عرض مشاركة واحدة
  #268  
قديم 20-08-2022, 09:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[مباحث العدة]
صـــــ 451 الى صــــــــ
464

الحلقة (224)

مباحث العدة

تعريفه
-العدة في اللغة مأخوذة من العدد، فهي مصدر سماعي لعد، بمعنى أحصى، تقول: عددت الشيء عدة إذا أحصيته إحصاء، والمصدر القاسي العد، إذ يقال: عد الشيء عداً، كرده رداً إذا أحصاه وتطلق العدة لغة على أيام حيض المرأة. أو أيام طهرها، وهذا غير المعنى الشرعي، لأن المعنى الشرعي ليس هو نفس أيام حيض المرأة، بل هو انتظار المرأة انقضاء هذه الأيام بدون أن تتزوج على أن المعنى الشرعي أعم من انتظار مدة الحيض أو الطهر، إذ قد يكون بالأشهر، كما يكون بوضع الحمل، أما معنى العدة شرعاً، ففيه تفصيل المذاهب (1) .
أنواع العدة، وأقسامها
-للعدة أنواع ثلاثة: الحمل، والأشهر، والإقراء، والمعتدة - هي التي تجب عليها العدة - إما أن تجب عليها العدة بفراق زوجها بموته، وهذه تنقسم إلى قسمين: أحدهما أن يتوفى عنها وهي حامل، أو يتوفى عنها وهي حائل، أي غير حامل، والأولى تنقضي عدتها بوضع الحمل. والثانية تنقضي عدتها بأربعة أشهر وعشرة أيام بالشرائط الآتية، وإما أن تجب عليها العدة بفراق زوجها في الحياة بسبب الطلاق أو الفسخ، وهذه تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول أن يطلقها وهي حامل وهذه تنقضي عدتها بوضع الحمل. الثاني: أن يفارقها وهي ليست بحامل وهي من ذوات الحيض، وهذه تنقضي عدتها بثلاثة أقراء. الثالث: أن يفارقها وهي آيسة من المحيض وهذه تنقضي عدتها بثلاثة أشهر فالمعتدات خمس
(1) معتدة الوفاة الحامل
(2) معتدة الوفاة غير الحامل
(3) معتدة الطلاق الحامل
(4) معتدة الطلاق الحائل وهي من ذوات الحيض
(5) معتدة الطلاق الآيسة من الحيض، وقد عرفت أن العدة لا تخرج عن الأنواع الثلاثة. الأول: الحمل، فتنقضي عدة الحامل بوضعه، سواء كانت مفارقة بالموت أو الطلاق. الثاني: الأشهر، وتنقضي بها عدة الآيسة وعدة المتوفى عنها زوجها. الثالث: الأقراء، وتنقضي بثلاثة منها عدة اللائي يحضن فلنذكر ما في كل نوع منها من الأحكام، ونبدأ بعدة الحوامل فنقول:مبحث انقضاء العدة بوضع الحمل
-شروطه - عدة الزوجة الصغيرة الحامل - عدة الحبلى بوطء الشبهة - أو النكاح الفاسد - عدة الحبلى من زنا - تداخل العدتين في بعضهما - أكثر مدة الحمل وأقلها.
تنقضي العدة بوضع الحمل، سواء كانت الزوجة مطلقة أو متوفى عنها زوجها بشروط مفصلة في المذاهب (2) .
