عرض مشاركة واحدة
  #228  
قديم 06-10-2022, 05:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,561
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(كتاب المناسك)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (223)

صـــــ(1) إلى صــ(19)


وجوب الهدي في المتعة والقران
وقوله: [وأما دم متعة وقران فيجب الهدي].
هذا مما لزم بالترتيب، والأول لزم بالتخيير، ففي التمتع والقران يجب عليه أن يذبح شاة بالصفة التي ذكرناها، يشترط فيها: أن تكون بلغت السن المعتبرة، وأن تكون سالمة من العيوب، وأن يكون هدي القران والتمتع ذبحه ونحره بمكة، فهذه أمور لابد من توافرها للحكم ببراءة ذمته من هذا الواجب، فإذا لم يجد الشاة فإنه ينتقل إلى البدن، فليست بلازمة على التخيير وإنما هي لازمة على الترتيب؛ لأن الله رتبها في كتابه في آية البقرة في التمتع: { فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } [البقرة:196].
كيفية الصيام إن عدم الهدي في المتعة والقران
وقوله: [فإن عدمه فصيام ثلاثة أيام].
فإن عدم الهدي ولم يجده، كأن يكون ذهب وليس عنده مال يشتري به الهدي بالنسبة له وهو في الحج، والعبرة به وهو في الحج، فلو كان عنده مال ببلده لم يؤثر كما في المتيمم، فإن المتيمم إذا سافر وفقد الماء في السفر فإنه سوف يجده في بيته وفي الحضر، فوجدانه في بيته لا عبرة به إنما العبرة بحاله حينما خوطب وأُلزم، والعبرة في قدرته على الإتيان بالهدي، وللعلماء في هذه المسألة أقوال، أصحها: أن العبرة بصبيحة يوم النحر، فإذا أصبح يوم النحر وليس عنده قدرة على شراء الهدي وأصبح فقيراً فإنه لا يلزمه الهدي، وقيل: بمجرد إحرامه -العبرة بالإحرام- وفائدة الخلاف: أنه لو كان غنياً قبل يوم النحر ثم افتقر يوم النحر بسرقة ماله، أو وجود غرامة عليه فذهب ماله في تلك الغرامة، أو احتاج رفيقه إلى مال فأخذه واستنفده في سفره ونحو ذلك فحينئذٍ إذا قلنا: العبرة بإهلاله وجب عليه الهدي عيناً، وأما إذا قلنا: إن العبرة بصبيحة يوم النحر فحينئذٍ ينظر إلى حاله صبيحة يوم النحر؛ لأنه حينئذٍ يلزمه التحلل من نسكه بالهدي.
وعلى هذا فإذا كان في صبيحة يوم النحر فقيراً أو معسراً فلا يلزمه الدم، وكذلك أيضاً لو لم يجد الدم، عنده المال ولكنه لم يجد الشاة ولم يجد سبع البدنة ولا سبع البقرة، فذهب إلى السوق فلم يجد شيئاً، فحينئذٍ يلزمه أن ينتقل إلى البدل ويسقط عنه الدم إذا مضت أيام التشريق ولم يجده.
وقوله: [والأفضل صوم آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله].
يصوم ثلاثة أيام إذا لم يجد في الحج، واختُلف هل العبرة بإهلاله للعمرة لأنها سبب في التمتع وسبب في لزوم الدم، أم أنها تكون من بداية إهلاله بالحج، فظاهر القرآن: { فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } [البقرة:196] أنه يصوم بعد إهلاله بالحج، وقال به طائفة من السلف، وهو مذهب المالكية والحنفية، على أن الله عز وجل قيد هذا الصيام بالحج، فلا يجزيه أن يبدأ به وهو في العمرة، وتوضيح ذلك: أنه لما قيد بظرفية الحج: { ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ } [البقرة:196] دل على أنها لا تجزي في غير الحج، فقالوا حينئذٍ: يلزمه الصيام إذا شرع في الحج، وأما قبل الحج فلا يصح منه، وقال بعض العلماء -وهو رواية الإمام أحمد ، اختارها جمع من أصحابه-: إذا أحرم بالعمرة أجزأه أن يصوم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( دخلت العمرة في الحج، وشبك بين أصابعه )، ولكن رد على هذا الدليل بأن الله تعالى فصل بين العمرة والحج في الآية التي أوجب فيها البدل، فقال: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } [البقرة:196] ففصل بين العمرة وبين الحج، وهذا القول -الذي يقول: إنها تكون بعد الإحرام بالحج- هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأن ظاهر القرآن فيه قوي، ودخول العمرة في الحج قصد منه النبي صلى الله عليه وسلم جواز العمرة في أشهر الحج، وهي مسألة خارجة عن موضوعنا.
