
25-08-2022, 06:01 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,296
الدولة :
|
|
الاشتقاق من أسماء أعضاء الجسم
الاشتقاق من أسماء أعضاء الجسم
د. سيد مصطفى أبو طالب
قال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أُتى بكَتف مؤرَّبة فأَكَلها وصَلىَّ ولم يتوضَّأ.[1]
قال أبو عبيدة وأبو عمرو: المؤرَّبة هي الموَّفرة التي لم ينقص منها شيء.
قال أبو عبيد: يقال منه: أرَّبت الشيء تأريبًا، إذا وفرته ولا أراه أخِذَ إلا من الإرب، وهو: العضو، يقال: قطّعته إربًا إربًا أي عضوا عضوا. قال أبو زبيد في المؤرب:[2] (الطويل)
وأُعْطِِيَ فُوَيْقَ النِّصْفِ ذُو الْحَقِّ مِنْهُمُ *** وأُظْلِمَ بَعْضًا أو جَمِيعًا مُؤَرَّبَا
وقال الكميت بن زيد الأسدي:[3] (الطويل)
وَلانْتَشَلَتْ عُضْوَيْنِ منها يُحَابِرٌُ *** وكَانَ لِعَبْدَ الْقَيْسِ عُضْوٌ مُؤَرَّبُ
أي: تام لم ينقص منه شيء. والشِّلو أيضا العضو.[4]
صرح أبو عبيد بأن المؤربة هي الموفورة، التي لم ينقص منها شيء، وأن اللفظ مأخوذ من الإرب وهو العضو، وهو من أسماء الأعيان، واستشهد بأبيات من الشعر على ما ذهب إليه.
يقول ابن فارس: الهمزة والراء والباء لها أربعة أصولٍ إليها ترجِع الفروع: وهي الحاجة، والعقل، والنَّصيب، والعَقْد...، وأما النَّصيب فهو والعُضْو من بابٍ واحد؛ لأنَّهما جزء الشّيء. قال الخليل وغيرُه: الأُرْبَة نَصيب اليَسَرِ من الجَزُور، ومن هذا ما في الحديث: "كانَ أملَكَكُم لإرْبِه" أي لعُضوه. ويقال عضو مُؤَرَّب أي موَفّر اللحم تامُّهُ.[5]
وأبين من ذلك ما ذكره ابن الجوزي: و أُتِي بكَتِفٍ مُؤَرَّبةٍ أي مُوَفَّرَةٍ لم يَنْقُصْ منها شيءٌ، مَأْخُوذُ من الإِرْبِ وهو العُضْوُ.[6]
ويقول ابن الأثير في معنى مؤربة: أي مُوَفَّرة لم يَنْقٌض منها شيء. أرَّبْتُ الشيء تَأْرِيبًا إذا وفَّرته.[7]
وهذا الذي ذكره ابن الأثير من قوله: أربت تأريبًا يدل على الأخذ من الإرب.
ويؤخذ من هذه النصوص: أن المؤربة مأخوذة من الإرب، وهو العضو.
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق المؤرَّبة. توصيفه اسم مفعول من الفعل (أرَّب) المتعدي. المشتق منه الإرب. توصيفه اسم العضو. دلالة الاشتقاق يدل على اكتمال المشتق منه، وهو عضو الكتف.
• قال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المسلمون هَيِّنون لَيِّنون كالجمل الآنف، إن قيد انقاد، وإن أنيخ على صخرة استناخ).[8]
قوله: الآنف، يعني: الذي قد عقره الخِطام إن كان بخِشَاشٍ أو بُرَة أو خِزَامة في أنفه، فهو ليس يمتنع على قائده في شيء للوجع الذي به، وكان الأصل في هذا أن يقال: مأنوف لأنه مفعول به كما يقال: مصدور للذي يشتكي صدره، ومبطون للذي يشتكى بطنه، وكذلك مرؤوس ومفخوذ ومفؤود وجميع ما في الجسد على هذا...[9]
صرح أبو عبيد برأيه في هذا النوع من الاشتقاق، فقد ذكر أن الآنف هو الذي أصيب أنفه مما علق بالخطام من خشاش[10] أو برة[11] أو خزامة[12]
يقول ابن فارس: الهمزة والنون والفاء أصلان: أحدهما أخْذ الشيءِ من أوّلِه، والثاني أَنْف كلِّ ذي أنْف.... وبعيرٌ مأنوفٌ يساق بأنفه، لأنه إذا عَقَره الخِشاشُ انقاد...[13]
ويفهم من قول ابن فارس: "لأنه إذا عقر... إلخ"، أنه ينقاد لوجع أصابه في أنفه.
