6- الصبر: والتحلِّي بالصبر من صفات رئيس الفريق الناجح، والصبر هنا له العديد من الأوجه، فمنها أنه يعني السيطرةَ على العواطف؛ حتى لا يجنح رئيس الفريق بعيدًا عند اتخاذ القرار، وكذلك يعني الصبر على أعضاء الفريق حين حدوث الخطأ أو التقصير.
فلما كان يوم حنين، آثَر النبي -صلى الله عليه وسلم- أناسًا في القسمة، فأعطى الأقرعَ بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب، فآثرهم يومئذٍ في القسمة، قال رجل: والله إن هذه القسمة ما عُدِل فيها، وما أريد بها وجهُ الله، فقلت: والله لأخبرن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فأتيته، فأخبرته، فقال: ((فمن يعدِلُ إذا لم يعدل الله ورسولُه؟! رحم الله موسى قد أوذي بأكثرَ من هذا فصَبَر))[22].
والصبر من الدهاء الإداري الذي يعطي نتائجَ إيجابية في أداء الفريق، ويضمن استمرارَ مسيرة الفريق.
وقد قال عمرُو بن العاص - رضي الله عنه - وكان من دُهاة الناس: "إني لأصبرُ على الكلمة لهي أشد عليَّ من القبض على الجمر، وما يحملني على الصبر عليها إلا أن أتخوَّفَ من أخرى شر منها".
فهؤلاء القوم تعلموا هذه الأسس الإدارية في عمل الفريق من رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- فأصَّلوا لها واتَّبعوا أسسها، وهذا أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقول: "إن الدنيا خوَّانة لا يدومُ نعيمها، ولا يؤمَن فجائعها، ومن يعِشْ يُبتلَ، ومن يَتفقَّدْ يُفقَدْ، ومن لا يُعِدَّ صبرًا لفجائع الأمور يَعجِز".
7- التواضع: وهي من الصفات الواجبة، والتي لا يُسمح بالتنازل عنها ولو بنسبة قليلة جدًّا، ولا بدَّ من لفت النظر إلى أن التواضعَ المقصود ليس تواضعَ الكلمات، وتواضع المشاهد التمثيلية، وإنما المقصود التواضعُ الذي يكبح جماح النفس فيجعلها تسير مع الفريق وَفْق ما يشتهون ويُحبُّون ويتَّفقون، وليس وَفْق ما تحب هي وتشتهي، تواضع يجعل رئيس الفريق يسكُن كما يسكن أعضاء الفريق، ويلبَس مثلهم، ويأكُل أكلهم، ويشرب شربهم، ويجلس مجلسهم؛ فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إنكم لتدَعون أفضل العبادة؛ التواضع"[23]، وعنها - رضي الله عنها - قالت: "كان فراشُ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من أَدَمٍ، وحشوه من ليف"[24].
وبإمكان رئيس الفريق أن يتبع بعض الخطوات التي تساعده على التواضعِ؛ كأن يتكلَّمَ مع أعضاء الفريق بطريقة تُشعِرهم بأنه واحد منهم، أو أن يحمل حاجياته بيده، أو يأكل مع بسطاء الفريق من المائدة نفسها، بل ويعد الطعام بيده، ويحمله لهم، وهناك أمور كثيرة من هذا النوع بالإمكان فعلها؛ فعن عروة، قال: قلت لعائشة: يا أم المؤمنين، أي شيء كان يصنَعُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان عندك؟ قالت: "ما يفعل أحدكم في مهنة أهله، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويرفع دلوه"[25].
ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- يعمل بيده الشريفةِ مع أصحابه في غير موضع؛ فقد عمل مع أصحابه في بناء مسجد قُباء، وفى بناء مسجده الشريف في المدينة المنورة، وفى غزوة الخندق كان يعمل في الحفر أكثرَ مما يعمل الأفراد الاعتياديون، وقد روى بعضُ الصحابة عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنهم رأوه اشترى تمرًا بدرهم، فحمله في ملحفته، فقالوا: نحمِلُ عنك يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، أبو العيال أحق أن يحمل.
ولما قدِم عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - الشام أتته الجنودُ وعليه إزار وخفَّان وعمامة، وأخَذ برأس بعيره يخوض الماء، فقالوا له: يا أميرَ المؤمنين، تلقاك الجنودُ وبطارقة الشام وأنت على هذا الحال؟! قال: فقال عمر: "إنَّا قوم أعزَّنا الله بالإسلام، فلن نلتمس العزَّ بغيره"[26]، وسُئل الأحنف بن قيس - رحمه الله -: ما الإنسانية؟ قال: "التواضعُ في الدولة، والعفو عند المقدرة، والعطاء بغير منَّة".