ولذلك يقوى أن يقال: إنه لا يصومها إلا بعد إحرامه بالحج، فإذا أحرم بالحج فيصوم الثلاثة الأيام، ويستحب أن يكون صيامه قبل يوم عرفة، وهذا هو قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و عبد الله بن عمر ، وكانت أم المؤمنين عائشة و عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لا يريان الصيام عن دم التمتع قبل الحج -كما ذكرنا في مذهب من سمينا من العلماء- وكانا يريان ظاهر القرآن في قوله: (في الحج) فيصومها فيما بين إحرامه بالحج وقبل يوم عرفة، واختارا أن يكون إهلاله -مثلاً- بالحج من اليوم السادس ليصوم السادس والسابع والثامن، فإذا جاء يوم عرفة فتكون ذمته قد برئت، ولا يُدخل يوم عرفة في الصيام، وقال بعض السلف -كما هو قول طاوس و مجاهد و الشعبي و النخعي وجمع من السلف- : (إنه يجوز أن يصوم ويجعل يوم عرفة آخرها) وهذا القول قول مرجوح، ولكن إذا احتاج الإنسان إليه بمعنى: أنه لم يستطع أن يصوم فيما قبل يوم عرفة فإنه يصوم يوم عرفة؛ لأنه صيام واجب عليه.
واختلف العلماء: هل الأفضل أن يفطر يوم عرفة ويصومها من أيام التشريق، أو الأفضل أن يصوم يوم عرفة ولا يصوم أيام التشريق؟ والسبب في هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أيام منى أيام أكلٍ وشربٍ وبعال )، قالوا: فهذا يدل على أنه لا ينبغي للحاج أن يصومها، ولذلك قالوا: لا تصام أيام التشريق للحاج، فمن يقول بأفضلية تأخيرها عن يوم عرفة يقول: يجوز أن يؤخر هذا اليوم، والأفضل: ألا يصوم يوم عرفة ويؤخرها إلى أيام التشريق، فيجعل هذا اليوم الثالث من الأيام الواجبة عليه من أيام التشريق؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم ثبت عنهم أنهم كانوا يصومون أيام التشريق في دم التمتع، ولذلك قالوا: نفضل له أن يفطر يوم عرفة؛ لأنه الركن الأعظم، وقد قصد من هذا الركن أن يتفرغ للدعاء فيكون أبلغ وأقوى وأجلد له على الدعاء، ثم بعد ذلك يصوم هذا اليوم من أيام التشريق.
وقال بعض العلماء بل يصوم يوم عرفة؛ وذلك لأن يوم عرفة له أصل من فعل الصحابة، فكانت أم المؤمنين عائشة تصومه كما جاء في الموطأ، حتى إذا ابيضت الأرض بينها وبين الحاج دعت بفطورها فأفطرت، قالوا: حينئذٍ يصوم يوم عرفة، وكان طاوس بن كيسان -وهو من تلامذة ابن عباس - و سعيد بن جبير وكذلك الحسن البصري و الشعبي و إبراهيم النخعي -وهو قول طائفة من السلف- يرون أنه يصوم هذا اليوم -أعني: يوم عرفة- ويجعله ضمن الأيام.
والذي يظهر -والله أعلم-: أنه يصوم السادس والسابع والثامن، ولا يصوم يوم عرفة، وإذا بقي عليه شيء من الثلاثة الأيام يؤخره إلى أيام التشريق؛ فإنه أفضل من صيام يوم عرفة لما ذكره أصحاب هذا القول، فإن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصومون أيام التشريق، وحينئذٍ لما جاءنا عن الصحابة أنهم صاموا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أيام التشريق يقوى أن يقال: بأنه ينصرف إلى أيام التشريق ويقدمها على يوم عرفة.
