عرض مشاركة واحدة
  #219  
قديم 12-08-2022, 06:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,240
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(205)
الحلقة (219)
صــ 232إلى صــ 239





فأنزل الله تعالى ذكره في ذلك من أمرهم : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " ، [ ص: 231 ] يعني : إن الطواف بهما ، فترك ذكر "الطواف بهما " ، اكتفاء بذكرهما عنه . وإذ كان معلوما عند المخاطبين به أن معناه : من معالم الله التي جعلها علما لعباده يعبدونه عندهما بالطواف بينهما ، ويذكرونه عليهما وعندهما بما هو له أهل من الذكر ، "فمن حج البيت أو اعتمر " فلا يتخوفن الطواف بهما ، من أجل ما كان أهل الجاهلية يطوفون بهما من أجل الصنمين اللذين كانا عليهما ، فإن أهل الشرك كانوا يطوفون بهما كفرا ، وأنتم تطوفون بهما إيمانا ، وتصديقا لرسولي ، وطاعة لأمري ، فلا جناح عليكم في الطواف بهما .

و"الجناح " ، الإثم ، كما : -

2334 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : "فلا جناح عليه أن يطوف بهما " ، يقول : ليس عليه إثم ، ولكن له أجر .

وبمثل الذي قلنا في ذلك تظاهرت الرواية عن السلف من الصحابة والتابعين .

ذكر الأخبار التي رويت بذلك :

2335 - حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا داود ، عن الشعبي : أن وثنا كان في الجاهلية على الصفا يسمى "إسافا " ، ووثنا على المروة يسمى "نائلة " ، فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت مسحوا الوثنين . فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان ، قال المسلمون : إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين ، وليس الطواف بهما من الشعائر! قال : فأنزل الله : إنهما من الشعائر ، "فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " .

2336 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا داود ، عن عامر قال : كان صنم بالصفا يدعى "إسافا " ، ووثن بالمروة يدعى "نائلة " ، [ ص: 232 ] ثم ذكر نحو حديث ابن أبي الشوارب - وزاد فيه ، قال : فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه ، وأنث المروة من أجل الوثن الذي كان عليه مؤنثا .

2337 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، وذكر نحو حديث ابن أبي الشوارب عن يزيد ، وزاد فيه - قال : فجعله الله تطوع خير .

2338 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن أبي زائدة قال : أخبرني عاصم الأحول قال : قلت لأنس بن مالك : أكنتم تكرهون الطواف بين الصفا والمروة حتى نزلت هذه الآية ؟ فقال : نعم كنا نكره الطواف بينهما لأنهما من شعائر الجاهلية ، حتى نزلت هذه الآية إن الصفا والمروة من شعائر الله

2339 - حدثني علي بن سهل الرملي قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم قال : سألت أنسا عن الصفا والمروة ، فقال : كانتا من مشاعر الجاهلية ، فلما كان الإسلام أمسكوا عنهما ، فنزلت : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " . [ ص: 233 ]

2340 - حدثني عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال : حدثني أبو الحسين المعلم قال : حدثنا شيبان أبو معاوية ، عن جابر الجعفي ، عن عمرو بن حبشي قال : قلت لابن عمر : " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " قال : انطلق إلى ابن عباس فاسأله ، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . فأتيته فسألته ، فقال : إنه كان عندهما أصنام ، فلما حرمن أمسكوا عن الطواف بينهما ، حتى أنزلت : " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " . [ ص: 234 ]

2341 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " ، وذلك أن ناسا كانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة ، فأخبر الله أنهما من شعائره ، والطواف بينهما أحب إليه ، فمضت السنة بالطواف بينهما .

2342 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " قال : زعم أبو مالك ، عن ابن عباس : أنه كان في الجاهلية شياطين تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة ، وكانت بينهما آلهة ، فلما جاء الإسلام وظهر ، قال المسلمون : يا رسول الله ، لا نطوف بين الصفا والمروة ، فإنه شرك كنا نفعله في الجاهلية! فأنزل الله : "فلا جناح عليه أن يطوف بهما " . [ ص: 235 ]

2343 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " قال : قالت الأنصار : إن السعي بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية! فأنزل الله تعالى ذكره : " إن الصفا والمروة من شعائر الله "

2344 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه .

2345 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله فلا جناح عليه أن يطوف بهما قال : كان أهل الجاهلية قد وضعوا على كل واحد منهما صنما يعظمونهما ، فلما أسلم المسلمون كرهوا الطواف بالصفا والمروة لمكان الصنمين ، فقال الله تعالى : " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " ، وقرأ : ( ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) [ سورة الحج : 32 ] ، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما .

2346 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عاصم قال : قلت لأنس : الصفا والمروة ، أكنتم تكرهون أن تطوفوا بهما مع الأصنام التي نهيتم عنها ؟ قال : نعم ، حتى نزلت : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " .

2347 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير قال : أخبرنا عاصم قال : سمعت أنس بن مالك يقول : إن الصفا والمروة من مشاعر قريش في الجاهلية ، [ ص: 236 ] فلما كان الإسلام تركناهما .

وقال آخرون : بل أنزل الله تعالى ذكره هذه الآية ، في سبب قوم كانوا في الجاهلية لا يسعون بينهما ، فلما جاء الإسلام تخوفوا السعي بينهما كما كانوا يتخوفونه في الجاهلية .

ذكر من قال ذلك :

2348 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد ، عن سعيد ، عن قتادة ، قوله : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " الآية ، فكان حي من تهامة في الجاهلية لا يسعون بينهما ، فأخبرهم الله أن الصفا والمروة من شعائر الله ، وكان من سنة إبراهيم وإسماعيل الطواف بينهما .

2349 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : كان ناس من أهل تهامة لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فأنزل الله : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " .

2350 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني عقيل ، عن ابن شهاب قال : حدثني عروة بن الزبير قال : سألت عائشة فقلت لها : أرأيت قول الله : "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " ؟ وقلت لعائشة : والله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة ؟ فقالت عائشة : بئس ما قلت يا ابن أختي ، إن هذه الآية لو كانت كما أولتها كانت : لا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، ولكنها إنما أنزلت في الأنصار : كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة ، الطاغية التي كانوا يعبدون بالمشلل ، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بين [ ص: 237 ] الصفا والمروة ، فلما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك - فقالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بين الصفا والمروة - أنزل الله تعالى ذكره : "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما " . قالت عائشة : ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما ، فليس لأحد أن يترك الطواف بينهما . [ ص: 238 ]

2351 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كان رجال من الأنصار ممن يهل لمناة في الجاهلية - و "مناة " صنم بين مكة والمدينة - قالوا : يا نبي الله ، إنا كنا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة ، فهل علينا من حرج أن نطوف بهما ؟ فأنزل الله تعالى ذكره : "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" . قال عروة : فقلت لعائشة : ما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة ! قال الله : "فلا جناح عليه " . قالت : يا ابن أختي ، ألا ترى أنه يقول : "إن الصفا والمروة من شعائر الله "! قال الزهري : فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال : هذا العلم! قال أبو بكر : ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : لما أنزل الله الطواف بالبيت ولم ينزل الطواف بين الصفا والمروة ، قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا كنا نطوف في الجاهلية بين الصفا والمروة ، وإن الله قد ذكر الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين الصفا والمروة ، فهل علينا من حرج أن لا نطوف بهما ؟ فأنزل الله تعالى ذكره : "إن الصفا والمروة من شعائر الله " الآية كلها ، قال أبو بكر : فأسمع أن هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما ، في من طاف وفي من لم يطف . [ ص: 239 ]

2352 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : كان ناس من أهل تهامة لا يطوفون بين الصفا والمروة ، فأنزل الله : " إن الصفا والمروة من شعائر الله " .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره قد جعل الطواف بين الصفا والمروة من شعائر الله ، كما جعل الطواف بالبيت من شعائره .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]