علامات رفع الفاعل
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن
علامات رفع الفاعل إذا كان اسمًا ظاهرًا:
إذا كان الفاعل اسمًا ظاهرًا، فإنه إما أن يرفع: بالضمة، وإما أن يرفع بالحروف، نيابة عن الضمة[1].
أولًا: رفعه بالضمة: يرفع الفاعل الاسم الظاهر بالضمة إذا كان:
1 - اسمًا مفردًا:
مذكرًا كان؛ نحو: (أحد) في قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ﴾ [البلد: 7].
أو مؤنثًا؛ نحو: (نملة) في قوله عز وجل: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ﴾ [النمل: 18].
2 - أو جمع تكسير:
مذكرًا كان؛ نحو: (السحرة) في قوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى﴾ [يونس: 80].
أو مؤنثًا؛ نحو: (نسوة) في قوله عز وجل: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ﴾ [يوسف: 30].
3- أو جمع مؤنث سالمًا؛ نحو: (المؤمنات) في قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ﴾ [الممتحنة: 10].
وهذه الضمة التي يُرفَع بها الفاعل الاسم الظاهر قد تكون:
ظاهرةً، وذلك إذا كان الفاعل الاسم الظاهر منتهيًا بحرف صحيح، ولم يتصل بياء المتكلم؛ نحو ما مضى من الأمثلة، ونحو (نوح) في قوله تعالى: ﴿قَالَ نُوحٌ﴾ [نوح: 21].
وقد تكون هذه الضمة مقدَّرة، وذلك يكون في:
1- الاسم المختوم بألف لازمة، مفتوح ما قبلها، وهو الذي يطلق عليه النحاة الاسم المقصور؛ وذلك نحو (عيسى) في قول الله عز وجل: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [الصف: 6]، ونحو (موسى) في قوله سبحانه: ﴿وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ﴾ [البقرة: 60]، فكلٌّ من (عيسى، وموسى) - عليهما الصلاة والسلام - فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدَّرة، منَع مِن ظهورها التعذرُ.
2- الاسم المختوم بياء لازمة، مكسور ما قبلها، وهو الذي يطلق عليه النحاة الاسم المنقوص، ومثاله: (الداعي) في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ﴾ [القمر: 6]، و(المنادي) في قوله عز وجل: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [ق: 41]، فكل من (الداعي، والمنادي) فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة، منَع من ظهورها الثقلُ.
3- الاسم المضاف إلى ياء المتكلم؛ نحو كلمة (ربي) في قوله عز وجل: ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الأنعام: 80]، فكلمة (ربي) في هذه الآية في الموضعين اللذينِ ذُكِرت فيهما، فاعلٌ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة، منع من ظهورها اشتغالُ المحل بحركة المناسبة.
ثانيًا: رفع الفاعل الاسم الظاهر بالحروف:
يرفع الفاعل الاسم الظاهر بالحروف؛ وهي:
1- الواو، وذلك إذا كان:
1- اسمًا من الأسماء الخمسة؛ نحو: الكلمات (أخوهم، أبوهم، ذو) في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ﴾ [الشعراء: 106]، وقوله سبحانه: ﴿وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ﴾ [يوسف: 94]، وقوله عز وجل: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ [الطلاق: 7][2].
2- أو جمع مذكر سالمًا، أو ملحقًا به؛ نحو الكلمات: (المنافقون، المشركون، المرسلون، أولو) في قوله تبارك وتعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ﴾ [التوبة: 64]، وقوله سبحانه: ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 33]، وقوله سبحانه: ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: 10][3]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى﴾ [النساء: 8][4].
2 - الألف، وذلك إذا كان مثنى، أو ملحقًا به؛ نحو الكلمات: (المُتلقِّيان، فتيان، عيناه، اثنتان) في قوله تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ﴾ [ق: 17]، وقوله عز وجل: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ﴾ [يوسف: 36]، وقوله سبحانه: ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾ [يوسف: 84][5]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((كُلْ ما شئت، والبَسْ ما شئت، ما أخطأتك اثنتان: سرَفٌ، ومَخِيلَةٌ))[6].
ثانيًا: الفاعل المضمَر[7]:
الفاعل المضمر هو: ما دل على مسمَّاه بقرينةِ:
تكلُّمٍ؛ نحو: الضمير (أنا).
أو خطابٍ؛ نحو الضمير (أنتَ).
أو غَيبةٍ؛ نحو الضمير (هو).
وهذا الفاعل المضمر ينقسم إلى قسمين؛ هما:
1 - ضمير متصل بالفعل؛ أي: ملتصق به، وذلك نحو:
تاء الفاعل؛ نحو قوله تعالى: ﴿أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ [النمل: 22]، فالتاء في الفعل (أحَطْتُ) هي تاء الفاعل، وقد أتَتْ متصلة بالفعل غير منفصلة عنه، كما هو ظاهر هنا.
وواو الجماعة؛ نحو قوله تعالى: ﴿تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ [الأنعام: 91]، فالواو في الأفعال: (تجعلونه، وتبدونها، وتخفون) هي واو الجماعة، وقد أتت متصلة بالفعل غير منفصلة عنه، كما هو ظاهر هنا.