وقوله: [والأفضل كون آخرها يوم عرفة وسبعة إذا رجع إلى أهله].
وهذا لما ذكرناه من قول بعض السلف كـ طاوس وغيره، ولكن قلنا: إن هذا مرجوح، والصحيح: مذهب من سمينا أنه لا يصوم يوم عرفة؛ لأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها و عبد الله بن عمر كانا يقولان: (يصومها فيما بين إحرامه بالحج وقبل يوم عرفة) وعلى هذا إذا شاء فإنه يحرم بالحج ليلة الخامس، فيصوم الخامس والسادس والسابع، وإن شاء يحرم بالحج ليلة السادس فيصوم السادس والسابع والثامن، فهذا أفضل له وأبلغ في إبراء ذمته وانصرافه إلى حجه متأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم بفطر يوم عرفة وبفطر أيام التشريق.
وقوله: [وسبعة إذا رجع إلى أهله].
ويلزمه صيام سبعة أيام إذا رجع إلى أهله، قال بعض العلماء: (العبرة في الرجوع بالشروع) فلو مثلاً: انتهى من الحج، وركب في السفر وهو راجع إلى أهله يجوز أن يصوم؛ لأنه راجع إلى أهله، وقيل: (إذا رجع) أي: إذا وصل إلى أهله، فإذا وصل إلى أهله صام السبعة.
حكم المحصر إذا لم يجد هدياً
وقوله: [والمحصر إذا لم يجد هدياً صام عشرة ثم حل].
والمحصر: الممنوع، الحصر: أصله المنع، والمحصر: هو الذي يمنع من البيت كما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع، أهل بالعمرة فمنع من الوصول إلى البيت، فإذا أحصر بعدو فإنه ينحر هديه ثم يتحلل ولا شيء عليه، أي: ليس عليه قضاء عمرته أو حجة، وهذا على أصح قولي العلماء، فإذا منع بعدو من الوصول إلى البيت لا يقال بأنه ينحر مباشرة وإنما ينظر فيه، يقال: هل لك طريق غير هذا الطريق يمكن أن تصل به إلى البيت؟ قال: نعم.
نقول: أنت لست بمحصر، ويلزمك أن تذهب إلى الطريق البديل، ولا يحكم بإحصاره إلا إذا منع بالكلية فليس له إلا طريق واحد أو طريقان، وهذان الطريقان لا يمكن أن يصل معهما إلى البيت.
كذلك أيضاً يتفرع عليه أن المحصر الأصل في أنه يتحلل قوله تعالى: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } [البقرة:196] فجعل للمحصر مخرجاً من إتمام حجه، وهذا يعتبر بمثابة الرخصة جعلها الله عز وجل للعزيمة في قوله سبحانه: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } [البقرة:196].
فالأصل عندنا في الشرع أن من نوى الحج أو من نوى العمرة وتلبس بالنسك فإنه يجب عليه أن يتم هذا النسك، فإذا منع من الوصول إلى البيت وحيل بينه وبين البيت بأي حائل يمنع من وصوله إلى البيت فإنه حينئذٍ يعدل إلى هديه، وإذا نحر الهدي تحلل ولا شيء عليه، فلا نطالبه بقضاء عمرته ولا نطالبه بقضاء حجه على أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم.
وقوله: [والمحصر إذا لم يجد هدياً صام عشرة ثم حل].
