عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 31-07-2022, 04:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,588
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الطويل والتدوير

( ص: 52):
لَا فَضْلَ إِلَّا فَضْلُ أُمٍّ عَلَى ابْنِها
كَفَضْلِ أَبِي الْأَشْبَالِ عِنْدَ الْفَرَزْدَقِ

ومطالع الأبيات التي بالإِمكان أن يُحلَّ أمرُها وَتُرَدَّ إلى التَّمام مِن خِلال إضافَة حرْف مِن حروف المعاني:
في الجزء الأول من ديوانه: إن هجاء ( ص: 66) / لَم أنْسَ (107)/ لَو أنَّ (116)/ لَو كُنت (122)/ إنْ تَسأَل (124)/ نِعمَ أبو الأضْياف (138)/ إنْ أَستَطِع (140)/ كلُّ امْرئٍ (152)/ ما ضَرَّها (155)/ لولا جَرير (155)/ إنْ يَكُ (157)/ إنْ تُنصِفونا (160)/ ويْل لفلجٍ (162)/ إنْ كنْت (164)/ مَن يبْلغ (172)/ نِعمَ أبو الأضْياف (181)/ لا تنْكحْن (179)/ يا قوم (206)/ لو كُنت (237)/ كَم مِن ماء (248)/ إِنّي مِن القَوم (272) / كيف نخاف (281)/ مَن للضَّباب (309)/ ما زلت (327)/ إن بُغائي (331)/ من يكُ (334)/ إنَّك لاق (351)/ إنّ ابن بطحاوي (386)/ لو كنت (390)/ لو أعلم (394)/ لا تَحسبا (410)/ إني إلى (411)/ منا الذي (418)/ لو لم يُفارِق (424).
وفي الجزء الثاني مِن ديوانه: لا فضْل (52)/ إن تك (54)/ لو كُنت (58)/ كيف بدهر (84)/ إن تقتلوا (97)/ إنَّك (104)/ إن تميمًا (113)/ لست بلاق (130)/ إن رجال (140)/ لا يبعد (200)/ إنّي وإن (217)/ لو كنت (221)/ لله بربوع (222)/ لم أر (265)/ إن يقتل (270)/ إن الذي (274)/ لما أتانا (277)/ ما ابن سليم (279)/ ما نحن (269).
والنّاظِر إلى جُملة هذه المطالِع يَجِد أنَّ بَدْء البيت بأداة شَرط ورَد (21) مرَّةً، وأنَّ البَدء بنفْي أو نهْي ورَد (11) مرَّةً، وأنَّ البَدء بالناسِخ "إنَّ" ورَد (10) مرّات، وأنّ ما بُدئ بأداة استِفهام (4) مرّات، والباقي بادِئ بالقسَم؛ وهذا أمر يُفسِّر تبرير التَّمام بحرْف مِن حُروف المعاني لأبيات الطَّويل التي يُلاحِق بِدايتها الخرْم؛ لأنَّ هذه الأدوات مِن الغالِب عليها في استعمال الشِّعر أنْ تُسبَق بحرف مِن حروف المعاني، فكثيرًا ما ورَد الشَّرط على نحو: "فإنْ تَكُ"، "وإن ترد"، "ولما أبى"، "ولولا"، وكثيرًا ما لاحَقتْ إنّ الناسِخة حروف مَعانٍ على نحو: "فإنك"، "فإنها"، "وإنك"، ومثل هذا حاصِل أيضًا في النفْي والقسَم على نحو: "فلم"، "وما"، "فوالله"، "فويل".
وهنا يَحقُّ لنا أن نقول: إنَّ غالبية ما خُرم يَبدأ بحَرف أو بأداةٍ مِن الأدوات الأسلوبيَّة كالشَّرط والاستِفهام والنفْي والقسَم ومما يوضِّح حدَّ ذلك ورُود بيتَين مُتتاليَين سُبق أحدهما بحَرف مَعنى والآخَر لمْ يُسبق ومَدارهما الاستفهاميُّ واحِد. يقول الفَرزْدَق ( ص: 84):
كَيْفَ بِدَهْرٍ لَا يَزَالُ يَرُومُنِي
بِدَاهِيَةٍ فِيْهَا أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ

وَكَيْفَ بِرَامٍ لَا تَطِيْشُ سِهَامُهُ
وَلَا نَحْنُ نَرْمِيهِ فَنُدْرِكَ بِالنَّبْلِ

فالخرْم في كَيف الأولى يُبرِّر تَمامه وجُود حرف مَعنى كما هو وارِد مع كَيف الثانية. ومِن الأبيات التي لا تَحتاج إلى حرف معْنى حيثُ تَرتكِز دَلالتها على الكلِمة الأُولى غَفلاً مِن سبْقها بشيء، وأما ما ورد من نماذج مثل:
( 1/ 43):
ضَيَّعَ أَمْرِي الْأَقْعَسَانِ فَأَصْبَحَا
عَلَى نَدِبٍ يَدْمَى مِنَ الشَّرِّ غَارِبُه

فلا حاجة إلى وجود حرْف مَعنى؛ لأنَّ الإحْساس بحرْف المعنى يَتمُّ وروده لَو كانَ الفعْل "ضيَّع" مَسبوقًا بما أو كيف أو إنْ كأنْ يُقال: ما ضيَّع/ كيف ضيَّع.. إلخ.
ومثل ذلك قول الفَرزْدَق ( ص: 106 /1): أَبْلِغْ أمير المؤمِنينَ رسالةً.
وقوله ( 1/ 201): ضيَّع أولاد الجعيدة مالك..
وقد أحدث ..... ..... ..... الطَّويل والكامِل في عِشرين مَطلعًا منها ما جاء (1/ 17):
أُوصِي تَمِيمًا إِنْ قُضَاعَةَ سَاقَهَا
قَوَا الْغَيْثِ مِنْ دَارٍ بُدُومَةَ أَوْ جَدْبِ

وما جاء ص(50):
إِنْ يُظْعِنِ الشَّيْبُ الشَّبَابَ فَقَدْ تُرَى
لَهُ لِمَّةٌ لَمْ يُرْمَ عَنْهَا غُرَابُهَا

ولم تَقفْ أبْيات الخَرْم عند الفَرزْدَق، فقد ورَدَ الخَرْم في الطَّويل لدى جرير (18) مرَّةً لم تَزدِ القَصائد عن ثمانية أبيات اللَّهم إلا قصيدة واحدة ( ص: 418) بلَغ تَعداد أبياتها (66) بيتًا، والناظِر لبِدايات المَطاِلع يَجد أنَّها بدأتْ بشَرطٍ أو بالناسِخ "إنَّ" أو بنفْي وهُنا يَصلُح أنْ يأتي حرْف المَعنى ليُتمَّ حَدَّها، وقد بان الخَرْم لدى الأخْطَل ثماني مرّات نِصفها يَحقُّ لحرْف المعنى أنْ يُتمِّم أمْرَه دون مُخالَفة لنحْو أو دَلالة فقدْ بدأتْ مَطالِع قصائدِ الطَّويل لديه بالكلمات "هلا"، "لم يبق"، "لم أر"، "ما جذع"، "ما زال".
أما عُمر بنُ أبي رَبيعة فقدْ بَدَا الخَرْم لديه ستَّ مرّاتٍ في صدْر مَقطوعاتٍ قليلة العدِّ بدأتْ بحُروفٍ يَصلُح كثير مِنها أنْ يُتمِّم الإِيقاع وهي حُروف معانٍ، دون أن تَفقِد دَلالة البيت شيئًا، مِن ذلك قول عُمر ( ص: 123):
يَا قَلْبِ أَخْبِرْنِي وَفِي النَّأْيِ رَاحَةٌ
إِذَا مَا نَوَتْ هِنْدٌ نَوَىً كَيْفَ تَصْنَعُ

وقوله ( ص: 133):
وَمَنْ لِسَقِيمٍ يَكْتُمُ النَّاسَ مَا بِهِ
لِزَيْنَبَ نَجْوَى صَدْرِهِ وَالْوَسْاوِسُ

ومِن جُملة ما ورَد مِن خرْم في إحصائيَّة العصر الأُمويِّ وما ورَد في العصر الجاهليِّ يتبيَّن:
1- أنَّ حرْف المعنى يُتمِّم إيقاع الطَّويل ويُظهِره إذا بدأتْ أبيات بكلماتٍ مُعظَمها حروف مَعانٍ.
2- أنَّ قِلَّةً مِن المطالِع الْتبسَ فيها الطَّويل بالكامِل.
3- أنَّ الباقي مِن الأبْياتِ تَقبَلُه الدَّلالة دون حاجَةٍ إلى إتْمام.