ويصرح الزمخشري في الأساس بهذا الاشتقاق فيقول: "والمؤمن كالجمل الآنف" وهو الذي أوجعت أنفه الخزامة.[14]
ويقول ابن الأثير في هذا الحديث: الأَنِفِ، أي: المأنوف، وهو الذي عقَرَ الخِشَاشُ أنْفَه، فهو لا يَمْتَنِع على قائدِه للْوَجَع الذي به. وقيل: الأَنِفُ الذَّلُول. يقال: أنِفَ البعير يَأنَفُ أنَفًا فهو أنِفٌ إذا اشتكى أنْفَه من الخِشَاش. وكان الأصل أن يقال: مأنُوف لأنه مفعول به، كما يقال: مَصْدورٌ ومَبْطُون للذي يشْتَكي صدره وبَطْنه.[15]
وتأسيسًا على ذلك: فإن معنى كلمة (الآَنْف): الذلول المنقاد لصاحبه لما به من وجع الأنف، فهو اشتقاق من اسم العين (الأنف).
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق الآنِفُ. توصيفه اسم فاعل من الفعل اللازم (أنف). المشتق منه الأَنفْ. توصيفه عضو من أعضاء الجسد. دلالة الاشتقاق يدل على وجع لحق بالمشتق منه وهو الأنف.
• قال أبو عبيد في حديث عمار ط: (أنه لبس تُبَّانا أو صلى في تُبَّان; وقال: إني ممثون).[16]
قال الكسائي: الممثون الذي يشتكي مثانته، ويقال منه: رجل مَثِن وممثون.
قال أبو عبيد: وكذلك إذا ضربته على مثانته، قلت: مثَنته أمثُنه وأمثِنه مَثْنا فهو ممثون;
وهذا مثل قولهم إذا اشتكى رأسه أو ضرب على رأسه قيل: مرؤوس، ومن الفؤاد: مفؤود، وعلى هذا عامة ما في الجسد ولهذا قيل للذي به المَشِي: مبطون وكذلك: مصدور إذا كان يشتكي صدره...[17]
يمضي أبو عبيد في تقرير هذا النوع من الاشتقاق من أعضاء الجسد، ويبين أن الممثون: الذي يشتكي مثانته، ثم يأتي باشتقاقات أخرى غير هذا.
يقول الزمخشري: رجل ممثون: يشتكي مثانته، وأمثن: لا يستمسك بوله، وامرأة مثناء[18]
ويقول ابن الأثير في هذا الحديث: وقال: "إنّي مَمْثُون" هو الذي يَشْتَكي مَثانَتَه وهو العضو الذي يَجْتمع فيه البَوْل داخِل الجَوف فإذا كان لا يُمسِك بَوْلَه فهو أمْثَنُ.[19]
وفي اللسان: المَثانة مُسْتَقَرُّ البول وموضعه من الرجل والمرأة، معروفة. ومَثِنَ بالكسر مَثَنًا فهو مَثِنٌ وأَمْثَنُ والأُنثى مَثْناء اشتكى مَثانته ومُثِنَ مَثْنًا فهو مَمْثُون ومَثِين.[20]
ومن النظر فيما سبق من نصوص يمكن القول: بأن المثانة مستقر البول من الإنسان، ويشتق منه: مَثِنَ، مَثَنًا، وأَمْثَنُ، و مَثْناء، و مَمْثُون، وهي اشتقاقات من اسم العين.
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق ممثون. توصيفه اسم مفعول من الفعل الثلاثي (مثن) اللازم. المشتق منه المثانة. توصيفه عضو من أعضاء الجسد. دلالة الاشتقاق يدل على مرض لحق بالمشتق منه وهو المثانة.
• قال أبو عبيد: في حديث عائشة ك حين سُئِلَت عن الميِّت يُسَرَّحُ رأسُه فقالت: عَلام تَنْصُون مَيِّتَكم؟[21]
قولها: "تنصون" مأخوذ من الناصية، يقال: نَصوت الرجل أنصُوه نَصْوا إذا مَدَدْتَ ناصيتَه.[22]
صرح أبو عبيد هاهنا بالاشتقاق من عضو من أعضاء الإنسان، وهو الناصية. يقال منه: تنصون، ونصوت أنصو نصوًا.
