كتاب الجدول في إعراب القرآن
محمود بن عبد الرحيم صافي
الجزء الخامس والعشرون
سورة الزخرف
الحلقة (505)
من صــ 59 الى صـ 67
[سورة الشورى (42) : الآيات 49 الى 50]
لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)
الإعراب:
(لله) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (ملك) ، (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به (لمن) متعلّق ب (يهب) في الموضعين..
جملة: «لله ملك ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يخلق ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «يهب ... » لا محلّ لها بدلّ من جملة يخلق.
وجملة: «يشاء (الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «يهب (الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة يهب (الأولى) .
وجملة: «يشاء (الثالثة) » لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
50- (أو) حرف عطف (ذكرانا) مفعول به ثان بتضمين الفعل معنى يجعلهم «1» ، (عقيما) مفعول به ثان منصوب.
وجملة: «يزوّجهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يهب..
وجملة: «يجعل ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يزوّجهم.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «إنّه عليم ... » لا محلّ لها تعليليّة- أو استئناف بيانيّ-
البلاغة
فن صحة التقسيم: في قوله تعالى «يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ» . وهذا الفن هو: استيفاء المتكلم جميع أقسام المعنى الذي هو شارع فيه، بحيث لا يغادر منه شيئا. فإنه سبحانه، إما أن يفرد العبد بهبة الإناث، أو بهبة الذكور، أو بهما جميعا، أو لا يهبه شيئا فقد وقعت صحة التقسيم في هذه الآية على الترتيب الذي تستدعيه البلاغة، وهو الانتقال في نظم الكلام ورصفه من الأدنى إلى الأعلى، فقدّم هبة الإناث، ثم انتقل إلى هبة الذكور، ثم إلى هبة المجموع، وجاء في كل قسم من أقسام العطية بلفظ الهبة وأفرد معنى الحرمان بالتأخير، لأن إنعامه على عباده أهمّ عنده، وتقديم الأهم واجب في كل كلام بليغ والآية إنما سيقت للاعتداد بالنعم، وإنما أتى بذكر الحرمان ليتكمل التمدح بالقدرة على المنع، كما يمدح بالعطاء، فيعلم أنّه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع.
[سورة الشورى (42) : الآيات 51 الى 53]
وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (51) وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (ما) نافية (لبشر) متعلّق بخبر كان (أن) حرف مصدريّ ونصب (إلّا) للاستثناء «2» (وحيا) مفعول مطلق لفعل محذوف نائب عن المصدر لأنه اسم مصدر أي إلّا أن يوحي إليه وحيا «3» .
والمصدر المؤوّل (أن يكلّمه..) في محلّ رفع اسم كان.
والمصدر المؤوّل (أن يوحى..) في محلّ نصب على الاستثناء المنقطع- إن كان الوحي غير التكليم- أو المتّصل إن كان الوحي نوعا من التكليم أو التكليم نوعا من الوحي.
(أو) حرف عطف (من وراء) متعلّق بمحذوف معطوف على العامل في (وحيا) ، أي: أو إلّا أن يكلّمه من وراء حجاب.. أو إسماعا من وراء حجاب (يرسل) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد أو «4» ..
والمصدر المؤوّل (أن يرسل..) في محلّ نصب معطوف على المصدر الصريح (وحيا) .
(الفاء) عاطفة (يوحي) مضارع منصوب معطوف على (يرسل) ، (بإذنه) متعلّق بحال من فاعل يوحي «5» والضمير الغائب في (بإذنه) يعود على الله (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به «6» ، وفاعل يشاء ضمير يعود على الله..
جملة: «ما كان لبشر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يكلّمه الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «يرسل ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: «يوحي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يرسل.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) «7» .
وجملة: «إنّه عليّ ... » لا محلّ لها تعليليّة.
52- (الواو) عاطفة (كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله أوحينا (إليك) متعلّق ب (أوحينا) ، (من أمرنا) متعلّق بنعت ل (روحا) ، (ما) الأول حرف نفي (ما) الثاني اسم استفهام مبتدأ خبره (الكتاب) «8» ، (لا) زائدة لتأكيد النفي (الإيمان) معطوف على الكتاب مرفوع مثله (الواو) عاطفة (لكن) للاستدراك لا عمل له (نورا) مفعول به ثان منصوب (به) متعلّق ب (نهدي) ، (من عبادنا) متعلّق بحال من العائد المقدّر أي نشاء هدايته من عبادنا (الواو) استئنافيّة (اللام) المزحلقة للتوكيد (إلى صراط) متعلّق ب (تهدي) .