قياساً على دم المتعة، وذهب المالكية والحنفية إلى أنه إذا لم يجد الهدي لا شيء عليه، وهذا هو الصحيح؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى جعل الصيام بدلاً في هدي التمتع، ولم يجعله في هدي الإحصار فقال: { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } [البقرة:196] ولم يذكر البدل، لكن أصحاب القول الأول -كما يختاره المصنف- لهم حجة، قالوا: إن الله عز وجل ذكر حكم الإحصار، فقال: { فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ } [البقرة:196]، ثم قال بعدها: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } [البقرة:196] قالوا: (( فما استيسر من الهدي )) فنص على الهدي مع أن السياق واحد، فذكر الإحصار ثم أتبعه بالتمتع فكأن الحكم واحد، فكأنه ذكره في المتأخر حتى لا يحصل التكرار بعد ذكره في المتقدم، ولذلك قال بعدها: { ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } [البقرة:196] ولذلك لا يقع إحصار لمن كان من حاضري المسجد الحرام، ولكن الصحيح أن المقصود بقوله: { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } [البقرة:196] المراد به: من كان متمتعاً دون من كان محصراً؛ لأن قوله: { ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ } [البقرة:196] يدل على أنه قد حج، وأن الآية المراد بها المتمتع، والمحصر لم يحج بعد، فلا يستقيم أن تجعل هذه الآية بدلاً عما تقدم، ولذلك يقوى أن آية وجوب الهدي تختص بالمحصر ولا بدل عن الهدي، فإذا لم يجد الهدي فلا شيء عليه، كأن يكون ليس عنده مال فيذبح الهدي أو لم يجد الهدي حتى يذبحه؛ فإنه حينئذٍ يتحلل ولا شيء عليه على أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم.
وجوب الفدية على من وطئ في فرج

وقوله: [ويجب بوطء في فرج في الحج بدنة].
تقدمت هذه المسألة: أنه إذا جامع في الحج فعليه بدنة، وبينا هذا، وذكرنا قضاء الصحابة رضوان الله عليهم.
(بوطء في فرج) في قبل أو دبر من حلال أو حرام، وهذا قضاء من ذكرنا من الصحابة عن عمر و عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر و أبي هريرة و عائشة رضي الله عن الجميع.
وقوله: [وفي العمرة شاة].
قالوا: لأن الأصل في الإخلال بالوطء أن يجبر بالشاة، ولذلك جعل الله الشاة في دم المتعة؛ لأنها تقع بين الحج والعمرة، فجعل الشاة ضماناً للتمتع الواقع بين الحج والعمرة، فلما جعلت الشاة ضماناً لهذا الإخلال قالوا: إنه إذا وطِئ في عمرته فإنه يجب عليه دم وهو الشاة.
وقوله: [وإن طاوعته زوجته لزمها].
يفصل في الزوجة: فإن أكرهت وغلبت فلا شيء عليها، كما هو الحال في كفارة الجماع في نهار رمضان، وأما إذا طاوعته ورضيت وأغرته فإنه يلزمها ما يلزمه.
حكم من كرر محظورات من أجناس مختلفة
وقوله: [ومن فعل محظوراً من أجناس فدى لكل مرة رفض إحرامه أو لا].
هذا مبني -كما ذكرنا- إذا وقع المحظور بالطيب وغطاء رأسه ولبس المخيط، فنقول: لجنس المخيط فدية، وللمحظور بتغطية الرأس فدية، وللطيب فدية، فالطيب جنس، وتغطية الرأس جنس، ولبس المخيط جنس، فيلزمه ثلاث فديات، ولا تتداخل فدية إذا اختلفت أجناسها، وأما إذا تكررت من جنس واحد كطيب أو لبس مخيط، فتكرر الطيب أكثر من مرة، وتكرر لبس المخيط أكثر من مرة، ففدية واحدة لمكان التداخل.
وقوله: [فدى لكل مرة رفض إحرامه أو لا].
إذا نوى الشخص أن يخرج من عمرته أو نوى أن يخرج من حجه فلا تؤثر فيه هذه النية، فبعض العوام مثلاً: إذا جاء في رمضان وهو محرم بالعمرة فرأى الزحام لبس ثيابه ورجع إلى بلده، فلا يزال محرماً، ويكون طيلة هذه الأيام -وهو رافض لإحرامه لابس لثوبه- محرم عليه ما على المحرم سواء بسواء، فمعنى الرفض: أن يقول: لا أريد أن أكمل عمرتي.
