عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-08-2022, 05:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,530
الدولة : Egypt
افتراضي وحين استشعر البحر غربتي

وحين استشعر البحر غربتي
نبيل جلهوم






حين تذكَّرتُه - وفي كل وقت أتذكَّره - اشتقت إليه، ذهبتُ أرغب في زيارته، وحين لمحني من بعيد ثارت ثورته، وعلت أمواجه، وتدفَّقت مياهه، لمحتُه وقد بدا مكشرًا عن أنيابه غاضبًا، حينها علمتُ أنه قد استطال غَيْبتي، واستشعَرَ كثيرًا غُربتي، ولِمَ لا أعلم، وأنا الذي أفهم لُغته، وهو يفهمني؟

تذكرتُ أنني قد تركتُ عنده أريكتي، فذهبتُ باحثًا عنها، فلم أجدها، حاولتُ أن أستلطفه؛ لعله يهدأ، لعله يدلُّني على أريكتي، رحتُ أقترب منه؛ لعلني أحتويه، أو لعله يحتويني، فإذا بي مسرعًا أجدني أتراجع وأعدل عن فكرتي، حينها انكسر مني خجلًا كطفلٍ صغير في براءته، وغشي موجَه السكونُ، حتى توقف فلم يعد يتحرك، وإذا ببعض قطراته تلحق بي تقربني، وتهرب منه متجهةً نحوي إلى الشاطئ، تلمَّست قطراته بيدي، استشعرتها، لامستها، وشعرت وكأنها دمعات حقيقية، لمستُ حرارة صدقها، وفي تلك اللحظات ذاتها إذا بي أسمع صوتًا يُنادِي: يا سيدي، رفقًا بالبحر، رفقًا به، فقد لا يقدر إلا أن يَغرَق فيك، وحينها لن تقدر أن تواجهَ ثورته، فوقفت أتأمل فيه، في مياهه، ثم رجعت من جديد أكتب قصتي، أين كنتُ؟ وأين كان البحر مني؟



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 13.45 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.46%)]