
25-10-2022, 05:10 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة :
|
|
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله

كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الرابع
الحلقة (187)
صــــــــــ 299 الى صـــــــــــ313
في الذمي إذا اتجر في غير بلده .
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : إذا اتجر الذمي في بلاد الإسلام إلى أفق من الآفاق في السنة مرارا لم يؤخذ منه إلا مرة واحدة كما لا تؤخذ منه الجزية إلا مرة واحدة وقد ذكر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه أمر فيما ظهر من أموالهم وأموال المسلمين أن يؤخذ منهم شيء وقته وأمر أن يكتب لهم براءة إلى مثله من الحول ولولا أن عمر أخذه منهم ما أخذنا منهم فهو يشبه أن يكون أخذه إياه منهم على أصل صلح أنهم إذا اتجروا أخذ منهم ولم يبلغنا أنه أخذ من أحد في سنة مرتين ولا أكثر فلما كانت الجزية في كل سنة مرة كان ينبغي أن يكون هذا عندنا في كل سنة مرة إلا أن يكونوا صولحوا عند الفتح على أكثر من ذلك فيكون لنا أن نأخذ منهم ما صولحوا عليه ولسنا نعلمهم صولحوا على أكثر ويؤخذ منهم كما أخذ عمر رضي الله تعالى عنه من المسلمين ربع العشر ومن أهل الذمة نصف العشر ومن أهل الحرب العشر اتباعا له على ما أخذه لا نخالفه .
نصارى العرب .
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أكيدر الغساني وكان نصرانيا عربيا على الجزية وصالح نصارى نجران على الجزية وفيهم عرب وعجم وصالح ذمة اليمن على الجزية وفيهم عرب وعجم واختلفت الأخبار عن عمر في نصارى العرب من تنوخ وبهراء وبني تغلب فروى عنه أنه صالحهم على أن تضاعف عليهم الصدقة ولا يكرهوا على غير دينهم ولا يصبغوا أولادهم في النصرانية وعلمنا أنه كان يأخذ جزيتهم نعما ثم روى أنه قال بعد ما نصارى العرب بأهل كتاب أخبرنا إبراهيم بن محمد عن عبد الله بن دينار عن سعد الفلجة أو ابنه عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما أنا بتاركهم حتى يسلموا أو أضرب أعناقهم .
( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى فأرى للإمام أن يأخذ منهم الجزية لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من النصارى من العرب كما وصفت وأما ذبائحهم فلا أحب أكلها خبرا عن عمر وعن علي بن أبي طالب وقد نأخذ الجزية من المجوس ولا نأكل ذبائحهم فلو كان من حل لنا أخذ الجزية منه حل لنا أكل ذبيحته أكلنا ذبيحة المجوس ولا ننكر إذا كان في أهل الكتاب حكمان وكان أحد صنفيهم تحل ذبيحته ونساؤه والصنف الثاني من المجوس لا تحل لنا ذبيحته ولا نساؤه والجزية تحل منهما معا أن يكون هكذا في نصارى العرب فيحل أخذ الجزية منهم ولا تحل ذبائحهم والذي يروى من حديث ابن عباس [ ص: 300 ] رضي الله تعالى عنهما في إحلال ذبائحهم إنما هو من حديث عكرمة أخبرنيه ابن الدراوردي وابن أبي يحيى عن ثور الديلمي عن عكرمة عن ابن عباس أنه سأل عن ذبائح نصارى العرب فقال قولا حكئا هو إحلالها وتلا { ومن يتولهم منكم فإنه منهم } ولكن صاحبنا سكت عن اسم عكرمة وثور لم يلق ابن عباس والله أعلم .
الصدقة .
( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق الشيباني عن رجل أن عمر رضي الله تعالى عنه صالح نصارى بني تغلب على أن لا يصبغوه أبناءهم ولا يكرهوا على غير دينهم وأن تضاعف عليهم الصدقة ( قال الشافعي ) : وهكذا حفظ أهل المغازي وساقوه أحسن من هذا السياق فقالوا : رامهم على الجزية فقالوا : نحن عرب ولا نؤدي ما تؤدي العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله تعالى عنه : لا . هذا فرض على المسلمين فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن ضعف عليهم الصدقة ( قال الشافعي ) : ولا أعلمه فرض على أحد من نصارى العرب ولا يهودها الذين صالح والذين صالح بناحية الشام والجزيرة إلا هذا الفرض فأرى إذا عقد لهم هذا أن يؤخذ منهم عليه وأرى للإمام في كل دهر إن امتنعوا أن يقتصر عليهم بما قبل منهم فإن قبلوا أخذه وإن امتنعوا جاهدهم عليه وقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية على أهل اليمن دينارا على كل حالم ، والحالم المحتلم ، وكذلك يؤخذ منهم وفيهم عرب وصالح نصارى نجران على كسوة تؤخذ منهم وكذلك تؤخذ منهم وفي هذا دلالتان إحداهما أن تؤخذ الجزية على ما صالحوا عليه والأخرى أنه ليس لما صالحوا عليه وقت إلا ما تراضوا عليه كائنا ما كان وإذا ضعفت عليهم الصدقة فانظر إلى مواشيهم وأطعمتهم وذهبهم وورقهم وما أصابوا من معادن بلادهم وركازها كل ما أخذت فيه من مسلم خمسا فخذ منهم خمسين وعشرا فخذ منهم عشرين ونصف عشر فخذ منهم عشرا وربع عشر فخذ منهم نصف عشر وعددا من الماشية فخذ منهم ضعف ذلك العدد ثم هكذا صدقاتهم لا تختلف ولا تؤخذ منهم من أموالهم حتى يكون لأحدهم من النصف من المال ما لو كان لمسلم وجب فيه الزكاة فإذا كان ذلك ضعف عليهم الزكاة وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الجزية عن النساء والصغار لأنه إذا قال : خذ من كل حالم دينارا فقد دل على أنه وضع عمن دون الحالم ودل على أنه لا يؤخذ من النساء ولا يؤخذ من نصارى بني تغلب وغيرهم ممن معهم من العرب لأنه لا يؤخذ ذلك منهم على الصدقة وإنما يؤخذ منهم على الجزية وإن نحي عنهم من اسمها ولا يكرهون على دين غير دينهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من أكيدر دومة وهو عربي وأخذها من عرب اليمن ونجران وأخذها الخلفاء بعده منهم وأخذها منهم على أن لا يأكلوا ذبائحهم لأنهم ليسوا من أهل الكتاب أخبرنا الثقة سفيان أو عبد الوهاب أو هما عن أيوب عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني قال : قال علي رضي الله تعالى عنه " لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب فإنهم لم يتمسكوا من نصرانيتهم أو من دينهم إلا بشرب الخمر " [ شك الشافعي ] ( قال الشافعي ) : وإنما تركنا [ ص: 301 ] أن نجبرهم على الإسلام أو نضرب أعناقهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من نصارى العرب وأن عثمان وعمر وعليا قد أقروهم وإن كان عمر قد قال هكذا وكذلك لا يحل لنا نكاح نسائهم لأن الله تبارك وتعالى