عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 31-10-2022, 05:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,350
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التشاكل والتناص في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي

التشاكل والتناص في نماذج من شعر أبي العباس الجراوي
سليمان لمراني علوي






فهذا يتناص مع قوله تعالى: ﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ ﴾ [الرحمن: 31].

وفي قصيدة لأبي العباس الجراوي بعدما انتصر فيها يعقوب المنصور بالأندلس انتصارا باهرا يقول:
"رأى السبل شتى فاتقاعا تورعا ♦♦♦ وسار على المثلى فيسر لليسرى"[17]

هذا البيت الشعري يتناص مع قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 7].

هذا مما استخلصته من شعر أبي العباس الجراوي حول التناص الديني المتجسد في الاقتباسات والتناصات من القرآن الكريم.

أما بالنسبة للتناص الشعري فإذا أردنا الحديث عنه لا بد أن يتجسد من خلال استقراء مجموعة من الأشعار المتمثلة في شعر أبي العباس الجراوي بغية الوقوف عليها وكشف أشكال التوظيف فيها. حيث سأحاول الكشف عن تقنية توظيف النصوص الشعرية، وتوضيح آليات توظيفها في شعر أبي العباس الجراوي الذي وجد في الموروثات الشعرية السابقة على عصر الموحدين مادة خصبة تحمل طاقات هائلة، معبرة عن تجاربهم الذاتية والجماعية فانساقوا إليها طائعين ويحملون عبق الماضي والتاريخ وينسجون منه دلالاتهم لتحاكي لسان حالهم.
وهذا لا يمنع من وجود صعوبة واتخاذ الحذر وذلك في مدى قدرة الجراوي وهو يضمن شعره أشعار سواه على أن يجعل ذلك البيت المضمن جزءا من بنية قصيدته ومدى تمكنه كذلك من إيصال الدلالة إلى المتلقي الذي يفترض فيه الشاعر إحاطته بما ضمنه من أبيات غيره، وهذا التضمين يكون إما عن طريق التوظيف الكلي أو الجزئي أو المضموني.
إن هذا التناص الشعري يتضح من خلال قصيدة لأبي العباس الجراوي التي يهنئ فيها المنصور بالشفاء من وعكة أصابته إثر عودته من الأندلس إلى حضرة مراكش سنة 587هـ، من بحر البسيط وهي كالأتي:
"برء الإمام حياة الخلق كلهم
عمَ السُرور به و انثالت النعم

شكا فلا مقلة إلا أضر بها
سهد ولا قلب إلا شفَه ألم

تجهم الدهر لما أن شكا وبدا
ببرئه وهو طلق الوجه مبتسم

صحَت بصحته الآمال وانتعشت
وزاحت زحلا في أفقه الهمم

أفاض عدلا على الدنيا وألبسها
نورا فلم يبق لا ظلم ولا ظلم

وبث في كل إقليم هدى وندى
فليس يوجد لا جهل ولا عدم

لولا سياسته ما كان ملتئما
شعب ولا كانت الأسباب تنتظم

والله يختص أقواما برحمته
تجري بحكمته الأرزاق والقسم

حاط الإله لنصر الدين مهجته
وعوفيت تلكم الأخلاق والشيم"[18]



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 17.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 17.21 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.52%)]