عرض مشاركة واحدة
  #190  
قديم 25-10-2022, 05:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله



كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل
محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي
المجلد الخامس

الحلقة (190)
صــــــــــ 11 الى صـــــــــــ17






وإن كانت لها أخت من أبيها تدين بدين أهل الكتاب لم تحل له بالملك لأن نسبها إلى أبيها وأبوها غير كتابي إنما أنظر فيما يحل من المشركات إلى نسب الأب وليس هذا كالمرأة يسلم أحد أبويها وهي صغيرة لأن [ ص: 10 ] الإسلام لا يشركه شرك والشرك يشرك الشرك ، والنسب إلى الأب وكذلك الدين له ما لم تبلغ الجارية ولو أن أختها بلغت ودانت دين أهل الكتاب وأبوها وثني أو مجوسي لم يحل وطؤها بملك اليمين كما لا يحل وطء وثنية انتقلت إلى دين أهل الكتاب لأن أصل دينها غير دين أهل الكتاب .
ولو نكح أمة كتابية ولها أخت حرة كتابية أو مسلمة ثم نكح أختها الحرة قبل أن يفرق بينه وبين الأمة الكتابية كان نكاح الحرة المسلمة أو الكتابية جائزا لأنه حلال لا يفسده الأمة الكتابية التي هي أخت المنكوحة بعدها لأن نكاح الأولى غير نكاح ولو وطئها كان كذلك لأن الوطء في نكاح مفسوخ حكمه أنه لا يحرم شيئا لأنها ليست بزوجة ولا ملك يمين فيحرم الجمع بينها وبين أختها .
قال ولو تزوج امرأة على أنها مسلمة فإذا هي كافرة يفسخ نكاحها ولو تزوج امرأة على أنها كتابية فإذا هي مسلمة لم يكن له فسخ النكاح لأنها خير من كتابية ولو تزوج امرأة ولم يخبر أنها مسلمة ولا كتابية فإذا هي كتابية وقال إنما نكحتها على أنها مسلمة فالقول قوله وله الخيار وعليه اليمين ما نكحها وهو يعلمها كتابية .
ما جاء في منع إماء المسلمين