__________
(1) (الحنفية - قالوا: للعدة اصطلاحاً تعريفان مشهوران: أحدهما أنها أجل ضرب لانقضاء ما بقي من آثار النكاح أو الفراش، فقوله: أجل ضرب، المراد به ما يشمل عدة ذوات الحيض، وهي ثلاثة قروء. وعدة اليائسة من الحيض لكبر أو صغر، وهي ثلاثة أشهر. وعدة الحامل، وهي وضع الحمل. وعدة المتوفى عنها زوجها إذا لم تكن حاملاً، وهي أربعة أشهر وعشر، وقوله لانقضاء ما بقي من آثار النكاح معناه أن النكاح له آثار مادية، وهي الحمل، وأدبية، وهي حرمة الزوج، فضرب هذا الأجل لتنقضي به هذه الآثار، وظاهر أن النكاح يشمل الصحيح والفاسد والنكاح بشبهة، فأما النكاح الصحيح فإن العدة فيه تجب بأحد أمرين: الوطء، والخلوة، فإذا تزوج امرأة وجامعها وجبت عليها العدة، وكذا إذا خلا بها ولم يجامعها، فإن العدة تجب أما العقد الفاسد فإن العدة لا تجب فيه بالخلوة، لأنه لا حرمة له، بخلاف الصحيح، فإن الخلوة تجعل بين الزوجين علاقة خاصة ينبغي مراعاتها، إذ ربما يعلق أحدهما بصاحبه فيندمان بعد الفراق، فالعدة تجعل للرجل فرصة العودة، فإذا تزوج امرأة بدون شهود وجامعها وفرق بينهما فإنه يجب عليها العدة من وقت التفريق، سواء كانت الفرقة بقضاء أو بغيره، أما إذا خلا بها ولم يجامعها فلا عدة عليها.
وهذا التعريف يشمل المطلقة رجعياً، لأن طلاقها جعل له الشارع أجلاً يزول النكاح به، وهو العدة، وقوله أو فراش شمل الأجل المضروب للأمة الموطوءة بملك اليمين لا بالنكاح، فهذا التعريف جامع مانع، وهو أحسن تعريف للعدة الشرعية.
ثانيهما: أنها تربص مدة معلومة تلزم المرأة بعد زوال النكاح، سواء كان النكاح صحيحاً أو بشبهة إذا تأكد بالدخول أو الموت، فقوله: تربص، أي انتظار، وقوله: مدة معلومة، المراد بها الأجل الذي ضربه الشارع، كما بيناه، ومعنى كون المرأة تنتظر في هذه المدة، أي تنتظر نهايتها حتى يحل لها التزوج والزينة، أما فيها فلا، وباقي التعريف ظاهر، ولكن يرد عليه ثلاثة أمور:
أحدها: أنه لا يشمل عدة المطلقة رجعياً، لأنه قال: إن الانتظار لا يلزمها إلا بعد زوال النكاح ونكاح المطلقة رجعياً لا يزول بالطلاق الرجعي.
ثانيها: أنه قال: أن الانتظار يلزم المرأة، وهذا يخرج عدة الصغيرة، لأنها ليست أهلاً للالتزام.
ثالثها: أنه لا يشمل عدة الأمة، لأنه قال: يلزم المرأة بعد وال النكاح، فالتعريف الأول أوضح وأشمل، ولا يخفى أن التعريف الأول لا يشمل منع الرجل من تزوج المرأة بسبب حتى يزول ذلك السبب، لأن هذا المنع ليس أجلاً مضروباً لانقضاء ما بقي من آثار النكاح بالنسبة للرجل وإنما هو بالنسبة للمرأة، مثلاً إذا كان متزوجاً بامرأة وطلقها، وأراد أن يتزوج بأختها فإنه يمنع من ذلك حتى تنقضي عدة أختها المطلقة، فهذه المدة لا تسمى عدة بالنسبة للرجل، وإنما هي عدة المرأة، وإنما منع الرجل كي تهدأ غيرة المطلقة وتيأس منه، فلا تحقده على أختها كل الحقد، ألا ترى أنها إذا ماتت فله أن يتزوج بأختها بدون انتظار، وكذا إذا ارتدت وذهبت إلى دار الحرب فإن له أن يتزوج بأختها بدون عدة، كما لو ماتت، أما التعريف الثاني فإنه قد نص على أن العدة خاصة بالمرأة حيث