ويلبس ثيابه، فتقول: هو محرم حتى وإن كرر المحظور مائة مرة، فإن فعل جميع المحظورات فيلزمه أن يفدي عن كل محظور بفديته، فالرفض لا يؤثر، والدليل على أن رفضه لا يؤثر، قوله تعالى: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } [البقرة:196]، فإذا شرع بعمرة أو بحج فإن الله يخاطبه بالإتمام، فإذا قال: خرجت من عمرتي فخروجه وجوده وعدمه على حد سواء؛ لأنه لا يخرج من عمرته ولا بحجه إلا بإتمام نسكه أو إذا كان محصراً فبهديه على الصفة الشرعية، وعلى هذا تقول: لو أنه لبس ثيابه فجامع امرأته فسد حجه وفسدت عمرته، فيمضي في فاسد الحج والعمرة، ثم يرجع إلى الإحرام مرة ثانية، ويمضي في فاسد الحج والعمرة، وتطالبه بضمان ما كان منه من إخلال.
لو أنه -مثلاً- في يوم من رمضان أحرم بالعمرة فجاء فوجد الزحام فلبس ثوبه وتطيب وغطى رأسه وقتل الصيد، تقول: هو لازال محرماً، ويلزمه جزاء الصيد، ويلزمه فدية لتغطية رأسه ولطيبه وللبس مخيطه.
فمعنى رفضه للإحرام: أن يلبس ثيابه ويقول: لا أريد العمرة، أو يلبس ثيابه ويقول: لا أريد أن أتم الحج.
فهو محرم بالحج والعمرة حتى يتمهما على الوجه الذي أمر الله عز وجل.
حكم ارتكاب أحد محظورات الإحرام نسياناً
وقوله: [ويسقط بنسيان فدية لبس وطيب وتغطية رأس].
لأنه يمكن فيه التدارك، فلو أن إنساناً غطى رأسه وهو محرم ناسياً ثم تذكر وأزال الغطاء فلا شيء عليه، ولو تطيب ثم تذكر فغسل مباشرة فلا شيء عليه، ولو لبس ثوباً ثم تذكر فأزاله فلا شيء عليه؛ لأن محظور لبس المخيط وتغطية الرأس والطيب يمكن تدارك الخطأ فيه، ولكن لو قلم أظفاره وقص شعره وجامع امرأته ناسياً فإن الناسي والمتعمد سواء؛ لأن هذا القص للأظفار لا يمكن أن يعيد ظفره، وإذا قص شعره أو حلقه فلا يمكن أن يتدارك الإخلال، فالفرق بين ما يسقط بنسيان وما لا يسقط: أنه إذا كان مما يمكن التدارك فيه سقطت الفدية إذا تدارك، وأما إذا كان مما لا يمكن التدارك فيه لزمته الفدية متعمداً كان أو ناسياً.
وقوله: [ويسقط بنسيان الفدية لبس وطيب وتغطية رأس دون وطء].
ذكرنا أن الوطء لا يمكن تداركه، وهكذا لو قلم أظفاره أو قص شعره أو حلقه، فما لا يمكن التدارك فيه يستوي فيه العمد والنسيان ويلزم فيه بالضمان.
وقوله: [دون وطء وصيد وتقليم وحلق].
فالصيد إذا قتل لا يمكن أن تعاد الحياة له، وأما إذا غطى رأسه ولبس المخيط وتطيب فإنه يمكنه أن يزيل هذا الترفه، وحينئذٍ فرق بين الناسي في هذه الأشياء التي هي المحظورات التي يمكن التدارك فيها، وبين ما وقع فيه الإخلال فاستوى فيه عمده وخطؤه؛ لأن الله حينما أمر بضمان قتل الصيد قال: { وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا } [المائدة:95] فخرج مخرج الغالب؛ لأن الصيد في الغالب إنما يقصد؛ لأنه يحتاج إلى تنبه واحتياط، فالغالب أن الإنسان يقتله قاصداً، وإذا خرج النص مخرج الغالب لم يعتبر مفهومه، فيستوي حينئذٍ أن يكون متعمداً أو يكون مخطئاً؛ لأن هذا الصيد حرم الله قتله كما حرم قتل الآدمي، ولذلك إذا قتل الآدمي بالخطأ لزمه أن يعتق الرقبة بدلاً عن هذا الذي قتله، فكما أن الآدمي إذا قتله لزمه أن يضمن حق الله -مع أن الحق لله عز وجل- فلزمه أن يعتق الرقبة، فإذا لم يجد صام شهرين متتابعين مع أنه مخطئ، قال العلماء: هذا أصل من باب الحكم الوضعي لا من باب الحكم التكليفي.