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى { ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } إلى قوله { ذلك لمن خشي العنت } الآية ( قال الشافعي ) ففي هذه الآية والله تعالى أعلم دلالة على أن المخاطبين بهذا الأحرار دون المماليك فأما المملوك فلا بأس أن ينكح الأمة لأنه غير واجد طولا لحرة ولا أمة فإن قال قائل ما دل على أن هذا على الأحرار ولهم دون المماليك ؟ قيل الواجدون للطول المالكون للمال والمملوك لا يملك مالا بحال ويشبه أن لا يخاطب بأن يقال إن لم يجد مالا من يعلم أنه لا يملك مالا بحال إنما يملك أبدا لغيره . قال ولا يحل نكاح الأمة إلا كما وصفت في أصل نكاحهن إلا بأن لا يجد الرجل الحر بصداق أمة طولا لحرة وبأن يخاف العنت والعنت الزنا فإذا اجتمع أن لا يجد طولا لحرة وأن يخاف الزنا حل له نكاح الأمة وإن انفرد فيه أحدهما لم يحلل له وذلك أن يكون لا يجد طولا لحرة وهو لا يخاف العنت أو يخاف العنت وهو يجد طولا لحرة إنما رخص له في خوف العنت على الضرورة ألا ترى أنه لو عشق امرأة وثنية يخاف أن يزني بها لم يكن له أن ينكحها ؟ ولو كان عنده أربع نسوة فعشق خامسة لم يحل له نكاحها إذا تم الأربع عنده أو كانت له امرأة فعشق أختها لم يحلل له أن ينكحها ما كانت عنده أختها وكذلك ما حرم عليه من النكاح من أي الوجوه حرم لم أرخص له في نكاح ما يحرم عليه خوف العنت لأنه لا ضرورة عليه يحل له بها النكاح ولا ضرورة في موضع لذة يحل بها المحرم إنما الضرورة في الأبدان التي تحيا من الموت وتمنع من ألم العذاب عليها وأما اللذات فلا يعطاها أحد بغير ما تحل به فإن قال قائل فهل قال هذا غيرك ؟ قيل الكتاب كاف إن شاء الله تعالى فيه من قول غيري وقد قاله غيري أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال أخبرني ابن طاوس عن أبيه قال لا يحل نكاح الحر الأمة وهو يجد بصداقها حرة قلت يخاف الزنا قال ما علمته يحل أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال سأل عطاء أبا الشعثاء وأنا أسمع عن نكاح الأمة ما تقول فيه ؟ أجائز هو ؟ فقال لا يصلح اليوم نكاح الإماء ( قال [ ص: 11 ] الشافعي ) والطول هو الصداق ولست أعلم أحدا من الناس يجد ما يحل له به أمة إلا وهو يجد به حرة فإن كان هذا هكذا لم يحل نكاح الأمة لحر وإن لم يكن هذا هكذا فجمع رجل حر الأمرين حل له نكاح الأمة وإذا ملك الرجل عقدة الأمة بنكاح صحيح ثم أيسر قبل الدخول أو بعده فسواء والاختيار له في فراقها ولا يلزمه فراقها بحال أبدا بلغ يسره ما شاء أن يبلغ لأن أصل العقد كان صحيحا يوم وقع فلا يحرم بحادث بعده ولا يكون له أن ينكح أمة على أمة وذلك أنه إذا كانت عنده أمة فهو في غير معنى ضرورة وكذلك لا ينكح أمة على حرة فإن نكح أمة على أمة أو حرة فالنكاح مفسوخ .
قال ولو ابتدأ نكاح أمتين معا كان نكاحهما مفسوخا بلا طلاق ويبتدئ نكاح أيتهما شاء إذا كان ممن له نكاح الإماء كما يكون هكذا في الأختين يعقد عليهما معا والمرأة وعمتها وإن نكح الأمة في الحال التي قلت لا يجوز له فالنكاح مفسوخ ولا صداق لها إلا بأن يصيبها فيكون لها الصداق بما استحل من فرجها ولا تحلها إصابته إذا كان نكاحه فاسدا لزوج غيره لو طلقها ثلاثا ولو نكحها وهو يجد طولا فلم يفسخ نكاحها حتى لا يجده فسخ نكاحها لأن أصله كان فاسدا ويبتدئ نكاحها إن شاء ولو نكحها ولا زوجة له فقال نكحتها ولا أجد طولا لحرة فولدت له أو لم تلد إذا قال نكحتها ولا أجد طولا لحرة كان القول قوله ولو وجد موسرا لأنه قد يعسر ثم يوسر إلا أن تقوم بينة بأنه حين عقد عقدة نكاحها كان واجدا لأن ينكح حرة فيفسخ نكاحه قبل الدخول وبعده وإن نكح أمة ثم قال نكحتها وأنا أجد طولا لحرة أو لا أخاف العنت .

فإن صدقه مولاها فالنكاح مفسوخ ولا مهر عليه إن لم يكن أصابها فإن أصابها فعليه مهر مثلها ، وإن كذبه فالنكاح مفسوخ بإقراره بأنه كان مفسوخا ولا يصدق على المهر فإن لم يكن دخل بها فلها نصف ما سمى لها وإن راجعها بعد جعلتها في الحكم تطليقة وفيما بينه وبين الله فسخا بلا طلاق وقد قال غيرنا يصدق ولا شيء عليه إن لم يصبها .
قال وإن نكح أمة نكاحا صحيحا ثم أيسر فله أن ينكح عليها حرة وحرائر حتى يكمل أربعا ولا يكون نكاح الحرة ولا الحرائر عليها طلاقا لها ولا لهن ، ولا لواحدة منهن خيار ، كن علمن أن تحته أمة أو لم يعلمن ، لأن عقد نكاحها كان حلالا فلم يحرم بأن يوسر فإن قال قائل فقد تحرم الميتة وتحلها الضرورة فإذا وجد صاحبها عنها غنى حرمتها عليه قيل إن الميتة محرمة بكل حال وعلى كل أحد بكل وجه مالكها وغير مالكها ، وغير حلال الثمن إلا أن أكلها يحل في الضرورة والأمة حلال بالملك وحلال بنكاح العبد وحلال النكاح للحر بمعنى دون معنى ولا تشبه الميتة المحرمة بكل حال إلا في حال الموت ولا يشبه المأكول الجماع وكل الفروج ممنوعة من كل أحد بكل حال إلا بما أحل به من نكاح أو ملك فإذا حل لم يحرم إلا بإحداث شيء يحرم به ليس الغنى منه ولا يجوز أن يكون الفرج حلالا في حال حراما بعده بيسير وإنما حرمنا نكاح المتعة مع الاتباع لئلا يكون الفرج حلالا في حال حراما في آخر .