يقول ابن فارس: النون والصاد والحرف المعتلّ، أصلٌ صحيح يدلُّ على تَخَيُّرٍ وخَطَر في الشَّيء وعُلوّ،.... وفي تصريف هذه الكلمة: نَصَوْت فلاناً: قبَضْتُ على ناصِيَته. وناصَيْتُهُ: أخَذَ كلٌّ منا بناصيةِ صاحبه. وقول عائشة ك: "ما لكم تَنْصُون ميّتكم"، فإنَّها أرادت: تمدُّون ناصيتَه، كأنَّها كَرِهَتْ تسريح رأسِ الميّت.[23]
ويقول الزمخشري: نصوته: قبضت على ناصيته، وناصيته، وتناصينا: تآخذنا بنواصينا في الخصومة، ونصت الماشطة المرأة: سرّحت ناصيتها، وتنصّت بنفسها.[24]
وفي اللسان: النَّاصِيةُ واحدة النَّواصي، قُصاصُ الشعر في مُقدَّم الرأْس، ونَصاه نَصْوًا قبض على ناصِيَتِه وقيل مَدَّ بها، قال الأَزهري الناصِية عند العرب مَنْبتُ الشعر، ونَصَتِ الماشِطةُ المرأَةَ ونَصَّتْها فتَنَصَّتْ وفي الحديث أَن أُم سلمة ك تَسَلَّبَت[25] على حمزة رضي الله عنه ثلاثة أيام فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَمرها أَن تنَصَّى وتَكْتَحِلَ. قوله: أَمرها أَن تنَصَّى، أَي: تُسَرِّح شَعَرَها.[26]
وأرى أن ما ذكره ابن منظور مأخوذ من الناصية التي هي منبت الشعر في مقدم الرأس، فكل المآخذ منها اشتقاق من اسم العين.
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق تنصون. توصيفه مضارع الفعل (نصا) المتعدي. المشتق منه الناصية (شعر مقدم الرأس). توصيفه ما ينبت في عضو من أعضاء الجسد. دلالة الاشتقاق يدل على عمل في المشتق منه وهو شعر الناصية، وذلك بتسريحه.
• قال ابن قتيبة: ومن الوجه قيل: واجهت فلانًا إذا استقبلته، وكنت حذاءه وكان وجهك تجاه وجهه.[27]
هذا القول في معرض الحديث عن الأذنين، وهل هما من الوجه أو لا؟ ويميل ابن قتيبة إلى أنهما من الرأس لا من الوجه، ويؤيد كلامه بهذا الاشتقاق، أن واجهت مأخوذ من الوجه، فالوجه ما استقبلك به، فليست الأذنان منه.
يقول ابن فارس: الواو والجيم والهاء: أصلٌ واحد يدلُّ على مقابلةٍ لشيء. والوجه مستقبلٌ لكلِّ شيء. وواجهتُ فلانًا: جعلتُ وجهي تِلقاءَ وجهه.[28]
وفي اللسان: والمواجهة: المقابلة، والمواجهة: استقبالك الرجل بكلام أو وجه.[29]
وفي الوسيط: واجهه مواجهة ووجاهًا: قابل وجهه بوجهه، واستقبله بكلام أو وجه.[30]
ومن هذه النقول يتبين أن: المواجهة والوجاه مصدر للفعل "واجه" وهو مأخوذ من الوجه، وهو من أعضاء الجسد واسم من أسماء الأعيان.
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق واجهت. توصيفه فعل ماضٍ متعدٍ. المشتق منه الوجه. توصيفه عضو من أعضاء الجسد. دلالة الاشتقاق يدل على الجزء المقابل والمحاذي من المشتق منه وهو الوجه.
• قال ابن قتيبة: والظهار الذي تحرم به المرأة، مأخوذٌ من الظَّهْر وذلك أنْ تقول لها أنت عَلَيَّ كظهر أمي فكانت تطلق في الجاهلية بذلك.[31]
بين ابن قتيبة: أن الظهار مأخوذ من الظهر، وهو من أعضاء الإنسان.