ذكر أن انتظار المدة يلزم المرأة لا الرجل، وعلى هذا يكون انتظار الرجل انقضاء مدة بدون تزوج ليس عدة شرعية، ثم انتظار الرجل تارة يكون محدوداً بعدة المرأة وتارة يكون بسبب آخر، فالأول أن يريد التزوج بأخت امرأته المطلقة، كما ذكرنا، ومثلها عمتها وخالتها، وبنت أخيها، وبنت أختها فإنه لا يحل أن يتزوج واحدة منهن حتى تنقضي عدة زوجته المطلقة وكذا إذا كان متزوجاً أربعاً وطلق واحدة منهن فإنه لا يحل له أن يتزوج خامسة إلا إذا انقضت عدة الرابعة المطلقة، ولا فرق بين أن يكون قد وطئ الرابعة بنكاح صحيح ثم طلقها، أو وطئها بنكاح فاسد، أو بشبهة وفرق بينهما، فإنها تعتد على كل حال، وما دامت في العدة فلا يحل له أن يتزوج خامسة، وكذا إذا أراد أن يتزوج امرأة معتدة من مطلقها الأجنبي، فإنه لا يحل له زواجها إلا إذا انقضت عدتها، فهو ممنوع من زواجها ما دامت في العدة، أما إذا طلق هو امرأة وكانت معتدة منه،
فإن له أن يتزوجها ثانياً وهي في العدة. وأما الثاني: فمنه أن يطلق امرأته ثلاثاً، ويريد تزوجها ثانياً، فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويطلقها وتنقضي عدتها من ذلك الغير، فهو ممنوع من زواجها إلا إذا تزوجت بغيره وانقضت عدتها من ذلك الغير، ومنه أن يعقد على امرأة حامل من زنا، فإن العق يصح ولكن لا يحل وطؤها حتى تلد، ولا يقال: إن وضع الحمل انقضاء للعدة، فهو من الأول، لأنه لو كان عدة لم صح له العقد عليها، ومثل ذلك ما إذا تزوج حربية هاجرت إلينا مسلمة، وهي حامل فإنه يحل له العقد عليها لا وطؤها حتى تضع الحمل، ومن ذلك المسبية فإنه لا يحل وطؤها حتى تحيض حيضة، واحدة إن كانت من ذوات الحيض، وإلا انتظر شهراً. ومنه نكاح الوثنية، والمرتدة، والمجوسية، فإنه لا يحل حتى تسلم، فالرجل ممنوع من تزوج واحدة منهن بسبب الكفر.
والحاصل أن الرجل يمنع من التزوج عند وجود سبب المنع، فإذا زال السبب رفع المنع ثم إن المدة الممنوع فيها تارة تكون عدة للمرأة وتارة تكون مدة استبراء، وتارة تكون مدة كفر، ونحو ذلك، وعلى كل حال فمدة انتظاره لا تسمى عدة.
وبذلك تعلم أن ركن العدة هو شيء يلزم المرأة في زمن خاص بحيث يحرم عليها أن تتعداه، إذا يلزم المرأة أن تمنع عن التزوج بالغير. وتمتنع عن الزينة المعتادة للأزواج ما دامت في هذه المدة متى تحقق السبب ووجد الشرط، وأسباب وجوب العدة ثلاثة: العق الصحيح، وهذا تجب به العدة إذا توفي عنها زوجها، ولو لم يدخل بها، صغيرة كانت، أو كبيرة فسبب العدة في هذه الحالة أمران: العقد الصحيح والوفاة، فمن قال: إن الوفاة سبب في العدة لا يعني إلا وفاة الزوج بالعقد الصحيح كما هو ظاهر. ثانيها: الوطء سواء كان بعقد صحيح، أو فاسد، أو كان وطء شبهة، أما الوطء بالعقد الباطل، ووطء الزنا فإنهما لا عدة فيهما، وقد تقدم الفرق بين الفاسد والباطل في صحيفة 107 وما بعدها، وكذا تقدم بيان الوطء بشبهة في صحيفة 112 وما بعدها فارجع إليهما فالعقد الفاسد بدون وطء لا يوجب العدة كما تقدم، والباطل من باب أولى، ثالثها: الخلوة، سواء كانت صحيحة أو فاسدة على المعتمد، كما تقدم في صحيفة 105.