الفرج لا يحل إلا بأن يحل على الأبد ما لم يحدث فيه شيء يحرمه ليس الغنى عنه مما يحرمه فإن قال قائل فالتيمم يحل في حال الإعواز والسفر فإذا وجد الماء قبل أن يصلي بالتيمم بطل التيمم ؟ .

قلت التيمم ليس بالفرض المؤدي فرض الصلاة والصلاة لا تؤدى إلا بنفسها وعلى المصلي أن يصلي بطهور ماء وإذا لم يجده تيمم وصلى فإن وجد الماء بعد التيمم وقبل الصلاة توضأ لأنه لم يدخل في الفرض ولم يؤده ، وإذا صلى أو دخل في الصلاة ثم وجد الماء لم تنقض صلاته ولم يعد لها وتوضأ لصلاة بعدها وهكذا الناكح الأمة لو أراد نكاحها وأجيب إليه وجلس له فلم ينكحها ثم أيسر قبل أن يعقد نكاحها لم يكن له نكاحها وإن عقد نكاحها ثم أيسر لم تحرم عليه كما كان المصلي إذا دخل بالتيمم ثم وجد الماء لم تحرم الصلاة عليه بل نكاح الأمة في أكثر من حال الداخل في [ ص: 12 ] الصلاة الداخل في الصلاة لم يكملها والناكح الأمة قد أكمل جميع نكاحها وإكمال نكاحها يحلها له على الأبد كما وصفت قال ويقسم للحرة يومين وللأمة يوما وكذلك كل حرة معه مسلمة وكتابية يوفيهن القسم سواء على يومين لكل واحدة ويوما للأمة فإن شاء جعل ذلك يومين يومين وإن شاء يوما يوما ثم دار على الحرائر يومين يومين ثم أتى الأمة يوما فإن عتقت في ذلك اليوم فدار إلى الحرة أو إلى الحرائر قسم بينهن وبينها يوما يوما بدأ في ذلك بالأمة قبل الحرائر أو بالحرائر قبل الأمة لأنه لم يقسم لهن يومين يومين حتى صارت الأمة من الحرائر التي لها ما لهن معا وإنما يلزم الزوج أن يقسم للأمة ما خلى المولى بينه وبينها في يومها وليلتها فإذا فعل فعليه القسم لها وللمولى إخراجها في غير يومها وليلتها وإن أخرجها المولى في يومها وليلتها فقد أبطل حقها ويقسم لغيرها قسم من لا امرأة عنده وهكذا الحرة تخرج بغير إذن زوجها يبطل حقها في الأيام التي خرجت فيها وكل زوجة لم تكمل فيها الحرية فقسمها قسم الأمة وذلك أم الولد تنكح والمكاتبة والمدبرة والمعتق بعضها وليس للمكاتبة الامتناع من زوجها في يومها وليلتها ولا لزوجها منعها للطلب بالكتابة .

ولو حللت الأمة زوجها من يومها وليلتها ولم يحلله السيد حل له ولو حلله السيد ولم تحلله لم يحل له لأنه حق لها دون السيد ، ولو وضع السيد نفقتها عنه حل له لأنه مال له دونها وعلى سيدها أن ينفق عليها إذا وضع نفقتها عن الزوج ولو وضعت هي نفقتها عن الزوج لم يحل له إلا بإذن السيد لأنه مال السيد . .
نكاح المحدثين

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } إلى { المؤمنين } ( قال الشافعي ) اختلف في تفسير هذه الآية فقيل نزلت في بغايا كانت لهن رايات وكن غير محصنات فأراد بعض المسلمين نكاحهن فنزلت هذه الآية بتحريم أن ينكحن إلا من أعلن بمثل ما أعلن به أو مشركا وقيل كن زواني مشركات فنزلت لا ينكحهن إلا زان مثلهن مشرك أو مشركة وإن لم يكن زانيا " وحرم ذلك على المؤمنين " وقيل غير هذا وقيل هي عامة ولكنها نسخت أخبرنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب في قوله { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة } قال هي منسوخة نسختها { وأنكحوا الأيامى منكم } فهي من أيامى المسلمين .

