كتاب الجدول في إعراب القرآن
محمود بن عبد الرحيم صافي
الجزء الخامس والعشرون
سورة الزخرف
الحلقة (508)
من صــ 95 الى صـ 108
[سورة الزخرف (43) : الآيات 51 الى 56]
وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (55)
فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (56)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (في قومه) متعلّق ب (نادى) ، (قوم) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة للتخفيف (الهمزة) للاستفهام التقريريّ (ليّ) متعلّق بخبر ليس (الواو) حاليّة «1» ، (هذه) اسم إشارة مبتدأ خبره جملة تجري (الأنهار) بدل من الإشارة- أو عطف بيان عليه- (من تحتي) متعلّق بحال من فاعل تجري بحذف مضاف أي من تحت قصري (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الفاء) عاطفة (لا) نافية..
جملة: «نادى فرعون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «النداء وجوابه ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أليس لي ملك مصر ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «هذه الأنهار تجري» في محلّ نصب حال.
وجملة: «تجري ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (هذه) .
وجملة: «لا تبصرون» لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي:
أغفلتم فلا تبصرون.
52- (أم) هي المنقطعة بمعنى بل التي للإضراب الانتقاليّ «2» ، (من هذا) متعلّق ب (خير) ، (الذي) موصول في محلّ جرّ بدل من اسم الإشارة.
وجملة: «أنا خير ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هو مهين ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «لا يكاد يبين» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «يبين» في محلّ نصب خبر يكاد.
53- (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لولا) حرف تحضيض (عليه) متعلّق ب (ألقي) ، (من ذهب) متعلّق بنعت ل (أسورة) ، (معه) ظرف منصوب متعلّق بحال من الملائكة «3» ، (مقترنين) حال من الملائكة منصوبة، وعلامة النصب الياء.
وجملة: «ألقي عليه أسورة» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كان صادقا فلولا ألقي.
وجملة: «جاء معه الملائكة ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة ألقي.
54- (الفاء) عاطفة في الموضعين (فاسقين) نعت ل (قوما) منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة: «استخف ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نادى فرعون.. أو جملة قال وما بين الجملتين مقول القول.
وجملة: «أطاعوه» لا محلّ لها معطوفة على جملة استخفّ.
وجملة: «إنّهم كانوا قوما ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «كانوا قوما ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
55- (الفاء) عاطفة (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب انتقمنا (منهم) متعلّق ب (انتقمنا) ، (الفاء) عاطفة (أجمعين) توكيد معنوي لضمير الغائب في (أغرقناهم) - أو حال منه-.
وجملة: «آسفونا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «انتقمنا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «أغرقناهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة انتقمنا.
56- (الفاء) عاطفة (سلفا) مفعول به ثان منصوب (للآخرين) متعلّق ب (مثلا) .
وجملة: «جعلناهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أغرقناهم.
الصرف:
(53) مقترنين: جمع مقترن، اسم فاعل من الخماسيّ اقترن، وزنه مفتعل بضمّ الميم وكسر العين.
(55) آسفونا: فيه دمج فاء الفعل مع همزة التعدية قبلها لأنّ الفعل على وزن أفعل أي: أأسف.. اجتمعت الهمزتان والثانية ساكنة أدغمتا ووضع فوقهما مدّة.
(56) سلفا: اسم جمع لا مفرد له من لفظه بمعنى السابقين، وقيل هو جمع مفرده سالف مثل خدم وخادم، وزنه فعل بفتحتين.
(الآخرين) ، جمع الآخر- بكسر الخاء.. انظر الآية (8) من سورة البقرة.
البلاغة
المجاز المرسل: في قوله تعالى «وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ» .
فقد أسند النداء إليه مجازا. والمراد أمر بالنداء بذلك، في الأسواق والأزقة ومجامع الناس. وهذا كما يقال: بنى الأمير المدينة، والعلاقة هنا محلية، فقد جعل قومه محلّا لندائه، وموقعا له، وذلك بقوله «في قومه» ، أي في مجامعهم وأماكنهم.
