
19-09-2022, 09:54 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,369
الدولة :
|
|
رد: العمارة العروس في الشعر الغرناطي
وفي هذا المضمار التصويريِّ لم يتمكن شعراء النقوش مِن ابتداع صورٍ جديدة، وابتكار تشبيهات واستعارات مُغايِرة لتلك الصورة الفنية التي رسَمها ذو الوِزارتين لسان الدين بن الخطيب [البسيط]:
أنا العَروسُ مِن الرَّيحانِ لي حُللٌ ♦♦♦ والبَهْو تاجيَ والصِّهريجُ مِرآتي[12]
فتكررت نفس الصورة عند ابن زمرك [الكامل]:
فكأنَّني خُودٌ أُريدَ زفافُها 
فأُعدَّ قبل التاجِ والإكليلِ 
وأمامِيَ المرآةُ وهْيَ بُحيرةٌ 
لِمَحاسني في صفحها تشكيلي[13] 
بينما اتخذ ابن فركون نفس الصورة [مجزوء الكامل]:
وتَرى البُحيرةَ بينَنا ♦♦♦ مِرآةَ هندٍ تَلمَعُ[14]
ليضيف فقط نوعيَّة المِرآة، وهي مِرآةٌ من الهند لما تُعرف به من جودة، مما يدل على نرجسيَّة العمارة الإسلامية الغَرناطية الفاتنة.
العمارة العَروس تصبح سيدة القصر ومَليكته، فتَخجل من جمالها الشمس، ويُصبح نورها خافتًا أمام نور جمال العروس ورَونقِها؛ يقول ابن زمرك [المجتث]:
فالشَّمسُ تَخجَلُ منِّي 
بضَرةٍ وشَريكَهْ 
لا سيَّما إن تَبدَّى 
مَولايَ فوقَ الأريكَهْ 
كلُّ القِيَان عَبيدٌ 
وأنتِ فيهم مَليكَهْ[15] 
حتى الملك الشاعر يوسف الثالث يَسير على نهج شُعراء ديوان الإنشاء، ويصوِّر العمارة السلطانية بالفتاة ذات الثَّغر البَرود؛ يقول مما رسم في مبنى [مجزوء الرمل]:
وأمامي وقَفَت 
ربَّةُ الثَّغرِ البرودِ 
خصَّة[16] مُعجبةٌ 
أخَذَت أوجَ الصُّعودِ[17] 
يعتبر تصوير العمارة السلطانية بالعروس في الشعر المنقوش على جدران الحمراء بغرناطة - من بينِ أبرز موضوعاتِ الصورة في الشعر المعماري؛ تصويرٌ يُوحي بفاعليَّة الخيال لدى شُعراء هذا العصر، ودليلٌ على أن الشعر ظلَّ خالدًا كخُلود القصور إلى يومنا هذا.
[1] تاريخ الفكر الأندلسي، تأليف انخل جنثالث بالنثيا، ترجمة حسين مؤنس، تقديم سليمان العطار، المركز القومي للترجمة، 2011، عدد 1770، ص 167.
[2] ديوان أبي نواس، شرَحه وضبطه وقدَّم له: علي فاعور، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة 1، 1987، ص 425، 426.
[3] محمد رجب البيومي، الأدب الأندلسي بين التأثير والتأثر، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1980، ص 213.
[4] فضائل الأندلس وأهلها، رسائل ابن حزم وابن سعيد والشقندي، تحقيق صلاح الدين المنجد، بيروت 1968، ص 50 - 51.
[5] لسان الدين بن الخطيب، الإحاطة في أخبار غَرناطة، تحقيق محمد عبدالله عنان، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة 1 الجزء 2، ص 52.
[6] صلاح جرار، ديوان الحمراء، الأشعار العربية المنقوشة في مباني قصر الحمراء وجنة العريف بغَرناطة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة 1، 1996، ص211 - 212.
[7] ديوان لسان الدين بن الخطيب، تحقيق محمد مفتاح، الطبعة الثانية، 2007 ج 1، ص 115.
[8] نفسه، ص 198.
[9] ديوان ابن زمرك، تحقيق محمد توفيق النيفر، دار الغرب الإسلامي، الطبعة 1، 1997 ص 131.
[10] نفسه، ص 155.
[11] ديوان ابن فركون، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة1، ص 275.
[12] ديوان لسان الدين، تحقيق محمد مفتاح، الطبعة الثانية، 2007 الجزء 1، ص 174.
[13] ديوان ابن زمرك، ص 307.
[14] ديوان ابن فركون، ص 276.
[15] ديوان ابن زمرك، ص 131.
[16] الخصة في عرف المغاربة: هي ما يُعبِّر عنه المشارقة بالفستقية (تعليق المحقق الدكتور عبدالله كنون)، ص 53.
[17] ديوان يوسف الثالث، حققه وقدم له ووضع فهارسه عبدالله كنون، الطبعة الثانية 1965، ص 53.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|