عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-09-2022, 02:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,450
الدولة : Egypt
افتراضي الراقدون تحت السرير

الراقدون تحت السرير
هارون محمد غزي








أخيرًا بعد خلفة البنات الجميلات، وُهِبَا الولدَ الرجل السند.

في الغرفة الواحدة: الأم تفرم البصلة، العيون تحمر، تبلسمها دموع الرضا، تطبخ الصيادية (أرز بني بالجمبري).



يخصُّون الولد بشوربة الجمبري البيضاء اللذيذة بالليمون المز، يشبعون على الطبلية، ويحبسون بالشاي المنعش، يستلقي الزوج ملتصقًا بدفء حرمته المغري على ما بقي من أرض الحجرة بعد السرير، تدفس الأم وليدتها تحت السرير لتأمن سلامتها، وترقد بموازاتها خارج أرض السرير.



الولد الوحيد يفسح له فضاء السرير بعرشه الدانتيل وفرشه الوثير والتدثير، أما البنات، فعلى أريكتين من خشبٍ لم يستسغه ذوقُ البحر فلفظه.

يستيقظ الطفل على دوشة الوابور يدغدغه، ويسري دفئه في كيانه، ويتمطى، يشوف - وهو مغمض يتصنع النوم - الطشت، وصفيحة الماء الطهور، ووابور الجاز المشتعل أُواره.



واه! أمه تصب بالكوز الماء الفاتر على هامتها فينهمر على تاجها الفاحم فيسيل إلى كتفَيْها الأشهبين، وينساب على ثديَيْها المرخيين ترهلًا، ثم يزلق إلى...

يبص من خصاص جفنَيْه على والده يجفف بدنه الذكوري المشعراني.



صياد يقضي لياليه تحت جنح الظلام، يلحظ مواقع النجوم، ويستكنه اتجاه الرياح متصنتًا ليحدس أسراب الأحياء البحرية.

تمرجح فلوكتَه تدفقاتُ الأمواج، وتكلل ملابسَه الثقيلة رشات البحر المعطرة بالزفرة المبشرة بالخير الوفير.



تفزع الصبي خبطات الأب في الهزيع من الليل الصامت، فما أن يدرك أنه أبوه حتى يهبَّ من نومه ناعسًا، وينزلق على بطنه من السرير الحديدي، تندك فتنغرس قدماه في لفافة طرية صرخت في خفوت وأنَّت، نط من بطنها اللينة إلى حضن أبيه الفسيح، حشرجت اللفافة، أسرعَتِ الأم لنجدتِها؛ لكنها صارت في خبر كان.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 14.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.28 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.21%)]