[سورة الزخرف (43) : الآيات 57 الى 62]
وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (59) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لما) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب (ابن) نائب الفاعل (مثلا) مفعول به منصوب بتضمين ضرب معنى جعل (إذا) فجائية (منه) متعلّق ب (يصدّون) .
جملة: «ضرب ابن مريم ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قومك منه يصدّون» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يصدّون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (قومك) .
58- (الواو) عاطفة (الهمزة) للاستفهام (أم) حرف عطف معادل للهمزة (هو) ضمير منفصل في محلّ رفع معطوف على المبتدأ (آلهتنا) ، (ما) نافية (لك)متعلّق ب (ضربوه) ، (إلّا) للحصر (جدلا) مفعول لأجله منصوب «4» ، (بل) للإضراب الانتقاليّ..
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: «آلهتنا خير ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما ضربوه ... إلّا جدلا» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «هم قوم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
59- (إن) حرف نفي (إلّا) للحصر (عليه) متعلّق ب (أنعمنا) ، (لبني) متعلّق بنعت ل (مثلا) «5» .
وجملة: «إن هو إلّا عبد ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أنعمنا ... » في محلّ رفع نعت لعبد.
وجملة: «جعلناه ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة أنعمنا.
60- (الواو) اعتراضيّة (لو) حرف شرط غير جازم (اللام) رابطة لجواب الشرط (منكم) في موضع المفعول الثاني، قيل هي تبعيضية، وقيل هي بمعنى بدلكم (في الأرض) متعلّق ب (جعلنا) - أو ب (يخلفون) - وجملة: «نشاء ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «جعلنا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يخلفون» في محلّ نصب نعت لملائكة.
61- (الواو) عاطفة، والضمير في (إنّه) يعود على عيسى عليه السلام على حذف مضاف أي نزوله «6» ، (اللام) مزحلقة للتوكيد (للساعة) متعلّق بنعت ل (علم) - و (اللام) بمعنى على أي على الساعة أي على قربها- (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تمترنّ) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون، و (الواو) المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، و (النون) للتوكيد (بها) متعلّق ب (تمترنّ) ، والنون في (اتّبعون) للوقاية قبل ياء المتكلّم المحذوفة للتخفيف..
وجملة: «إنّه لعلم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة أنعمنا «7» .
وجملة: «لا تمترنّ بها» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن جاءكم خبرها فلا تشكّوا فيها.
وجملة: «اتّبعون» في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر «8» أي قل لهم ...
وجملة: «هذا صراط ... » لا محلّ لها تعليل للأمر السابق.
62- (الواو) عاطفة (لا يصدنّكم) (لا) ناهية (يصدنّكم) مضارع مبني على الفتح في محلّ جزم و (النون) للتوكيد (الشيطان) فاعل، والفعل مبنيّ على الفتح في محلّ جزم (لكم) متعلّق بحال من عدوّ ...
وجملة: «لا يصدنّكم الشيطان» في محلّ نصب معطوفة على جملة اتّبعون.
وجملة: «إنّه لكم عدو ... » لا محلّ لها تعليليّة.
الصرف:
(خصمون) جمع خصم، صفة مشبهة من الثلاثي خصم باب ضرب وزنه فعل بفتح فكسر.
الفوائد
- عناد المكذبين ومماحكتهم..