المالكية - قالوا: العدة هي مدة يمتنع فيها الزواج بسبب طلاق المرأة، أو موت الزوج أو فسخ النكاح، وقوله: يمتنع فيها الزواج يشمل المدة التي يمتنع فيها الرجل عن الزواج، كما إذا كان متزوجاً أربعة، وطلق الرابعة أو كان متزوجاً امرأة وطلقها وأراد أن يتزوج أختها، وهو قول لبعضهم، فإن انتظار الرجل يقال له عدة. وبعضهم يقول: إن منع الرجل لا يسمى عدة، وعلى هذا يزيد قيد المرأة، فيقول: مدة تمتنع فيها المرأة عن الزوج، أو طلاقه، فهذا التعريف يخرج انتظار الرجل مدة، ولكن يرد عليه أن العدة تكون لمن ثبتت براءة رحمها، كالصغيرة، وأجيب بأن الأصل فيها أن تكون لبراءة الرحم. ولكن هذا الجواب غير ظاهر، إذ لا دليل على أن الأصل فيها ذلك وعلى فرض أن الأصل فيها ذلك، فإن التعريف على كل حال ناقص، فالتعريف الأول هو الصحيح، لأن الشارع قد ضرب مدة يجل على المرأة أن لا تتزوج فبها سواء كان ذلك لبراءة الرحم أو تعبداً، كما يقولون.
وبذلك تعلم أن الوطء بالعقد الفاسد، ووطء الشبهة، ووطء الزنا لا يوجب العدة بهذا المعنى ولكن على كل واحدة من هؤلاء، سواء وطئت بزنا، أو بشبهة، أو بعقد فاسد، أو باكراه أن تستبرئ رحمها بقدر العدة، بدون فرق، فهو استبراء قدر العدة إلا الزانية إذا أريد استبراؤها لإقامة الحد عليها لا للتزوج بها، فإنها تستبرأ بحيضة واحدة. فلا تقتل قبل ذلك مخافة أن تكون حاملاً، ومثلها المرتدة، فإنها لا تقتل إلا بعد استبرائها بحيضة، ومثلها الاستبراء في اللعان الآتي بيانه.
واعلم أن عدة الأمة نصف عدة الحرة، ولكن إذا كانت من ذوات الحيض فعدتها حيضتان أما استبراؤها في الزنا، والوطء بشبهة فإنه يكفي فيه حيضة واحدة، وقد عرفت من قوله بسبب طلاق المرأة أو موت الزوج أن سبب العدة أمران فقط: أحدهما فراق الزوجة في حال الحياة بالطلاق أو فسخ النكاح: ثانيهما: موت الزوج، أما ما عدا ذلك من زنا، أو وطء شبهة، أو نحوهما فإن ما يترتب عليه لا يسمى عدة ولكنه استبراء وإن كان قدر العدة، ويقوم مقام الوطء الخلوة كانت خلوة اهتداء، أو خلوة زيارة، وقد تقدم بيانهما في صحيفتي 102، 103 بشرط أن يكون بالغاً قادراً على الوطء غير مجبوب، ولو أنزل بالمساحقة على المعتمد، وأن تكون مطيقة للوطء ولو حائضاً وأن يمكث معها زمناً يمكن وطؤها فيه ولو قالا: أنه لا وطء لا يسمع لهما، لأن العدة حق الله تعالى ولكنهما يعاملان بإقرارهما فيما هو حق لهما، فتسقط نفقتها ولا يتكمل لها الصداق، لأنها تكون مطلقة قبل الدخول، ويسقط حقه في الرجعة إذا طلقها طلاقاً رجعياً وإذا أقر أحدهما دون الآخر عومل بإقراره وحده.
ولا تعتد بقبلة، أو عناق، أو نحوهما في غير خلوة فإذا قالت: إنه وطئها ولم تعرف له خلوة بها عوملت بإقرارها ولزمتها العدة، سواء صدقها أو كذبها، وإن ادعى هو الوطء ولم تعرف له خلوة وكذبته، فلا عدة عليها، وعومل بإقراره في الصداق، والنفقة، والسكنى.
