عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19-09-2022, 10:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,340
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دهاء بدهاء.. والبادئ أظلم

ومن قصائده في السجن:
ليس شيءٌ على المنون بباق
غير وجهِ المُسبَّح الخلاَّقِ

فاذهبي يا أُميمُ غير بعيدٍ
لا يُؤاتي العناقُ مَن في الوثاقِ

واذهبي يا أُميم إن يشأ اللـ
ـهُ يُنفِّسْ من أزم هذا الخناقِ

أو تكُن وجهةٌ فتلك سبيلُ النْ
نَاس لا تمنعُ الحُتوف الرَّواقي

أبلغا عامرًا وأبلِغ أخاه
أنَّني موثقٌ شديدٌ وثاقي

في حديد القسطاس يرقُبُني الحا
رِسُ والمرءُ كُلَّ شيءٍ يُلاقي

فاركبوا في الحرام فُكُّوا أخاكُم
إنَّ عيرًا قد جُهِّزت لانطلاقِ


اقترب الشَّاعر من الحكَّام فأصابه شرُّهم واكتوى بنارهم.

سعى للنعمان بأن يملك الحيرةَ دون إخوته ونصح له عِند كسرى، وقدَّم له الأسئلةَ والإجابات التي جعلَت كسرى يَختاره، وسعى للنعمان بالاستدانَة من أغنياء عَصره حتى يستعين للوصول إلى حُكم الحيرة وبمعونةٍ ودهاء ومَكر من عديِّ بن زيد، الذي وضعَه الوشاةُ في صفِّ المناوئين للنعمان، فما كان من النُّعمان إلاَّ أن أودعه السجنَ، فبدأ ينشد القصائدَ ويناشِد كسرى حتى أمر أن يسيِّر للنعمان رسولاً يأمره أن يفرِّج عن عدي بن زيد.

وبدهاء العربيِّ ومَكْره عندما علِم النعمانُ بن المنذر بوصول الرسول - رسولِ كسرى - أرسل إلى السجن مَن قَتل عديَّ بن زيد خَنقًا، وأظهر للرسول أنَّه تأخَّر في المجيء وأنَّ عديًّا قد مات قبل أيام.

ثم ظهر للنُّعمان خطؤه في تصديق الوشاةِ، وندم ندمًا شديدًا وليس ساعة مندم.

ليجد في الطريق ابنًا لعديٍّ يتَّسم بالوسامة والجمال والأدَب ويُحسن الكتابةَ في العربية والفارسيَّة، اقترح على كسرى أن يكون زيد من كُتَّابه، وعندما رآه الملك ورأى جمالَه - وكانت الفُرس تستبشر بالجميل والوَسيم - ضمَّه إلى كتَّابه.

في بلاط فارس أدرك ما تحبُّ ملوكُهم وما تكره، فقد وجد مكتوبًا عندهم صفات للنِّساء تفضِّلها ملوك الفُرس، وهنا يظهر دَهاء العربيِّ من جديد؛ فذَكر زيدٌ لكسرى أنَّ هذه الصِّفة موجودة في نِساء النُّعمان، وطلب من الملِك أن يُرسل معه أحد خاصَّته الذين يجيدون العربيَّة ليكون شاهدًا على النُّعمان؛ (وشهد شاهدٌ من أهله).

سار المركب المؤلَّف من زيد بن عديٍّ وأحدِ خاصَّة كسرى، سُلِّم كتاب كسرى إلى النُّعمان وكان ارتكاسه سريعًا، وقال بلسان عربيٍّ: أما وجد في بقر السواد ما يَكفيه من النِّساء حتى جاء إلى نسائنا.

عاد الركبُ إلى كسرى وتوجَّه الملِك إلى زيد بن عدي:
ماذا أجاب النعمان؟
إنِّي لأكرم نفسي أن أَذكر ما قال.

سأل مبعوثَه الخاص: فأجاب بما قال النُّعمان، في الحال كتب كتابًا للنُّعمان يأمره بالمثول إليه،
ضاقَت الأرضُ بما رَحُبَت على النُّعمان فأخذ يعرِض نفسَه على القبائل العربيَّة علَّ أحدًا يجيره من كسرى، ومن يستطيع أن يفعلَ ذلك حتى وصل إلى هانئ بن قبيصة من شيبان، وقيل: هانئ بن مسعود، فأجارَه وأشارَ عليه، وقال له: لا أُلزِمك بتلك المشورة؛ تَذهب بالهدايا وتَعتذر، فإن قَبِل منكَ كان خيرًا، وإلاَّ فتموت وحدك ميتةً عزيزة.

وأبنائي ونسائي؟
هم في كنفي، يصيبُهم ما يصيبُ أبنائي وبناتي.
نِعم الرأي.

حمل الهدايا، وإلى كسرى توجَّه، وفي ردهات القَصر يصادِف زيد بن عدي، وإليك الحوار يبدؤه زَيدُ بن عدي:
"انجُ نعيم إن استطعتَ النجاة"، صغَّر النعمانَ مهانةً وإذلالاً له.

أجاب النعمانُ:
أفعلتَها؟ لئن نجوتُ لأقتلنَّك قتلةً ما قُتلها عربيٌّ قطُّ قبلك.

واسمعوا إلى جواب الفتى زيد بن عدي:

والله لقد أخيت لك آخية لا يقطعها المهر الأَرِنُ (النشيط).

أُحكمَت أيدي كسرى على النُّعمان وأُودع سجن خانقين حتَّى مات.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 19.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 18.62 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.26%)]