( قال الشافعي ) فوجدنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في زانية وزان من المسلمين لم نعلمه حرم على واحد منهما أن ينكح غير زانية ولا زان ولا حرم واحدا منهما على زوجه فقد أتاه ماعز بن مالك وأقر عنده بالزنا مرارا لم يأمره في واحدة منها أن يجتنب زوجة له إن كانت ولا زوجته أن تجتنبه ولو كان الزنا يحرمه على زوجته أشبه أن يقول له إن كانت لك زوجة حرمت عليك أو لم تكن لم يكن لك أن تنكح ولم نعلمه أمره بذلك ولا أن لا ينكح ولا غيره أن لا ينكحه إلا زانية وقد ذكر له رجل أن امرأة زنت وزوجها حاضر فلم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيما علمنا زوجها باجتنابها وأمر أنيسا أن يغدو عليها فإن اعترفت رجمها وقد جلد ابن الأعرابي في الزنا مائة وغربه عاما ولم ينهه علمنا أن ينكح ولا أحدا أن ينكحه إلا زانية وقد رفع الرجل الذي قذف امرأته إليه أمر امرأته وقذفها برجل وانتفى من حملها فلم يأمره باجتنابها حتى لاعن بينهما وقد روي عنه { أن رجلا شكا إليه أن امرأته لا تدفع يد لامس فأمره أن يفارقها فقال له إني أحبها فأمره أن يستمتع بها } أخبرنا سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال { أتى رجل إلى رسول الله [ ص: 13 ] صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس فقال النبي صلى الله عليه وسلم فطلقها قال إني أحبها قال فأمسكها إذا } وقد حرم الله المشركات من أهل الأوثان على المؤمنين الزناة وغير الزناة أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه أن رجلا تزوج امرأة ولها ابنة من غيره وله ابن من غيرها ففجر الغلام بالجارية فظهر بها حمل فلما قدم عمر مكة رفع ذلك إليه فسألها فاعترفا فجلدهما عمر الحد وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام .
( قال الشافعي ) فالاختيار للرجل أن لا ينكح زانية وللمرأة أن لا تنكح زانيا فإن فعلا فليس ذلك بحرام على واحد منهما ليست معصية واحد منهما في نفسه تحرم عليه الحلال إذا أتاه قال وكذلك لو نكح امرأة لم يعلم أنها زنت فعلم قبل دخولها عليه أنها زنت قبل نكاحه أو بعده لم تحرم عليه ولم يكن له أخذ صداقه منها ولا فسخ نكاحها وكان له إن شاء أن يمسك وإن شاء أن يطلق وكذلك إن كان هو الذي وجدته قد زنى قبل أن ينكحها أو بعدما نكحها قبل الدخول أو بعده فلا خيار لها في فراقه وهي زوجته بحالها ولا تحرم عليه وسواء حد الزاني منهما أو لم يحد أو قامت عليه بينة أو اعترف لا يحرم زنا واحد منهما ولا زناهما ولا معصية من المعاصي الحلال إلا أن يختلف ديناهما بشرك وإيمان .
لا نكاح إلا بولي

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن } إلى { بالمعروف } وقال عز وجل { الرجال قوامون على النساء } الآية وقال في الإماء { فانكحوهن بإذن أهلهن } ( قال الشافعي ) زعم بعض أهل العلم بالقرآن أن معقل بن يسار كان زوج أختا له ابن عم له فطلقها ثم أراد الزوج وأرادت نكاحه بعد مضي عدتها فأبى معقل وقال زوجتك وآثرتك على غيرك فطلقتها لا أزوجكها أبدا فنزل { وإذا طلقتم } يعني الأزواج النساء { فبلغن أجلهن } يعني فانقضى أجلهن يعني عدتهن { فلا تعضلوهن } يعني أولياءهن { أن ينكحن أزواجهن } إن طلقوهن ولم يبتوا طلاقهن وما أشبه معنى ما قالوا من هذا بما قالوا ولا أعلم الآية تحتمل غيره لأنه إنما يؤمر بأن لا يعضل المرأة من له سبب إلى العضل بأن يكون يتم به نكاحها من الأولياء والزوج إذا طلقها فانقضت عدتها فليس بسبيل منها فيعضلها وإن لم تنقض عدتها فقد يحرم عليها أن تنكح غيره وهو لا يعضلها عن نفسه وهذا أبين ما في القرآن من أن للولي مع المرأة في نفسها حقا وأن على الولي أن لا يعضلها إذا رضيت أن تنكح بالمعروف .

