عرض مشاركة واحدة
  #233  
قديم 12-08-2022, 06:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,400
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(219)
الحلقة (233)
صــ 332إلى صــ 338



وقال آخرون : بل معنى ذلك : فما أعملهم بأعمال أهل النار . [ ص: 332 ]

ذكر من قال ذلك :

2505 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " فما أصبرهم على النار " قال : ما أعملهم بالباطل .

2506 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

واختلفوا في تأويل " ما " التي في قوله : " فما أصبرهم على النار " . فقال بعضهم : هي بمعنى الاستفهام ، وكأنه قال : فما الذي صبرهم؟ أي شيء صبرهم؟

ذكر من قال ذلك :

2507 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " فما أصبرهم على النار " ، هذا على وجه الاستفهام . يقول : ما الذي أصبرهم على النار؟

2508 - حدثني عباس بن محمد قال : حدثنا حجاج الأعور قال : أخبرنا ابن جريج قال : قال لي عطاء : " فما أصبرهم على النار " قال : ما يصبرهم على النار ، حين تركوا الحق واتبعوا الباطل؟

2509 - حدثنا أبو كريب قال : سئل أبو بكر بن عياش : " فما أصبرهم على النار " قال : هذا استفهام ، ولو كانت من الصبر قال : " فما أصبرهم " ، رفعا . قال : يقال للرجل : " ما أصبرك " ، ما الذي فعل بك هذا؟

2510 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " فما أصبرهم على النار " قال : هذا استفهام . يقول ما هذا الذي صبرهم على النار حتى جرأهم فعملوا بهذا؟ [ ص: 333 ]

وقال آخرون : هو تعجب . يعني : فما أشد جراءتهم على النار بعملهم أعمال أهل النار!

ذكر من قال ذلك :

2511 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " فما أصبرهم على النار " قال : ما أعملهم بأعمال أهل النار!

وهو قول الحسن وقتادة ، وقد ذكرناه قبل .

فمن قال : هو تعجب - وجه تأويل الكلام إلى : " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة " ، فما أشد جراءتهم - بفعلهم ما فعلوا من ذلك - على ما يوجب لهم النار! كما قال تعالى ذكره : ( قتل الإنسان ما أكفره ) [ سورة عبس : 17 ] ، تعجبا من كفره بالذي خلقه وسوى خلقه .

فأما الذين وجهوا تأويله إلى الاستفهام ، فمعناه : هؤلاء الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة ، فما أصبرهم على النار - والنار لا صبر عليها لأحد - حتى استبدلوها بمغفرة الله فاعتاضوها منها بدلا؟

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال : ما أجرأهم على النار ، بمعنى : ما أجرأهم على عذاب النار وأعملهم بأعمال أهلها . وذلك أنه مسموع من العرب : " ما أصبر فلانا على الله " ، بمعنى : ما أجرأ فلانا على الله! وإنما يعجب الله من خلقه بإظهار الخبر عن القوم الذين يكتمون ما أنزل الله تبارك وتعالى من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته ، واشترائهم بكتمان ذلك ثمنا قليلا [ ص: 334 ] من السحت والرشى التي أعطوها - على وجه التعجب من تقدمهم على ذلك . مع علمهم بأن ذلك موجب لهم سخط الله وأليم عقابه .

وإنما معنى ذلك : فما أجرأهم على عذاب النار! ولكن اجتزئ بذكر " النار " من ذكر " عذابها " ، كما يقال : " ما أشبه سخاءك بحاتم " ، بمعنى : ما أشبه سخاءك بسخاء حاتم ، " وما أشبه شجاعتك بعنترة " .
القول في تأويل قوله تعالى ( ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد ( 176 ) )

قال أبو جعفر : أما قوله : " ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق " ، فإنه اختلف في المعني ب " ذلك " .

فقال بعضهم : معني " ذلك " ، فعلهم هذا الذي يفعلون من جراءتهم على عذاب النار ، في مخالفتهم أمر الله ، وكتمانهم الناس ما أنزل الله في كتابه ، وأمرهم ببيانه لهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأمر دينه من أجل أن الله تبارك تعالى " نزل الكتاب بالحق " ، وتنزيله الكتاب بالحق هو خبره عنهم في قوله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم ) [ سورة البقرة : 6 - 7 ] فهم - مع ما أخبر الله عنهم من أنهم لا يؤمنون - لا يكون منهم غير اشتراء الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة . [ ص: 335 ]

وقال آخرون : معناه : " ذلك " معلوم لهم بأن الله نزل الكتاب بالحق لأنا قد أخبرنا في الكتاب أن ذلك لهم ، والكتاب حق .

