عرض مشاركة واحدة
  #248  
قديم 20-08-2022, 12:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,309
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله


تفسير "محاسن التأويل"

محمد جمال الدين القاسمي
سُورَةُ النِّسَاءِ
المجلد الخامس
صـ 1491 الى صـ 1498
الحلقة (248)




القول في تأويل قوله تعالى:

إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا [98]

إلا المستضعفين من الرجال لعمى أو عرج أو مرض أو هرم أو فقر والنساء والولدان أي: الصبيان فإنهم معذورون في ترك الهجرة؛ لأنهم: لا يستطيعون حيلة في الخروج، إذ لا قوة لهم على الخروج ولا نفقة.

ولا يهتدون سبيلا أي: لا يعرفون طريقا إلى دار الهجرة.
القول في تأويل قوله تعالى:

فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا [99]

فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم أي: يتجاوز عنهم بترك الهجرة.

قال الرازي : [ ص: 1490 ] ههنا سؤال، وهو أن القوم لما كانوا عاجزين عن الهجرة، والعاجز عن الشيء غير مكلف به، وإذا لم يكن مكلفا به لم يكن عليه في تركه عقوبة - فلم قال: عسى الله أن يعفو عنهم؟ والعفو لا يتصور إلا مع الذنب، وأيضا (عسى) كلمة الإطماع، وهذا يقتضي عدم القطع بحصول العفو في حقهم، والجواب عن الأول: أن المستضعف قد يكون قادرا على ذلك الشيء مع ضرب من المشقة، وتمييز الضعف الذي يحصل عنده الرخصة عن الحد الذي لا يحصل عنده الرخصة - شاق ومشتبه، فربما ظن الإنسان بنفسه أنه عاجز عن المهاجرة ولا يكون كذلك، ولا سيما في الهجرة عن الوطن، فإنها شاقة في النفس، وبسبب شدة النفرة قد يظن الإنسان كونه عاجزا، مع أنه لا يكون كذلك، فلهذا المعنى كانت الحاجة إلى العفو شديدة في هذا المقام، والجواب عن الثاني: بأن الفائدة في (عسى) الدلالة على أن ترك الهجرة أمر مضيق لا توسعة فيه، حتى إن المضطر البين الاضطرار من حقه أن يقول: عسى الله أن يعفو عني، فكيف الحال في غيره؟ هذا ما ذكره صاحب: "الكشاف".

والأولى في الجواب ما قدمناه، وهو أن الإنسان لشدة نفرته عن مفارقة الوطن ربما ظن نفسه عاجزا عنها، مع أنه لا يكون كذلك في الحقيقة، فلهذا المعنى ذكر العفو بكلمة (عسى) لا بالكلمة الدالة على القطع. انتهى.

وقال أبو السعود : جيء بكلمة (الإطماع) ولفظ (العفو) إيذانا بأن الهجرة من تأكيد الوجوب بحيث ينبغي أن يعد تركها ممن تحقق عدم وجوبها عليه - ذنبا يجب طلب العفو عنه، رجاء وطمعا، لا جزما وقطعا.

وقال المهايمي : فيه إشعار بأن ترك الهجرة أمر خطير، حتى إن المضطر حقه أن يترصد الفرصة ويعلق قلبه بها، وإن الصبي إذا قدر فلا محيص له عنه، وإن قوامهم يجب عليهم أن يهاجروا بهم، ثم أكد الإطماع؛ لئلا ييأسوا فقال: وكان الله عفوا غفورا

وفي إقحام (كان) إشارة إلى اتصافه تعالى بهذه الصفة قبل خلق الخلق، أو أن هذه عادته تعالى، أجراها في حق خلقه، ووعده بالعفو والمغفرة مطلقا مما يدل على أنه تعالى قد يعفو عن الذنب قبل التوبة.
[ ص: 1491 ] تنبيه:

قال السيوطي في "الإكليل": استدل بالآية على وجوب الهجرة من دار الكفر ، إلا على من لم يطقها، وعن مالك: الآية تقتضي أن كل من كان في بلد تغير فيه السنن فينبغي أن يخرج منه. انتهى.

وقال بعض مفسري الزيدية: ثمرة الآية وجوب الهجرة من دار الكفر، ولا خلاف أنها كانت واجبة قبل الفتح، ولذلك قال الله تعالى في سورة الأنفال: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء [الأنفال: من الآية 72] قيل: ونسخت بعد الفتح، والصحيح عدم النسخ، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح معناه من مكة .

قال جار الله: وهذا يدل على أن الرجل إذا كان في بلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب - لبعض الأسباب - وعلم أنه في غير بلده أقوم بحق الله - حقت عليه الهجرة.

ثم قال رحمه الله: قال في التهذيب: وعن القاسم بن إبراهيم : إذا ظهر الفسق في دار، ولا يمكنه الأمر بالمعروف ، فالهجرة واجبة، وهذا بناء على أن الدور ثلاث: دار إسلام، ودار فسق، ودار حرب، وهذا التقسيم هو مذهب الهادي والقاسم وابن أبي النجم في كتاب [ ص: 1492 ] "الهجرة والدور" عن الراضي بالله وجعفر بن مبشر وأبي علي .

وذهب الإخوان وعامة الفقهاء وأكثر المعتزلة إلى النفي لدار الفسق، واعلم أن من حمل على معصية أو ترك واجب أو طالبه الإمام بذلك فالمذهب وجوب الهجرة مع حصول الشروط المعتبرة، وقد قال الراضي بالله : إن من سكن دار الحرب مستحلا كفر؛ لأن ذلك رد لصريح القرآن، واحتج بهذه.

وقد حكى الفقيه حسام الدين حميد بن أحمد ، عن القاسم والهادي والراضي بالله - التكفير لمن ساكن الكفار في ديارهم.

وفي (مذهب الراضي بالله ) يكفر إذا جاورهم سنة.

قال الفقيه شرف الدين محمد بن يحيى ، حاكيا عن الراضي بالله : إنه يكفر بسكنى دار الحرب وإن لم يستحل; لأن ذلك منه إظهار الكفر على نفسه، والحكم بالتكفير محتمل هنا، ثم قال: وإنما استثنى تعالى الولدان - وإن كانوا غير داخلين في التكليف - بيانا لعدم حيلتهم، والهجرة إنما تجب على من له حيلة. انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح": الهجرة الترك، والهجرة إلى الشيء الانتقال إليه عن غيره، وفي الشرع: ترك ما نهى الله عنه، وقد وقعت في الإسلام على وجهين:

الأولى: الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن، كما في هجرتي الحبشة وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة .

الثاني: الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، وذلك بعد أن استقر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين، وكانت الهجرة - إذ ذاك - تختص بالانتقال إلى المدينة، إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص، وبقي عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا. انتهى.

وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الإسماعيلي بلفظ: انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار، أي: ما دام في الدنيا دار كفر.

فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن على دينه.

وقد روي في معنى الآية أحاديث كثيرة، أخرجها مجد الدين بن تيمية في "منتقى الأخبار" في ترجمة (باب بقاء الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وأن لا هجرة من دار [ ص: 1493 ] أسلم أهلها) ثم قال: عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله رواه أبو داود.

وعن جرير بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر لهم بنصف العقل، وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا: يا رسول الله! لم؟ قال: لا تراءى ناراهما رواه أبو داود والترمذي .

وعن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها رواه أحمد وأبو داود .

وعن عبد الله بن السعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو رواه أحمد والنسائي .

[ ص: 1494 ] وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية رواه الجماعة إلا ابن ماجه .

وعن عائشة - وسئلت عن الهجرة - فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمن يفر بدينه إلى الله ورسوله مخافة أن يفتن، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، والمؤمن يعبد ربه حيث شاء، رواه البخاري .

وعن مجاشع بن مسعود أنه جاء بأخيه مجالد بن مسعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هذا مجالد، جاء يبايعك على الهجرة فقال: لا هجرة بعد فتح مكة ، ولكن أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد ، متفق عليه.