فإذا أنكر الوطء، وظهر بها حمل ولم تعرف له خلوة بها فإنها تعتد بوضع الحمل إن لم ينف الولد بلعان، أما إذا نفاه بلعان فإنها تنتظر حتى تضع الحمل أيضاً، ولكن انتظارها في هذه الحالة لا يقال له عدة، وإنما يقال له استبراء، ولا عدة عليها من الزوج، فلا بد لحلها للأزواج من وضع الحمل، إلا أنه على الأول تنقضي به العدة ويترتب على وجود الحمل أحكام العدة من توارث، ورجعة ونفقة، وعلى الثاني ينقضي به الاستبراء ولا يترتب على وجوده أحكام العدة المذكورة.
الشافعية - قالوا: العدة مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبد أو لتفجعها على زوج، فقوله: تتربص: أي تنتظر وقوله: المرأة خرج به المدة التي ينتظر فيها الرجل فإنها لا تسمى عدة. وقوله: لمعرفة براءة الرحم المراد بالمعرفة ما يشمل الظن واليقين، فأما اليقين فهو بوضع الحمل، وأما الظن فهو غير ذلك، وهذا كاف، إذ لا يلزم أن تبحث المرأة بحثاً يفضي إلى التيقن من براءة رحمها، بل يكتفي بالحيض، وقوله: أو للتعبد أراد به عدة الصغيرة نحوها ممن ثبتت براءة رحمها، وقد يقال: إن وجوب العدة على مثل هذه لاحترام علاقة الزوجية إذ قد يندمان على الفرقة فتكون لهما فرصة العودة بخلاف ما إذا لم يكن لها عدة وتزوجت بغيره، فإن الفرصة تضيع عليه، مع كونه أحق بها من غيره، ولا يرد غير المدخول بها فإن عدم مباشرتها لم تجعل لها مكانة في نفسه، فإذا لم تشرع لها عدة، والمراد بالمرأة الموطوءة بعقد صحيح أو فاسد أو شبهة فإنها تجب عليها العدة لبراءة رحمها أما الموطوءة بزنا، أو بعقد باطل فإنها لا عدة عليها، وقد تقدم بيان الفاسد والباطل في صحيفتي 110 و 111 وقوله: لتفجعها للإشارة إلى أن العدة قد تترتب على مجرد العقد الصحيح بدون وطء في حالة ما إذا توفي عنها زوجها، فأسباب العدة وفاة الزوج بالعقد الصحيح والوطء، سواء كان بعقد صحيح أو فاسد أو وطء شبهة ويقوم مقام الوطء إدخال مني الزوج في فرجها بأنبوبة ونحوها، أما الخلوة: فإنها لا توجب العدة، ومثلها الوطء بالعقد الباطل أو الزنا.
الحنابلة - عرفوا العدة بأنها التربص المحدود شرعاً، والمراد به المدة التي ضربها الشارع للمرأة، فلا يحل لها التزوج فيها بسبب طلاقها أو موت زوجها بالشرائط الآتية، ولا يخفى أن هذا التعريف حسن لأنه لم يتعرض فيه لبراءة الرحم، ولا لغيره، فمن قصره على ذلك لم يكن له وجه.

ثم إن هذه المدة التي ضربها الشارع للزوجة تارة تترتب على وفاة الزوج بالعقد الصحيح سواء دخل بها أو لم يدخل وتارة تترتب على الوطء بالعقد الفاسد أو بشبهة أو بزنا فالزنا عندهم يوجب العدة ومثله الوطء بالعقد الباطل، إلا أنها تعتد في الزنا والعقد الباطل بثلاثة قروء من وقت وطئها ولو مات عنها، ويقوم مقام الوطء إدخال مني زوجها في فرجه. فإن كان مني أجنبي ففيه قولان مصححان: وجوب العدة به وعدمها وتارة تترتب على الخلوة، سواء كانت صحيحة أو فاسدة، وسواء كان العقد صحيحاً أو فاسداً، فمتى خلا بها وهو عالم فإن العدة تجب، ولو لم يمسها أو يضع يده عليها، إلا إذا خلا بها رغم أنفها، أو كانت صغيرة لا يوطأ مثلها، أو كان هو صغيراً لا يطأ مثله، فإنه لا عدة عليها، على أي حال، حتى ولو وطئها، والصغير هو من كان دون عشر سنين، والصغيرة هي من كانت دون تسع سنين، وأما العقد الباطل فإن الخلوة فيه لا توجب العدة والمراد بالباطل ما كان مجمعاً على بطلانه "كنكاح الخامسة، والمعتدة" ونحو ذلك. فأسباب العدة عندهم تتناول الخلوة مطلقاً. والوطء بالعقد الباطل، والزنا) .