إنما أحل لنا من أهل الكتاب الذين عليهم نزل وجميع ما أخذ من ذمي عربي وغيره فمسلكه مسلك الفيء وقال : ما اتجر به نصارى العرب وأهل ذمتهم فإن كانوا يهودا فسواء تضاعف عليهم فيه الصدقة وما اتجر به نصارى بني إسرائيل الذين هم أهل الكتاب فقد روى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فيهم أنه أخذ منهم في بعض تجاراتهم العشر وفي بعضها نصف العشر وهذا عندنا من عمر أنه صالحهم عليه كما صالحهم على الجزية المسماة ولست أعرف الذين صالحهم على ذلك من الذين لم يصالحهم فعلى إمام المسلمين أن يفرق الكتب في الآفاق ويحكي لهم ما صنع عمر فإنه لا يدري من صنع به ذلك منهم دون غيره فإن رضوا به أخذه منهم وإن لم يرضوا به جدد بينه وبينهم صلحا فيه كما يجدد فيمن ابتدأ صلحه ممن دخل في الجزية اليوم وإن صالحوا على أن يؤدوا في كل سنة مرة من غير بلدانهم فكذلك وإن صالحوا أن نأخذ منهم كلما اختلفوا وإن اختلفوا في السنة مرارا فذلك وكذلك ينبغي لإمام المسلمين أن يجدد بينه وبينهم في الضيافة صلحا ( مع أهل الذمة ) فإنه روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه جعل عليهم ضيافة ثلاثة أيام وروي عنه أنه جعل ضيافة يوم وليلة فإذا جدد عليهم الصلح في الضيافة جدد بأمر بين أن يضيف الرجل الموسر كذا والوسط كذا ولا يضيف الفقير ولا الصبي ولا المرأة وإن كانا غنيين لأنه لا تؤخذ منهم الجزية والضيافة صنف منها وسمى أن يطعموهم خبز كذا بأدم كذا ويعلفوا دوابهم من التبن كذا ومن الشعير كذا حتى يعرف الرجل عدد ما عليه إذا نزل به ليس أن ينزل به العساكر فيكلف ضيافتهم ولا يحتملها وهي مجحفة به وكذلك يسمي أن ينزلهم من منازلهم الكنائس أو فضول منازلهم أو هما معا .
( قال الشافعي ) : حيثما زرع النصراني من نصارى العرب ضعف عليه الصدقة كما وصفت وحيثما زرع النصراني الإسرائيلي لم يكن عليه في زرعه شيء وإنما الخراج كراء الأرض كما لو تكارى أرضا من رجل فزرعها أدى الكراء والعشر والنصراني من نصارى العرب إذا زرع الخراج ضعفت عليه العشر وأخذت منه الخراج وإذا قدم المستأمن من أرض الحرب فكان على النصرانية أو المجوسية أو اليهودية فنكح وزرع فلا خراج عليه ويقال له : إن أردت المقام فصالحنا على أن تؤدي الجزية وجزيته على ما صالح عليه وإن أبى الصلح أخرج وإن غفل عنه سنة أو سنين فلا خراج عليه ولا يجب عليه الخراج إلا بصلحه ونمنعه الزرع إلا بأن يؤدي عنه ما صالح عليه وإن غفل حتى يصرمه لم يؤخذ منه شيء وإن كان المستأمن وثنيا لم يترك حتى يقيم في دار الإسلام سنة ولم تؤخذ منه جزية وإن غفل عنه حتى زرع سنة أو أكثر دفع إليه وأخرج وإن كانت المرأة مستأمنة فتزوجت في بلاد الإسلام ثم أرادت الرجوع إلى بلاد الحرب فذلك إلى زوجها إن شاء أن يدعها تركها وإن شاء أن يحبسها حبسناها له بسلطان الزوج على حبس امرأته لا يغير ذلك ومتى طلقها أو مات عنها فلها أن ترجع فإن كان لها منه ولد فليس لها أن تخرج أولاده إلى دار الحرب لأن ذمتهم ذمة أبيهم ولها أن تخرج بنفسها وإذا أبق العبد إلى