يذكر المفسرون حكاية ممتعة بسبب نزول هذه الآية. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في مجادلة عبد الله بن الزبعرى مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في شأن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وذلك لما نزل قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ قام ابن الزبعرى، في ثلة من أصحابه، ومنهم الوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث، وقالوا: يا محمد، ألست تزعم أن كلّ معبود دون الله هو في جهنم كما أنزل عليك. قال: نعم، قالوا: فإن النصارى يعبدون عيسى، واليهود يعبدون عزيرا، ونحن: نعبد الملائكة، فإذا كان الأمر كذلك فعيسى والعزير والملائكة في جهنم. فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك لكلّ من يعبد من دون الله وهو راض بأن يكون معبودا، فأنزل الله عز وجل وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا أي ضربه كفار قريش مثلا لما يعبد من دون الله، وأنّه في جهنم كما مر، (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) أي يرتفع لهم ضجيج وصياح وفرح.
[سورة الزخرف (43) : الآيات 63 الى 65]
وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (بالبيّنات) متعلّق بحال من عيسى «9» (بالحكمة) متعلّق بحال من فاعل جئتكم «10» (الواو) عاطفة في الموضعين (اللام) لتعليل (أبيّن) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (لكم) متعلّق ب (أبيّن) .
والمصدر المؤوّل (أن أبين..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره جئتكم..
(الذي) موصول في محلّ جرّ مضاف إليه (فيه) متعلّق ب (تختلفون) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر، و (النون) في (أطيعون) للوقاية، جاءت قبل ياء المتكلّم المحذوفة لمناسبة فاصلة الآية..
جملة: «جاء عيسى ... » في محلّ جرّ مضاف إليه ... وجملة الشرط وفعله وجوابه لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قد جئتكم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أبيّن ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: «تختلفون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «اتّقوا الله ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن بلغكم ما أقول فاتّقوا..
وجملة: «أطيعون ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة اتّقوا الله.
64- (هو) ضمير فصل «11» ، (الفاء) للربط.
وجملة: «إنّ الله ... ربّي ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «اعبدوه» لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي: تنبّهوا فاعبدوه.
وجملة: «هذا صراط ... » لا محلّ لها تعليليّة «12» .
65- (الفاء) عاطفة في الموضعين (من بينهم) متعلّق بحال من الأحزاب «13» ،(ويل) مبتدأ مرفوع «14» ، (للذين) متعلّق بخبر المبتدأ ويل (من عذاب) متعلّق بالخبر المحذوف «15» .
وجملة: «اختلف الأحزاب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف في قوله (ولمّا جاء عيسى بالبيّنات) .
وجملة: «ويل للذين ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اختلف الأحزاب.
وجملة: «ظلموا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
[سورة الزخرف (43) : آية 66]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66)
الإعراب:
(هل) حرف استفهام فيه معنى النفي (إلّا) للحصر (بغتة) مصدر في موضع الحال «16» ، (الواو) حالية.
والمصدر المؤوّل (أن تأتيهم ... ) في محلّ نصب بدل من الساعة.
جملة: «ينظرون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تأتيهم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «هم لا يشعرون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «لا يشعرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
الفوائد
- هل..
هل حرف للاستفهام، ولكنها ترد في عدد من المعاني، وفي الآية الكريمة التي نحن بصددها خرجت عن معنى الاستفهام إلى معنى النفي في قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) . والمعنى ما ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم. وقد ذكر ذلك ابن هشام فقال:
إنه يراد بالاستفهام بها النفي، ولذلك دخلت على الخبر بعدها (إلا) في قوله تعالى هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ، والباء في قول الفرزدق: (ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم) ، وصح العطف في قول امرئ القيس:
وإن شفائي عبرة مهراقة ... وهل عند رسم دارس من معول
إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر. فصدر البيت خبر، والعطف يدل على أن عجز البيت خبر أي لا يصح هل للاستفهام، بل هي نافية.
وتأتي الهمزة للإنكار، كما في قوله تعالى أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ إنكارا على من ادعى ذلك، ويلزم من ذلك معنى الانتفاء، لا أنها للنفي. ولهذا لا يجوز أن تقول: أقام إلا زيد؟ كما يجوز هل قام إلا زيد!