(2) (الحنفية - قالوا: يشترط لانقضاء العدة بوضع حمل المطلقة والمتوفى عنها زوجها ثلاثة شروط: أحدها: أن ينفصل الحمل منها جميعاً، فإن نزل بعضه ولو ثلثاه، فإن عدتها لا تنقضي، وفائدة هذا الشرط تظهر عملياً فيما إذا مات الجنين في بطنها، واحتاج إخراجه منها إلى تقطيعه، فأخرج معظمه وبقيت منه قطعة، فإن عدتها لا تنقضي، ولو كانت القطعة صغيرة إلا إذا يئست من إخراجها على المعتمد، ثانيها: أن يكون الولد متخلقاً، فإذا أسقطت قطعة لحم لم يظهر فيها جزء انسان، فإن عدتها لا تنقضي بها، بل لا بد من انقضاء عدتها بثلاث حيض، ثم إن أمكن اعتبار دم السقط حيضاً، بأن لم يزد على أكثر مدة الحيض، وهي عشرة أيام، ولم يقل عن أقلها وهي ثلاثة أيام وثلاث ليال احتسب حيضة لها، وإلا كان استحاضة فلا يحسب. ثالثها: أنها إذا كانت حاملة باثنين أو أكثر، فإن عدتها لا تنقضي إلا بنزول الولد الأخير وانفصاله منها جميعه، فلا يكفي انفصال واحد.
ولا يشترط لانقضاء عدة الحامل بوضع الحمل أن يكون الزوج بالغاً، بل تنقضي عدة زوجة الصغير الذي لا يولد لمثله بوضع حملها إذا فارقها في حال الحياة، ولا يلحقه نسبه طبعاً لأنه زنا، والعدة تجب بخلوة الصغير ولو لم يطأ. كما تجب بوطئه، وحيث كانت حاملاً من غيره فإن عدتها تنقضي بوضع الحمل، فإن قلت: أن الصغير عند الحنفية لا يصح طلاقه، فكيف يتصور وجوب العدة على امرأته المطلقة؟ والجواب: أنه يتصور في حالتين: إحداهما: أن يخلو بها وهو صغير ويتركها ثم يطلقها بعد بلوغه، الحالة الثانية: أن تكون ذمية بالغة متزوجة بذمي صغير، ثم تسلم ويأبى ولي الصغير أن يسلم فإنها تبين منه في هذه الحالة وتعتد بالخلوة الصحيحة، والمراد بالصغير غير المراهق، وهو من لم يبلغ سنه ثنتي عشرة سنة، وتجب بخلوة الصغير ووطئه العدة دون المهر.
هذا إذا كانت امرأة الصغير الحامل مطلقة، أما إذا توفي عنها وهي حامل أو مات عنها وحملت في العدة. ففي عدتها خلاف، فبعضهم يقول: إن عدتها تنقضي بوضع الحمل أيضاً، كالمطلقة، وقيل: بل تنقضي عدتها بأربعة أشهر وعشرة أيام، وهي عدة الوفاة، فإذا مات عنها ثم وضعت حملها بعد شهرين من وفاته مثلاً، فإنه يجب عليها أن تنتظر شهرين وعشرة أيام بعد الحمل، وإذا انقضت أربعة أشهر وعشرة أيام قبل وضع الحمل فإن عدتها تنقضي قبل الوضع، ويصح العقد عليهم، ولكن لا يصح جماعها إلا بعد الوضع، ولا يثبت النسب من الصغير على أي حال، سواء ولدت لأقل من ستة أشهر من تاريخ العقد عليها. أو لستة أشهر فأكثر، والقول الثاني هو الصحيح. وهو رأي المالكية والشافعية كما ستعرفه في مذهبهم.
