
17-05-2022, 04:00 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,510
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الثالث - كتاب البيوع
الحلقة (124)
صــــــــــ 119 الى صـــــــــــ124
يدفع ثمن شيء في يده فيكون كقبضه ( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أن عبد الكريم الجزري أخبره أن زياد بن أبي مريم مولى عثمان بن عفان أخبره { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث مصدقا له فجاءه بظهر مسان فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال هلكت وأهلكت فقال يا رسول الله : إني كنت أبيع البكرين والثلاثة بالبعير المسن يدا بيد وعلمت من حاجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الظهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم فذاك إذن } ( قال الشافعي ) : وهذا منقطع لا يثبت مثله وإنما كتبناه أن الثقة أخبرنا عن عبد الله بن عمر بن حفص أو أخبرنيه عبد الله بن عمر بن حفص .
( قال الشافعي ) : قول النبي صلى الله عليه وسلم { إن كان قال هلكت وأهلكت أثمت وأهلكت أموال الناس } يعني أخذت منهم ما ليس عليهم وقوله { عرفت حاجة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الظهر } يعني ما يعطيه أهل الصدقة في سبيل الله ويعطى ابن السبيل منهم وغيرهم من أهل السهمان عند نزول الحاجة بهم إليها والله تعالى أعلم .
( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أنه سئل عن بعير ببعيرين فقال قد يكون بعير خيرا من بعيرين .
( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن صالح بن كيسان عن الحسن بن محمد بن علي أن علي بن أبي طالب باع جملا له يدعى عصيفير بعشرين بعيرا إلى أجل .
( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة .
( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك أنه سأل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل ؟ فقال لا بأس به ( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال لا ربا في الحيوان وإنما نهي من الحيوان عن ثلاث عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة والمضامين ما في ظهور الجمال والملاقيح ما في بطون الإناث وحبل الحبلة بيع كان أهل الجاهلية يتبايعونه كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم ينتج ما في بطنها .
( قال الشافعي ) : وما نهي عنه من هذا كما نهي عنه والله أعلم وهذا لا بيع عين ، ولا صفة ومن بيوع الغرر ، ولا يحل وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى عن بيع حبل الحبلة } وهو موضوع في غير هذا الموضع ( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سعيد عن ابن جريج عن عطاء أنه قال وليبتع البعير بالبعيرين يدا بيد وعلى أحدهما زيادة ورق والورق نسيئة قال وبهذا كله أقول ، ولا بأس أن يسلف الرجل في الإبل وجميع الحيوان بسن وصفة وأجل كما يسلف في الطعام ، ولا بأس أن يبيع الرجل البعير بالبعيرين مثله أو أكثر يدا بيد وإلى أجل وبعيرا ببعيرين وزيادة دراهم يدا بيد ونسيئة إذا كانت إحدى البيعتين كلها نقدا أو كلها نسيئة .
ولا يكون في الصفقة نقد ونسيئة لا أبالي أي ذلك كان نقدا ، ولا أنه كان نسيئة ، ولا يقارب البعير ، ولا يباعده ; لأنه ربا في حيوان بحيوان استدلالا بأنه مما أبيح من البيوع ولم يحرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه خارج من معنى ما حرم مخصوص فيه بالتحليل ومن بعده ممن ذكرنا وسكتنا عن ذكره ( قال ) : وإنما كرهت في التسليم أن تكون إحدى البيعتين مبعضة بعضها نقد وبعضها نسيئة ; لأني لو أسلفت بعيرين أحدا للذين أسلفت نقدا والآخر نسيئة في بعيرين نسيئة كان في البيعة دين بدين ولو أسلفت بعيرين نقدا في بعيرين نسيئة إلى أجلين . [ ص: 120 ] مختلفين
كانت قيمة البعيرين المختلفين إلى الأجل مجهولة من قيمة البعيرين النقد ; لأنهما لو كانا على صفة واحدة كان المستأخر منهما أقل قيمة من المتقدم قبله فوقعت البيعة المؤخرة لا تعرف حصة ما لكل واحد من البعيرين منهما وهكذا لا يسلم دنانير في شيء إلى أجلين في صفقة واحدة وكذلك بعير بعشرين بعيرا يدا بيد ونسيئة لا ربا في الحيوان ، ولا بأس أن يصدق الحيوان ويصالح عليه ويكاتب عليه والحيوان بصفة وسن كالدنانير والدراهم والطعام لا يخالفه كل ما جاز ثمنا من هذا بصفة أو كيل أو وزن جاز الحيوان فيه بصفة وسن ويسلف الحيوان في الكيل والوزن والدنانير والدراهم ، والعروض كلها من الحيوان من صنفه وغير صنفه إلى أجل معلوم ويباع بها يدا بيد لا ربا فيها كلها ، ولا ينهى من بيعه عن شيء بعقد صحيح إلا بيع اللحم بالحيوان اتباعا دون ما سواه .