بلاد العدو ثم ظهر عليهم أو أغار العدو على بلاد الإسلام فسبوا عبيدا وظهر عليهم المسلمون فاقتسموا العبيد أو لم يقتسموا فسادتهم أحق بهم بلا قيمة ولا يكون العدو يملكون على مسلم شيئا إذا لم يملك المسلم بالغلبة فالمشرك الذي هو خول للمسلم إذا قدر عليه أولى أن لا يملك على مسلم ولا يعدو المشركون فيما غلبوا عليه أن يكونوا مالكين لهم كملكهم لأموالهم فإذا كان هذا هكذا ملكوا الحر وأم الولد والمكاتب وما سوى ذلك من الرقيق والأموال ثم لم يكن لسيد واحد من هؤلاء أن [ ص: 302 ] يأخذه قبل القسمة بلا قيمة ولا بعد القسمة بقيمة كما لا يكون له أن يأخذ سائر أموال العدو أو لا يكون ملك العدو ملكا فيكون كل امرئ على أصل ملكه ومن قال : لا يملك العدو الحر ولا المكاتب ولا أم الولد ولا المدبرة وهو يملك ما سواهن فهو يتحكم ثم يزعم أنهم يملكون ملكا محالا فيقول : يملكونه وإن ظهر عليهم المسلمون فأدركه سيده قبل القسم فهو له بلا شيء وإن كان بعد القسم فهو له إن شاء بالقيمة فهؤلاء ملكوه فإن قال قائل : فهل فيما ذكرت حجة لمن قاله ؟ قيل : لا إلا شيء يروى لا يثبت مثله عند أهل الحديث عن عمر رضي الله تعالى عنه فإن قال : فهل لك حجة بأنهم لا يملكون بحال ؟ قلنا : المعقول فيه ما وصفنا وإنما الحجة على من خالفنا ولنا فيه حجة بما لا ينبغي خلافه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة وهو يروى عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، أخبرنا سفيان وعبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه { أن قوما أغاروا فأصابوا امرأة من الأنصار وناقة للنبي صلى الله عليه وسلم فكانت المرأة والناقة عندهم ثم انفلتت المرأة فركبت الناقة فأتت المدينة فعرفت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني نذرت لئن نجاني الله عليها لأنحرنها فمنعوها أن تنحرها حتى يذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال بئسما جزيتها إن نجاك الله عليها ثم تنحريها لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم } وقالا معا أو أحدهما في الحديث وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته ( قال الشافعي ) : فقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته بعدما أحرزها المشركون وأحرزتها الأنصارية على المشركين ولو كانت الأنصارية أحرزت عليهم شيئا ليس لمالك كان لها في قولنا أربعة أخماسه وخمسه لأهل الخمس وفي قول غيرنا كان لها ما أحرزت لا خمس فيه وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تملك ماله وأخذ ماله بلا قيمة أخبرنا الثقة عن مخرمة بن بكير عن أبيه لا أحفظ عمن رواه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال فيما أحرز العدو من أموال المسلمين مما غلبوا عليه أو أبق إليهم ثم أحرزه المسلمون مالكوه أحق به قبل القسم وبعده فإن اقتسم فلصاحبه أخذه من يدي من صار في سهمه وعوض الذي صار في سهمه قيمته من خمس الخمس وهكذا حر إن اقتسم ثم قامت البينة على حريته .
في الأمان .
