الموضوع: قانون التغير
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 12-09-2022, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,970
الدولة : Egypt
افتراضي قانون التغير

قانون التغير
عبدالله بن غازي الرحيمي







كلُّ ما حولَنا يُشعِرُنا بالتغيُّر؛ الليل يَخلفُه نَهار، والصَّيف يَعقبه شتاء، وهكذا دواليك، بل حتى الليل يتغير؛ فتارةً يقصر، وتارة يطول.

ولو أبصرْنا الأشياء الصلبة التي يظنُّ الشخص من الوهلة الأولى أنها لا تتغير، وتأمَّلْناها، وجدنا أن قانون التغير قد عمل فيها؛ فها هو البناء مع تقادم الزمن تتصدع جدرانُه، وتضعف أركانه، ولا يعود كما كان.

وحتى الصخور كذلك تَعتريها عوامل التعرية، فتُبدِّل مِن حالها، وتُغيِّر مِن أشكالها، وهكذا نرى أن قانون التغيُّر قد عمل في الأشياء التي حولنا، ثمَّ لا شكَّ ولا ريب أن الإنسان قد طاله هذا القانون، ولا نكون مبالِغين حين نقول بأنه الصورة الأظهر لهذا التغير، فمراحل عمره خير شاهد على ذلك، ولكنْ ثمَّة سؤال يفرض نفسه، هل هذا التغير محمود؟

وللإجابة على هذا التساؤل لا بدَّ من معرفة أمرٍ ما، هو بمثابة التوطئة له.

هناك تغير اضطراريٌّ ليس ثمَّة اختيار فيه، كتغيُّر ملامح الإنسان وصفاته، بسبب تقدُّم عمره، وهناك تغير اختياري - إن صحَّتْ تسميتُه بذلك - وإن كان لا يخرج عن النَّوع الأول، إلا أنَّ الإنسان يكون سببًا فيه، علم بذلك أو لم يعلم، شاءَ أمْ أبَى.

وهذا التغيُّر الاختياري منه ما يكونُ محمودًا، ومنه ما يكونُ مَذمومًا، وضابط التفريق بينهما، هو ما كان سببًا في القُربِ أو البُعدِ عن الله، وقد بيَّنه الله في كتابه الكريم حيث قال: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ [المدثر: 37]، فليس ثمَّة أمرٌ ثالث.

وهذا التغيُّر هو محل الاهتِمام، ومحطُّ الأنظار، وميدان التنافس، ومضمار السباق، وبناءً عليه يكون العبد إما سابقًا بالخيرات، أو مقتصدًا، أو ظالمًا لنفسِه.

والعجب أنَّ الكثير غافل عنه، غير مبالٍ به، مع أهميته البالغة، وأثره العظيم، فإن الشخص إذا غفل عنه ولم يُعرْه اهتمامًا، ما يلبَث أن يتسلل إليه، ويعمل فيه، من حيث لا يشعر بما لا يُحمد عقباه، فتختل عنده ثوابت، وتتغيَّر لديه مفاهيم، فتجده بعد أن كان مبادرًا أصبَحَ مُتهاوِنًا، وما كان محذورًا، أصبَحَ مُمكنًا.

وممَّا يَزيد عجبَك أن يكون هذا التغير في نظر ذلك الغافل تغيرًا محمودًا، وحينَها نعلَمُ خُطورةَ هذا التغيُّر إن لم نلحظْه ونَضبِطْه بقوله تعالى: ﴿ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ﴾ [المدثر: 37].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 15.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 14.55 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (4.14%)]