( قال ) : وكل ما لم يكن في التبايع به ربا في زيادته في عاجل أو آجل فلا بأس أن يسلف بعضه في بعض من جنس وأجناس وفي غيره مما تحل فيه الزيادة . والله أعلم .
باب صفات الحيوان إذا كانت دينا
( قال الشافعي ) : رحمه الله : إذا سلف رجل في بعير لم يجز السلف فيه إلا بأن يقول : من نعم بني فلان كما يقول ثوب مروي وتمر بردي وحنطة مصرية لاختلاف أجناس البلاد واختلاف الثياب والتمر والحنطة ويقول رباعي أو سداسي أو بازل أو أي سن أسلف فيها فيكون السن إذا كان من حيوان معروفا فيما يسمى من الحيوان كالذرع فيما يذرع من الثياب والكيل فيما يكال من الطعام ; لأن هذا أقرب الأشياء من أن يحاط به فيه كما الكيل والذرع أقرب الأشياء في الطعام والثوب من أن يحاط به فيه ويقول لونه كذا ; لأنها تتفاضل في الألوان وصفة الألوان في الحيوان كصفة وشي الثوب ولون الخز والقز والحرير وكل يوصف بما أمكن فيه من أقرب الأشياء بالإحاطة به فيه ويقول ذكر أو أنثى لاختلاف الذكر والأنثى فإن ترك واحدا من هذا فسد السلف في الحيوان .
( قال ) : وأحب إلي أن يقول نقي من العيوب ، وإن لم يقله لم يكن له عيب وأن يقول جسيما فيكون له أقل ما يقع عليه اسم صفة الجسيم ، وإن لم يقله لم يكن له مودن ; لأن الإيدان عيب وليس له مرض ، ولا عيب ، وإن لم يشترطه ( قال ) : وإن اختلف نعم بني فلان كان له أقل ما يقع عليه صفة من أي نعمهم شاء فإن زادوه فهم متطوعون بالفضل وقد قيل إذا تباين نعمهم فسد السلف إلا بأن يوصف جنس من نعمهم ( قال ) : والحيوان كله مثل الإبل لا يجزئ في شيء منه إلا ما أجزأ في الإبل ( قال ) : وإن كان السلف في خيل أجزأ فيها ما أجزأ في الإبل وأحب إن كان السلف في الفرس أن يصف شيته مع لونه فإن لم يفعل فله اللون بهيما ، وإن كان له شية فهو بالخيار في أخذها وتركها والبائع بالخيار في تسليمها وإعطائه اللون بهيما .
( قال الشافعي ) : رحمه الله : وهكذا . هذا في ألوان الغنم إن وصف لونها وصفتها غرا أو كدرا وبما يعرف به اللون الذي يريد من الغنم ، وإن تركه فله اللون الذي يصف جملته بهيما وهكذا جميع الماشية حمرها وبغالها وبراذينها وغيرها مما يباع فعلى هذا ، هذا الباب كله وقياسه وهكذا ، هذا في العبيد والإماء يصف أسنانهن بالسنين وألوانهن وأجناسهن وتحليتهن بالجعودة والسبوطة .