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم } قال : فإذا أمن مسلم بالغ حر أو عبد يقاتل أو لا يقاتل أو امرأة فالأمان جائز وإذا أمن من دون البالغين والمعتوه قاتلوا أو لم يقاتلوا لم نجز أمانهم وكذلك إن أمن ذمي قاتل أو لم يقاتل لم نجز أمانه وإن أمن واحد من هؤلاء فخرجوا إلينا بأمان فعلينا ردهم إلى مأمنهم ولا نعرض لهم في مال ولا نفس من قبل أنهم ليسوا يفرقون بين من في عسكرنا ممن يجوز أمانه ولا يجوز وننبذ إليهم فنقاتلهم وإذا أشار إليهم المسلم بشيء يرونه أمانا فقال أمنتهم بالإشارة فهو أمان فإن قال : لم أؤمنهم بها فالقول قوله وإن مات قبل أن يقول شيئا فليسوا بآمنين إلا أن يجدد لهم الوالي أمانا وعلى الوالي إذا مات قبل أن يبين أو قال وهو حي لم أؤمنهم أن يردهم إلى مأمنهم وينبذ إليهم قال الله تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله } وقال الله عز وجل في غير [ ص: 303 ] أهل الكتاب : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } فحقن الله دماء من لم يدن دين أهل الكتاب من المشركين بالإيمان لا غيره وحقن دماء من دان دين أهل الكتاب بالإيمان أو إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون والصغار أن يجري عليهم الحكم لا أعرف منهم خارجا من هذا من الرجال { وقتل يوم حنين دريد بن الصمة ابن مائة وخمسين سنة في شجار لا يستطيع الجلوس فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر قتله } ولا أعرف في الرهبان خلاف أن يسلموا أو يؤدوا الجزية أو يقتلوا ورهبان الديارات والصوامع والمساكن سواء ولا أعرف ما يثبت عن أبي بكر رضي الله عنه خلاف هذا ولو كان يثبت لكان يشبه أن يكون أمرهم بالجد على قتال من يقاتلهم وأن لا يتشاغلوا بالمقام على صوامع هؤلاء كما يؤمرون أن لا يقيموا على الحصون وأن يسيحوا لأنها تشغلهم وأن يسيحوا لأن ذلك أنكى للعدو وليس أن قتال أهل الحصون محرم عليهم وذلك أن مباحا لهم أن يتركوا ولا يقتلوا كان التشاغل بقتال من يقاتلهم أولى بهم وكما يروى عنه أنه نهى عن قطع الشجر المثمر ولعله لا يرى بأسا بقطع الشجر المثمر لأنه قد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع الشجر المثمر على بني النضير وأهل خيبر والطائف وحضره يترك وعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وعد بفتح الشام فأمرهم بترك قطعه لتبقى لهم منفعته إذ كان واسعا لهم ترك قطعه وتسبى نساء الديارات وصبيانهم وتؤخذ أموالهم ( قال الشافعي ) : ويقتل الفلاحون والأجراء والشيوخ الكبار حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية . .
المسلم أو الحربي يدفع إليه الحربي مالا وديعة .
( قال الشافعي ) رضي الله عنه : وأموال أهل الحرب مالان : فمال يغصبون عليه ويتمول عليهم فسواء من غصبه عليهم من مسلم أو حربي منهم أو من غيرهم وإذا أسلموا معا أو بعضهم قبل بعض لم يكن على الغاصب لهم أن يرد عليهم من ذلك شيئا لأن أموالهم كانت مباحة غير ممنوعة بإسلامهم ولا ذمتهم ولا أمان لهم ولا لأموالهم من خاص ولا عام ، ومال له أمان وما كان من المال له أمان فليس للذي أمن صاحبه عليه أن يأخذه منه بحال وعليه أن يرده فلو أن رجلا من أهل الحرب أودع مسلما أو حربيا في دار الحرب أو في بلاد الإسلام وديعة وأبضع منه بضاعة فخرج المسلم من بلاد الحرب إلى بلاد الإسلام أو الحربي فأسلم كان عليهما معا أن يؤديا إلى الحربي ماله كما يكون علينا لو أمناه على ماله أن لا نعرض لماله الوديعة إذا أودعنا أو أبضع معنا فذلك أمان منه لنا ومثل أمانه على ماله أو أكثر وهكذا الدين .
في الأمة يسبيها العدو .
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : في الأمة للمسلم يسبيها العدو فيطؤها رجل منهم فتلد له أولادا ويولد لأولادها أولاد فيتناتجون ثم يظهر عليهم المسلمون فإنه يأخذها سيدها وأولادها الذين ولدتهم من [ ص: 304 ] الرجال والنساء وننظر إلى أولاد أولادها فنأخذ بني بناتها ولا نأخذ بني بنيها من قبل أن الرق إنما يكون بالأم لا بالأب كما ينكح الحر الأمة فيكون ولده رقيقا وكما ينكح العبد الحرة فيكون ولده كلهم أحرارا .
