
12-08-2022, 06:30 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد

تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الثالث
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(230)
الحلقة (244)
صــ 412إلى صــ 419
ذكر من قال ذلك :
2721 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، أما الذين من قبلنا : فالنصارى ، كتب عليهم رمضان ، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ، ولا ينكحوا النساء شهر رمضان . فاشتد على النصارى صيام رمضان ، وجعل يقلب عليهم في الشتاء والصيف . فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف ، وقالوا : نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا! فجعلوا صيامهم خمسين . فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى ، حتى كان من أمر أبي قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان ، فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر . [ ص: 412 ]
2722 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه عن الربيع : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، قال : كتب عليهم الصوم من العتمة إلى العتمة .
وقال آخرون : الذين عنى الله جل ثناؤه بقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " ، أهل الكتاب .
ذكر من قال ذلك :
2723 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، أهل الكتاب .
وقال بعضهم : بل ذلك كان على الناس كلهم .
ذكر من قال ذلك :
2724 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، قال : كتب شهر رمضان على الناس ، كما كتب على الذين من قبلهم . قال : وقد كتب الله على الناس قبل أن ينزل رمضان صوم ثلاثة أيام من كل شهر .
2725 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، رمضان ، كتبه الله على من كان قبلهم .
قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معنى الآية :
يا أيها الذين آمنوا فرض عليكم الصيام كما فرض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب ، " أياما معدودات " ، وهي شهر رمضان كله . لأن من بعد إبراهيم [ ص: 413 ] صلى الله عليه وسلم كان مأمورا باتباع إبراهيم ، وذلك أن الله جل ثناؤه كان جعله للناس إماما ، وقد أخبرنا الله عز وجل أن دينه كان الحنيفية المسلمة ، فأمر نبينا صلى الله عليه وسلم بمثل الذي أمر به من قبله من الأنبياء .
وأما التشبيه ، فإنما وقع على الوقت . وذلك أن من كان قبلنا إنما كان فرض عليهم شهر رمضان ، مثل الذي فرض علينا سواء .
وأما تأويل قوله : " لعلكم تتقون " ، فإنه يعني به : لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه . يقول : فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين ، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم .
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
2726 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما قوله : " لعلكم تتقون " ، يقول : فتتقون من الطعام والشراب والنساء مثل ما اتقوا - يعني : مثل الذي اتقى النصارى قبلكم .
القول في تأويل قوله تعالى ( أياما معدودات )
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره ، كتب عليكم أيها الذين آمنوا - الصيام أياما معدودات .
ونصب " أياما " بمضمر من الفعل ، كأنه قيل : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ، أن تصوموا أياما معدودات ، كما يقال : " أعجبني الضرب زيدا " . [ ص: 414 ]
وقوله : " كما كتب على الذين من قبلكم " من الصيام ، كأنه قيل : كتب عليكم الذي هو مثل الذي كتب على الذين من قبلكم : أن تصوموا أياما معدودات .
ثم اختلف أهل التأويل فيما عنى الله جل وعز بقوله : " أياما معدودات " .
فقال بعضهم : " الأيام المعدودات " ، صوم ثلاثة أيام من كل شهر . قال : وكان ذلك الذي فرض على الناس من الصيام قبل أن يفرض عليهم شهر رمضان .
ذكر من قال ذلك :
2727 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال : كان عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، ولم يسم الشهر أياما معدودات . قال : وكان هذا صيام الناس قبل ، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان .
2728 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ، وكان ثلاثة أيام من كل شهر ، ثم نسخ ذلك بالذي أنزل من صيام رمضان . فهذا الصوم الأول ، من العتمة .
2729 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة . عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ، ثم أنزل الله جل وعز فرض شهر رمضان ، فأنزل الله : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " حتى بلغ : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " . [ ص: 415 ]
2730 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عن قتادة قال : قد كتب الله تعالى ذكره على الناس ، قبل أن ينزل رمضان ، صوم ثلاثة أيام من كل شهر .