وموعظة أخرى تأتينا من رجلِ دولةٍ عظيم، هو سلمان الفارسي - رضي الله عنه - حين كان أميرًا بالمدائن، فقد اشترى رجلٌ بيتًا بالمدائن، فمرَّ سلمان الفارسي - رضي الله عنه - بالمدائن وهو أميرها، فحسب سلمانَ عِلجًا، فقال: يا فلان، تعالَ، فجاء سلمان - رضي الله عنه - فقال: احمل، فحمله فمضى به، فجعل يتلقاه الناس: أصلَح الله الأمير، نحمل عنك، ويا أبا عبدالله، نحمل عنك، أبا عبدالله، نحمل عنك، فقال الرجل: ثكلتني أمي وعدِمتني، لم أجد أحدًا أسخِّره إلا الأمير، قال: فجعل يعتذر إليه ويقول: أبا عبدالله، لم أعرِفْك رحمك الله، قال: انطلِق، فانطلق به حتى بلغ به منزله، ثم دعاه، فقال: "لا تسخِّر بعدي أحدًا أبدًا"[27]، فأيُّ أمراء أولئك الذين يسخِّرهم الناس؟ وأي تواضع كان يحمله سلمان الفارسي - رضي الله عنه؟
وخرَج عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في يوم حارٍّ واضعًا رداءه على رأسه، فمر به غلام على حمار، فقال: "يا غلام، احملني معك"، فوثب الغلام عن الحمار، فقال: اركب يا أمير المؤمنين، قال: "لا، اركَبْ، وأركبُ أنا خلفك، تريد أن تحملني على المكان الخشن، وتركب على المكان الوطيء، ولكن اركب أنت، وأكون أنا خلفك"، قال: فدخل المدينةَ وهو خلفه، والناس ينظُرون إليه"[28].
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال: "رأيتُ عمرَ بن الخطاب - رضي الله عنه - وهو يومئذٍ أمير المؤمنين يطرح له صاع من تمر، فيأكله حتى يأكل حشفها"[29].
ومِن تواضع رئيس الفريق أنه يعُود عن القرارات التي يكتشف فيما بعدُ عدمَ صلاحيتها، أو وجود أسباب منطقية للعدول عنها لسبب أو لآخر، ولا يتمسك برأيه وتأخذه العزة في ذلك، والأمر هنا يحتاج إلى قوةِ الشخصية، والوقوف على الحق، وألا تأخُذَه في الله لومةُ لائم؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: بعَثَنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعث وقال لنا: ((إن لقيتُم فلانًا وفلانًا - لرجُلينِ من قريش سماهما - فحرِّقوهما بالنار))، قال: ثم أتيناه نودِّعه حين أردنا الخروج، فقال: ((إني كنتُ أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا بالنار، وإن النارَ لا يعذِّب بها إلا الله، فإن أخذتموهما فاقتلوهما))[30].
والتواضع المطلوب هو التواضعُ المحدد بالمبادئ؛ لأن المبادئ هي المتحكمة بنا وليس العكس، باعتبارها ثوابت؛ فلهذا من الضروري - بل من الواجب - تحديد وتسمية ثوابتنا في قضايانا، وهذه الثوابتُ من صفاتها: أن تكون واقعية وليست خيالية، وممكنة التطبيق وليست تعجيزية، وذات عوائد إيجابية للفريق ورئيسه وأعضائه.
ومن أمثلة الثوابت التي تُضرَبُ في سياسة فريق العمل أنه "كان بين سعدِ بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وسلمان الفارسي - رضي الله عنه - شيء، فقال سعد وهم في مجلس: انتسِبْ يا فلان، فانتسب، ثم قال للآخر: انتسب، ثم قال للآخر حتى بلغ سَلمان، فقال: انتسِبْ يا سلمان، قال: "ما أعرفُ لي أبًا في الإسلام، ولكن سلمان ابن الإسلام"، فنمى ذلك إلى عمر، فقال عمر - رضي الله عنه - لسعد ولقيه: "انتسِبْ يا سعد"، فقال: أنشُدك الله يا أمير المؤمنين، قال: فكأنه عرف، فأبى أن يدَعَه حتى انتسب، ثم قال للآخر حتى بلغ سلمان، فقال: انتسب يا سلمان، فقال: أنعَم الله عليَّ بالإسلام؛ فأنا سلمانُ ابن الإسلام، فقال عمر - رضي الله عنه -: "قد علمتْ قريشٌ أن الخطاب كان أعزَّهم في الجاهلية، وإن عمر ابن الإسلام أخٌ لسلمان ابن الإسلام، أما والله، لعاقبتك عقوبة يسمع بها أهل الأمصار، أوَما علمت؟ أوَما سمعت أن رجلاً انتمى إلى تسعة آباء في الجاهلية فكان عاشرهم في النار، وانتمى رجل إلى رجل في الإسلام وترك ما فوق ذلك، وكان معه في الجنة؟"[31].