في العلج يدل على القلعة على أن له جارية سماها .
( قال الشافعي ) : رضي الله عنه في علج دل قوما من المسلمين على قلعة على أن يعطوه جارية سماها فلما انتهوا إلى القلعة صالح صاحب القلعة على أن يفتحها لهم ويخلوا بينه وبين أهله ففعل فإذا أهله تلك الجارية فأرى أن يقال للدليل إن رضيت العوض عوضناك قيمتها وإن لم ترض العوض فقد أعطينا ما صالحناك عليه غيرك فإن رضي العوض أعطيه وتم الصلح وإن لم يرض العوض قيل لصاحب القلعة : قد صالحنا هذا على شيء صالحناك عليه بجهالة منا به فإن سلمت إليه عوضناك منه وإن لم تسلمه إليه نبذنا إليك وقاتلناك وإن كانت الجارية قد أسلمت قبل أن يظفر بها فلا سبيل إليها ويعطى قيمتها وإن ماتت عوض منها بالقيمة ولا يبين في الموت كما يبين إذا أسلمت
في الأسير يكره على الكفر .
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : في الأسير يكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان : لا تبين منه امرأته وإن تكلم بالشرك ولا يحرم ميراثه من المسلمين ولا يحرمون ميراثهم منه إذا علم أنه إنما قال ذلك مكرها وعلمهم ذلك أن يقول قبل قوله أو مع قوله أو بعد قوله : إني إنما قلت ذلك مكرها ، وكذلك ما أكرهوا عليه من غير ضر أحد من أكل لحم الخنزير أو دخول كنيسة ففعل وسعه ذلك وأكره له أن يشرب الخمر لأنها تمنعه من الصلاة ومعرفة الله إذا سكر ولا يبين أن ذلك محرم عليه وإذا وضع عنه الشرك بالكره وضع عنه ما دونه مما لا يضر أحدا ولو أكرهوه على أن يقتل مسلما لم يكن له أن يقتله .
( قال الشافعي ) : رضي الله عنه في رجل أسر فتنصر وله امرأة فمر به قوم من المسلمين فأشرف عليهم وهو في الحصن فقال : إنما تنصرت بلساني وأنا أصلي إذا خلوت فهذا مكره ولا تبين منه امرأته .
النصراني يسلم في وسط السنة .
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : إذا أسلم الذمي قبل حلول وقت الجزية سقطت عنه وإن أسلم بعد حلولها فهي عليه .
( قال الشافعي ) : رضي الله عنه كل من خالف الإسلام من أهل الصوامع وغيرهم ممن دان دين أهل الكتاب فلا بد من السيف أو الجزية .
( قال الشافعي ) رحمه الله : كل شيء بيع وفيه فضة مثل السيف والمنطقة والقدح والخاتم والسرج فلا يباع حتى تخلع الفضة فتباع الفضة بالفضة ويباع السيف على حدة ويباع ما كان عليه من فضة بالذهب ولا يباع بالفضة . .
[ ص: 305 ] الزكاة في الحلية من السيف وغيره .
( قال الشافعي ) رضي الله عنه : الخاتم يكون للرجل من فضة والحلية للسيف لا زكاة عليه في واحد منهما في قول من رأى أن لا زكاة في الحلي وإن كانت الحلية لمصحف أو كان الخاتم لرجل من ذهب لم تسقط عنه الزكاة ولولا أنه روى أن النبي صلى الله عليه وسلم تختم بخاتم فضة وأنه كان في سيفه حلية فضة ما جاز أن يترك الزكاة فيه من رأى أن لا زكاة في الحلي لأن الحلي للنساء لا للرجال .
العبد يأبق إلى أرض الحرب .
( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى : وإذا أبق العبد إلى بلاد العدو كافرا كان أو مسلما سواء لأنه على ملك سيده وأنه لسيده قبل المقاسم وبعدها وإن كان مسلما فارتد فكذلك غير أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل .
في السبي .