وجملة: «أوحينا إليك ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما كان لبشر.
وجملة: «ما كنت تدري ... » في محلّ نصب حال من الضمير في (إليك) .
وجملة: «تدري ... » في محلّ نصب خبر كنت.
وجملة: «ما الكتاب ... » في محلّ نصب سدّت مسدّ مفعولي تدري المعلّق عن العمل بالاستفهام ما.
وجملة: «جعلناه ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة ما كنت تدري.
وجملة: «نهدي ... » في محلّ نصب نعت ل (نورا) .
وجملة: «نشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «إنّك لتهدي ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تهدي ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
53- (صراط) بدل من صراط الأول بدل معرفة من نكرة مجرور مثله (الذي) موصول في محلّ جرّ نعت للفظ الجلالة (له) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر (ما) ، (في السموات) متعلّق بمحذوف صلة ما (ما) الثاني في محلّ رفع معطوف على (ما) الأول (في الأرض) صلة ما الثاني (ألا) للتنبيه (إلى الله) متعلّق ب (تصير) .
وجملة: «له ما في السموات ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «تصير الأمور» لا محلّ لها استئنافيّة.
انتهت سورة «الشورى» ويليها سورة «الزخرف»
سورة الزّخرف
آياتها 89 آية
[سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 5]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5)
الإعراب:
(الواو) واو القسم (الكتاب) مجرور بالواو متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم (قرآنا) مفعول به ثان منصوب.
جملة: « (أقسم) بالكتاب ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «إنّا جعلناه ... » لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة: «جعلناه ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لعلّكم تعقلون» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «تعقلون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
4- (الواو) عاطفة (في أم) متعلّق ب (عليّ) ، (لدينا) ظرف مبنيّ على السكون في محلّ نصب متعلّق ب (عليّ) (اللام) المزحلقة للتوكيد.
وجملة: «إنّه ... لعليّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
5- (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الفاء) عاطفة (عنكم) متعلّق ب (نضرب) بتضمينه معنى نمسك أو نعرض (صفحا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو ملاقيه في المعنى «1» ، (أن) حرف مصدريّ..
والمصدر المؤوّل (أن كنتم قوما..) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق ب (نضرب) أي لأن كنتم «2» ...
الصرف:
(صفحا) ، مصدر صفح الثلاثيّ وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
1- فن التناسب: في قوله تعالى «وَالْكِتابِ الْمُبِينِ: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» في هذه الآية الكريمة أقسم الله تعالى بالقرآن، وإنما يقسم بعظيم، ثم جعل المقسم عليه تعظيم القرآن بأنه قرآن عربي مرجو به أن يعقل به العالمون، أي: يتعقلوا آيات الله تعالى، فكان جواب القسم مصححا للقسم.
وهذا ما يسمى بفن التناسب، فقد حصل التناسب بين القسم والمقسم به، لأنهما شيء واحد.
2- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى «وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ» .
فقد استعار لفظ الأم للأصل، وهو اللوح المحفوظ، ذلك هو المشبه المحذوف.
وهذه الاستعارة من أجل تمثيل ما ليس بمرئي حتّى يصير مرئيا والإفادة من هذه الاستعارة هي الظهور، لأن الأم أظهر للحس من الأصل.
3- الاستعارة التمثيلية: في قوله تعالى «أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ» .
أي أفننحيه ونبعده عنكم، على سبيل الاستعارة التمثيلية، من قولهم «ضرب الغرائب عن الحوض» ، حيث شبه حال الذكر وتنحيته، بحال غرائب الإبل وذودها عن الحوض إذا دخلت مع غيرها عند الورود، ثم استعمل ما كان في تلك القصة هاهنا، ومنه قول الحجاج: لأضربنكم ضرب غرائب الإبل.
[سورة الزخرف (43) : الآيات 6 الى 8]
وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (7) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (كم) خبريّة اسم كناية في محلّ نصب مفعول به مقدّم (من نبيّ) تمييز كم (في الأوّلين) متعلّق ب (أرسلنا) .