ولما تضمنت ترجمة المجد - رحمه الله - شقين [ ص: 1495 ] أورد لكل أحاديث، فمن قوله: لا هجرة بعد الفتح.... إلخ، جميعه للشق الثاني، وهو قوله: وأن لا هجرة من دار أسلم أهلها، إشارة للجمع بين هذه الأحاديث، وهو ظاهر، ثم رغب تعالى في المهاجرة بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى:

ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما [100]

ومن يهاجر في سبيل الله في طاعته يجد في الأرض مراغما أي: طريقا يراغم فيه أنوف أعدائه القاصدين إدراكه كثيرا وسعة أي: في الرزق، أو في إظهار الدين، أو في الصدر؛ لتبدل الخوف بالأمن.

ومن يخرج من بيته بمكة مهاجرا إلى الله إلى طاعته، أو إلى مكان أمر الله " و " إلى: " رسوله " بالمدينة ثم يدركه الموت أي: في الطريق قبل أن يصل إلى المقصد فقد وقع أي: ثبت أجره على الله أي: فلا يخاف فوات أجره الكامل؛ لأنه نوى مع الشروع في العمل، ولا تقصير منه في عدم إتمامه.

وكان الله غفورا رحيما فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التي جملتها القعود عن الهجرة إلى وقت الخروج، ويرحمه بإكمال ثواب هجرته.
تنبيهات:

الأول: فيما روي في نزول الآية:

أخرج ابن أبي حاتم وأبو يعلى بسند جيد، عن ابن عباس قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا، فقال لأهله: احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل الوحي: ومن يخرج من بيته الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد [ ص: 1496 ] بن جبير، عن أبي ضمرة الزرقي، الذي كان مصاب البصر، وكان بمكة ، فلما نزلت: إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة فقال: إني لغني وإني لذو حيلة، فتجهز يريد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدركه الموت بالتنعيم، فنزلت هذه الآية: ومن يخرج من بيته إلى آخرها.

وأخرج ابن جرير نحو ذلك من طرق، عن سعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والسدي والضحاك وغيرهم، وسمي في بعضها ضمرة بن العيص ، أو العيص بن ضمرة، وفي بعضها جندب بن ضمرة الجندعي ، وفي بعضها الضمري، وفي بعضها رجل من بني ضمرة، وفي بعضها رجل من خزاعة ، وفي بعضها رجل من بني ليث ، وفي بعضها من بني كنانة ، وفي بعضها من بني بكر .

وأخرج ابن سعد في الطبقات، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن جندع بن ضمرة الضمري كان بمكة ، فمرض فقال لبنيه: أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها، فقالوا: إلى أين؟ فأومأ بيده نحو المدينة، يريد الهجرة، فخرجوا به، فلما بلغوا أضاة بني غفار مات، فأنزل الله فيه: ومن يخرج الآية.

وأخرج الأموي في "مغازيه" عن عبد الملك بن عمير قال: لما بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يأتيه، فأبى قومه أن يدعوه، قال: فليأت من يبلغه عني ويبلغني عنه، فانتدب له رجلان، فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي وهو يسألك: من أنت؟ وما أنت؟ وبم جئت؟ قال: أنا محمد بن عبد الله، وأنا عبد الله [ ص: 1497 ] ورسوله، ثم تلا عليهم: إن الله يأمر بالعدل والإحسان [النحل: من الآية 90] الآية فأتيا أكثم فقالا له ذلك، قال: أي قوم! إنه يأمر بمكارم الأخلاق، وينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤوسا ولا تكونوا فيه أذنابا، فركب بعيره متوجها إلى المدينة ، فمات في الطريق، فنزلت فيه: ومن يخرج من بيته الآية ، قال السيوطي : مرسل، إسناده ضعيف.

وأخرج أبو حاتم في كتاب "المعمرين" من طريقين عن ابن عباس أنه سئل عن هذه الآية؟ فقال: نزلت في أكثم بن صيفي ، قيل: فأين الليثي ؟ قال: هذا قبل الليثي بزمان، وهي خاصة عامة.

وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن منده والباوردي في (الصحابة) عن هشام بن عروة، عن أبيه أن الزبير بن العوام قال: هاجر خالد بن حرام إلى أرض الحبشة ، فنهشته حية في الطريق فمات، فنزلت فيه: ومن يخرج الآية.

قال الزبير : فكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة ، فما أحزنني شيء حزن وفاته حين بلغتني؛ لأنه قل أحد هاجر من قريش إلا ومعه بعض أهله، أو ذوي رحمه، ولم يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى ولا أرجو غيره.

قال الحافظ ابن كثير : وهذا الأثر غريب جدا، فإن هذه القصة مكية، ونزول الآية مدني، فلعله أراد أنها تعم حكمه مع غيره، وإن لم يكن ذلك سبب النزول، والله أعلم.

الثاني: ثمرة الآية:

أن من خرج للهجرة ومات في الطريق فقد وجب أجره على الله، قال الحاكم: لكن اختلف العلماء، فقيل: أجر قصده، وقيل: أجر عمله دون أجر الهجرة، وقيل: بل له أجر المهاجرة، وهو ظاهر في سبب نزول الآية.

[ ص: 1498 ] قال الحاكم: وقد استدل بعض العلماء أن الغازي يستحق السهم وإن مات في الطريق قال: وهو بعيد؛ لأن المراد بالآية أجر الثواب.

قال الزمخشري - حكاية عن المفسرين -: إن كل هجرة لغرض ديني من طلب علم أو حج أو جهاد، أو فرارا إلى بلد يزداد فيه طاعة أو قناعة أو زهدا في الدنيا، وابتغاء رزق طيب - فهي هجرة إلى الله ورسوله، وإن أدركه الموت في طريقه فأجره واقع على الله.

ووقع في كلام الزمخشري على الآية السابقة هذا الدعاء، وهو: اللهم! إن كنت تعلم أن هجرتي إليك لم تكن إلا للفرار بديني، فاجعلها سببا في خاتمة الخير، ودرك المرجو من فضلك، والمبتغى من رحمتك، وصل جواري لك - بعكوفي عند بيتك - بجوارك في دار كرامتك، يا واسع المغفرة.

وكلامه - رحمه الله - بناه على أنه يستحب للإنسان أن يدعو الله بصالح عمله.

وقد ذكر البخاري ومسلم حديث الثلاثة الذين دخلوا الغار وانسد عليهم بصخرة، وصوبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد دعا كل واحد منهم بصالح عمله، وانفرجت عنهم الصخرة.

[ ص: 1499 ] وقد اقتضت الآية لزوم الهجرة ولو ببذل مال كالحج، وفيما سبق من حديث الذي حمل من مكة وقد قال: احملوني فإني لست من المستضعفين - إشارة إلى أنها تجب الهجرة إذا تمكن من الركوب ولو مضطجعا في المحمل؛ لأنه حمل على سرير. وقد ذكر المتأخرون (في الحج) أن الصحيح الذي يلزمه أن يمكنه الثبات على المحمل، قاعدا لا مضطجعا؛ لأن أحدا لا يعجز عن ذلك، فيحتمل أن يسوى بين المسألتين، وأنه يجب الحج ولو مضطجعا، [ ص: 1500 ] وأنهما لا يجبان مع الاضطجاع، وفعل ضميرة على سبيل الشذوذ، ويحتمل أن يفرق بينهما وتجعل الهجرة أغلظ؛ لأن فعل المحظور - وهو الإقامة - أغلظ من ترك الواجب، وهذا يحتاج إلى تحقيق، كذا في تفسير بعض الزيدية.

الثالث: روي في معنى هذه الآية أحاديث وافرة، منها ما في الصحيحين والسنن والمسانيد، عن عمر بن الخطاب أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه .

قال ابن كثير : وهذا عام في الهجرة وفي جميع الأعمال.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 41.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 41.18 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.50%)]