وقال آخرون : بل الأيام الثلاثة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومها قبل أن يفرض رمضان ، كان تطوعا صومهن ، وإنما عنى الله جل وعز بقوله : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم . . . أياما معدودات ، أيام شهر رمضان ، لا الأيام التي كان يصومهن قبل وجوب فرض صوم شهر رمضان .
ذكر من قال ذلك :
2731 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : حدثنا أصحابنا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا لا فريضة . قال : ثم نزل صيام رمضان - قال أبو موسى : قوله : " قال عمرو بن مرة : حدثنا أصحابنا " [ ص: 415 ] يريد ابن أبي ليلى ، كأن ابن أبي ليلى القائل : " حدثنا أصحابنا " .
2732 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة قال : سمعت عمرو بن مرة قال : سمعت ابن أبي ليلى ، فذكر نحوه . [ ص: 417 ]
قال أبو جعفر : وقد ذكرنا قول من قال : عنى بقوله : " كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ، شهر رمضان .
وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال : عنى الله جل ثناؤه بقوله : " ( أياما معدودات ) ، أيام شهر رمضان . وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوما فرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ، ثم نسخ بصوم شهر رمضان ، وأن الله تعالى قد بين في سياق الآية ، أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات ، بإبانته ، عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " . فمن ادعى أن صوما كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذين هم مجمعون على وجوب فرض صومه - ثم نسخ ذلك - سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة ، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر .
وإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا ، فتأويل الآية : كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ، أياما معدودات هي شهر رمضان . وجائز أيضا أن يكون معناه : " كتب عليكم الصيام " ، كتب عليكم شهر رمضان .
وأما " المعدودات " : فهي التي تعد مبالغها وساعات أوقاتها . ويعني بقوله : " معدودات " ، محصيات .
[ ص: 418 ] القول في تأويل قوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين )
قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : " فمن كان منكم مريضا " ، من كان منكم مريضا ، ممن كلف صومه أو كان صحيحا غير مريض وكان على سفر ، " فعدة من أيام أخر " ، يقول : فعليه صوم عدة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في سفره ، " من أيام أخر " ، يعني : من أيام أخر غير أيام مرضه أو سفره .
والرفع في قوله : " فعدة من أيام أخر " ، نظير الرفع في قوله : " فاتباع بالمعروف " . وقد مضى بيان ذلك هنالك بما أغنى عن إعادته .
وأما قوله : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فإن قراءة كافة المسلمين : " وعلى الذين يطيقونه " ، وعلى ذلك خطوط مصاحفهم . وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافها ، لنقل جميعهم تصويب ذلك قرنا عن قرن .
وكان ابن عباس يقرؤها فيما روي عنه : " وعلى الذين يطوقونه " .
ثم اختلف قراء ذلك : " وعلى الذين يطيقونه " في معناه .
فقال بعضهم : كان ذلك في أول ما فرض الصوم ، وكان من أطاقه من المقيمين صامه إن شاء ، وإن شاء أفطره وافتدى ، فأطعم لكل يوم أفطره مسكينا ، حتى نسخ ذلك .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 419 ]
2733 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن معاذ بن جبل قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر ، ثم إن الله جل وعز فرض شهر رمضان ، فأنزل الله تعالى ذكره : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " حتى بلغ " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " ، فكان من شاء صام ، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا . ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم ، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم ، فأنزل الله عز وجل : " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر " إلى آخر الآية .
2734 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال حدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة . قال : ثم نزل صيام رمضان . قال : وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام . قال : وكان يشتد عليهم الصوم . قال : فكان من لم يصم أطعم مسكينا ، ثم نزلت هذه الآية : " فمن شهد منكم فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ، فكانت الرخصة للمريض والمسافر ، وأمرنا بالصيام . قال محمد بن المثنى قوله : " قال عمرو : حدثنا أصحابنا " ، يريد ابن أبي ليلى . كأن ابن أبي ليلى القائل : " حدثنا أصحابنا " .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|