ثم إن عدة الحامل المطلقة تنقضي بوضع الحمل، سواء كان المطلق صغيراً أو كبيراً فإذا وطئ شخص امرأة الآخر بشبهة، كما إذا زفت عروس إلى غير زوجها فوطئها، وحملت منه فإنه يحرم على زوجها أن يطأها حتى تنقضي عدتها من وطء الشبهة بوضع الحمل، فإذا طلقها زوجها أيضاً فإن عدتها تنقضي بوضع الحمل، وتتداخل العدتان، ولا يحل للواطئ الذي أحبلها أن يتزوجها إلا بعد وضع الحمل، لأنها مشغولة بعدة مطلقها، ومثل ذلك ما إذا طلق شخص امرأته طلاقاً بائناً، ثم وطئها على ظن أنها تحل له في أثناء العدة فإنها في هذه الحالة يجب عليها عدتان: إحداهما عدة الطلاق والثانية عدة وطء الشبهة، ولكن العدتين تتداخلان بمعنى أنها تستأنف عدة أخرى، بحيث إذا حملت منه فإن عدتها لا تنقضي إلا بوضع الحمل، أما إذا لم تحمل فإنه يحسب لها ما مضى من الحيض من مجموع العدتين المتداخلتين، مثلاً إذا وطئها بعد أن حاضت مرة فإنه يجب عليها أن تستأنف العدة بثلاث حيض من وقت الوطء، منها حيضتان تحسب مضمومة إلى عدتها الأولى.
والعدة الثانية تحسب من تاريخ الوطء وهي ثلاث حيض، منها الحيضتان المضمومتان إلى الحيضة الأولى، وهذا معنى التداخل وكذا إذا وطئها أجنبي بشبهة، وهي تحت زوجها ثم طلقها زوجها أو وطئها أجنبي بشبهة، أو بعقد فاسد، وهي في العدة، فإنها تلزم بعدتين، عدة بالوطء الفاسد وعدة لزوجها، ولكنهما تتداخلان، فتستأنف العدة بالحيض، فإذا حاضت ثلاث مرات انقضت العدتان جميعاً، فإن كانت قد حاضت مرة بعد طلاق زوجها فإنه يضم إليها حيضتان من الثلاث، تنقضي بهما عدة زوجها، ثم تحسب الثلاث حيض من تاريخ الوطء، وبها تنقضي عدة الثاني، فالحيضتان الحاصلتان بعد الوطء تحسبان تارة من العدة الأولى، وتارة من العدة الثانية، وإن كانت قد حاضت ثنتين قبل الوطء الفاسد، فإن عليها أن تستأنف عدة بثلاث حيض من تاريخ الوطء، تضم منها واحدة إلى عدة الزواج الأول، وتضم هي بعينها إلى عدة الثاني، فتدخل الحيضة مرة في هذه العدة ومرة في هذه العدة، وعلى هذا القياس.
وبهذا تعلم أنها إذا حملت بعقد صحيح، أو عقد فاسد، أو وطء شبهة، فإنها تعتد بوضع الحمل، ويثبت نسب الولد من الواطئ الذي علقت منه، أما الحبلى من زنا فإنها لا عدة عليها، بل يجوز العقد عليها، ولكن لا يحل وطؤها حتى تضع الحمل، فإذا طلقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة عليها، أما إذا خلا بها، أو وطئها وهو يظن حلها له، ثم طلقها بعد ذلك وقبل أن تضع الحمل، فإن عدتها تنقضي بوضع حملها من الزنا، ولا عدة له عليها.
هذا والحنفية يقولون: إن أقل مدة الحمل ستة أشهر كغيرهم من الأئمة الثلاثة، وأكثرها سنتان، خلافاً للجميع، كما ستعرفه من مذاهبهم.
