
03-11-2022, 01:18 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,481
الدولة :
|
|
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (131)
صـ 355 إلى صـ 361
متحيز وحيز وقائم بالمتحيز، فتكون الموجودات سوى الله ثلاثة وهي محدثة عندهم. وهذا يناقض قولهم: إن ما سوى الله: إما متحيز، وإما قائم بمتحيز.
وأما اعتراض الطوسي عليه فإنه مني على أن التحيز هو المكان، وليس هذا هو المشهور عند المتكلمين، بل المشهور عندهم الفرق بينهما. وما ذكره من القولين في المكان هو نزاع بين المتفلسفة أصحاب أفلاطن وأصحاب أرسطو، فأولئك يقولون: هو جوهر قائم بنفسه تحل به الأجسام، وليس هذا قول كثير من المتكلمين، بل كل ما قام بنفسه فهو عندهم جسم، إذ الجوهر الذي له هو جسم، ليس عندهم جوهر قائم بنفسه غير هذين، ومن أثبت منهم جوهرا غير جسم فإنه محدث عندهم، لأن كل ما سوى الله فإنه محدث مسبوق بالعدم باتفاق أهل الملل، سواء قالوا بدوام الفاعلية وأنه لا يزال يحدث شيئا بعد شيء، أو لم يقولوا بدوام الفاعلية.
والمتكلمون الذين يقولون: كل ما سوى الله فهو جسم أو قائم بجسم قد يتناقضون، حيث يثبت أكثرهم الخلاء أمرا موجودا، ويقولون: إنه لا يتقدر بل يفرض فيه التقدير فرضا، وهذا الخلاء هو الجوهر الذي يثبته أفلاطن.
ولكن يمتنع عند أهل الملل أن يكون موجود قديم مع الله فإن الله خالق كل شيء، وكل مخلوق مسبوق بعدم نفسه، وإن قيل مع ذلك بدوام كونه خالقا، فخلقه شيئا بعد شيء دائما لا ينافي أن يكون كل ما
****************************
سواه مخلوقا محدثا كائنا (1) بعد أن لم يكن، ليس من الممكنات قديم بقدم الله تعالى مساويا له، بل هذا ممتنع بصرائح العقول مخالف لما أخبرت به الرسل عن الله، كما قد بسط في موضعه.
وأرسطو وأصحابه يقولون: إن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي الملاقي للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وهو عرض عند هؤلاء.
وقوله: " إنه بديهي الأينية (2) خفي الحقيقة " أي عند هؤلاء، وأما علماء المسلمين فليس عندهم - ولله الحمد - من ذلك ما هو خفي، بل لفظ " المكان " قد يراد به ما يكون الشيء فوقه محتاجا إليه، كما يكون الإنسان فوق السطح، ويراد به ما يكون الشيء فوقه من غير احتياج إليه، مثل كون السماء فوق الجو، وكون الملائكة فوق الأرض والهواء، وكون الطير فوق الأرض.
ومن هذا قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
تعالى علوا فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما (3) مع علم حسان وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله غني عن كل ما سواه، وما سواه من عرش وغيره محتاج إليه، وهو لا يحتاج إلى شيء، وقد أثبت له مكانا.
والسلف والصحابة، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع مثل
_________
(1) في الأصل: أن يكون كل ما سواه مخلوق محدث كائن.
(2) في الأصل: الأبنية، وسبق تصويب الكلمة عن " تلخيص المحصل ".
(3) لم أجد البيت في ديوان حسان المطبوع.
******************************
هذا ويقر عليه، كما أنشده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا
وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا (1) في قصته المشهورة التي ذكرها غير واحد من العلماء لما وطئ سريته ورأته امرأته فقامت إليه لتؤذيه فلم يقر بما فعل، فقالت ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يقرأ الجنب القرآن "؟» فأنشد هذه الأبيات فظنت أنه قرآن فسكتت وأخبر - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه.
وقد يراد بالمكان ما يكون محيطا بالشيء من جميع جوانبه ; فأما أن يراد بالمكان مجرد السطح الباطن، أو يراد به جوهر لا يحس بحال، فهذا قول هؤلاء المتفلسفة، ولا أعلم أحدا من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة المسلمين يريد ذلك بلفظ " المكان ". وذلك المعنى الذي أراده أرسطو بلفظ " المكان " عرض ثابت، لكن ليس هذا هو المراد بلفظ " المكان " في كلام علماء المسلمين وعامتهم، ولا في كلام جماهير الأمم: علمائهم وعامتهم. وأما ما أراده أفلاطن فجمهور العقلاء ينكرون وجوده في الخارج، وبسط هذه الأمور له موضع آخر.
وكذلك القول في تداخل الأجسام فيه نزاع معروف بين النظار. وقول الرازي في التداخل: " ذلك محال " هو موضع منع، مشهور ولكن لم يقل أحد من النظار: إن الجوهر في الحيز بمعنى التداخل، سواء فسر الحيز
_________
(1) الأبيات مروية في ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في " الاستيعاب " لابن عبد البر. ورويت أيضا فيه القصة التي قيلت الأبيات بسببها.
******************************
بالأمر العدمي كما هو المعروف عند أئمة الكلام، أو فسر بالمكان الوجودي الذي (هو) (1) سطح الحاوي، أو جوهر عقلي كما يقوله من يقوله من المتفلسفة (2) ، أو فسر الحيز بالمعنى اللغوي المعقول في مثل قوله: {أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] وهذا الحيز هو جسم يحوز المتحيز، ليس هو عدميا ولا عرضا، ولا يجوز الجوهر العقلي المتنازع في وجوده.
والمقصود أنه أي معنى أريد بلفظ الحيز فقول النظار: " إن الجوهر في الحيز ليس بمعنى التداخل المتنازع فيه وفي وجوده، فلهذا لم يحتج إلى ذكر الكلام في مسألة التداخل في هذا المقام] (3) .