جملة: «أرسلنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
7- (الواو) عاطفة (ما) نافية (نبيّ) مجرور لفظا بمن مرفوع محلّا فاعل يأتيهم (إلّا) للحصر (به) متعلّق ب (يستهزئ) .
وجملة: «ما يأتيهم من نبيّ ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «كانوا به يستهزئون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «يستهزئون ... » في محلّ نصب خبر كانوا.
8- (الفاء) عاطفة (أشدّ) مفعول أهلكنا، وهو أصلا نعت لمنعوت مقدّر أي قوما أشدّ (منهم) متعلّق ب (أشدّ) ، (بطشا) تمييز منصوب (الواو) استئنافيّة ...
وجملة: «أهلكنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما يأتيهم.
وجملة: «مضى مثل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(بطشا) ، مصدر سماعيّ للثلاثيّ بطش باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
(مضى) ، فيه إعلال بالقلب أصله مضي- بياء في آخره- تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا.
الفوائد
- كم الاستفهامية وكم الخبرية ...
1- (كم) الاستفهامية يطلب بها تعيين العدد، ومميزها منصوب دائما، مثل (كم كتابا قرأت) ؟ إلا إذا اقترنت بحرف جر فإن مميزها يجر، مثل: (بكم ليرة اشتريت الكتاب) ؟
2- كم الخبرية تفيد الإخبار والتكثير، ومميزها مجرور بالإضافة مثل: (كم فارس تبارز في الميدان) . كما يأتي مميزها مجرورا بمن، مثل: (كم من شهيد سقط دفاعا عن الكرامة) والمعنى كثير من الشهداء سقطوا دفاعا عن الكرامة.
3- تعرب كم الاستفهامية وكم لخبرية حسب ما بعدها من الكلام.
آ- تعربان في محلّ رفع مبتدأ إذا وليهما اسم مثل:
كم فارسا في الميدان؟ كم بطل في الساحة! وفي قولنا كم مالك؟ يجوز في (كم) أن تكون مبتدأ أو أن تكون خبرا مقدما.
وكذلك إذا وليهما فعل لازم تعربان مبتدأ مثل:
كم رجلا جاء للمشاركة في الاحتفال؟ ... كم شهيد سار على درب النضال!
وكذلك إذا وليهما فعل متعد استوفى مفعوله، تعربان مبتدأ. كم كتابا قرأته؟
كم صديق زرته لله! ب- وتعربان في محلّ نصب مفعولا به، إذا وليهما فعل متعد لم يستوف مفعوله: (كم كتابا قرأت؟ كم صديق زرت الله) .
ج- وتعربان في محلّ نصب على الظرفية الزمانية أو المكانية، إذا وليهما ظرف زمان أو مكان، شريطة ألا يطلب الفعل مفعولا به..
كم ساعة سرت في الطريق؟ كم ميل مشيت إليك!
د- وتعربان في محلّ نصب مفعولا مطلقا، إذا وليهما مصدر من لفظ الفعل:
كم ضربة ضربت العدو؟ كم طعنة طعنها العدو! ج- وتعرب كم الاستفهامية خبرا للفعل الناقص إذا وليها: كم أصبح أولادك؟ كم كان مالك؟
ملاحظة هامة:
1- يمكن حذف مميّز كم الاستفهامية والخبرية، إذا فهم من السياق: كم صمت، أي كم يوما صمت. كم مشينا على الخطوب كراما، أي كم مشية مشينا.
2- مميز كم الاستفهامية يعرب تمييزا منصوبا، ومميز كم الخبرية يعرب مضافا إليه.
__________
(1) يجوز أن يكون حالا على التصنيف من ضمير الغائب في (يزوّجهم) .
(2) أو للحصر.
(3) يجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال من لفظ الجلالة أو ضمير الغائب في يكلّمه.
(4) الإضمار هنا جائز لأنّه مسبوق بمصدر صريح.
(5) وهو الرسول الملك إلى المرسل إليه البشر.
(6) أو نكرة موصوفة في محلّ نصب. [.....]
(7) أو في محلّ نصب نعت ل (ما) .
(8) وفي الكلام تقدير مضاف أي: ما كنت تدري جواب (ما الكتاب) أي جواب هذا الاستفهام.
(9) أو هو مصدر في موضع الحال.
(10) وجملة نضرب ... لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي أنهملكم.
وجملة: كنتم قوما لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .