| 
 
25-08-2022, 05:33 PM
 | 
| 
|  | قلم ذهبي مميز |  | 
تاريخ التسجيل: Feb 2019 مكان الإقامة: مصر الجنس :   
المشاركات: 164,765
 
الدولة :        |  | 
| 
 رد: الموافقات - أبو إسحاق الشاطبي -----متجدد إن شاء الله 
 
 الموافقات
 أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي
 الجزء الرابع
 الحلقة (170)
 صـ401 إلى صـ 410
 
 والعاشر : حديث  أنس  في الكبائر : قال عليه الصلاة والسلام فيها :      [ ص: 401 ] الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، وقول الزور  ، وثم أحاديث أخر فيها ذكر الكبائر ، وجميعها تفسير لقوله تعالى :  إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه  الآية  [ النساء : 31 ] وهذا النمط في السنة كثير ولكن القرآن لا يفي بهذا  المقصود على شرط النص والإشارة العربية التي تستعملها العرب أو نحوها ،  وأول شاهد في هذا الصلاة ، والحج ، والزكاة والحيض ، والنفاس ، واللقطة ،  والقراض ، والمساقاة ، والديات ، والقسامات ، وأشباه ذلك من أمور لا تحصى ;  فالملتزم لهذا لا يفي بما ادعاه إلا أن يتكلف في ذلك مآخذ لا يقبلها كلام  العرب ولا يوافق على مثلها السلف الصالح ، ولا العلماء الراسخون في العلم .
 
 ولقد رام بعض الناس فتح هذا الباب الذي شرع في التنبيه عليه ; فلم يوف به  إلا على التكلف المذكور ، والرجوع إلى المآخذ الأول في مواضع كثيرة لم يتأت  له فيها نص ولا إشارة إلى خصوصات ما ورد في السنة ; فكان ذلك نازلا بقصده  الذي قصد      [ ص: 402 ] وهذا الرجل المشار إليه لم ينصب نفسه في هذا المقام إلا لاستخراج معاني الأحاديث التي خرج   مسلم بن الحجاج  في  كتابه المسند الصحيح ، دون ما سواها مما نقله الأئمة سواه ، وهو من غرائب  المعاني المصنفة في علوم القرآن والحديث ، وأرجو أن يكون ما ذكر هنا من  المآخذ موفيا بالغرض في الباب ، والله الموفق للصواب .
 فصل
 
 وقد ظهر مما تقدم  الجواب عما أوردوا من الأحاديث التي قالوا إن القرآن لم ينبه عليها     ; فقوله عليه الصلاة والسلام :  يوشك رجل منكم متكئا على أريكته  إلى  آخره لا يتناول ما نحن فيه ; فإن الحديث إنما جاء فيمن يطرح السنة معتمدا  على رأيه في فهم القرآن وهذا لم ندعه في مسألتنا هذه ، بل هو رأي أولئك  الخارجين عن الطريقة المثلى ، وقوله :  ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله  صحيح  على الوجه المتقدم ; إما بتحقيق المناط الدائر بين الطرفين الواضحين  والحكم عليه ، وإما بالطريقة القياسية ، وإما بغيرها من المآخذ المتقدمة .
 
 ومر الجواب عن تحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها ، وتحريم كل      [ ص: 403 ] ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، وعن العقل .
 
 وأما فكاك الأسير ; فمأخوذ من قوله تعالى :  وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر      [ الأنفال : 72 ] وهذا فيمن لم يهاجر إذا لم يقدر على الهجرة إلا  بالانتصار بغيره فعلى الغير النصر ، والأسير في هذا المعنى أولى بالنصر ،  فهو مما يرجع إلى النظر القياسي .
 
