خفيت معرفته من متاع الصيادلة وغيره مما لا يخلص من الجنس الذي يخالفه وما لم يكن منها إذا رئي عمت معرفته عند أهل العلم العدول من المسلمين لم يجز السلف فيه ولو كانت معرفته عامة عند الأطباء غير المسلمين والصيادلة غير المسلمين أو عبيد المسلمين أو غير عدول لم أجز السلف فيه وإنما أجيزه فيما أجد معرفته عامة عند عدول من المسلمين من أهل العلم به وأقل ذلك أن أجد عليه عدلين يشهدان على تمييزه وما كان من متاع الصيادلة من شيء محرم : لم يحل بيعه ، ولا شراؤه وما لم يحل شراؤه لم [ ص: 117 ] يجز السلف فيه ; لأن السلف بيع من البيوع ، ولا يحل أكله ، ولا شربه وما كان منها مثل الشجر الذي ليس فيه تحريم إلا من جهة أن يكون مضرا فكان سما لم يحل شراء السم ليؤكل ، ولا يشرب فإن كان يعالج به من ظاهر شيء لا يصل إلى جوف ويكون إذا كان طاهرا مأمونا لا ضرر فيه على أحد موجود المنفعة في داء فلا بأس بشرائه ، ولا خير في شراء شيء يخالطه لحوم الحيات الترياق وغيره ; لأن الحيات محرمات ; لأنهن من غير الطيبات ; ولأنه مخالطه ميتة ، ولا لبن ما لا يؤكل لحمه من غير الآدميين ، ولا بول ما لا يؤكل لحمه ، ولا غيره والأبوال كلها نجسة لا تحل إلا في ضرورة فعلى ما وصفت هذا الباب كله وقياسه ( قال ) : وجماع ما يحرم أكله في ذوات الأرواح خاصة إلا ما حرم من المسكر ، ولا في شيء من الأرض والنبات حرام إلا من جهة أن يضر كالسم وما أشبهه فما دخل في الدواء من ذوات الأرواح فكان محرم المأكول فلا يحل وما لم يكن محرم المأكول فلا بأس .
باب السلف في اللؤلؤ وغيره من متاع أصحاب الجوهر .

( قال الشافعي ) : رحمه الله : ولا يجوز عندي السلف في اللؤلؤ ، ولا في الزبرجد ، ولا في الياقوت ، ولا في شيء من الحجارة التي تكون حليا من قبل أني لو قلت سلفت في لؤلؤة مدحرجة صافية وزنها كذا وكذا وصفتها مستطيلة ووزنها كذا كان الوزن في اللؤلؤة مع هذه الصفة تستوي صفاته وتتباين ; لأن منه ما يكون أثقل من غيره فيتفاضل بالثقل والجودة وكذلك الياقوت وغيره فإذا كان هكذا فيما يوزن كان اختلافه لو لم يوزن في اسم الصغير والكبير أشد اختلافا ولو لم أفسده من قبل للصفاء ، وإن تباين وأعطيته أقل ما يقع عليه اسم الصفاء أفسد من حيث وصفت ; لأن بعضه أثقل من بعض فتكون الثقيلة الوزن بينا وهي صغيرة وأخرى أخف منها وزنا بمثل وزنها وهي كبيرة فيتباينان في الثمن تباينا متفاوتا ، ولا أضبط أن أصفها بالعظم أبدا إذا لم توزن ; لأن اسم العظم لا يضبط إذا لم يكن معه وزن فلما تباين اختلافهما بالوزن كان اختلافهما غير موزونين أشد تباينا . والله تعالى أعلم .
باب السلف في التبر غير الذهب والفضة .

