
25-09-2022, 12:05 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة :
|
|
رد: أضواء على ملحمة بدر لأحمد الخاني
أضواء على ملحمة بدر لأحمد الخاني
د. أحمد الخاني
خصائص القصة الشعرية المعترضة:
عرفنا خصائص القصة الشعرية المعترضة، وهي نفسها التي في القرن العشرين؛ سواء أكانت قبل الحرب أو بعدها، لم يطرأ كبير تغيير، بين القصتين في المرحلتين.
فما خصائص القصة الشعرية غير الملحمية؟.
خصائص القصة الشعرية غير الملحمية المعاصرة:
القصص الشعري غير الملحمي متنوع الموضوعات؛ فمنه الغزلي و الفلسفي والسياسي والاجتماعي والهازل والجاد والطردي وهو وصف الصيد والقنص...
وهذه القصص مكتملة العناصر من حيث الأسلوب القصصي، مع التفاوت في نضج كل عنصر من هذه العناصر.
والفن الشعري في هذه القصص مؤتلف مع الفن القصصي من حيث الرقي والنضج والتصوير، لقد ارتقى ارتقاء بيناً عنه فيما قبل الحرب، نجد هذا في جميع القصص الشعرية في النماذج التي قدمناها.
خصائص القصة الشعرية الملحمية:
قبل أن نتعرف إلى خصائص القصة الشعرية الملحمية، يجن أن نتعرف إلى طبيعة
الفن الملحمي:
طبيعة الفن الملحمي:
الفن الملحمي ذو طبيعة واحدة؛ سواء أكانت قديمة أم حديثة.
ابتداء أقول: إن النسج القصصي يحتاج إلى شيئين أساسيين هما:
أولاً: التشويق. و ثانياً: التصوير.
أما التشويق؛ فهو يأتي عن طريق تتبع الحدث، وارتباط السابق باللاحق، أي أن يكون السابق سبباً، واللاحق مسبباً ناتجاً عنه، وهذا ما يجعل الحبكة مجدولة بعيدة عن نسج مترهل.
ويحسن بهذا النسج ألا يكون تقريراً جافاً، بل تتنوع فيه الأساليب الإنشائية، بين النداء والاستفهام والتعجب.. وسائر هذه الأساليب متراوحة مع أساليب الخبر في القص المسترسل بين الإيجاز والأطناب والمساواة، مع الحرص ما أمكن على الإيقاع الموسيقي الذي يترك في النفس الانطباع الملحمي البطولي المنشود، الإيقاع الداخلي، والإيقاع الخارجي.
الإيقاع الداخلي يقتله التدوير أو التدميج إذ يبقى الإيقاع الخارجي فقط، وهو إيقاع القافية، فإذا كانت القافية ضامرة الإيقاع كأن تكون على حرف التاء مثلاً أو تكون مقيدة ساكنة فهذا يضر بالملحمة، إن لم يقتلها.
ويمكن في الملحمة أن يكون أكثر من قصة تجري على طريقة التوليد، كقصص: ألف ليلة وليلة، ولكن يبقى المحور الأصلي الأساسي هو العمود الفقري للنص، وباقي المحاور تكون ثانوية، ولا تكون موازية، بل يجب أن يكون المحور الأساسي هو الأكثر ظهوراً وبروزاً، فلا يطغى عليه المحور الرديف المساعد، بل يجب أن يبقى ثانوياً؛ شكلاً و مضموناً، لأن مهمته الارتكاز على المحور الرئيسي ومؤآزرته لا منافسته..
ولا يعني العمل القصصي في الملحمة، الحيازة على العناصر القصصية كلها أو جلها مع وجود الحواجز بين عنصر وآخر؛ إنما يعني العمل القصصي؛ ذلك النسيج الداخلي المتصل، وتبرز العناصر بشكل عفوي طبيعي في أثناء سياق القصة بحيث يكون الجو النفسي لدى القاص عامراً بما سيقدم عليه، من قص الحدث، وإبراز الشخصيات، والعناية برسمها وتبيان سماتها الداخلية والخارجية، والعناية بالحوار المعبر عن شخصياته، والعناية بالحبكة في عنصر تشويقي مؤثر، مع استحضار مشاهد الملحمة في النفس، وكأن الحديث عنها تصوير لما يراه الشاعر ويسمعه ويشمة ويتذوقه ويحسه بروحه ووجدانه..
هذا مع العناية بعناصر الشعر الفنية في الأسلوب مع الصدق الفني في الألفاظ التي يتلفظ بها كل محارب، فلا ينطق الشجاع بألفاظ الجبان، ولا يدلس الشاعر الحقيقة إذا اهتزت نفس البطل في موقف الرعب أن يتغاضى عن ذلك الإحساس، بل يجب أن يصور الأحاسيس بكل صدق، وذلك ما رأيناه في موقف عبد الله بن رواحة في معركة مؤتة فلما ترددت نفسه خاطبها صاحبها بقوله وقد أقسم عليها:
أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه
مالي أراك تكرهين الجنه
يا نفس إلا تقتلي تموتي
هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أُعطيت
إن تفعلي فعلهما هديت
أما السياق فيجب أن يكون خالياً من الألفاظ الغريبة، بعيداً عن التفاصح والتقعير، لأن الملحمة للأمة فيجب أن تكون من السهل الممتنع.
والملحمة شعر، وهذا يعني أن الشاعر يجب أن يتوهج عاطفة بطولية تشحنه في مسيرته الملحمي، إنه سيروي عن أبطال هو امتداد لهم، إن الإحساس بالروح الملحمة يعني الإحساس بالبطولة وهنا يكمن سر الشاعر الملحمي في عمله المبدع.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|