وهناك فرق بين الأحكام الوضعية والأحكام التكليفية، فالحكم الوضعي: هو الذي يلتفت فيه إلى الأسباب، فالشرع أوجب على المكلف أن يضمن هذا الصيد الذي قتله في حال إحرامه بغض النظر عن كونه قاصداً أو غير قاصد، كما أنه يضمن خطأه بقتل الآدمي بالخطأ مع أنه غير قاصد، فالقاتل للآدمي بالخطأ غير قاصد لقتله، ومع ذلك ترتب عليه حقان: حق لله عز وجل وحق للآدمي، فحق الآدمي بالدية، وحق الله عز وجل بعتق الرقبة، ثم إذا لم يجد صام شهرين متتابعين، قالوا: كما أنه ضمن هنا حق الله عز وجل من باب الأسباب، كأن الشرع أقامه سبباً وعلامة على الضمان بغض النظر عن القصد، فحينئذٍ يستوي أن يكون متعمداً لقتل الصيد أو غير متعمد له.
هذا وجه من قال من العلماء -رحمة الله عليهم- وهو مذهب الجمهور: أن قتل الصيد يستوي فيه المتعمد والناسي من باب الأحكام الوضعية، وباب الأحكام الوضعية لا يرد عليه أن يقال: إن الناسي غير مؤاخذ؛ لأن الله تعالى يقول: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا } [البقرة:286] فنحن نقول في قتل الصيد خطأ لا إثم عليه؛ لأن الله لا يؤاخذ الناسي، لكنه يضمن هذا الحق؟ كما لو نسي ففوت حق الله عز وجل بقصه لأظفاره وحلقه لشعره، فإنه حينئذٍ يلزمه أن يفتدي؛ لأنه مما لا يمكن التدارك فيه.
يقول بعض العلماء مما يقوي هذا المسلك، وهو ضمان حق الله عز وجل مع وجود العذر: أنك إذا تأملت حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه وأرضاه فإن كعب بن عجرة كان مريضاً ومحتاجاً إلى حلق شعر رأسه، ومع ذلك أُلزم بالفدية أداء الحق لله عز وجل، فأصبح كأن مسلك الشرع أن الإخلالات التي يفوت بها من قص الأظفار أو حلق الشعر أو قصه أو نتفه كأنه في هذه الحالة مطالب بضمان حق الله، بغض النظر عن كونه معذوراً أو غير معذور، فلما نص على وجوب الفدية للمعذور المريض مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لـ كعب : ( ما كنت أظن أن يبلغ بك الجهد ما أرى ) فلو سقط حق الله في هذا لسقط في المريض؛ لأن المريض يفعل هذا المحظور بدون اختياره، وكأنه مكره عليه، ومع ذلك ألزمه الشرع بالضمان، قالوا: في هذا دليل على أن الحق يضمن لله عز وجل التفاتاً إلى الأسباب، والأسباب لا يلتفت فيها إلى القصد من باب الحكم الوضعي.
الآن الرجل لو قال لامرأته وهو يمزح معها: أنت طالق.
فإنها تطلق عليه: ( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتاق ) مع أنه لم يقصد الطلاق، قالوا: من باب الحكم الوضعي، كأن الشرع جعل التلفظ بالطلاق موجباً للطلاق بغض النظر عن كونه قاصداً أو غير قاصد.
وهذا المسلك يختاره الإمام الشاطبي -رحمه الله- ويقرره في كتابه النفيس "الموافقات" في باب المقاصد، تكلم على هذه المسألة، وهو: أن الشرع قد يلزم المكلف بإلزامات من باب الأحكام الوضعية.
ولذلك لما ورد الاعتراض في كتاب المقاصد على قاعدة (الأمور بمقاصدها) قيل لهم: إن الهازل إذا طلق غير قاصد، وأنتم تقولون: الأمور بمقاصدها.