2 - ضمير منفصل عن الفعل؛ ومثاله: الضمير (أنا) في نحو قولك: إنما قام أنا.
أولًا: الفاعل الضمير المتصل:
الفاعل الضمير المتصل إما أن يكون: ضميرًا متحركًا، وهو يشمل ثلاثة ضمائر؛ هي:
1- نون النسوة.
2- تاء الفاعل بأشكالها الستة[8].
3- نا الفاعلين[9].
وإما أن يكون ضميرًا ساكنًا، وهو يشمل كذلك ثلاثة ضمائر؛ هي:
1- واو الجماعة.
2- ألف الاثنين أو الاثنتين.
3- ياء المخاطبة المؤنثة[10].
وفيما يلي - إن شاء الله تعالى - أمثلة على وقوع كل ضمير من هذه الضمائر الستة فاعلًا:
أولًا: الضمائر المتصلة المتحركة:
1- نون النسوة: نون النسوة - كما تقدم - هي عبارة عن نون مفتوحة، تلحق آخر الفعل، وهي تدل على جماعة الإناث، وهي تتصل بأنواع الفعل الثلاثة، فتتصل بالفعل:
1- الماضي، ومن ذلك: قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ﴾ [يوسف: 31]، فالنون التي في آخر الأفعال الماضية: (رأينه، أكبرنه، قطعن، قلن) هي نون النسوة؛ لأنها دلَّت على جماعة الإناث، وهي فاعل؛ لأنها دلت على النسوة اللاتي قمن بالرؤية والإكبار وتقطيع الأيدي والقول، وهذا هو الفاعل.
2- المضارع، ومن ذلك قول الله سبحانه: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: 31]، فالنون التي في آخر الفعلين المضارعين: (يغضضن، يحفظن) هي نون النسوة؛ لأنها دلَّت على جماعة الإناث.
وهي فاعل؛ لأنها دلت على النسوة اللاتي سيَقُمْن بغضِّ البصر، وحفظ الفرج، وهذا هو الفاعل.
3- الأمر، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأحزاب: 33]، فالنون التي في آخر أفعال الأمر: (قَرْنَ، أقِمن، آتين، أطعن) هي نون النسوة؛ لأنها دلت على جماعة الإناث، وهي فاعل؛ لأنها دلت على النسوة اللاتي سيَقُمْن بالقرار في البيوت، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله، وهذا هو الفاعل.
ويلاحظ فيما مضى من آيات:
1- أن كل الأفعال المذكورة مع نون النسوة في هذه الآيات قد بُنِيَت على السكون؛ وذلك لأن القاعدة عند النحاة أن الفعل - أيًّا كان نوع هذا الفعل؛ ماضيًا، أو مضارعًا، أو أمرًا - يُبنَى على السكون، إذا اتصل بنون النسوة، وقد تقدم ذكر ذلك في باب الأفعال.
2- ويلاحظ أيضًا: أن نون النسوة قد أتَتْ في كل الأمثلة متحرِّكةً؛ ولهذا فهي من الضمائر المتصلة المتحركة، وكانت حركتها الفتح؛ ولذلك فإنه يقال في إعرابها: ضمير مبني على الفتح، في محل رفع فاعل.
3- ويلاحظ أيضًا مما سبق من الأمثلة: أن نون النسوة إما أن تدل على:
الغَيبة، وذلك نحو الأفعال: (رأينه، أكبرنه، قطعن، قلن، يغضضن، يحفظن).
أو الخطاب؛ وذلك نحو الأفعال: (قَرْنَ، أقِمن، آتين، أطعن).
وهي سواء كانت للغيبة أم للخطاب، فإنها تتصل بأنواع الفعل الثلاثة، ويُبنَى معها الفعل على السكون، وتُعرَب ضميرًا متصلًا مبنيًّا على الفتح، في محل رفع فاعلًا.
الضمير الثاني من الضمائر المتصلة المتحركة التي تقع فاعلًا: تاء الفاعل:
ثاني الضمائر المتصلة المتحركة التي تعرب فاعلًا تاءُ الفاعل، وتاء الفاعل قد سبق لنا أنْ ذكرنا أنها التاء المتحركة[11] التي تلحق آخر الفعل الماضي فقط[12]، وذكرنا هناك أن لها مع الفعل الماضي أشكالًا ستة، تختلف حسب نوعية الفاعل، فإذا كان الفاعل:
1- متكلمًا مفردًا: مذكرًا كان أو مؤنثًا، كانت تاء الفاعل مضمومة؛ نحو قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 27]، وقوله سبحانه: ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: 44].
2- أو كان مفردًا مذكرًا مخاطبًا، كانت التاء مفتوحة؛ وذلك نحو الفعل (بسطت) في قوله سبحانه: ﴿لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي﴾ [المائدة: 28].
3- أو كان مفردة مؤنثة مخاطبة، كانت التاء مكسورة، ومن ذلك الفعل: (نفست) في قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((ما لكِ أنَفِسْتِ؟)).
يتبع