 وأما أن لا يقتل مسلم بكافر ; فقد انتزعها العلماء من الكتاب كقوله :  ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا     [ النساء : 141 ] وقوله :  لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة     [ الحشر : 20 ] وهذه الآية أبعد ، ولكن الأظهر أنه لو كان حكمها موجودا في القرآن على التنصيص أو نحوه لم يجعلها  علي  خارجة  عن القرآن ; حيث قال : ما عندنا إلا كتاب الله ، وما في هذه الصحيفة إذ لو  كان في القرآن لعد الثنتين دون قتل المسلم بالكافر ، ويمكن أن يؤخذ حكم  المسألة مأخذ القياس المتقدم ; لأن الله تعالى قال :  الحر بالحر والعبد بالعبد     [ البقرة : 178 ]      [ ص: 404 ] فلم  يقد من الحر للعبد ، والعبودية من آثار الكفر ; فأولى أن لا يقاد من  المسلم للكافر وأما إخفار ذمة المسلم ; فهو من باب نقض العهد ، وهو في  القرآن ، وأقرب الآيات إليه قوله تعالى :  والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار     [ الرعد : 25 ] وفي الآية الأخرى :  أولئك هم الخاسرون     [ البقرة : 27 ] وقد مر تحريم  المدينة   وانتزاعه من القرآن ، وأما من تولى قوما بغير إذن مواليه ; فداخل بالمعنى في قطع ما أمر الله به أن يوصل .
 
 وأيضا ; فإن الانتفاء من ولاء صاحب الولاء الذي هو لحمة كلحمة النسب كفر  لنعمة ذلك الولاء ، كما هو في الانتساب إلى غير الأب ، وقد قال تعالى فيها :   والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون     [ النحل : 72 ] وصدق هذا المعنى ما في الصحيح من قوله :  أيما عبد أبق من مواليه ;      [ ص: 405 ] فقد كفر حتى يرجع إليهم     .
 
 وفيه : إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة ، وحديث  معاذ  ظاهر  في أن ما لم يصرح به في القرآن ، ولا حصل بيانه فيه ; فهو مبين في السنة ،  وإلا ; فالاجتهاد يقضي عليه ، وليس فيه معارضة لما تقدم .
 [ ص: 406 ] المسألة الخامسة
 
 حيث قلنا إن الكتاب دال على السنة ، وإن  السنة إنما جاءت مبينة  له  ; فذلك بالنسبة إلى الأمر والنهي والإذن أو ما يقتضي ذلك ، وبالجملة ما  يتعلق بأفعال المكلفين من جهة التكليف ، وأما ما خرج عن ذلك من الأخبار عما  كان أو ما يكون مما لا يتعلق به أمر ولا نهي ولا إذن فعلى ضربين : أحدهما  أن يقع في السنة موقع التفسير للقرآن ; فهذا لا نظر في أنه بيان له ; كما  في قوله تعالى :  وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة     [ البقرة : 58 ] قال : دخلوا يزحفون على أوراكهم .
 
 وفي قوله :  فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم     [ البقرة : 59 ] قال : قالوا : حبة في شعرة .
 
 وفي قوله :  وكذلك جعلناكم أمة وسطا  الآية [ البقرة : 143 ] ; قال :  يدعى  نوح   فيقال  : هل بلغت ؟ فيقول : نعم فيدعى قومه فيقال : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما  أتانا من نذير ، وما أتانا من أحد فيقال من شهودك ؟ فيقول :  محمد   وأمته قال : فيؤتى بكم تشهدون أنه قد بلغ ; فذلك قول الله :      [ ص: 407 ] وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا     [ البقرة : 143 ] وفي قوله :  كنتم خير أمة أخرجت للناس     [ آل عمران : 110 ] قال  إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله     .
 
 [ ص: 408 ] وفي قوله :  بل أحياء عند ربهم يرزقون     [ آل عمران : 169 ]  إن أرواحهم في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش  إلى آخر الحديث      [ ص: 409 ] وقال :  ثلاث إذا خرجن  لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل  الآية [ الأنعام : 158 ] : الدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها  وفي قوله :  وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم  الآية [ الأعراف : 172 ] قال :  لما خلق الله  آدم   مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على  آدم   ، فقال : أي رب ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك  الحديث      [ ص: 410 ] وفي قوله :  لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد     [ هود : 80 ]  قال : يرحم الله  لوطا   ، كان يأوي إلى ركن شديد ; فما بعث الله من بعده نبيا إلا في ذروة من قومه
 
  
__________________  سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك  فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى. 
 |