عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26-08-2022, 04:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,442
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ آل عمران
المجلد الخامس
الحلقة( 176)

من صــ 111 الى صـ 120


وأما الكامل فهو الذي ينتصر لحق الله ويعفو عن حقه. كما قال {أنس بن مالك: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي: أف قط. وما قال لي لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: لم لا فعلته؟ وكان بعض أهله إذا عتبني على شيء يقول: دعوه لو قضي شيء لكان}. فهذا في العفو عما يتعلق بحقوقه وأما في حدود الله فلما {شفع عنده أسامة بن زيد - وهو الحب ابن الحب وكان هو أحب إليه من أنس وأعز عنده - في امرأة سرقت شريفة أن يعفو عن قطع يدها: غضب وقال: يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله إنما أهلك من كان قبلكم. أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد والذي نفس محمد بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها}.

فغضب على أسامة لما شفع في حد لله وعفا عن أنس في حقه. وكذلك لما {أخبره أسامة أنه قتل رجلا بعد أن قال: لا إله إلا الله: قال أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله فما زال يكررها حتى قلت: ليته سكت}. والأحاديث والآثار في استحباب العفو عن الظالم وأن أجره بذلك أعظم كثيرة جدا. وهذا من العلم المستقر في فطر الآدميين. وقد قال تعالى لنبيه: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} فأمره أن يأخذ بالعفو في أخلاق الناس وهو ما يقر من ذلك. قال ابن الزبير: أمر الله نبيه أن يأخذ بالعفو من أخلاق الناس وهذا كقوله: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} من أموالهم. هذا من العفو ويأمر بالمعروف ويعرض عن الجاهلين.
(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون (135)
وقد قيل: في قوله تعالى {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} قيل: الفاحشة الزنا وقيل: كل كبيرة وظلم النفس المذكور معها.
قيل: هو فاحشة أيضا. وقيل: هي الصغائر. وهذا يوافق قول من قال: الفاحشة هي الكبيرة فيكون الكلام قد تناول الكبيرة والصغيرة ومن قال: الفاحشة الزنا يقول: ظلم النفس يدخل فيه سائر المحرمات وقيل: الفاحشة الزنا وظلم النفس ما دونه من اللمس والقبلة والمعانقة وقيل: هذا هو الفاحشة وظلم النفس المعاصي وقيل الفاحشة فعل وظلم النفس قول. والتحقيق أن " ظلم النفس " جنس عام يتناول كل ذنب وفي الصحيحين {أن أبا بكر قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم}
وفي صحيح مسلم وغيره {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في استفتاحه: اللهم أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها فإنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت} ". وقد قال أبو البشر وزوجته: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}. وقال موسى: {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} وقال ذو النون " يونس ": {لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}. وقالت بلقيس: {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}.
وقد قال عن أهل القرى المعذبين: {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم}. وأما قوله: {اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} فقد قيل: إن الذنوب هي الصغائر والإسراف هو الكبائر.
و " التحقيق " أن " الذنوب " اسم جنس و " الإسراف " تعدي الحد ومجاوزة القصد كما في لفظ الإثم والعدوان فالذنوب كالإثم والإسراف كالعدوان كما في قوله: {غير باغ ولا عاد} ومجاوزة قدر الحاجة فالذنوب مثل اتباع الهوى بغير هدى من الله. فهذا كله ذنب كالذي يرضى لنفسه ويغضب لنفسه فهو متبع لهواه و " الإسراف " كالذي يغضب لله فيعاقب بأكثر مما أمر الله. والآية في سياق قتال المشركين وما أصابهم يوم أحد. وقد أخبر عمن قبلهم بقوله: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}
وقد قيل على الصحيح المراد به النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يقتل في معركة فقد قتل أنبياء كثيرون {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين} {وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا} الآية.

فجمعوا بين الصبر والاستغفار وهذا هو المأمور به في المصائب الصبر عليها والاستغفار من الذنوب التي كانت سببها. والقتال كثيرا ما يقاتل الإنسان فيه لغير الله كالذي يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء. فهذا كله ذنوب والذي يقاتل لله قد يسرف فيقتل من لا يستحق القتل ويعاقب الكفار بأشد مما أمر به قال الله تعالى: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا} وقال: {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}. وقال: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} فالإسراف مجاوزة الحد.

(وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (144)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
أنزل الله سبحانه هذه الآية وما قبلها وما بعدها في غزوة أحد لما انكسر المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل جماعة من خيار الأمة " وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع طائفة يسيرة حتى خلص إليه العدو فكسروا رباعيته وشجوا وجهه وهشموا البيضة على رأسه وقتل وجرح دونه طائفة من خيار أصحابه لذبهم عنه ونعق الشيطان فيهم: أن محمدا قد قتل.
فزلزل ذلك قلوب بعضهم حتى انهزم طائفة وثبت الله آخرين حتى ثبتوا. وكذلك لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم فتزلزلت القلوب واضطرب حبل الدين وغشيت الذلة من شاء الله من الناس حتى خرج عليهم الصديق رضي الله عنها فقال: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقرأ قوله: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين} فكأن الناس لم يسمعوها حتى تلاها الصديق رضي الله عنه فلا يوجد من الناس إلا من يتلوها.
وارتد بسبب موت الرسول صلى الله عليه وسلم ولما حصل لهم من الضعف جماعات من الناس: قوم ارتدوا عن الدين بالكلية. وقوم ارتدوا عن بعضه فقالوا: نصلي ولا نزكي. وقوم ارتدوا عن إخلاص الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
فآمنوا مع محمد بقوم من النبيين الكذابين كمسيلمة الكذاب وطليحة الأسدي وغيرهما فقام إلى جهادهم الشاكرون الذين ثبتوا على الدين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار والطلقاء والأعراب ومن اتبعهم بإحسان الذين قال الله عز وجل فيهم: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} هم أولئك الذين جاهدوا المنقلبين على أعقابهم الذين لم يضروا الله شيئا. وما أنزل الله في القرآن من آية إلا وقد عمل بها قوم وسيعمل بها آخرون.
[فصل قال الرافضي الثاني عشر قول عمر إن محمدا لم يمت وهذا يدل على قلة علمه والرد عليه]
(فصل)
قال الرافضي: " الثاني عشر: قول عمر: إن محمدا لم يمت، وهذا يدل على قلة علمه، وأمر برجم حامل، فنهاه علي، فقال: لولا علي لهلك عمر. وغير ذلك من الأحكام التي غلط فيها وتلون فيها ".
والجواب أن يقال أولا: ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " «قد كان قبلكم في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر» " ومثل هذا لم يقله لعلي.
وأنه قال: " «رأيت أني أتيت بقدح فيه لبن، فشربت حتى أني لأرى الري يخرج من أظفاري، ثم ناولت فضلي عمر " قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم».
فعمر كان أعلم الصحابة بعد أبي بكر.

وأما كونه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت، فهذا كان ساعة، ثم تبين له موته، ومثل هذا يقع كثيرا قد يشك الإنسان في موت ميت ساعة وأكثر، ثم يتبين له موته، وعلي قد تبين له أمور بخلاف ما كان يعتقده فيها أضعاف ذلك، بل ظن كثيرا من الأحكام على خلاف ما هي عليه، ومات على ذلك، ولم يقدح ذلك في إمامته كفتياه في المفوضة التي ماتت ولم يفرض لها، وأمثال ذلك مما هو معروف عند أهل العلم.
وأما الحامل، فإن كان لم يعلم أنها حامل فهو من هذا الباب، فإنه قد يكون أمر برجمها ولم يعلم أنها حامل، فأخبره علي أنها حامل، فقال: لولا أن عليا أخبرني بها لرجمتها، فقتلت الجنين، فهذا هو الذي خاف منه.

وإن قدر أنه كان يظن جواز رجم الحامل، فهذا مما قد يخفى، فإن الشرع قد جاء في موضع بقتل الصبي والحامل تبعا كما إذا حوصر الكفار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف ونصب عليهم المنجنيق، وقد يقتل النساء والصبيان.
وفي الصحيح أنه «سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وصبيانهم، فقال: " هم منهم» ".
وقد ثبت عنه أنه نهى عن قتل النساء والصبيان.
وقد اشتبه هذا على طائفة من أهل العلم، فمنعوا من البيات خوفا من قتل النساء والصبيان.
فكذلك قد يشتبه على من ظن جواز ذلك، ويقول: إن الرجم حد واجب على الفور فلا يجوز تأخيره.
لكن السنة فرقت بين ما يمكن تأخيره كالحد وبين ما يحتاج إليه كالبيات والحصار.
وعمر رضي الله عنه كان يراجعه آحاد الناس حتى في مسألة الصداق قالت امرأة له: أمنك نسمع أم من كتاب الله؟ فقال: بل من كتاب الله فقالت إن الله يقول: {وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا} [سورة النساء: 20] فقال: امرأة أصابت ورجل أخطأ.
وكذلك كان يرجع إلى عثمان وغيره وهو أعلم من هؤلاء كلهم.
وصاحب العلم العظيم إذا رجع إلى من هو دونه في بعض الأمور، لم يقدح هذا في كونه أعلم منه، فقد تعلم موسى من الخضر ثلاث مسائل، وتعلم سليمان من الهدهد خبر بلقيس.
وكان الصحابة فيهم من يشير على النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور، وكان عمر أكثر الصحابة مراجعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بموافقته في مواضع: كالحجاب، وأسارى بدر، واتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وقوله: {عسى ربه إن طلقكن}، وغير ذلك.
وهذه الموافقة والمراجعة لم تكن لا لعثمان ولا لعلي.
وفي الترمذي: " «لو لم أبعث فيكم لبعث فيكم عمر» "، " «ولو كان بعدي نبي لكان عمر» ".
(وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (146)
(فصل)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:
ولما سلط الله العدو على الصحابة يوم أحد قال: {أولما أصابتكم مصيبة} الآية وقال: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير} الآيات - والأكثرون يقرءون قاتل - والربيون الكثير عند جماهير السلف والخلف: هم الجماعات الكثيرة.