[فصل التعليق على قوله وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره]
(فصل) وأما قوله (4) : " وأن (5) أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ".
فيقال: هذه مسألة كلام الله تعالى، والناس فيها مضطربون، وقد بلغوا فيها إلى تسعة (6) أقوال: [وعامة الكتب المصنفة في الكلام وأصول
_________
(1) بعد كلمة " الذي " توجد إشارة إلى الهامش، ولكن لا تظهر الكلمة الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون " هو ".
(2) بعد كلمة " المتفلسفة " كلمة كأنها " أمر " ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ.
(3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 349.
(4) سبق ورود كلام ابن المطهر الثاني في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء، ص [0 - 9] 9.
(5) ب، أ: فإن ; ع: إن ; والمثبت عن (ن) ، (م) وهو الذي في " منهاج الكرامة ".
(6) ب، أ: سبعة، وهو خطأ.
******************************
الدين لم يذكر أصحابها إلا بعض هذه الأقوال إذ لم يعرفوا غير ما ذكروه، فمنهم من يذكر قولين، ومنهم من يذكر ثلاثة، ومنهم من يذكر أربعة، ومنهم من يذكر خمسة، وأكثرهم لا يعرفون قول السلف] (1)
- أحدها: قول من يقول: إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض: إما من العقل الفعال عند بعضهم، وإما من غيره ; وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم [كابن سينا وأمثاله] (2) ، ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود. وفي كلام صاحب الكتب " المضنون بها على غير أهلها " (* بل " المضنون الكبير والمضنون الصغير " *) (3) ورسالة " مشكاة الأنوار " وأمثاله ما (4) قد يشار به إلى هذا، وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا، لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه (5) ، وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة (6) الأحاديث (7) النبوية.
وثانيها: قول من يقول: (* إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (8) . وهذا
_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ما بين النجمتين في (ع) وساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : " بل المضنون الصغير والكبير ".
(4) ع: مما.
(5) ع: ويخالفه تارة.
(6) ب، أ: ومطابقة.
(7) ع: الأخبار.
(8) م: من يقول إن كلام منفصلا عنه.
*********************************
قول هذا الإمامي وأمثاله من الرافضة المتأخرين والزيدية والمعتزلة والجهمية.
وثالثها: قول من يقول *) (1) : إنه (2) معنى واحد قديم قائم بذات الله هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية (3) كان توراة (4) ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري وغيره (5) .
ورابعها: قول من يقول: إنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام وأهل الحديث. ذكره الأشعري في " المقالات " عن طائفة (6) . وهو الذي يذكر عن السالمية ونحوهم. وهؤلاء قال طائفة منهم: إن تلك الأصوات القديمة هي الصوت
_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
(2) ب: بأنه.
(3) ب، أ، م: بالعبرانية.
(4) ع: إن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا.
(5) يقول الأشعري في المقالات 2/233: " قال عبد الله بن كلاب. . وإنه (القرآن) معنى واحد بالله عز وجل، وإن الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن، وإنه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو أو بعضه أو غيره، وإن العبارات عن كلام الله سبحانه تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير، كما أن ذكرنا لله عز وجل يختلف ويتغاير والمذكور لا يختلف ولا يتغاير، وإنما سمي كلام الله سبحانه عربيا لأن الرسم الذي هو العبارة عنه وهو قراءته عربي فسمي عربيا لعلة، وكذلك سمي عبرانيا لعلة، وهو أن الرسم الذي هو عبارة عنه عبراني، وكذلك سمي أمرا لعلة، وسمي نهيا لعلة، وخبرا لعلة، ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمي كلامه أمرا، وقبل وجود العلة التي لها سمي كلامه أمرا، وكذلك القول في تسمية كلامه نهيا وخبرا. . ".
(6) انظر " المقالات " 2/234.
***************************
المسموع (1) من القارئ (2) ، أو هي بعض الصوت (3) المسموع من القارئ، وأما جمهورهم مع جمهور العقلاء (4) فأنكروا ذلك، قالوا: هذا مخالف (5) لضرورة العقل.
وخامسها (6) : قول من يقول: إنه حروف وأصوات لكن تكلم به (7) بعد أن لم يكن متكلما، وكلامه حادث (8) في ذاته كما أن فعله حادث في ذاته بعد أن لم يكن متكلما ولا فاعلا. وهذا قول الكرامية وغيرهم، وهو (9) قول هشام بن الحكم وأمثاله من الشيعة. (* وهؤلاء منهم من يقول: هو حادث وليس بمحدث، ومنهم من يقول: بل هو محدث [أيضا] (10) . وقد ذكر القولين الأشعري عنهم في " المقالات " وذكر الخلاف بين أبي معاذ التومني وبين زهير الأثري (11) . والكرامية يقولون: حادث لا محدث *) (12) .
_________
(1) ن: المجموع المسموع.
(2) ب: النار، وهو تحريف.
(3) ن: أو هي نقر الأصوات، وهو تحريف ; م: أو هي بعض الأصوات.
(4) ع: وأما جمهور العقلاء.
(5) ب، ا: هذا مخالفة ; ن، م: هذه مخالفة.
(6) ب، ا: وخامسها وسادسها، وهو خطأ.
(7) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ب، ا: حادث به.
(9) ن، م: وأظنه.
(10) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) انظر " المقالات " 2/231 - 232. وسبقت ترجمة أبي معاذ التومني 1/422. وانظر عنه أيضا ما ذكره الأشعري في المقالات 1/326. وأما زهير الأثري فلم أعرف من هو، ولكن الأشعري يتكلم عن آرائه بالتفصيل في المقالات 1/326.
(12) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|