عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 07-07-2022, 10:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,406
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ آل عمران
المجلد الرابع
الحلقة (159)

من صــ 449 الى صـ 456


فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ فَسَّرَ مُرَادَ مُتَكَلِّمٍ: أَيِّ مُتَكَلِّمٍ كَانَ بِمَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ خِلَافُ مُرَادِهِ فَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ آحَادِ الْعَامَّةِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنَ الْمُتَنَبِّئِينَ الْكَذَّابِينَ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَ كَذِبَهُ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ وَعَرَفَ مُرَادَهُ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيْهِ فَيُقَالُ: أَرَادَ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ الْكَذِبَ حَرَامٌ قَبِيحٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ سَوَاءً كَانَ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا فَكَيْفَ بِمَنْ يُفَسِّرُ مُرَادَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِمَا يَعْلَمُ كُلُّ مَنْ خَبَرَ حَالَهُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بَلْ يَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهُ أَرَادَ الْعُمُومَ.

فَإِنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} [آل عمران: 85] صِيغَةٌ عَامَّةٌ، وَصِيغَةُ " مَنْ " الشَّرْطِيَّةُ مِنْ أَبْلَغِ صِيَغِ الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] (7) {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 8] ثُمَّ إِنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَهْلَ الْكِتَابِ وَغَيْرَهُمْ، فَإِنَّ هَذَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فِي أَثْنَاءِ مُخَاطَبَتِهِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَمُنَاظَرَتِهِ لِلنَّصَارَى، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ نَجْرَانَ النَّصَارَى وَرَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا سِتِّينَ رَاكِبًا وَفِيهِمُ السَّيِّدُ وَالْأَيْهَمُ وَالْعَاقِبُ وَقِصَّتُهُمْ مَشْهُورَةٌ مَعْرُوفَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.
وَقَدْ قَالَ قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ بِذَمِّ دِينِ النَّصَارَى الَّذِي ابْتَدَعُوهُ وَغَيَّرُوا بِهِ دِينَ الْمَسِيحِ وَلَبَّسُوا الْحَقَّ الَّذِي بُعِثَ بِهِ الْمَسِيحُ بِالْبَاطِلِ الَّذِي ابْتَدَعُوهُ حَتَّى صَارَ دِينُهُمْ مُرَكَّبًا مِنْ حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَاخْتَلَطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَلَا يَكَادُ يُوجَدُ مَعَهُ مَنْ يَعْرِفُ مَا نَسَخَهُ الْمَسِيحُ مِنْ شَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ مِمَّا أَقَرَّهُ وَالْمَسِيحُ قَرَّرَ أَكْثَرَ شَرْعِ التَّوْرَاةِ وَغَيَّرَ الْمَعْنَى وَعَامَّةُ النَّصَارَى لَا يُمَيِّزُونَ مَا قَرَّرَهُ مِمَّا غَيَّرَهُ فَلَا يُعْرَفُ دِينُ الْمَسِيحِ.
قَالَ - تَعَالَى -: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79] (79) {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 80] فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ مَنِ اتَّخَذَ الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا فَهُوَ كَافِرٌ فَمَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِمْ أَرْبَابًا كَانَ أَوْلَى بِالْكُفْرِ وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ النَّصَارَى اتَّخَذُوا مَنْ هُوَ دُونَهُمْ أَرْبَابًا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 31] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81]

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ حَيٌّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرَنَّهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا، فَإِنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ} [آل عمران: 81] يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ النَّبِيِّينَ {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81] وَهَذِهِ اللَّامُ الْأُولَى تُسَمَّى اللَّامَ الْمُوَطِّئَةَ لِلْقَسَمِ وَاللَّامُ الثَّانِيَةُ: تُسَمَّى لَامَ جَوَابِ الْقَسَمِ، وَالْكَلَامُ إِذَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَرْطٌ وَقَسَمٌ وَقُدِّمَ الْقَسَمُ سَدَّ جَوَابُ الْقَسَمِ مَسَدَّ جَوَابِ الشَّرْطِ، وَالْقَسَمِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [الحشر: 12] وَمِنْهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى -: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [التوبة: 75]
وَقَوْلُهُ: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا} [الأنعام: 109] وَقَوْلُهُ: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا} [النور: 53] وَقَوْلُهُ: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} [فاطر: 42] وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان: 25] (وَقَوْلُهُ): {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} [التوبة: 65] (وَقَوْلُهُ): {لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 149] وَقَوْلُهُ: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ} [الأحزاب: 60]

وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء: 86] وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 73] وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف: 32] وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ} [الروم: 58] وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} [العنكبوت: 10] وَقَوْلُهُ: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} [هود: 8] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَحَيْثُ لَمْ يُذْكَرِ الْقَسَمُ فَهُوَ مَحْذُوفٌ مُرَادُ تَقْدِيرِ الْكَلَامِ - وَاللَّهِ - {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} [الحشر: 12]- وَاللَّهِ - {وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} [الحشر: 12] وَمِنْ مَحَاسِنِ لُغَةِ الْعَرَبِ أَنَّهَا تَحْذِفُ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ اخْتِصَارًا وَإِيجَازًا لَا سِيَّمَا فِيمَا يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ كَالْقَسَمِ (وَقَوْلُهُ): {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ} [آل عمران: 81] هِيَ مَا الشَّرْطِيَّةُ، وَالتَّقْدِيرُ: أَيُّ شَيْءٍ أَعْطَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ، وَلَا تَكْتَفُوا بِمَا عِنْدَكُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ مَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ عَلَى أَنْ تَتْرُكُوا مُتَابَعَتَهُ بَلْ عَلَيْكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ وَتَنْصُرُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ فَلَا يُغْنِيكُمْ مَا آتَيْتُكُمْ عَمَّا جَاءَ بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ.
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ مُحَمَّدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ كِتَابٌ وَحِكْمَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِمُحَمَّدٍ وَيَنْصُرَهُ كَمَا قَالَ {لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81]
وَقَدْ أَقَرَّ الْأَنْبِيَاءُ بِهَذَا الْمِيثَاقِ وَشَهِدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهِ كَمَا قَالَ - تَعَالَى -: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 82] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 84] ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]
قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى نَحْنُ مُسْلِمُونَ. فَقَالَ - تَعَالَى -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97] فَقَالُوا: لَا نَحُجُّ فَقَالَ - تَعَالَى -: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَرَ حَجَّ الْبَيْتِ وَاجِبًا عَلَيْهِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ.
وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا يَرَوْنَهُ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ فَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ حَتَّى أَنَّهُ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " «مَنْ مَلَكَ زَادًا وَرَاحِلَةً تُبَلِّغُهُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا» ".

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 36.63 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 36.00 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.71%)]