قال ابن مسعود وابن عباس في رواية عنه والفراء: ألوف كثيرة وقال ابن عباس في أخرى ومجاهد وقتادة: جماعات كثيرة وقرئ بالحركات الثلاث في الراء فعلى هذه القراءة فالربيون الذين قاتلوا معه: الذين ما وهنوا وما ضعفوا. وأما على قراءة أبي عمرو وغيره ففيها وجهان: - أحدهما: يوافق الأول أي الربيون يقتلون فما وهنوا أي ما وهن من بقي منهم لقتل كثير منهم أي ما ضعفوا لذلك ولا دخلهم خور ولا ذلوا لعدوهم بل قاموا بأمر الله في القتال حتى أدالهم الله عليهم وصارت كلمة الله هي العليا.
والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل معه ربيون كثير فما وهن من بقي منهم لقتل النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يناسب صرخ الشيطان أن محمدا قد قتل لكن هذا لا يناسب لفظ الآية فالمناسب أنهم مع كثرة المصيبة ما وهنوا ولو أريد أن النبي قتل ومعه ناس لم يخافوا؛ لم يحتج إلى تكثيرهم بل تقليلهم هو المناسب لها؛ فإذا كثروا لم يكن في مدحهم بذلك عبرة.
وأيضا لم يكن فيه حجة على الصحابة؛ فإنهم يوم أحد قليلون والعدو أضعافهم فيقولون ولم يهنوا؛ لأنهم ألوف ونحن قليلون.
وأيضا فقوله: {وكأين من نبي} يقتضي كثرة ذلك وهذا لا يعرف أن أنبياء كثيرين قتلوا في الجهاد.
وأيضا فيقتضي أن المقتولين مع كل واحد منهم ربيون كثير وهذا لم يوجد؛ فإن من قبل موسى من الأنبياء لم يكونوا يقاتلون وموسى وأنبياء بني إسرائيل لم يقتلوا في الغزو؛ بل ولا يعرف نبي قتل في جهاد فكيف يكون هذا كثيرا ويكون جيشه كثيرا والله سبحانه أنكر على من ينقلب سواء كان النبي مقتولا أو ميتا فلم يذمهم إذا مات أو قتل على الخوف بل على الانقلاب على الأعقاب ولهذا تلاها الصديق رضي الله عنه بعد موته صلى الله عليه وسلم فكأن لم يسمعوها قبل ذلك.
ثم ذكر بعدها معنى آخر: وهو أن من كان قبلكم كانوا يقاتلون فيقتل منهم خلق كثير. وهم لا يهنون فيكون ذكر الكثرة مناسبا لأن من قتل مع الأنبياء كثير وقتل الكثير من الجنس يقتضي الوهن فما وهنوا وإن كانوا كثيرين ولو وهنوا دل على ضعف إيمانهم ولم يقل هنا: ولم ينقلبوا على أعقابهم فلو كان المراد أن نبيهم قتل لقال فانقلبوا على أعقابهم لأنه هو الذي أنكره إذا مات النبي أو قتل فأنكر سبحانه شيئين: الارتداد إذا مات أو قتل والوهن والضعف والاستكانة لما أصابهم في سبيل الله من استيلاء العدو؛ ولهذا قال: {فما وهنوا لما أصابهم} إلخ. ولم يقل: فما وهنوا لقتل النبي ولو قتل وهم أحياء لذكر ما يناسب ذلك ولم يقل: {فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله} ومعلوم أن ما يصيب في سبيل الله في عامة الغزوات لا يكون قتل نبي.

وأيضا فكون النبي قاتل معه أو قتل معه ربيون كثير: لا يستلزم أن يكون النبي معهم في الغزاة بل كل من اتبع النبي وقاتل على دينه فقد قاتل معه وكذلك كل من قتل على دينه فقد قتل معه وهذا الذي فهم الصحابة؛ فإن أعظم قتالهم كان بعد وفاته صلى الله عليه وسلم حتى فتحوا البلاد شاما ومصرا وعراقا ويمنا وعربا وعجما وروما ومغربا ومشرقا وحينئذ فظهر كثرة من قتل معه فإن الذين قاتلوا وأصيبوا وهم على دين الأنبياء كثيرون ويكون في هذه الآية عبرة لكل المؤمنين إلى يوم القيامة فإنهم كلهم يقاتلون مع النبي صلى الله عليه وسلم على دينه وإن كان قد مات والصحابة الذين يغزون في السرايا والنبي ليس معهم: كانوا معه يقاتلون وهم داخلون في قوله: {محمد رسول الله والذين معه} الآية وفي قوله: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم} الآية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 38.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 38.13 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.62%)]