قال ابن فارس: الظاء والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قوّةٍ وبروز. من ذلك ظَهَرَ الشيءُ يظهرُ ظهورًا فهو ظاهر، إذا انكشفَ وبرزَ.... والأصل فيه كلّه ظهر الإنسان، وهو خلافُ بطنه، ومن الباب: والظِّهار: قولُ الرَّجل لامرأته: أنتِ عَلَيَّ كظهرِ أُمِّي....[32]
ويقول ابن منظور: والظَّهْر من كل شيء: خِلافُ البَطْن،.... والظِّهارُ من النساء، وظاهَرَ الرجلُ امرأَته، ومنها مُظاهَرَةً، وظِهارًا، إذا قال هي عليّ كظَهْرِ ذاتِ رَحِم،... وأَصله: مأْخوذ من الظَّهْر؛ وإِنما خَصُّوا الظَّهْرَ دون البطن والفَخذ والفرج وهذه أَولى بالتحريم؛ لأَن الظَّهْرَ موضعُ الركوب، والمرأَةُ مركوبةٌ إِذا غُشيَت، فكأَنه إِذا قال: أَنت عليّ كظَهْر أُمِّي أَراد رُكوبُكِ للنكاح عليّ حرام كركُوب أُمي للنكاح.[33]
فالظهار إذا: مشتق من الظهر الذي هو جزء من جسم الإنسان، فيكون اشتقاقًا من أسماء الأعيان.
وبيان ذلك كما يلي:
المشتق الظهار. توصيفه اسم مصدر من الفعل (ظاهر) اللازم. المشتق منه الظهر من الأم. توصيفه عضو من أعضاء الجسد. دلالة الاشتقاق يدل على حرمة النكاح في المشتق منه وما يشبهه.
• قال ابن قتيبة في حديث عُمَر رضي الله عنه أنّه قال: من الناس مَنْ يُقاتل رِياءً وسُمْعَة. ومنهم مَنْ يُقاتِل وهو ينوي الدّنيا ومنهم من أَلْحمه القِتال فلم يجد مخلصًا ومنهم مَنْ يُقاتِلُ صَابِرًا محتَسِبًا أولئك هُم الشُّهداء[34]
قولُه: أَلَحْمه القتال أي: رَهَقهَ وغشِيه فلم يجد مَخْلصًا. يقال أَلحْمَ الرجُل واسْتلحم.[35]
ذكر ابن قتيبة أن معنى ألحمه: غشيه ورهقه فلم يجد منه مهربًا ومفرًا، ويقال: أُلْحِمَ واسْتُلْحِمَ. ولم يذكر مِمَّ اشتق ألحمه وألحم واستلحم.
وقد جاءت نصوص أخرى تبين الاشتقاق لهذه الكلمات.
يقول ابن السكيت: هذا رجل شحيم لحيم، إذا كان كثير اللحم والشحم في بدنه، ورجل شحم لحم، إذا كان قَرِما إلى اللحم والشحم يشتهيهما، ورجل ملحم مشحم إذا، كثر عنده اللحم والشحم، ورجل لحام شحام، إذا كان يبيعهما.[36]
وذكر الأزهري في التهذيب قول ابن السكيت، ثم قال: وقال الليث: ألحمت القوم إذا قتلتهم حتى صاروا لحمًا، واللحيم: القتيل. وأنشد قول ساعدة الهذلي[37]: (الطويل)
ولا ريب أن قد كان ثَمَّ لَحِيمُ
وقال أبو عبيد: استلحم الرجلُ إذا أرهق في القتال.[38]
ويقول ابن الجوزي: وفي الحديث: فقاتل جعفرُ حتى أَلْحَمَهُ القِتَالُ، أي: نَشِبَ فيه، يقال: أَلحم الرجلُ واسْتَلْحَمَ، إِذا نَشِبَ في الحَرْب فلم يجدَ مَخْلَصًا.[39]
ويقول ابن الأثير في الملحمة: هي الْحَرب ومَوْضِع القِتال والجَمْع: المَلاَحِم مأخوذ من اشْتِباك الناس واخْتِلاطِهم فيها كاشْتِباك لُحْمة الثَّوب بالسَّدَي، وقيل: هو من اللَّحْم لكثرة لحوم القَتْلى فيها.[40]
من هنا نعلم أن: أُلْحِمَ واستلحم مأخوذ من اللحم، وهو اشتقاق من اسم العين.
فمعنى (ألحمه القتال) لحقه وغشيه وأسرع به إلى لحوم القتلى بالضرب والطعن، حينما لم يجد لذلك مفرًا ولا مهربًا.
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق ألحم. توصيفه فعل ماضٍ متعد. المشتق منه لحموم القتلى – او لُحمة الثوب بالسَّدى. توصيفه من مكونات جسم الإنسان – أو من مكونات الثوب. دلالة الاشتقاق يدل على الإسراع والعجلة إلى المشتق منه، وهو (لحوم القتلى) أو شدة الاختلاط والاشتباك بالمشتق منه.
