
13-07-2022, 06:56 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,237
الدولة :
|
|
خطبة عيد الأضحى المبارك 1443هـ
خطبة عيد الأضحى المبارك 1443هـ
د. عبدالعزيز حمود التويجري
الخطبة الأولى الحمد لله حمدًا كثيرًا يليق بجلال ذاته، ويرتقى إلى كمال صفاته ويشيد بعظيم مننه ولطفه ونعمائه..
الحمد لله كم فينا لخالقنا 
مواهب ليس يحصي شكرها أحدُ
وأشهد أن لا إله إلا الله الملك القدوس السلام، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدالله ورسوله خير من صلى وصام، وحج البيت الحرام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان صلاة دائمة سابغة البركات معطرة النفحات.
الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر بُكرةً وعشيَّةً 
الله أكبرُ سامعُ الأصواتِ
الله أكبر عالمًا ومُهيمِنًا 
مُحصِي الحَجيج وجامعِ الأشتاتِ
الله أكبر أنت أرحمُ راحمٍ 
فاقبَلْ كريمًا صالحَ الدعواتِ
الله أكبر كبيرًا، والحمدُ لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلا؛ أما بعد:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
إنّ يومكم هذا يوم عظيم جليل أبان الله فضله، وأوجب تشريفه، وعظّم حرمته، ووفّق له من خلقه صفوته، وابتلى فيه خليله، وفدى فيه من الذّبح نبيّه؛ يومٌ حرام من أيّامٍ عظام، جعله الله خاتم الأيام المعلومات من العشر، ومتقدّم الأيام المعدودات من النّفر، ذلكم هو يوم النحر، يوم الحجّ الأكبر، يوم دعا الله إلى مشهده، ونزل القرآن بتعظيمه: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].
هذا اليوم الأغر عيدٌنا أهل الإسلام، يَستفتحهُ بصلاةِ العيدِ أهلُ الأمصار، ويستفتحهُ الحجاجُ برمي الجمار، أقوالُ وأعمَالُ وأنساكُ يتجلَّى فيها توحِيدُ اللهِ والانقِيادُ لهُ ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ ﴾ [الأنعام: 162، 163].
شُرعت فيه أعمالٌ هي من أجلِّ العباداتِ وأعظَمِ الطاعاتِ، من حجِّ بيتِ اللهِ الحرامِ، وَالوقوفِ بالمشاعرِ العظامِ.. فيا هناءَ من بَلَغوا ذاك المقام، وهم الآن يدفعون من مزدلفة لرمي الجمار.. يلبون
لبيك لبيك جد الركب وانطلقت 
جموعه والنداء العذب يدفعه
أصداؤه في فجاج الأرض عالية 
والبيد في رحبها نشوى ترجعه
وفي الجوانح من وجد ومن وله 
ما جاش في النفس حتى صاب مترعه
فلله ما أنقى وأجمل من ترداد تلبية 
ينجو بها محرم والكون يسمعه
بيت الله الحرام والمشاعر العظام رمز الحنيفية ملة إبراهيم إمام الحنفاء، جعل الله به الأسوة بالدين، وبه الاقتداء في البراءة من الشرك وأهله:﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [الممتحنة: 4].
حنيفية ملة ابينا إبراهيم هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾[النحل: 123] لا تقارب مع ملة غير الإسلام ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ [آل عمران: 85] ولا تواد ولا تسامح مع من يقولون على الله قولًا عظيمًا، تعالى الله عما يقول الظّالمون علوا كبيرا.
ليس لأهل الأرض خيار إلا الإسلام قال مبلغ الرسالة r«وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» أخرجه مسلم.
لا يسع أحد كائنا من كان أن يحيد عن منهج محمد r بأصوله وفروعه، قال عليه الصلاة والسلام « والذي نفسي بيده، لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني» أخرجه الإمام احمد وغيره.
كفا ضياعا أن توَجه القلوبُ إلى غير باريها، والأجيال إلى غير معلمها، والمناهج إلى غير مُحكمها.
إن دين الله قوي متين، وأحكامه راسخة واضحة، لا تغيرها الظروف ولا تهونها الأزمات والصروف ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19].
الدين لا يشتد عوده ولا يظهر برهانه إلا بعد التمحيص والابتلاء، وما نجحت دعوة الأنبياء وانتصر الأولياء إلا بعد النجاح في الاختبار والابتلاء ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 103 - 106]
والشدائد تمر على الأمةِ حتى يعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين. لأن الإيمان أمانة الله في الأرض، لا يحمل هذه الأمانة على وجهها إلا من هم لها أهل وفيهم على حملها قدرة، وفي قلوبهم تجرد لها وإخلاص.. فثقوا بنصر الله إن ثبتم على الدين في حلك الظلام ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].
فيا أيها المؤمنون والمؤمنات.. دينكم دينكم.. لا يُسعد دنياكم، ولا ينجيكم في أخراكم إلا التمسك بشريعة رب العالمين، بثبات وتضحيات، وانقياد وتسليم لله ولرسوله لا حسب الأهواء والرغبات، عَضوا على دينكم بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، ودعاة الفجور، سلاحهم التشكيك بالدين، ضحيتهم البنت المكنونة، والزوجة المصونة، يتسلقون البيوت من غير جدران يذبحون الغيرة بسكين الإغواء والإغراء..
حافظوا على ما جمعتم من حسنات أن يأكلها الحسد أو الخوض في أعراض المسلمين،واواااجحنبللاح أو يفسدها التهاون بالصلاة فإن الصلاة عماد الدين، وصلاح المرء مرهون بصلاته..
ونأو بأنفسكم وأهليكم وأولادكم عن أماكن صخب يعلوا فيها الغناء، ويكسر فيها الحياء، ووسيلة لطريق الحرام بالتعارف والاختلاء..
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكبرُ لا إله إلا الله والله أكبر، الله كبر ولله الحمد..
نحمد الله وشكره ونستغفره فاستغفروه إن ربنا لغفور شكور.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|