فإذا تزوجت المطلقة، أو المتوفى عنها زوجها وهي في العدة بزوج آخر ثم جاءت بولد فإن ولدته لأقل من سنتين من تاريخ طلاقها من الأول، أو تاريخ وفاته، فإنه ينظر هل ولدته لأقل من ستة أشهر من تاريخ الزواج الثاني أو ولدته لستة أشهر فأكثر من ذلك التاريخ؟ فإن كان الأول فإن الولد يلحق بالمطلق أو المتوفى، مثلاً إذا طلقها في شهر المحرم، ومضت عليها سنة ونصف لم تحض فيهما مع كونها من ذوات الحيض، ثم تزوجت بغيره وجاءت بولد بعد خمسة أشهر فإنه يكون للأول، لأنها جاءت به لأقل من سنتين من تاريخ طلاقها، ولأقل من ستة أشهر من تاريخ زواجها الثاني، أما إذا جاءت به لستة أشهر من تاريخ الزواج فأكثر فإنه يكون للثاني، لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فيحتمل أنها علقت من الثاني، وأن أكثر مدة الحمل سنتان، وقد مضى في هذه الحالة أكثر منها من تاريخ طلاقها من الأول، فلا يمكن نسبة الولد إليه، ويكون النكاح صحيحاً في هذه الحالة، لأنه يتبين أن عدتها قد انقضت بحملها من الثاني فإذا ولدته لأكثر من سنتين منذ طلقها الأول، ولأقل من ستة أشهر منذ تزوجها الثاني، كما إذا تزوجت بعد سنة وثمانية أشهر من تاريخ طلاقها، ثم ولدت لأربعة أشهر من تاريخ زواجها، فتكون قد ولدت لسنتين وشهرين من تاريخ طلاقها ولأربعة أشهر من تاريخ زواجها، فإن الولد لا ينسب لا للأول ولا للثاني، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج الثاني يعلم بأنها في العدة أو لا، لأنه متى أمكن نسبة الولد إلى واحد منهما على الوجه الذي ذكرناه فإنه ينسب إليه، سواء كان العقد صحيحاً أو فاسداً، لأن نسبة الولد إلى أحدهما أولى من ضياعه ونسبته إلى الزنا، على أنه إذا كان الثاني لا يعلم بأنها في العدة فإن نكاحه يكون صحيحاً، وسيأتي إيضاح ذلك في مباحث النسب.
المالكية - قالوا: يشترط لانقضاء العدة بالحمل أربعة شروط: الشرط الأول: أن يلحق الولد بالزوج، بأن يثبت نسبه منه ولو نفاه بسبب اللعان الآتي بيانه، متى ثبتت خلوته بها، لأنه وإن نفاه في الظاهر، ولكن يحتمل أنه منه في الواقع، فتنقضي عدتها بوضعه، فإذا لم يلحق نسب الولد بالزوج المتوفى، فإن العدة لا تنقضي بالوضع، مثلاً إذا تزوج امرأة وهي حائض، ثم طهرت من الحيض ولم يقربها، ثم حملت سفاحاً وظهر حملها ومات زوجها عنها، فلا تنقضي عدتها بوضع الحمل، بل لا بد من مضي أربعة أشهر وعشرة أيام، وهي عدة الوفاة فإن وضعت بعد ثلاثة أشهر من وفاته مثلاً فإن عدتها لا تنقضي، بل لا بد من أن تنتظر شهراً وعشرة أيام بعد الوضع حتى تكمل أربعة أشهر وعشراً، وإذا انقضت أربعة أشهر وعشر قبل أن تضع فلا تنقضي عدتها إلا بالوضع.
هذا في المتوفى عنها زوجها، أما المطلقة فإنها إذا حملت من زنا وهي تحته فإن عدتها لا تنقضي إلا بثلاثة أطهار تحسب لها بعد وضع الحمل، بحيث تحيض بعد الوضع ثلاث حيض وتطهر منها، ولا تنقضي عدتها إلا إذا رأت دم الرابعة.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 49.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.97 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]