
13-07-2022, 05:23 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة :
|
|
رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الحج --- متجدد

شرح العمدة لابن تيمية كتاب الحج (2)
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 501الى صــ 510
(76)
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَالَ: وَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ».
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ بِعَرَفَةَ: فَعَلَّمَهُمْ أَمْرَ الْحَجِّ ". رَوَاهُ مَالِكٌ. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ ذُكِرَ فِيهَا أَمْرُ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَالْحَلْقُ، وَقَدْ ذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُطْبَتِهِ جَوَامِعَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالشَّرِيعَةِ كَمَا ذَكَرَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
«وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ فِي حَدِيثِهِ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً: " أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَاتٍ وَهُوَ يَخْطُبُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيَخْطُبُ عَقِبَ الزَّوَالِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِالْأَذَانِ، وَيَنْزِلُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، فَتَكُونُ الْخُطْبَةُ بَيْنَ وَالْأَذَانِ.
قَالَ أَحْمَدُ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. هَكَذَا يَصْنَعُ النَّاسُ، لَا يَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ حَتَّى يَقْضِيَ الْخُطْبَةَ ; لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ قَالَ: " «فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي وَذَكَرَ خُطْبَتَهُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ ... .
[مَسْأَلَةٌ صفة الوقوف بعرفة]
مَسْأَلَةٌ: (وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ)
وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ جَابِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» ... .

[مَسْأَلَةٌ أفضل أحوال الوقوف بعرفة]
مَسْأَلَةٌ: (وَيَكُونُ رَاكِبًا)
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْكَوْنِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ مُضْطَجِعًا، أَوْ مَاشِيًا، لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي أَفْضَلِ الْأَحْوَالِ لِلْوُقُوفِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْأَثْرَمِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ ... وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي ; قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ سُنَّةٌ، وَالْوُقُوفُ عَلَى الْأَقْدَامِ رُخْصَةٌ، فَكَيْفَ تَقُولُ فِي هَذَا؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ وَقَفَ وَهُوَ رَاكِبٌ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ وَافَقَ مَالِكًا، وَاحْتَجَّ لَهُ ; لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ رَاكِبًا، وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الْأَفْضَلَ، وَقَدْ قَالَ: " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَكَذَلِكَ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرَّاجِلُ أَفْضَلُ، قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ مَاشِيًا أَفْضَلُ، كَذَلِكَ يَجِيءُ عَنْهُ فِي الْوُقُوفِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ رَاكِبًا فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رُخْصَةٌ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: لِأَنَّ جَمِيعَ الْعِبَادَاتِ وَالْمَنَاسِكِ عَلَى ذَلِكَ ; يَعْنِي مِنَ الطَّوَافِ، وَالسَّعْيِ، وَالْوُقُوفِ بِمُزْدَلِفَةَ وَبِمِنًى، وَإِنَّمَا وَقَفَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاكِبًا لِيَرَى النَّاسَ وَيَرَوْهُ.
فَعَلَى هَذَا يَقِفُ الْإِمَامُ رَاكِبًا، وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: وُقُوفُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ النَّاسُ أَوْلَى.
لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَنِ الْمَرْكُوبِ، وَتَوَاضُعًا لِلَّهِ بِالنُّزُولِ إِلَى الْأَرْضِ.
فَعَلَى هَذَا إِذَا أُعْيِيَ مِنَ الْقِيَامِ فَهَلْ يَكُونُ قُعُودُهُ أَفْضَلَ؟ ... .
وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا؟ فَتَوَقَّفَ.
وَمَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ قَالَ: الْوُقُوفُ يَطُولُ زَمَانُهُ، وَالْوَاقِفُ عَلَى رِجْلَيْهِ يُعْيَى وَيَكِلُّ، وَذَلِكَ يُضْجِرُهُ عَنِ الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ.