( قال الشافعي ) وجاءت السنة بمثل معنى كتاب الله عز وجل أخبرنا مسلم وسعيد وعبد المجيد عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن أصابها فلها الصداق بما استحل من فرجها } .

وقال بعضهم في الحديث فإن اشتجروا وقال غيره منهم فإن اختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له أخبرنا مسلم وسعيد عن ابن جريج قال أخبرني عكرمة بن خالد قال جمعت الطريق ركبا فيهم امرأة ثيب فولت رجلا منهم أمرها فزوجها رجلا فجلد عمر بن الخطاب الناكح ورد نكاحها أخبرنا ابن عيينة عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن معبد بن عمير أن عمر رضي الله عنه رد نكاح امرأة نكحت بغير ولي أخبرنا مسلم وعبد المجيد عن ابن جريج قال قال عمرو بن دينار نكحت امرأة من [ ص: 14 ] بني بكر بن كنانة يقال لها بنت أبي ثمامة عمر بن عبد الله بن مضرس فكتب علقمة بن علقمة العتواري إلى عمر بن عبد العزيز وهو بالمدينة إني وليها وإنها نكحت بغير أمري فرده عمر وقد أصابها ( قال الشافعي ) فأي امرأة نكحت بغير إذن وليها فلا نكاح لها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال { فنكاحها باطل } .

وإن أصابها فلها صداق مثلها بما أصاب منها بما قضى لها به النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أن الصداق يجب في كل نكاح فاسد بالمسيس وأن لا يرجع به الزوج على من غره لأنه إذا كان لها وقد غرته من نفسها لم يكن له أن يرجع به عليها وهو لها وهو لو كان يرجع به فكانت الغارة له من نفسها بطل عنها ولا يرجع زوج أبدا بصداق على من غره امرأة كانت أو غير امرأة إذا أصابها قال وفي هذا دليل على أن على السلطان إذا اشتجروا أن ينظر فإن كان الولي عاضلا أمره بالتزويج فإن زوج فحق أداه وإن لم يزوج فحق منعه وعلى السلطان أن يزوج أو يوكل وليا غيره فيزوج والولي عاص بالعضل لقول الله عز وجل { فلا تعضلوهن } وإن ذكر شيئا نظر فيه السلطان فإن رآها تدعو إلى كفاءة لم يكن له منعها وإن دعاها الولي إلى خير منه وإن دعت إلى غير كفاءة لم يكن له تزويجها والولي لا يرضى به وإنما العضل أن تدعو إلى مثلها أو فوقها فيمتنع الولي . .
اجتماع الولاة وافتراقهم

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا ولاية لأحد مع أب فإذا مات فالجد أبو الأب فإذا مات فالجد أبو الجد لأن كلهم أب وكذلك الآباء وذلك أن المزوجة من الآباء وليست من الإخوة والولاية غير المواريث ولا ولاية لأحد من الأجداد دونه أب أقرب إلى المزوجة منه فإذا لم يكن آباء فلا ولاية لأحد مع الإخوة وإذا اجتمع الإخوة فبنو الأب والأم أولى من بني الأب فإذا لم يكن بنو أم وأب فبنو الأب أولى من غيرهم ولا ولاية لبني الأم ولا لجد أبي أم إن لم يكن عصبة لأن الولاية للعصبة فإن كانوا بني عم ولا أقرب منهم كانت لهم الولاية بأنهم عصبة وإن كان معهم مثلهم من العصبة كانوا أولى لأنهم أقرب بأم وإذا لم يكن إخوة لأب وأم ولا أب وكان بنو أخ وأم وبنو أخ لأب فبنو الأخ للأب والأم أولى من بني الأخ للأب وإن كان بنو أخ لأب وبنو أخ لأم فبنو الأخ للأب أولى ولا ولاية لبني الأخ للأم بحال إلا أن يكونوا عصبة قال وإذا تسفل بنو الأخ فأنسبهم إلى المزوجة فأيهم كان أقعد بها وإن كان ابن أب فهو أولى لأن قرابة الأقعد أقرب من قرابة أم غير ولدها أقعد منه وإذا استووا فكان فيهم ابن أب وأم فهو أولى بقربه مع المساواة قال وإن حرم النسب بقرابة الأم كان بنو بني الأخ وإن تسفلوا وبنو عم دنية فبنو بني الأخ وإن تسفلوا أولى لأنهم يجمعهم وإياها أب قبل بني العم وهكذا إن كان بنو أخ وعمومة فبنو الأخ أولى وإن تسفلوا لأن العمومة غير آباء فيكونون أولى لأن المزوجة من الأب فإذا انتهت الأبوة فأقرب الناس بالمزوجة أولاهم بها وبنو أخيها أقرب بها من عمومتها لأنه يجمعهم وإياها أب دون الأب الذي يجمعها بالعمومة .