[3] في مُقابل زيادَة التَّدْوير في إحصائيَّة العصر العباسيِّ عن الأُمويِّ نَجِد أنَّ ظاهِرة الخَرْم رغْم كثْرة ما استُخدِم مِن طويل في إحصائيَّة العصر بدتْ قليلةَ الورود فقدْ عزَّ الخَرْم في الإحصائيَّة حيثُ لم يَردْ إلا عِند أبي تمّام مرَّتَين مِن مقطوعات قليلة العدِّ:
الأول:
لَا يَشْمَتِ الْأَعْدَاءُ بِالْمَوتِ إِنَّنَا
سَنُخْلِي لَهُمْ مِنْ عَرْصَةِ الْمَوْتِ مَوْرِدا

والثاني:
وَإنِّي لَأَسْتَحْيِي يَقِينِيَ أَنْ يُرَى
لِشَكََِّي فِي شَيءٍ عَلَيهِ دَليلُ

والبيتان يَتِمّان بحرْف مَعنى؛ حيثُ البَدء فيهما بـ"لا" النافية والناسِخ "إن" ومع كسْر همزة "إن" ..... مِن حروف المعْنى ما يُبقي "إن" على كسْرها.
وقد خرَم المتنبِّي في الطَّويل مرَّةً واحدةً أحدثتْ لَبسًا مع إيقاع الكامِل هي قوله:
لَا يُحْزِنُ اللهُ الْأَمِيرَ فإنني
سَآخُذُ مِنْ حَالَاتِهِ بِنَصِيبِي

وقد خرم المعرِّيّ مرَّةً واحدةً في "اللزوميات" ؛ حيثُ قال (113/1):
لَوِ اتَّبَعُونِي وَيْحَهُمْ لَهَدَيْتُهُمْ
إِلَى الْحَقِّ أَوْ نَهْجٍ لِذاكَ مُقَارِبِ

واللَّبْسُ بالكامِل في البَيتَينِ السّابقَين قائِم، وحرْف المَعنى بإمكانه أن يُتمِّم الإِيقاع ويُزيل اللَّبْس.
والذي يُلاحِظ في ظاهِرة الخَرْم أنها حيث توجَد في مَطلَع يَنتفي التَّصريع غالبًا، وهذا أمْر يتَّسق ورؤية الغاية الإِيقاعيَّة مِن الخَرْم والتَّصريع، فالتَّصريع إحْساس بتَمام الوزْن والتوازُن التامِّ بين الشَّطرين وهدفُه الإِحْساس بالبحْر مِن أوَّل شَطر فيه، والخَرْم فقْدٌ لهذا التَّوازُن وإحداثُ لَبسٍ في بعض الأحْيان في تصوُّر البحْر، ومِن ثَمَّ فالتناقُض في وجودهما قائِم لمَن يَقصِد توظيف إيقاعِهما. ولعلَّ نَدرة الخَرْم وكثْرة التَّصريع في العصر العباسيِّ تُعطي إيحاءً بأنَّ البحْث عن توازُنٍ نَغَميٍّ أمْر واضِح في عَطاء العصر العباسيِّ.


[4] لمْ يَردِ الخَرْم في إحصائيَّة هذا العصر. ولو أُسقِط حرف المعنى مِن بيت ابن هانئٍ عَفوًا لَبانَ الخَرْم.

[5] لمْ يَردْ خَرْم أيضًا في إحصائيَّة هذا العصر رغْم كثْرة المقطوعات الصغيرة مِن الطَّويل لَدى ابن نباته. ولو أُسقِط حرف المعنى من بيت البوصيري عَفوًا لَبان الخَرْم.

[6] انعدم الخَرْم تَمامًا في إحصائيَّة الشِّعر الحديث.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 25.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 24.88 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]