( قال ) : وإن أتى على السن واللون والجنس أجزأه ، وإن ترك واحدا من هذا فسد السلف والقول في هذا وفي الجواري والعبيد كالقول فيما قبله والتحلية أحب إلي ، وإن لم يفعل فليس له عيب كما لا يكون له في البيع عيب إلا أنهما يختلفان في خصلة إن جعدت له .
[ ص: 121 ] وقد اشتراها نقدا بغير صفة كان بالخيار في ردها إذا علم أنها سبطة ; لأنه اشتراها على أنه يرى أنها جعدة والجعدة أكثر ثمنا من السبطة ولو اشتراها سبطة ثم جعدت ثم دفعت إلى المسلف لم يكن له ردها ; لأنها تلزمه سبطة ; لأن السبوطة ليست بعيب ترد منه إنما في تقصير عن حسن أقل من تقصيرها بخلاف الحسن عن الحسن والحلاوة عن الحلاوة .
( قال ) : ولا خير في أن يسلم في جارية بصفة على أن يوفاها وهي حبلى ، ولا في ذات رحم من الحيوان على ذلك من قبل أن الحمل ما لا يعلمه إلا الله وأنه شرط فيها ليس فيها وهو شراء ما لا يعرف وشراؤه في بطن أمه لا يجوز ; لأنه لا يعرف ، ولا يدري أيكون أم لا ، ولا خير في أن يسلف في ناقة بصفة ومعها ولدها موصوفا ، ولا في وليدة ، ولا في ذات رحم من حيوان كذلك ( قال ) : ولكن إن أسلف في وليدة أو ناقة أو ذات رحم من الحيوان بصفة ووصف بصفة ولم يقل ابنها أو ولد ناقة أو شاة ولم يقل ولد الشاة التي أعطاها جاز وسواء أسلفت في صغير أو كبير موصوفين بصفة وسن تجمعهما أو كبيرين كذلك ( قال ) : وإنما أجزته في أمة ووصيف يصفه لما وصفت من أنه يسلم في اثنين وكرهت أن يقال ابنها ، وإن كان موصوفا ; لأنها قد تلد ، ولا تلد وتأتي على تلك الصفة ، ولا تأتي وكرهته لو قال معها ابنها ، وإن لم يوصف ; لأنه شراء عين بغير صفة وشيء غير مضمون على صاحبه ألا ترى أني لا أجيز أن أسلف في أولادها سنة ; لأنها قد تلد ، ولا تلد ويقل ولدها ويكثر والسلف في هذا الموضع يخالف بيع الأعيان .
( قال ) : ولو سلف في ناقة موصوفة أو ماشية أو عبد موصوف على أنه خباز أو جارية موصوفة على أنها ماشطة كان السلف صحيحا وكان له أدنى ما يقع عليه اسم المشط وأدنى ما يقع عليه اسم الخبز إلا أن يكون ما وصفت غير موجود بالبلد الذي يسلف فيه بحال فلا يجوز .
( قال ) : ولو سلف في ذات در على أنها لبون كان فيها قولان أحدهما أنه جائز ، وإذا وقع عليها أنها لبون كانت له كما قلنا في المسائل قبلها ، وإن تفاضل اللبن كما يتفاضل المشي والعمل والثاني لا يجوز من قبل أنها شاة بلبن ; لأن شرطه ابتياع له واللبن يتميز منها ، ولا يكون بتصرفها إنما هو شيء يخلقه الله عز وجل فيها كما يحدث فيها البعر وغيره فإذا وقعت على هذا صفة المسلف كان فاسدا كما يفسد أن يقول أسلفك في ناقة يصفها ولبن معها غير مكيل ، ولا موصوف وكما لا يجوز أن أسلفك في وليدة حبلى وهذا أشبه القولين بالقياس والله أعلم ( قال ) : والسلف في الحيوان كله وبيعه بغيره وبعضه ببعض هكذا لا يختلف مرتفعهم وغير مرتفعهم والإبل والبقر والغنم والخيل والدواب كلها وما كان موجودا من الوحش منها في أيدي الناس مما يحل بيعه سواء كله ويسلف كله بصفة إلا الإناث من النساء فإنا نكره سلفهن دون ما سواهن من الحيوان .