كأن قائلي هذا القول كان تأويل الآية عندهم : ذلك العذاب الذي قال الله تعالى ذكره فما أصبرهم عليه معلوم أنه لهم . لأن الله قد أخبر في مواضع من تنزيله أن النار للكافرين ، وتنزيله حق ، فالخبر عن " ذلك " عندهم مضمر .

وقال آخرون : معنى " ذلك " ، أن الله وصف أهل النار ، فقال : " فما أصبرهم على النار " ، ثم قال : هذا العذاب بكفرهم . و"هذا" هاهنا عندهم ، هي التي يجوز مكانها " ذلك " ، كأنه قال : فعلنا ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق فكفروا به . قال : فيكون " ذلك " - إذا كان ذلك معناه - نصبا ، ويكون رفعا بالباء .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بتأويل الآية عندي : أن الله تعالى ذكره أشار بقوله : " ذلك " ، إلى جميع ما حواه قوله : " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب " ، إلى قوله : " ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق " ، من خبره عن أفعال أحبار اليهود وذكره ما أعد لهم تعالى ذكره من العقاب على ذلك ، فقال : هذا الذي فعلته هؤلاء الأحبار من اليهود بكتمانهم الناس ما كتموا من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته مع علمهم به ، طلبا منهم لعرض من الدنيا خسيس - وبخلافهم أمري وطاعتي وذلك - من تركي تطهيرهم وتزكيتهم وتكليمهم ، وإعدادي لهم العذاب الأليم - بأني أنزلت كتابي بالحق ، فكفروا به واختلفوا فيه .

فيكون في " ذلك " حينئذ وجهان من الإعراب : رفع ونصب . والرفع ب " الباء " ، والنصب بمعنى : فعلت ذلك بأني أنزلت كتابي بالحق ، فكفروا به واختلفوا فيه . وترك ذكر " فكفروا به واختلفوا " ، اجتزاء بدلالة ما ذكر من الكلام عليه . [ ص: 336 ]

وأما قوله : " وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد " ، يعني بذلك اليهود والنصارى . اختلفوا في كتاب الله ، فكفرت اليهود بما قص الله فيه من قصص عيسى ابن مريم وأمه . وصدقت النصارى ببعض ذلك ، وكفروا ببعضه ، وكفروا جميعا بما أنزل الله فيه من الأمر بتصديق محمد صلى الله عليه وسلم . فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن هؤلاء الذين اختلفوا فيما أنزلت إليك يا محمد لفي منازعة ومفارقة للحق بعيدة من الرشد والصواب ، كما قال الله تعالى ذكره : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق ) [ سورة البقرة : 137 ] كما :

2512 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد " ، يقول : هم اليهود والنصارى . يقول : هم في عداوة بعيدة . وقد بينت معنى " الشقاق " ، فيما مضى .
القول في تأويل قوله تعالى ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ذلك . فقال بعضهم : معنى ذلك : ليس البر الصلاة وحدها ، ولكن البر الخصال التي أبينها لكم .

2513 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل [ ص: 337 ] المشرق والمغرب " ، يعني : الصلاة . يقول : ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا ، فهذا منذ تحول من مكة إلى المدينة ونزلت الفرائض ، وحد الحدود ، فأمر الله بالفرائض والعمل بها .

2514 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " ، ولكن البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله .

2515 - حدثني القاسم قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

2516 - حدثني القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج عن ابن عباس قال : هذه الآية نزلت بالمدينة : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " ، يعني : الصلاة . يقول : ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك . قال ابن جريج وقال مجاهد : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " ، يعني السجود ، ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة الله .

2517 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو تميلة عن عبيد بن سليمان عن الضحاك بن مزاحم أنه قال فيها ، قال يقول : ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك . وهذا حين تحول من مكة إلى المدينة ، فأنزل الله الفرائض وحد الحدود بالمدينة ، وأمر بالفرائض أن يؤخذ بها .

وقال آخرون : عنى الله بذلك اليهود والنصارى . وذلك أن اليهود تصلي فتوجه قبل المغرب والنصارى تصلي فتوجه قبل المشرق ، فأنزل الله فيهم هذه الآية ، يخبرهم فيها أن البر غير العمل الذي يعملونه ، ولكنه ما بيناه في هذه الآية

ذكر من قال ذلك : [ ص: 338 ]

2518 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى تصلي قبل المشرق ، فنزلت : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " .

2519 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر " ، ذكر لنا أن رجلا سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر فأنزل الله هذه الآية . وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم دعا الرجل فتلاها عليه . وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له ويطمع له في خير ، فأنزل الله : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " . وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق - " ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر " الآية .

2520 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع بن أنس قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق ، فنزلت : " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 32.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.47 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.96%)]