( قال الشافعي ) : رحمه الله : ولا بأس أن يسلف ذهبا أو فضة أو عرضا من العروض ما كان في تبر نحاس أو حديد أو آنك بوزن معلوم وصفة معلومة والقول فيه كله كالقول فيما وصفت من الإسلاف فيه إن كان في الجنس منه شيء يتباين في ألوانه فيكون صنف أبيض وآخر أحمر وصف اللون الذي سلف فيه وكذلك إن كان يتباين في اللون في أجناسه وكذلك إن كان يتباين في لينه وقسوته وكذلك إن كان يتباين في خلاصه وغير خلاصه لم يجز أن يترك من هذه الصفة شيئا إلا وصفه فإن ترك منه شيئا واحدا فسد السلف وكذلك إن ترك أن يقول جيدا أو رديئا فسد السلف وهكذا ، هذا في الحديد والرصاص والآنك والزاووق فإن الزاووق يختلف مع هذا في رقته وثخانته يوصف ذلك وكل صنف منه اختلف في شيء في غيره وصف حيث يختلف كما قلنا في الأمر الأول وهكذا هذا في الزرنيخ وغيره وجميع ما يوزن مما يقع عليه اسم الصنف من الشب والكبريت وحجارة الأكحال وغيرها القول فيها قول واحد كالقول في السلف فيما قبلها وبعدها
[ ص: 118 ] باب السلف في صمغ الشجر

( قال الشافعي ) : رحمه الله : وهكذا السلف في اللبان والمصطكى والغراء وصمغ الشجر كله ما كان منه من شجرة واحدة كاللبان وصف بالبياض وأنه غير ذكر فإن كان منه شيء يعرفه أهل العلم به يقولون له ذكر إذا مضغ فسد وما كان منه من شجر شتى مثل الغراء وصف شجره وما تباين منه ، وإن كان من شجرة واحدة وصف كما وصفت في اللبان وليس في صغير هذا وكبيره تباين يوصف بالوزن وليس على صاحبه أن يوزن له فيه قرفة أو في شجرة مقلوعة مع الصمغة لا توزن له الصمغة إلا محضة .
باب الطين الأرمني وطين البحيرة والمختوم :

( قال الشافعي ) : رحمه الله : وقد رأيت طينا يزعم أهل العلم به أنه طين أرمني ومن موضع منها معروف وطين يقال له طين البحيرة والمختوم ويدخلان معا في الأدوية وسمعت من يدعي العلم بهما يزعم أنهما يغشان بطين غيرهما لا ينفع منفعتهما ، ولا يقع موقعهما ، ولا يسوي مائة رطل منه رطلا من واحد منهما طينا عندنا بالحجاز من طين الحجاز يشبه الطين الذي رأيتهم يقولون : إنه أرمني .

( قال الشافعي ) : فإن كان مما رأيت ما يختلط على المخلص بينه وبين ما سمعت ممن يدعي من أهل العلم به فلا يخلص فلا يجوز السلف فيه بحال ، وإن كان يوجد عدلان من المسلمين يخلصان معرفته بشيء يبين لهما جاز السلف فيه وكان كما وصفنا مما يسلف فيه من الأدوية والقول فيه كالقول في غيره إن تباين بلون أو جنس أو بلد لم يجز السلف فيه حتى يوصف لونه وجنسه ويوصف بوزن معلوم .
باب بيع الحيوان والسلف فيه

( قال الشافعي ) : رحمه الله : أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا فجاءته إبل من الصدقة فقال أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقضي الرجل بكره فقلت يا رسول الله إني لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء } ( قال الشافعي ) : أخبرنا الثقة عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه ( قال الشافعي ) : فهذا الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه آخذ وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمن بعيرا بصفة وفي هذا ما دل على أنه يجوز أنه يضمن الحيوان كله بصفة في السلف وفي بيع بعضه ببعض وكل أمر لزم فيه الحيوان بصفة وجنس وسن فكالدنانير بصفة وضرب ووزن وكالطعام بصفة وكيل وفيه دليل على أنه لا بأس أن يقضي أفضل مما عليه متطوعا من غير شرط وفيه أحاديث سوى هذا ( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر قال { جاء عبد فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة ولم يسمع أنه عبد فجاء سيده يريده فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعه فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحدا بعده حتى يسأله : أعبد هو أم حر } ( قال ) : وبهذا نأخذ وهو إجازة عبد بعبدين وإجازة أن .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 43.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 42.82 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.45%)]