عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 26-08-2022, 08:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,581
الدولة : Egypt
افتراضي رد: «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله

«عون الرحمن في تفسير القرآن»


الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

تفسير قوله تعالى:﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ... ﴾

قوله تعالى: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151].

امتن الله عز وجل في الآيات السابقة على المؤمنين بتوجيههم إلى الكعبة قبلة أبيهم إبراهيم عليه السلام؛ إتماماً لنعمته عليهم وهدايتهم، ثم ذكرهم بسابق إنعامه عليهم بما هو أعظم بل بما هو أصل كل نعمة وهو إرسال محمد صلى الله عليه وسلم فيهم.

قوله: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ﴾ الكاف للتشبيه، وهي محل نصب نعت لمصدر محذوف، والتقدير: وَجَّهتكم إلى الكعبة قبلة أبيكم إبراهيم لأتم نعمتي عليكم ولهدايتكم، وذلك كإنعامنا عليكم في إرسال محمد صلى الله عليه وسلم فيكم.

أي: أن إنعامنا عليكم باستقبال الكعبة ليس ببدع من نعمنا عليكم ولا بأولها بل أنعمنا عليكم قبل ذلك بما هو أجل وأعظم وهو إرسالنا فيكم رسولاً منكم؛ استجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في قولهما: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 128، 129].

وقوله: ﴿ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ ﴾ أي: بعثنا فيكم، أيها المؤمنون.

﴿ رَسُولًا مِنْكُمْ ﴾ هو محمد صلى الله عليه وسلم، ونكّر للتعظيم، أي: رسولاً عظيماً منكم هو محمد صلى الله عليه وسلم.

﴿ مِنْكُمْ ﴾ أي: من أنفسكم ومن جنسكم تعرفونه،ويتكلم بلغتكم؛ ليبين لكم، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4].

﴿ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا ﴾ صفة ﴿ رَسُولًا ﴾ أي: يتلو عليكم آياتنا الشرعية "القرآن الكريم" ويبين لكم ألفاظه، ويتلو ويقص عليكم آياتنا الكونية.

﴿ وَيُزَكِّيكُمْ ﴾ أي: يطهركم من الشرك والأخلاق الرذيلة، وينمي في نفوسكم الأخلاق الحسنة الكريمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق "[1].

﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ ﴾ أي: ويعلمكم القرآن، أي: ألفاظه ومعانيه وأحكامه، كما قال تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 44].

﴿ وَالْحِكْمَةَ ﴾ أي: السنة، ألفاظها ومعانيها وأحكامها، وأسرار الشريعة، وحِكَمها والفقه فيها.

﴿ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ الجملة معطوفة على قوله:﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَة ﴾ مقررة لها، من عطف العام على الخاص.

و"ما": موصولة، أي: ويعلمكم الذي لم تكونوا تعلمونه من أمر الدين والدنيا وغير ذلك، كما قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78]، وقال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282].

المصدر: «عون الرحمن في تفسير القرآن»

[1]أخرجه أحمد (2 /381) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 21.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.89 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]