وإذا لم يكن بنو الأخ وكانوا بني عم فكان فيهم بنو عم لأب وأم وبنو عم لأب فاستووا فبنو العم للأب والأم أولى وإن كان بنو العم للأب أقعد فهم أولى ، وإذا لم يكن لها قرابة من قبل الأب وكان لها أوصياء لم يكن الأوصياء ولاة نكاح ولا ولاة ميراث وهكذا إن كان لها قرابة من قبل أمها أو بني أخواتها لا ولاية للقرابة في النكاح إلا من قبل الأب .

وإن كان [ ص: 15 ] للمزوجة ولد أو ولد ولد فلا ولاية لهم فيها بحال إلا أن يكونوا عصبة فتكون لهم الولاية بالعصبة ألا ترى أنهم لا يعقلون عنها ولا ينتسبون من قبيلها إنما قبيلها نسبها من قبل أبيها أو لا ترى أن بني الأم لا يكونون ولاة نكاح فإذا كانت الولاية لا تكون بالأم إذا انفردت فهكذا ولدها لا يكونون ولاة لها وإذا كان ولدها عصبة وكان مع ولدها عصبة أقرب منهم هم أولى منهم فالعصبة أولى وإن تساوى العصبة في قرابتهم بها من قبل الأب فهم أولى كما يكون بنو الأم والأب أولى من بني الأب وإن استووا فالولد أولى . .
ولاية المولى

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا يكون الرجل وليا بولاء وللمزوجة نسب من قبل أبيها يعرف ولا للأخوال ولاية بحال أبدا إلا أن يكونوا عصبة فإذا لم يكن للمرأة عصبة ولها موال فمواليها أولياؤها ولا ولاء إلا لمعتق ثم أقرب الناس بمعتقها وليها كما يكون أقرب الناس به ولي ولد المعتق لها قال واجتماع الولاة من أهل الولاء في ولاية المزوجة كاجتماعهم في النسب ( قال الشافعي ) ولا يختلفون في ذلك ( قال الشافعي ) ولو زوجها مولى نعمة ولا يعلم لها قريبا من قبل أبيها ثم علم كان النكاح مفسوخا ، لأنه غير ولي كما لو زوجها ولي قرابة يعلم أقرب منه كان النكاح مفسوخا . .
مغيب بعض الولاة

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا ولاية لأحد بنسب ولا ولاء وأولى منه حي غائبا كان أو حاضرا بعيد الغيبة منقطعها مؤيسا منه مفقودا أو غير مفقود وقريبها مرجو الإياب غائبا وإذا كان الولي حاضرا فامتنع من التزويج فلا يزوجها الولي الذي يليه في القرابة ولا يزوجها إلا السلطان الذي يجوز حكمه فإذا رفع ذلك إلى السلطان فحق عليه أن يسأل عن الولي فإن كان غائبا سأل عن الخاطب فإن رضي به أحضر أقرب الولاة بها وأهل المحرم من أهلها وقال هل تنقمون شيئا ؟ فإن ذكروه نظر فيه فإن كان كفئا ورضيته أمرهم بتزويجه فإن لم يفعلوا زوجه وإن لم يأمرهم وزوجه فجائز وإن كان الولي حاضرا فامتنع من أن يزوجها من رضيت صنع ذلك به وإن كان الولي الذي لا أقرب منه حاضرا فوكل قام وكيله مقامه وجاز تزويجه كما يجوز إذا وكله بتزويج رجل بعينه فزوجه أو وكله أن يزوج من رأى فزوجه كفئا ترضى المرأة به بعينه فإن زوج غير كفء لم يجز وكان هذا منه تعديا مردودا ، كما يرد تعدي الوكلاء . .
من لا يكون وليا من ذي القرابة