ولا نكره أن يسلف فيهن إنما نكره أن يسلفن وإلا الكلب والخنزير فإنهما لا يباعان بدين ، ولا عين .
( قال ) : وما لم ينفع من السباع فهو مكتوب في غير هذا الموضع وكل ما لم يحل بيعه لا يحل السلف فيه والسلف بيع ( قال ) : وكل ما أسلفت من حيوان وغيره وشرطت معه غيره فإن كان المشروط معه موصوفا يحل فيه السلف على الانفراد جاز فكنت إنما أسلفت فيه وفي الموصوف معه ، وإن لم يكن يجوز السلف فيه على الانفراد فسد السلف ، ولا يجوز أن يسلف في حيوان موصوف من حيوان رجل بعينه أو بلد بعينه ولإنتاج ماشية رجل بعينه ، ولا يجوز أن يسلف فيه إلا فيما لا ينقطع من أيدي الناس كما قلنا في الطعام وغيره .
( قال الربيع ) : ( قال الشافعي ) : ولا يجوز أن أقرضك جارية ويجوز أن أقرضك كل .
[ ص: 122 ] شيء سواها من دراهم ودنانير ; لأن الفروج تحاط بأكثر مما يحاط به غيرها فلما كنت إذا أسلفتك جارية كان لي نزعها منك لأني لم آخذ منك فيها عوضا لم يكن لك أن تطأ جارية لي نزعها منك . والله أعلم .
باب الاختلاف في أن يكون الحيوان نسيئة أو يصلح منه اثنان بواحد
( قال الشافعي ) : رحمه الله فخالفنا بعض الناس في الحيوان فقال لا يجوز أن يكون الحيوان نسيئة أبدا قال وكيف أجزتم أن جعلتم الحيوان دينا وهو غير مكيل ، ولا موزون والصفة تقع على العبدين وبينهما دنانير وعلى البعيرين وبينهما تفاوت في الثمن ؟ قال نقلناه قلنا بأولى الأمور بنا أن نقول به بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في استسلافه بعيرا وقضائه إياه والقياس على ما سواها من سنته ولم يختلف أهل العلم فيه ( قال ) : فاذكر ذلك قلت أما السنة النص ، فإنه استسلف بعيرا وأما السنة التي استدللنا بها فإنه قضى بالدية مائة من الإبل ولم أعلم المسلمين اختلفوا أنها بأسنان معروفة وفي مضي ثلاث سنين وأنه صلى الله عليه وسلم افتدى كل من لم يطب عنه نفسا من قسم له من سبي هوازن بإبل سماها ست أو خمس إلى أجل .
( قال ) : أما هذا فلا أعرفه قلنا : فما أكثر ما لا تعرفه من العلم ، قال : أفثابت ؟ قلت نعم ولم يحضرني إسناده قال ولم أعرف الدية من السنة قلت وتعرف مما لا تخالفنا فيه أن يكاتب الرجل على الوصفاء بصفة وأن يصدق الرجل المرأة العبيد والإبل بصفة ؟ قال نعم وقال : ولكن الدية تلزم بغير أعيانها .
قلت وكذلك الدية من الذهب تلزم بغير أعيانها ولكن نقد البلاد ووزن معلوم غير مردود فكذلك تلزم الإبل إبل العاقلة وسن معلومة وغير معيبة ولو أراد أن ينقص من أسنانها سنا لم تجز فلا أراك إلا حكمت بها مؤقتة وأجزت فيها أن تكون دينا وكذلك أجزت في صداق النساء لوقت وصفة وفي الكتابة لوقت وصفة ولو لم يكن روينا فيه شيئا إلا ما جامعتنا عليه من أن الحيوان يكون دينا في هذه المواضع الثلاث أما كنت محجوجا بقولك لا يكون الحيوان دينا وكانت علتك فيه زائلة ؟ .