[سورة الزخرف (43) : آية 67]
الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67)
الإعراب:
(يومئذ) ظرف منصوب مضاف إلى ظرف مبنيّ متعلّق ب (عدوّ) ، والتنوين عوض من جملة محذوفة أي يوم إذ تأتيهم الساعة (بعضهم) مبتدأ ثان مرفوع (لبعض) متعلّق ب (عدوّ) ، (إلّا) للاستثناء (المتّقين) مستثنى بإلّا منصوب..
جملة: «الأخلّاء ... عدوّ» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «بعضهم لبعض عدوّ» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الأخلّاء) .
[سورة الزخرف (43) : الآيات 68 الى 73]
يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72)
لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (73)
الإعراب:
(عباد) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة للتخفيف (لا) نافية مهملة «17» ، (خوف) مبتدأ مرفوع «18» ، (عليكم) متعلّق بخبر المبتدأ (اليوم) ظرف منصوب متعلّق بالخبر المحذوف (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي واجبة التكرار (أنتم تحزنون) مثل خوف عليكم..
جملة: «يا عباد ... » لا محلّ لها استئنافيّة «19» .
وجملة: «لا خوف عليكم ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «أنتم تحزنون» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا خوف عليكم.
69- (الذين) موصول في محلّ نصب نعت لعبادي (بآياتنا) متعلّق ب (آمنوا) ، (الواو) عاطفة- أو حالية-.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «كانوا مسلمين ... » لا محلّ لها معطوفة على صلة الموصول «20» .
70- (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ، عطف عليه بالواو (أزواجكم) .
وهو مرفوع ... والواو في (تحبرون) نائب الفاعل.
وجملة: «ادخلوا ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز النداء.
وجملة: «أنتم ... تحبرون» في محلّ نصب حال من فاعل ادخلوا.
وجملة: «تحبرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أنتم) .
71- (عليهم) نائب الفاعل للمجهول (يطاف) ، (بصحاف) متعلّق ب (يطاف) ، (من ذهب) متعلّق بنعت ل (صحاف) ، (الواو) عاطفة (فيها) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (ما) ، و (فيها) الثاني متعلّق ب (خالدون) .
وجملة: «يطاف عليهم» لا محلّ لها استئناف بيانيّ «21» .
وجملة: «فيها ما تشتهيه الأنفس» لا محلّ لها معطوفة على جملة يطاف.
وجملة: «تشتهيه الأنفس ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «تلذّ الأعين ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تشتهيه الأنفس.
وجملة: «أنتم فيها خالدون» في محلّ نصب معطوفة على جملة أنتم ...
تحبرون وما بينهما اعتراض فيه التفات «22» .
72- (الواو) عاطفة (تلك) اسم إشارة مبتدأ خبره جملة لكم فيها فواكه..
(التي) موصول نعت للجنّة مرفوع، وضمير الخطاب في (أورثتموها) نائب الفاعل، والواو زائدة إشباع حركة الميم، وضمير الغائب مفعول به (ما) مصدرية «23» .
والمصدر المؤوّل (ما كنتم تعملون) في محلّ جرّ بالباء السببيّة متعلّق ب (أورثتموها) .
وجملة: «تلك الجنّة ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: «أورثتموها ... » لا محلّ لها صلة الموصول (التي) .
وجملة: «كنتم تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة: «تعملون» في محلّ نصب خبر كنتم.
73- (لكم) متعلّق بخبر مقدّم (فيها) متعلّق بالخبر المحذوف (فاكهة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (منها) متعلّق بفعل (تأكلون) .
وجملة: «لكم فيها فاكهة ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ تلك.
وجملة: «تأكلون ... » في محلّ رفع نعت لفاكهة.
الصرف:
(71) صحاف: جمع صحفة اسم جامد للوعاء الكبير، وزنه فعلة بفتح فسكون، ووزن صحاف فعال بكسر الفاء.
(أكواب) ، جمع كوب، اسم جامد للكأس الذي لا عروة له، وزنه فعل بضمّ فسكون، ووزن أكواب أفعال- جمع قلّة-.