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : ولا يكون الرجل وليا لامرأة بنتا كانت أو أختا أو بنت عم أو امرأة هو أقرب الناس إليها نسبا أو ولاء حتى يكون الولي حرا مسلما رشيدا يعقل موضع الحظ وتكون المرأة مسلمة ولا يكون المسلم وليا لكافرة وإن كانت بنته ولا ولاية له على كافرة إلا أمته فإن ما صار لها [ ص: 16 ] بالنكاح ملك له . قال ولا يكون الكافر وليا لمسلمة وإن كانت بنته ، قد زوج ابن سعيد بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وأبو سفيان حي لأنها كانت مسلمة وابن سعيد مسلم لا أعلم مسلما أقرب بها منه ولم يكن لأبي سفيان فيها ولاية لأن الله تبارك وتعالى قطع الولاية بين المسلمين والمشركين والمواريث والعقل وغير ذلك قال : فيجوز تزويج الحاكم المسلم الكافرة لأنه بحكم لا ولاية إذا حاكمت إليه ولا يكون إذا كان بالغا مسلما وليا إن كان سفيها موليا عليه أو غير عالم بموضع الحظ لنفسه ومن زوجه إذا كان هذا لا يكون وليا لنفسه يزوجها كان أن يكون وليا لغيره أبعد .

وإن لم يكن هذا وليا للسفه أو ضعف العقل فكذلك المعتوه والمجنون الذي لا يفيق بل هما أبعد من أن يكونا وليين : قال ومن خرج من الولاية بأحد هذه المعاني حتى لا يكون وليا بحال فالولي أقرب الناس به ممن يفارق هذه الحال وهذا كمن لم يكن وكمن مات ولا ولاية له ما كان بهذه الحال ، فإذا صلحت حاله صار وليا ، لأن الحال التي منع بها الولاية قد ذهبت . .
الأكفاء

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : لا أعلم في أن للولاة أمرا مع المرأة في نفسها شيئا جعل لهم أبين من أن لا تزوج إلا كفؤا ، فإن قيل يحتمل أن يكون لئلا يزوج إلا نكاحا صحيحا . قيل قد يحتمل ذلك أيضا ولكنه لما كان الولاة لو زوجوها غير نكاح صحيح لم يجز كان هذا ضعيفا لا يشبه أن يكون له جعل للولاة معها أمر فأما الصداق فهي أولى به من الولاة ولو وهبته جاز ولا معنى له أولى به من أن لا يزوج إلا كفؤا بل لا أحسبه يحتمل أن يكون جعل لهم أمر مع المرأة في نفسها إلا لئلا تنكح إلا كفؤا ( قال الشافعي ) إذا اجتمع الولاة فكانوا شرعا فأيهم صلح أن يكون وليا بحال فهو كأفضلهم وسواء المسن منهم والكهل والشاب والفاضل والذي دونه إذا صلح أن يكون وليا فأيهم زوجها بإذنها كفؤا جاز وإن سخط ذلك من بقي من الولاة وأيهم زوج بإذنها غير كفؤ فلا يثبت النكاح إلا باجتماعهم عليه : وكذلك لو اجتمعت جماعتهم على تزويج غير كفء وانفرد أحدهم كان النكاح مردودا بكل حال حتى تجتمع الولاة معا على إنكاحه قبل إنكاحه فيكون حقا لهم تركوه .