فيقال له: هذا من باب الحكم الوضعي لا من باب الحكم التكليفي، فقوله تعالى: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة:286] هذا في التكليفات من جهة كونه يأثم أو لا يأثم، نقول: إذا أخطأ لا يأثم؛ لأن الله عز وجل أسقط عن المخطئ الإثم: { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } [الأحزاب:5] هذا الحكم التكليفي، لكن الحكم الوضعي: أنه إذا أخل بشيء من حق الله عز وجل لزمه ضمانه.
فالمجنون مرفوع عنه القلم تكليفاً، لكن لو أتلف مال الغير ألزمناه في ماله بالضمان، ونلزم وليه بالضمان من باب الحكم الوضعي لا من باب الحكم التكليفي، فهذا باب الضمانات، فلما كانت الفدية في باب الضمانات قالوا: لا يلتفت فيها إلى قاصد ولا غيره، فلو أنه قصر شعره أو حلقه أو نتفه فإنه قد أخل، والشرع ألزمه أن يبقي حالته وهيئته على ما هي عليه، فإذا أخل بهذا الشرعي فإننا نسقط عنه الإثم بالنسيان، ولكننا نطالبه في حق الله بالضمان، ولذلك نقول: حقوق الله تضمن، وكونها لله لا يقتضي إلغاؤها أو التساهل فيها، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( فدين الله أحق أن يقضى ) فجعل دين الله أحق من دين الآدمي، إلا أن حقوق الله في أبواب دلت النصوص على أنها أخف والمسامحة فيها أوسع، وهذا شأن الفقيه أن ينظر إلى ما وسع الشرع فيه فيوسع، وإلى ما ضيق الشرع فيه فيضيق فيه.
تخصيص مساكين الحرم بالهدي والإطعام والفدية ونحوها
[وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم].
يلزمه في هدي التمتع، وإذا كان الهدي على الإنسان لازماً أن يكون لمساكين الحرم؛ لأن الله سبحانه وتعالى شرف أهل مكة وسكان الحرم بأن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، وجعله حرماً تجبى إليه ثمرات كل شيء رزقاً من الله عز وجل، فخص به أهل الحرم؛ ولذلك قال: { هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ } [المائدة:95] وجعل في شرع الله عز وجل مما يتقرب إليه، وهذه سنة أضاعها الناس إلا من رحم الله، وهي: سنة الإهداء للبيت، أن يهدي الإنسان إلى البيت الإبل أو البقر أو الغنم، فكان الناس إلى عهد قريب يهدون إلى البيت، فالإهداء إلى البيت أن تنحر بمكة وتكون طعمة للمساكين، وهذه هي التي عظم الله أمرها: { لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ } [المائدة:2] فجعلها مما لها حرمة، وهذا كله تشريف من الله عز وجل لأهل الحرم، فالمساكين -مساكين الحرم وفقراء الحرم- أحق بهذا الهدي، ولا يصرف إلى غيرهم إلا بعد سد حاجتهم، حتى على القول بجواز أن يطعم بها في الآفاق فإنه لا يجوز إخراجها من الحرم إلا بعد أن تُسد حاجة فقراء الحرم؛ وذلك لأن الله عز وجل أطعمهم بهذه الطعمة من فوق سبع سماوات فهم أحق وأولى، وإلا ما فائدة أن يبعث بالهدي إلى مكة، وقد كانوا في القديم يذبحونه بمكة ويكون فيه سد لعوز الفقراء والضعفاء والمساكين بالحرم، ولا يعقل أن يترك الفقراء والضعفاء بالحرم ويصرف لغيرهم، ولذلك ينبغي أن يكون طعمة للمساكين والفقراء وهم أولى بها؛ لأن الله عز وجل خصهم بهذا.
فيكون في حدود الحرم، وقال بعض العلماء: يجوز أن يخرج عن حدود الحرم كأن يأخذ -مثلاً- كتف الشاة ويشرقها ناوياً أن يعطيها لمسكين من جيرانه، قالوا: لا حرج أن يشرقها ويعطيها لمسكين من جيرانه، أو أناس ضعفاء يعرفهم خارج حدود الحرم، قالوا: لا حرج عليه في ذلك.