( قال الشافعي ) رضي الله عنه : وإذا سبي النساء والرجال والولدان ثم أخرجوا إلى دار الإسلام فلا بأس ببيع الرجال من أهل الحرب وأهل الصلح والمسلمين قد فادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسرى فرجعوا إلى مكة وهم كانوا عدوه وقاتلوه بعد فدائهم ومن عليهم وقاتلوه بعد المن عليهم وفدى رجلا برجلين فكذلك لا بأس ببيع السبي البوالغ من أهل الحرب والصلح ومن كان من الولدان مع أحد أبويه فلا بأس أن يباع من أهل الحرب والصلح ولا يصلى عليه إن مات قد باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي بني قريظة من أهل الحرب والصلح فبعث بهم أثلاثا ، ثلثا إلى نجد وثلثا إلى تهامة وهؤلاء مشركون أهل أوثان وثلثا إلى الشام وأولئك مشركون فيهم الوثني وغير الوثني وفيهم الولدان مع أمهاتهم ولم أعلم منهم أحدا كان خليا من أمه فإذا كان مولود خليا من أمه لم أر أن يباع إلا من مسلم وسواء كان السبي من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب لأن بني قريظة كانوا أهل كتاب ومن وصفت أن النبي صلى الله عليه وسلم من عليهم كانوا من أهل الأوثان وقد من على بعض أهل الكتابين فلم يقتل ، وقتل أعمى من بني قريظة بعد الإسار وهذا يدل على قتل من لا يقاتل من الرجال البالغين إذا أبى الإسلام أو الجزية . قال : ويقتل الأسير بعد وضع الحرب أوزارها وقد قتل النبي صلى الله عليه وسلم بعد انقطاع الحرب بينه وبين من قتل في ذلك الأسر وكذلك يقتل كل مشرك بالغ إذا أبى الإسلام أو الجزية وإذا دعا الإمام الأسير إلى الإسلام فحسن وإن لم يدعه وقتله فلا بأس ، وإذا قتل الرجل الأسير قبل بلوغ الإمام وبعده في دار الحرب وبعد الخروج منها بغير أمر الإمام فقد أساء ولا عزم عليه من قبل أنه لما كان للإمام أن يرسله ويقتله ويفادي به كان حكمه غير حكم الأموال التي ليس للإمام إلا إعطاؤها من أوجف عليها ولكنه لو قتل طفلا أو امرأة عوقب وغرم أثمانهما ، ولو استهلك مالا غرم ثمنه ، وإذا سيق السبي فأبطئوا أوجفوا ولا محمل لهم بحال فإن شاءوا قتلوا الرجال وإن شاءوا تركوهم وكذلك إن خيفوا وليس لهم قتل النساء ولا الولدان بحال ولا قتل شيء من البهائم إلا ذبحا [ ص: 306 ] لمأكله لا غيره لا فرس ولا غيره ، فإن اتهم الإمام الذي يسوق السبي أحلفه ولا شيء عليه ، وإذا جنت الجارية من السبي جناية لم يكن للإمام أن يمنعها من المجني عليه ولا يفديها من مال الجيش وعليه أن يبيعها بالجناية فإن كان ثمنها أقل من الجناية أو مثلها دفعه إلى المجني عليه وإن كان أكثر فليست له الزيادة على أرش جنايته والزيادة لأهل العسكر ، وإن كان معها مولود صغير وولدت بعدما جنت وقبل تباع بيعت ومولودها وقسم الثمن عليهما فما أصابها كان للمجني عليه كما وصفت وما أصاب ولدها فلجماعة الجيش لأنه ليس للجاني قال : والبيع في أرض الحرب جائز فمن اشترى شيئا من المغنم ثم خرج فلقيه العدو فأخذوه منه فلا شيء له وكان ينبغي للوالي أن يبعث مع الناس من يحوطهم ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : يجزئ في الرقاب الواجبة المولود على الإسلام الصغير وولد الزنا والله أعلم .
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|