البلاغة
1- الإيجاز: في قوله تعالى «وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ» .
وهذا حصر لأنواع النعم، لأنها إما مشتهاة في القلوب، وإما مستلذه في العيون.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأعرابي: إن أدخللك الله الجنّة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذّت عينك.
2- الاستعارة التبعية: في قوله تعالى «وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها» .
حيث شبه ما استحقوه بأعمالهم الحسنة، من الجنّة ونعيمها الباقي لهم، بما يخلّفه المرء لوارثه من الأملاك والأرزاق، ويلزمه تشبيه العمل نفسه بالمورث اسم فاعل، فاستعير الميراث لما استحقوه، ثم اشتق أورثتموها، فيكون هناك استعارة تبعية.
وقيل الإرث: مجاز مرسل للنيل والأخذ.
الفوائد
- فضل الله وإحسانه..
بين سبحانه في هذه الآية نعيم الجنّة، ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين،
فقد ورد في الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. واقرؤوا إن شئتم «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ» متفق عليه.
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أول زمرة يدخلون الجنّة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم، على أشد كوكب درّي في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوّة (عود الطيب) ، أزواجهم الحور العين.
على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء. متفق عليه. وفي رواية للبخاري ومسلم: «آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم فيها المسك، ولكلّ واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم، ولا تباغض. قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا.
وعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: إن في الجنّة شجرة، يسير الراكب الجواد المضمر السريع، مائة سنة، ما يقطعها.
متفق عليه.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل أهل الجنّة الجنّة، ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا. رواه مسلم.
__________
(1) أو عاطفة، تعطف اسم الإشارة على ملك.. وجملة تجري حال..
(2) أجاز ابن هشام جعلها متصلة، فهي تعطف جملة أنا خير على جملة لا تبصرون لأنّ جملة أنا خير بمعنى تبصرون وابن هشام يتبع الزمخشريّ في ذلك.
(3) أو متعلّق ب (جاء) .
(4) أو مصدر في موضع الحال منصوب.
(5) أو متعلّق ب (جعلناه) .
(6) يجوز أن يعود إلى القرآن الكريم.
(7) يجوز أن تكون استئنافيّة فلا محلّ لها.
(8) وجملة القول المقدّرة استئنافيّة.. ويجوز أن يكون الكلام من قول الله تعالى أي: اتّبعوا هداي أو شرعي أو رسولي، فالجملة معطوفة على جواب الشرط.. وجملة لا يصدنّكم معطوفة على جملة اتبعون لا محلّ لها أيضا..
(9، 10) يجوز تعليقه بفعل المجيء. [.....]
(11) أو ضمير منفصل مبتدأ خبره ربّي، والجملة الاسميّة خبر إنّ.
(12) أو استئناف من كلام الله لا من كلام عيسى.
(13) أي حال كون الأحزاب بعض النصارى.
(14) جاء نكرة لأنه في معرض الذمّ.
(15) أو حال من الضمير المستكنّ في الخبر، والعامل فيه الاستقرار أي حال كونه من عذاب الآخرة لا من عذاب الدنيا.
(16) أو مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو ملاقيه فيه المعنى.. انظر الآية (31) من سورة الأنعام.
(17) أو عاملة عمل ليس وخوف اسمها وعليكم خبرها.
(18) النكرة معتمدة على نفي.
(19) أو في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر.
(20) أو في محلّ نصب حال من فاعل آمنوا.
(21) أو هي جواب شرط مقدّر أيّ: إذا دخلوها يطاف عليهم.. وأجاز بعضهم جعلها حالا من الجنّة والرابط فيها مقدّر، تقديره فيها.
(22) يجوز أن تكون حالا من الضمير في (عليهم) على تقدير الالتفات.
(23) أو اسم موصول في محلّ جرّ والعائد محذوف والجملة بعده صلة.