ومن دلالات التواضع: مخالطةُ الآخرين، والحديث معهم، والعمل معهم، وملاطفتهم؛ فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ليخالطنا، حتى يقول لأخ لي صغير: ((يا أبا عُمَير، ما فعل النُّغَير؟))[32].
8- العدل: يقول الله - عز وجل -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 135].
فبالعدل والهداية يحافِظ رئيسُ الفريق على مسار الفريق من الانحراف؛ قال رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: ((لن تَهلِكَ الرعيةُ وإن كانت ظالمة مسيئة إذا كانت الولاة هادية مهدية، ولكن تهلِك الرعية وإن كانت هادية مهدية إذا كانت الولاة ظالمة مسيئة))[33].
كما يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لَعدل العامل في رعيته يومًا واحدًا أفضلُ من عبادة العابد في أهله مائة عام أو خمسين عامًا))[34] "الشاك راوي الحديث"، والعدل المقصود: هو القائم على الصدق والمساواة، وهو أساسُ تقويم رئيس الفريق، يقول رسولُ الله محمد -صلى الله عليه وسلم-: ((خيرُ أمراء السرايا زيدُ بن حارثة، أقسمُهم بالسوية، وأعدلُهم في الرعية))[35].
9- قليل الكلام والمِزاح والضحك: إن كثرةَ الكلام تعني المزيدَ من التفاصيل، ونتيجتها المزيد من الأخطاء، والمزيد من كشف الأسرار، وما أفشيت الأسرارُ إلا باستمراء كثرة الكلام؛ فقد كتب عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - إلى أهل المدينة: "أنه من تعبَّد بغير علم، كان ما يُفسد أكثرَ مما يصلح، ومن عد كلامه من عمله، قل كلامُه إلا فيما يَعنيه"، وأما الضحك الكثير ففيه ذَهاب الهيبة؛ قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "من كثُر ضحِكُه قلَّت هيبتُه، ومن كثُر مِزاحه استُخِفَّ به، ومَن أكثر من شيء عُرِف به، ومن كثُر كلامه كثُر سقطه، ومن كثُر سقطه قلَّ حياؤه، ومن قل حياؤه قلَّ ورَعُه، ومن قلَّ ورَعُه مات قلبه"، وعن أبي ذر الغِفاري - رضي الله عنه - قال: "قلت: يا رسول الله، زدني، قال: ((إياك وكثرةَ الضحك؛ فإنه يُميت القلب، ويَذهب بنور الوجه))، قلت: يا رسول الله، زدني، قال: ((عليك بالصمت إلا من خير؛ فإنه مَطردةٌ للشيطان عنك، وعونٌ لك على أمر دينك))[36].
عن سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالسُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: "كان طويلَ الصمت، قليل الضَّحِك، وكان أصحابُه ربما تناشدوا عنده الشِّعر والشيءَ من أمورهم، فيضحكون، وربما تبسَّم".
يقول أحَدُ الحكماء:
"وإياك وضحِكَ القهقهة؛ فإن فيه ثمانيةً من الآفات:
أولها: أن يذمَّك العلماء والعقلاء.
والثاني: أن يجترئ عليك السفهاء والجُهال.
والثالث: أنك لو كنتَ جاهلاً ازداد جهلُك، وإن كنت عالِمًا نقص علمك؛ لأنه رُوي في الخبر: "إن العالِمَ إذا ضحِك ضحكةً مجَّ من العلم مجَّة"، يعني رمَى من العلم بعضَه.
والرابع: أن فيه نسيانَ الذنوب الماضية.
والخامس: فيه جراءة على الذنوب في المستقبل؛ لأنك إذا ضحِكتَ يقسو قلبُك.
والسادس: أن فيه نسيانَ الموت وما بعده من أمر الآخرة.
والسابع: أن عليك وِزْرَ مَن ضحِك بضحكك.
والثامن: أنه يجب له بالضحك بكاءٌ كثير في الآخرة؛ قال -تعالى-: ﴿ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [التوبة: 82].
[1] صحيح مسلم: 4779.
[2] صحيح البخاري: 6748.
[3] المصدر نفسه: 6258.
[4] صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها.
[5] جاء في شرح عمدة الأحكام لمحمد بن يسري بن إبراهيم: "أقرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على الإمارة وعيَّنَه بنفسه، وأمَّره على جيش فيه الفاروقُ والصِّديق لغزو الشام، وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يعرِف شجاعته وبسالتَه، فجعَله على هذا الجيش وهو ابن سبعَ عَشْرة سنة أو ثمان عَشْرة سنة، لم يكن أزيد من هذا، يعينه أميرًا ويوليه الإمارة ويقول: ((إن كان لخليقًا لها كما كان أبوه خليقًا لها))؛ أي: جديرًا بها؛ ولذا كان عمر إذا لقي أسامةَ بعد ذلك يقول: "السلام عليكم - أيها الأمير - ورحمةُ الله وبركاته، توفي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت أميرٌ عَلَيَّ" يعني في هذا الجيش الذي أرسله فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم".