[مَسْأَلَةٌ ما يستحب من الذكر والدعاء بعرفة]
مَسْأَلَةٌ: (وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ)
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ هَذَا الْمَوْقِفَ مَشْهَدٌ عَظِيمٌ وَيَوْمٌ كَرِيمٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَشْهَدٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، وَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَلَفْظُهُ " عَبْدًا أَوْ أَمَةً ".
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ مَوْلَى طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِذَا كَانَ يَنْزِلُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ ; فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: فِيهِمْ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَمَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ عِتْقًا مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» ".
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا يَرَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ، قِيلَ: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ وَهُوَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ» ". رَوَاهُ مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَهُوَ مُرْسَلٌ.
وَفِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ، وَهَذَا الْمَكَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فَرَوَى طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: " أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا أُنْزِلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ، وَابْنَ مَاجَهْ.
وَأَمَّا تَوْقِيتُ الدُّعَاءِ فِيهِ: فَلَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدِ اسْتَحَبُّوا الْمَأْثُورَ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ ; وَهُوَ مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: " «كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهَذَا لَفْظُهُ.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: " «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ.
وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ» " رَوَاهُ مَالِكٌ.
وَاسْتَحَبُّوا أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: " «أَكْثَرُ مَا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فِي الْمَوْقِفِ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ وَخَيْرٍ مِمَّا نَقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلَاتِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي، وَإِلَيْكَ مَآبِي وَلَكَ تُرَاثِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجْرِي بِهِ الرِّيحُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «كَانَ مِمَّا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَسْمَعُ كَلَامِي، وَتَرَى مَكَانِي، وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلَانِيَتِي، لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي، أَنَا الْبَائِسُ الْفَقِيرُ الْمُسْتَغِيثُ الْمُسْتَجِيرُ، الْوَجِلُ الْمُشْفِقُ، الْمُقِرُّ الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِهِ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وَفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ، وَذَلَّ جَسَدُهُ، وَرَغِمَ أَنْفُهُ لَكَ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي بِدُعَائِكَ شَقِيًّا، وَكُنْ بِي رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِعَرَفَاتٍ بِمِثْلِ دُعَائِهِ عَلَى الصَّفَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا بِالْهُدَى، وَزَيِّنَّا بِالتُّقَى، وَاغْفِرْ لَنَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، ثُمَّ يَخْفِضُ صَوْتَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَعَطَائِكَ رِزْقًا طَيِّبًا مُبَارَكًا، اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ، وَقَضَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ بِالْإِجَابَةِ، وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ وَعْدَكَ، وَلَا تَكْذِبُ عَهْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا أَحْبَبْتَ مِنْ خَيْرٍ فَحَبِّبْهُ إِلَيْنَا وَيَسِّرْهُ لَنَا، وَمَا كَرِهْتَ مِنْ شَرٍّ، فَكَرِّهْهُ إِلَيْنَا وَجَنِّبْنَاهُ، وَلَا تَنْزِعْ مِنَّا الْإِسْلَامَ بَعْدَ إِذْ أَعْطَيْتَنَا ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَرٍّ ... ، ثُمَّ يَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ.
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، اللَّهُمَّ اهْدِنِي بِالْهُدَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى "، ثُمَّ يُرَدِّدُ ذَلِكَ كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادٍ، وَرَوَى ذَلِكَ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ اهْدِنِي بِالْهُدَى وَقِنِي بِالتَّقْوَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، ثُمَّ يَرُدُّ يَدَيْهِ فَيَسْكُتُ كَقَدْرِ مَا كَانَ إِنْسَانٌ قَارِئًا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى أَفَاضَ ... .
قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ - يَقِفُ وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ; لِمَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: " «كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو، فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا، فَتَنَاوَلَ الْخِطَامَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَهُ الْأُخْرَى» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: " «لَمْ يُحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ الرَّفْعَ كُلَّهُ إِلَّا فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ: الِاسْتِسْقَاءِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ رَفْعٌ دُونَ رَفْعٍ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|