( قال ) : وإن النكاح يكون بغير مهر ؟ قلت له فلم تجعل فيه مهر مثل المرأة إذا أصيبت وتجعل الإصابة كالاستهلاك في السلعة في البيع الفاسد تجعل فيه قيمته ؟ قال فإنما كرهنا السلم في الحيوان ; لأن ابن مسعود كرهه قلنا يخالف السلم سلفه أو البيع به أم هما شيء واحد ؟ .
قال بل كل ذلك واحد إذا جاز أن يكون دينا في حال جاز أن يكون دينا في كل حال قلت قد جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم دينا في السلف والدية ولم تخالفنا في أنه يكون في موضعين آخرين دينا في الصداق والكتابة فإن قلت ليس بين العبد وسيده ربا قلت أيجوز أن يكاتبه على حكم السيد وعلى أن يعطيه ثمرة لم يبد صلاحها وعلى أن يعطيه ابنه المولود معه في كتابته كما يجوز لو كان عبدا له ويكون للسيد يأخذ ماله ؟ قال ما حكمه حكم العبيد قلنا فقلما نراك تحتج بشيء إلا تركته والله المستعان وما نراك أجزت في الكتابة إلا ما أجزت في البيوع فكيف أجزت في الكتابة أن يكون الحيوان نسيئة ولم تجزه في السلف فيه ؟ أرأيت لو كان ثابتا عن ابن مسعود أنه كره السلم في الحيوان غير مختلف عنه فيه والسلم عندك إذا كان دينا كما وصفنا من إسلافه وغير ذلك أكان يكون في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الناس حجة ؟ قال لا قلت فقد جعلته حجة على ذلك متظاهرا متأكدا في غير موضع وأنت تزعم في أصل قولك أنه ليس بثابت عنه قال ومن أين ؟ قلت وهو منقطع عنه ويزعم الشعبي الذي هو أكبر من الذي روي عنه كراهته أنه إنما أسلف .
[ ص: 123 ] له في لقاح فحل إبل بعينه وهذا مكروه عندنا وعند كل أحد هذا بيع الملاقيح والمضامين أو هما وقلت لمحمد بن الحسن أنت أخبرتني عن أبي يوسف عن عطاء بن السائب عن أبي البحتري أن بني عم لعثمان أتوا واديا فصنعوا شيئا في إبل رجل قطعوا به لبن إبله وقتلوا فصالها فأتى عثمان وعنده ابن مسعود فرضي بحكم ابن مسعود فحكم أن يعطي بواديه إبلا مثل إبله وفصالا مثل فصاله فأنفذ ذلك عثمان فيروى عن ابن مسعود أنه يقضي في حيوان بحيوان مثله دينا ; لأنه إذا قضي به بالمدينة وأعطيه بواديه كان دينا ويزيد أن يروي عن عثمان أنه يقول بقوله وأنتم تروون عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال أسلم لعبد الله بن مسعود في وصفاء أحدهم أبو زائدة مولانا فلو اختلف قول ابن مسعود فيه عندك فأخذ رجل ببعضه دون بعض ألم يكن له ؟ قال بلى قلت ولو لم يكن فيه غير اختلاف قول ابن مسعود ؟ قال نعم قلت فلم خالفت ابن مسعود ومعه عثمان ومعنى السنة والإجماع ؟ قال فقال منهم قائل فلو زعمت أنه لا يجوز السلم فيه ويجوز إسلامه وأن يكون دية وكتابة ومهرا وبعيرا ببعيرين نسيئة قلت فقله إن شئت قال فإن قلته ؟ قلت يكون أصل قولك لا يكون الحيوان دينا خطأ بحاله قال فإن انتقلت عنه ؟ قلت فأنتم تروون عن ابن عباس أنه أجاز السلم في الحيوان وعن رجل آخر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا لنرويه قلت فإن ذهب رجل إلى قولهما أو قول أحدهما دون قول ابن مسعود أيجوز له ؟ قال نعم قلت فإن كان مع قولهما أو قول أحدهما القياس على السنة والإجماع ؟ قال فذلك أولى أن يقال به قلت أفتجد مع من أجاز السلم في الحيوان القياس فيما وصفت ؟ قال نعم وما دريت لأي معنى تركه أصحابنا قلت أفترجع إلى إجازته ؟ قال أقف فيه قلت فيعذر غيرك في الوقف عما بان له ؟ ( قال ) : ورجع بعضهم ممن كان يقول قولهم من أهل الآثار إلى إجازته وقد كان يبطله ( قال الشافعي ) : قال محمد بن الحسن فإن صاحبنا قال إنه يدخل عليكم خصلة تتركون فيها أصل قولكم إنكم لم تجيزوا استسلاف الولائد خاصة وأجزتم بيعهن بدين والسلف فيهن قال قلت أرأيت لو تركنا قولنا في خصلة واحدة ولزمناه في كل شيء أكنا معذورين ؟ قال لا قلت ; لأن ذلك خطأ ؟ قال نعم قلت فمن أخطأ قليلا أمثل حالا أم أخطأ كثيرا ؟ قال بل من أخطأ قليلا ، ولا عذر له قلت فأنت تقر بخطأ كثير وتأبى أن تنتقل عنه ونحن لم نخطئ أصل قولنا إنما فرقنا بينه بما تتفرق الأحكام عندنا وعندك بأقل منه قال فاذكره قلت أرأيت إذا اشتريت منك جارية موصوفة بدين أملكت عليك إلا الصفة ؟ ولو كانت عندك مائة من تلك الصفة لم تكن في واحدة منهن بعينها وكان لك أن تعطي أيتهن شئت فإذا فعلت فقد ملكتها حينئذ ؟ قال نعم قلت ، ولا يكون لك أخذها مني كما لا يكون لك أخذها لو بعتها مكانك وانتقدت ثمنها ؟ قال نعم وكل بيع بيع بثمن ملك هكذا قال : نعم قلت : أفرأيت إذا أسلفتك جارية إلى أخذها منك بعدما قبضتها من ساعتي وفي كل ساعة ؟ قال نعم قلت فلك أن تطأ جارية متى شئت أخذتها أو استبرأتها ووطئتها ؟ قال فما فرق بينها وبين غيرها ؟ قلت الوطء قال فإن فيها لمعنى في الوطء ما هو في رجل ، ولا في شيء من البهائم قلت فبذلك المعنى فرقت بينهما ؟ قال فلم لم يجز له أن يسلفها فإن وطئها لم يردها ورد مثلها ؟ قلت أيجوز أن أسلفك شيئا ثم يكون لك أن تمنعني منه ولم يفت قال لا قلت فكيف تجيز إن وطئها أن لا يكون لي عليها سبيل وهي غير فائتة ، ولو جاز لم يصح فيه قول ؟ قال وكيف إن أجزته لا يصح فيه قول ؟ قلت : لأني إذا سلطته على إسلافها فقد أبحت فرجها للذي سلفها فإن لم يطأها حتى يأخذها السيد أبحته للسيد فكان الفرج حلالا لرجل ثم حرم عليه بلا إخراج له من ملكه ، ولا تمليكه رقبة الجارية غيره ، ولا طلاق ( أخبرنا الربيع ) : قال .
( قال الشافعي ) : وكل فرج حل فإنما يحرم بطلاق أو إخراج ما ملكه إلى [ ص: 124 ] ملك غيره أو أمور ليس المستسلف في واحد منها قال أفتوضحه بغير هذا مما نعرفه ؟ قلت نعم قياسا على أن السنة فرقت بينه قال فاذكره قلت أرأيت المرأة نهيت أن تسافر إلا مع ذي رحم محرم ونهيت أن يخلو بها رجل وليس معها ذو محرم ونهيت عن الحلال لها من التزويج إلا بولي ؟ قال نعم قلت أفتعرف في هذا معنى نهيت له إلا ما خلق في الآدميين من الشهوة للنساء وفي الآدميات من الشهوة للرجال فحيط في ذلك لئلا ينسب إلى المحرم منه ، ثم حيط في الحلال منه لئلا ينسب إلى ترك الحظ فيه أو الدلسة ؟ قال ما فيه معنى إلا هذا أو في معناه قلت أفتجد إناث البهائم في شيء من هذه المعاني أو ذكور الرجال أو البهائم من الحيوان ؟ قال لا قلت فبان لك فرق الكتاب والسنة بينهن وأنه إنما نهي عنه للحياطة لما خلق فيهن من الشهوة لهن ؟ قال نعم قلت فبهذا فرقنا وغيره مما في هذا كفاية منه إن شاء الله تعالى ، قال أفتقول بالذريعة ؟ قلت لا ، ولا معنى في الذريعة إنما المعنى في الاستدلال بالخبر اللازم أو القياس عليه أو المعقول .