وإن كان الولي أقرب ممن دونه فزوج غير كفء بإذنها فليس لمن بقي من الأولياء الذي هو أولى منهم رده لأنه لا ولاية لهم معه قال : وليس نكاح غير الكفء محرما فأرده بكل حال إنما هو نقص على المزوجة والولاة فإذا رضيت المزوجة ومن له الأمر معها بالنقص لم أرده .
قال : وإذا زوج الولي الواحد كفؤا بأمر المرأة المالك لأمرها بأقل من مهر مثلها لم يكن لمن بقي من الولاة رد النكاح ولا أن يقوموا عليه حتى يكملوا لها مهر مثلها لأنه ليس في نقص المهر نقص نسب إنما هو نقص المال ونقص المال ليس عليها ولا عليهم فيه نقص حسب وهي أولى بالمال منهم وإذا رضي الولي الذي لا أقرب منه بإنكاح رجل غير كفء فأنكحه بإذن المرأة والولاة الذين هم شرع ثم أراد الولي المزوج والولاة رده لم يكن لهم بعد رضاهم وتزويجهم إياه برضا المرأة ، وإن كانوا زوجوها بأمرها بأقل من صداق مثلها وكانت لا يجوز أمرها في مالها فلها تمام صداق مثلها لأن النكاح لا يرد فهو كالبيوع المستهلكة كما لو باعت وهي محجورة بيعا فاستهلك وقد غبنت فيه لزم مشتريه قيمته ، قال وإذا كانت المرأة محجورا عليها مالها فسواء من حابى في صداقها أب أو غيره لا [ ص: 17 ] تجوز المحاباة ويلحق بصداق مثلها ولا يرد النكاح دخلت أو لم تدخل وإن طلقت قبل ذلك أخذ لها نصف صداق مثلها . .
ما جاء في تشاح الولاة ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا كان الولاة شرعا فأراد بعضهم أن يلي التزويج دون بعض فذلك إلى المرأة تولي أيهم شاءت فإن قالت قد أذنت في فلان فأي ولاتي أنكحنيه فنكاحه جائز فأيهم أنكحها فنكاحه جائز فإن ابتدره اثنان فزوجاها فنكاحها جائز وإن تمانعوا أقرع بينهم السلطان فأيهم خرج سهمه أمره بالتزويج وإن لم يترافعوا إلى السلطان عدل بينهم أمرهم فأيهم خرج سهمه زوج وإن تركوا الإقراع أو تركه السلطان لم أحبه لهم وأيهم زوج بإذنها جاز . .
إنكاح الوليين والوكالة في النكاح

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا ابن علية عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا أنكح الوليان فالأول أحق } قال وبين في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول أحق أن الحق لا يكون باطلا وأن نكاح الآخر باطل وأن الباطل لا يكون حقا بأن يكون الآخر دخل ولم يدخل الأول ولا يزيد الأول حقا لو كان هو الداخل قبل الآخر هو أحق بكل حال قال : وفيه دلالة على أن الوكالة في النكاح جائزة ولأنه لا يكون نكاح وليين متكافئا حتى يكون للأول منهما إلا بوكالة منها مع { توكيل النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري فزوجه أم حبيبة ابنة أبي سفيان } .
( قال الشافعي ) فأما إذا أذنت المرأة لولييها أن يزوجاها من رأيا وأمرها أحدهما في رجل فقالت زوجه وأمرها آخر في رجل فقالت زوجه فزوجاها معا رجلين مختلفين كفؤين . فأيهما زوج أولا فالأول الزوج الذي نكاحه ثابت وطلاقه وما بينه وبينها مما بين الزوجين لازم ونكاح الذي بعده ساقط دخل بها الآخر أو لم يدخل أو الأول أو لم يدخل لا يحق الدخول لأحد شيئا إنما يحقه أصل العقدة فإن أصابها آخرهما نكاحا فلها مهر مثلها إذا لم يصح عقدة النكاح لم تصح بشيء بعدها إلا بتجديد نكاح صحيح ، وإذا جاز للمرأة أن توكل وليين جاز للولي الذي لا أمر للمرأة معه أن يوكل وهذا للأب خاصة في البكر ولم يجز لولي غيره للمرأة معهم أمر أن يوكل أب في ثيب ولا ولي غير أب إلا بأن تأذن له أن يوكل بتزويجها فيجوز بإذنها . فلو أن رجلا خرج ووكل رجلا بتزويج ابنته البكر فزوجها الوكيل وهو فأيهما أنكح أولا فالنكاح نكاحه جائز والآخر باطل الوكيل أو الأب ، وإن دخل بها الآخر فلها المهر وعليها العدة والولد لاحق ولا ميراث لها منه ولو مات قبل أن يفرق بينهما ، ولا له منها لو ماتت ولزوجها الأول منها الميراث وعليه لها الصداق يحاسب به من ميراثه . وهكذا لو أذنت لوليين فزوجاها معا أو لولي أن يوكل فوكل وكيلا أو لوليين كذلك فوكلا وكيلين أي هذا كان فالتزويج الأول أحق ولو زوجها الوليان والوكلاء ثلاثة أو أربعة فالنكاح للأول إذا علم ببينة تقوم على وقت من الأوقات أنه فعل ذلك قبل صاحبه . .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 48.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.64 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.30%)]