[6] الطبقات الكبرى لابن سعد، الحديث: 4524.
[7] المطالب العالية لابن حجر العسقلاني: 2437.
[8] البيروقراطية (Bureaucracy): هي مفهوم يُستخدم في علم الاجتماع والعلوم السياسية، يشير إلى تطبيق القوانين بالقوة في المجتمعات المنظمة، وتعتمد هذه الأنظمةُ على الإجراءات الموحدة، وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية وبمقتضى العلاقات الشخصية، وهنالك العديد من الأمثلة على البيروقراطية المستخدمة يوميًّا؛ كبعض الحكومات، القوات المسلحة، الشركات، المستشفيات، المحاكم، والمدارس، ويعود أصل كلمة البيروقراطية Bureaucracy إلى كلمة: مكتب bureau المستخدمة في بداية القرن الثامن عشر، وليس للتعبير عن كلمة مكتب للكتابة فقط، بل للتعبير عن موقع القوة في الشركة، وأماكن العمل، وكلمة cracy، وهي مشتقه من الأصل الإغريقي Kratia، ومعناها: The Strong؛ أي القوة أو السلطة، والكلمة في مجموعها تعني قوه المكتب أو سلطه المكتب، ومن المتعارف عليه لدى الجميع أن البيروقراطية هي الروتين الممل، والإجراءات المعقَّدة التي ليس لها فائدة سوى تأخير المعاملات، وتعقيدها، والتعامل مع الآخرين بفوقية وتكبُّر ناشئينِ من قوة كرسي المسؤول.
[9] مسند الحارث: 490.
[10] الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني، ج2، ص 457.
[11] الطبقات الكبرى لابن سعد 3667.
[12] السنن الكبرى للبيهقي: 188880.
[13] أُسَيْد بن الحُضَير بن سماك الأوسي الأنصاري، أبوه حُضير الكتائب زعيم الأوس، كان واحدًا من أشـراف العـرب في الجاهلية، وورِث أسيدٌ عن أبيه مكانتَه وشجاعته وجوده، وكان قبل إسلامه من زعماء المدينة وأشراف العرب، ورماتها الأفذاذ، وكان أحدَ الاثني عشر نقيبًا؛ حيث شهد العقبة الثانية، وشهد أُحدًا، وثبت مع الرسول الكريم حيث انكشف الناسُ عنه وأصيب بجِراح عدة فيها، كان رجلاً صالحًا مليحًا، وكان صوتُه خاشعًا باهرًا، وهو من أحسنِ الناس صوتًا في تلاوته للقرآن، وكان يتمتع - رضي الله عنه - بحِلم وأناة وسلامةٍ في التقدير، وكان له موقف يوم سقيفة بني ساعدة؛ حيث كان موقفُ أُسيد - رضي الله عنه - وهو الزعيم الأنصاري موقفًا واضحًا وحاسمًا، فقد قال للأنصار من قومه: تعلَمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من المهاجرين، فخليفته إذًا ينبغي أن يكونَ من المهاجرين، ولقد كنا أنصار رسول الله، وعلينا اليوم أن نكون أنصارَ خليفته، فكانت كلماتُه بردًا وسلامًا.
[14] المستدرك على الصحيحين للحاكم 5229، وهو حديث صحيح على شرط مسلم.
[15] صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة.
[16] رواه الطبراني في المعجم الأوسط، جزء من الحديث: 5280.
[17] البحر الزخار مسند البزار 70.
[18] صحيح ابن حبان 4558.
[19] الطبقات الكبرى لابن سعد: 4269.
[20] المرأة البرزة؛ أي: جليلة تبرز وتجلس للناس، وتوصَف بالعقل.
[21] تاريخ المدينة لابن شبَّةَ: 697.
[22] رواه البخاري: 2998.
[23] مصنف ابن أبي شيبة، حديث: 34070.
[24] صحيح البخاري: 6100.
[25] صحيح ابن حبان: 5754.
[26] مصنف ابن أبي شيبة: 33183.
[27] شعب الإيمان للبيهقي: 8058.
[28] الزهد لابن أبي الدنيا.
[29] موطأ مالك: 1678.
[30] رواه البخاري: 2815.
[31] شعب الإيمان للبيهقي: 4896.
[32] صحيح البخاري: 5783.
[33] مسند الشهاب القضاعي: 882.
[34] المطالب العالية لابن حجر العسقلاني: 2201.
[35] المستدرك على الصحيحين للحاكم: 4908.
[36] صحيح ابن حبان، جزء من الحديث: 362.