• قال ابن قتيبة في حديث ابن عمر ب بعث به أبوه إلى خَيْبَر فقاسمهم الثمر، فسَحَروه فتكَوَّعَتْ أَصَابِعه فغضِب عمر فَنَزعها منهم، يعني خيبر.[41]
قوله: تكوَّعت يدُه من الكَوَع وهو أنْ تَعْوَجَّ اليد من قبل الكُوع والكُوعُ رأس الزَنْد الذي يلي الإبهْام. يقال: تكوَّعت وكُوِّعت إذا اعوجَّت.[42]
فقد ذكر ابن قتيبة في هذا النص أن تكوعت من الكوع وهو من أعضاء الإنسان.
يقول ابن الأثير: الكَوَع بالتحريك: أن تَعْوَجَّ اليَدُ من قِبَل الكُوع وهو رأس اليَد ممَّا يَلي الإبْهام. يقال: كَوِعَتْ يدُه وتَكَوّعَت وكَوَّعَة: أي صَيَّر أكْواعه مُعْوَجَّة.[43]
وفي المخصص: فالكُوع، الذي يَلِي الإبهام وقد كَوِعَ كَوَعاً والمرأة كَوْعاءُ.[44]
ومما ذكر يقال: الكوع: هو طرف الزند مما يلي الإبهام، وهو من أعضاء الإنسان ومنه يقال: كَوِع كوعًا، وتكوعت يده، وامرأة كوعاء.
وبيان ذلك كما يلي:
المشتق تكوعت. توصيفه فعل ماضٍ لازم. المشتق منه الكوع. توصيفه عضو من أعضاء الجسد. دلالة الاشتقاق يدل على مرض في المشتق منه، وهو الكوع، وذلك باعوجاجه من قبل طرف الإبهام أو الخنصر.
• قال ابن قتيبة في حديث أُم سَلَمة ك أنها قالت: ابنُ صيَّاد ولَدْته أُمُّه وهو أَعور معَذور مَسْرور.[45]
والمَسْرور: المقطُوع السِررَ والسِرَرُ والسُّرُّ: ما تقطعه القَابِلة. يقال: سررتُ الغُلام سَرًّا والسُّرَّة ما يبقى.[46]
بين ابن قتيبة أن: السِرّ ما تقطعه القابلة، يقال: سررت الغلام سَرًّا، والسرة ما يبقى.
يقول ابن فارس: والسِّرر من الصبي: ما يقطع. والسُّرة: ما يبقى.[47]
وفي المخصص: السِّرَر ما تَقْطَع القابلة وما بقي فهو السُّرَّة، سَرَرْته قطَعت سِرَرَه.[48]
وعلى ذلك: فإن السرة ما يبقى في البطن، وما يقطع فهو السِّرَر، ومنه يقال: سَرَرت سرًّا. فهو اشتقاق من اسم العين.
وبيان ذلك كما يلى:
المشتق مسرور. توصيفه اسم مفعول من الفعل (سُرّ). المشتق منه السِّرَرُ توصيفه حبل يصل سرة الإنسان بالمشيمة يتغذى منه الجنين. دلالة الاشتقاق يدل على إصابة المشتق منه (السِّرِ) بالقطع.
• قال الحربي: قال الله تعالى: ﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [ يوسف: 30] أَكْثَرُ القُرَّاءِ عَلَى قِراءتها بالغين.[49] شَغَفَهَا: أَصَابَ الشَّغَافَ. مَثل كَبَدَهَا.[50]
ذكر الحربي أن معنى شغفها: أصاب الشغاف، والشغاف غلاف القلب[51]، وهذا اشتقاق منه، وذلك مثل كبدها، أي أصاب كبدها.
يقول الخليل: والشَّغاف: مَوْلِج البَلْغمِ ويقال: غِشاء القَلْبِ ﴿ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ﴾ أي: غَشِيَ القَلْبَ حُبُّه.[52] وفي اللسان: الشَّغافُ مَوْلِجُ البَلْغم ويقال بل هو غشاء القلب وشَغَفَه الحُبُّ يَشْغَفُه شَغْفًا وشَغَفًا وصَل إلى شَغافِ قلبه وقرأَ ابن عباس قد شَغَفَها حُبًّا قال وصل حُبُّه تحت الشَّغاف وقيل غَشَّى الحبُّ قَلْبَها وقيل أَصاب شَغافها.[53]
وتأسيسًا على ذلك: فإن الشغاف للقلب غشاوة، ويؤخذ منه: أشغف يشغف شغفًا بمعنى أصاب القلب. فهي اشتقاقات من اسم العين.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|