وقوله: [وكل هدي أو إطعام فلمساكين الحرم وفدية الأذى واللبس ونحوهما].
قد ذكرنا هذه المسألة: الإطعام الذي يكون في مكة كإطعام الفدية يكون بمكة وغيرها، وأما بالنسبة لجزاء الصيد فإن عِدله -وهو الإطعام- للعلماء فيه وجهان: منهم من خصه بالحرم وهو أوجَه؛ لأنه بدل عن المثلي الذي يكون هدياً بالغ الكعبة، فيكون البدل آخذاً حكم مبدله، فلابد وأن يكون لفقراء الحرم كما ذكرنا.
دم الإحصار حيث وجد سببه
وقوله: [ودم الإحصار حيث وجد سببه].
إن أحصر قبل مكة بأيام فيذبح في الموضع الذي أحصر فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في الحديبية، وتحلل صلوات الله وسلامه عليه وتحلل أصحابه، ولم يبعث به إلى الحرم، وهذا خلاف ما قاله بعض العلماء من أنه يلزمه أن يبعث به إلى الحرم.
وقوله: [ويجزئ الصوم بكل مكان].
ويجزئه أن يصوم في أي مكان ولا حرج عليه في ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى أطلق، وما أطلقه الشرع يبقى على إطلاقه، فيقال في الصوم: إنه يجوز أن يكون في مكة وفي غيرها؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يجعله مختصاً بمكة دون غيرها .
مقدار الدم الذي يجب في الفدية
وقوله: [والدم: شاة أو سبع بدنة، وتجزئ عنها بقرة].
(والدم) أي: ما وجب على المكلف فهو شاة، وهذه الشاة يشترط فيها أن تكون قد بلغت السن المعتبر للأضحية، فلا يجزي أقل من الثني، ويجزئ الجذع من الضأن وهو ما له أكثر الحول كستة أشهر فما فوق، وأما بالنسبة للإبل فإن سبع البدنة يجزئ عما تجزئ عنه الشاة، سواء كان الدم واجباً في تمتع، أو كان بسبب إحلال لواجب، وهو الذي يسميه العلماء رحمهم الله: بدم الجبران، كشخص أحرم دون الميقات فإذا قال العلماء رحمهم الله عليه: (دم) فالدم شاة.
فقول المصنف رحمه الله: (والدم شاة) أي: اعلم رحمك الله أنك لو سمعت العلماء يقولون: عليه دم، أو الواجب دم، فمرادهم بذلك الشاة التي بلغت السن المعتبر وسلمت من العيوب.
وقوله: (سبع بدنة) فالبدنة تجزئ عن سبع شياه، وقد ذكرنا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حجة الوداع، وأن البدنة كانت تجزئ عن سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا جماهير أهل العلم رحمهم الله: أن السبعة لو اشتركوا في بدنة فإنها تجزي عن الدماء الواجبة عليهم، فلو كان على كل واحد منهم إخلال؛ كأن يكون الجميع قد تركوا الإحرام من الميقات وأحرموا من دون الميقات ووجب عليهم الدم فاشتركوا في بدنة واحدة أجزأت عنهم جميعاً، فكل سبع يجزئ عن واحد، وهكذا الحال لو اشتركوا في أضحية فجمعوا أموالهم واشتروا بها بدنة فإنها تجزئ عن السبعة، وهكذا البقرة فإنها تجزئ عما تجزئ عنه البدنة.
وعلى ذلك وردت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ضحى عن نسائه بالبقر، وجمهور العلماء رحمهم الله: على أن البقرة تنزل منزلة البدنة، وعليه: فإنه يجوز الاشتراك في البقر كما يجوز الاشتراك في الإبل، وأما الشاة فإنها لا تجزئ إلا عن واحد، إلا في الأضحية فإن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته كما في الخبر الصحيح: (إن كانت الشاة لتجزئ عن الرجل وأهل بيته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله وصحبه أجمعين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 37.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 37.32 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]