باب السلف في الثياب
( أخبرنا الربيع ) : قال أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن جريج أنه سئل ابن شهاب عن ثوب بثوبين نسيئة فقال لا بأس به ولم أعلم أحدا يكرهه ( قال الشافعي ) : وما حكيت من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل على أهل نجران ثيابا معروفة عند أهل العلم بمكة ونجران ، ولا أعلم خلافا في أنه يحل أن يسلم في الثياب بصفة ، قال والصفات في الثياب التي لا يستغنى عنها ، ولا يجوز السلف حتى تجمع أن يقول لك الرجل أسلم إليك في ثوب مروي أو هروي أو رازي أو بلخي أو بغدادي طوله كذا وعرضه كذا صفيقا دقيقا أو رقيقا فإذا جاء به على أدنى ما تلزمه هذه الصفة لزمه وهو متطوع بالفضل في الجودة إذا لزمتها الصفة وإنما قلت دقيقا ; لأن أقل ما يقع عليه اسم الدقة غير متباين الخلاف في أدق منه وأدق منه زيادة في فضل الثوب ولم أقل صفيقا مرسلة ; لأن اسم الصفاقة قد يقع على الثوب الدقيق والغليظ فيكون إن أعطاه غليظا أعطاه شرا من دقيق ، وإن أعطاه دقيقا أعطاه شرا من غليظ وكلاهما يلزمه اسم الصفاقة قال وهو كما وصفت في الأبواب قبله إذا ألزم أدنى ما يقع عليه الاسم من الشرط شيئا وكان يقع الاسم على شيء مخالف له هو خير منه لزم المشتري ; لأن الخير زيادة يتطوع بها البائع ، وإذا كان يقع على ما هو شر منه لم يلزمه ; لأن الشر نقص لا يرضى به المشتري ( قال ) : فإن شرطه صفيقا ثخينا لم يكن له أن يعطيه دقيقا ، وإن كان خيرا منه ; لأن في الثياب علة أن الصفيق الثخين يكون أدفأ في البرد وأكن في الحر وربما كان أبقى فهذه علة تنقصه ، وإن كان ثمن الأدق أكثر فهو غير الذي أسلف فيه وشرط لحاجته ( أخبرنا الربيع ) : قال ( قال الشافعي ) : وإن أسلم في ثياب بلد بها ثياب مختلفة الغزل والعمل يعرف كلها باسم سوى اسم صاحبه لم يجز السلف حتى يصف فيه ما وصفت قبل ويقول ثوب كذا وكذا من ثياب بلد كذا ومتى ترك من هذا شيئا لم يجز السلف ; لأنه بيع مغيب غير موصوف كما لا يجوز في التمر حتى يسمى جنسه ( قال ) : وكل ما أسلم فيه من أجناس الثياب هكذا كله إن كان وشيا نسبه يوسفيا أو نجرانيا أو فارعا أو باسمه الذي يعرف به ، وإن كان غير وشي من العصب والحبرات وما أشبهه ، وصفه ثوب حبرة من عمل بلد كذا دقيق البيوت ، أو متركا مسلسلا أو صفته أو جنسه الذي هو جنسه وبلده فإن اختلف عمل ذلك البلد قال من عمل كذا للعمل الذي .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|