علامات رفع الفاعل
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن
وبهذا ينتهي الكلام على ضمائر الرفع المتصلة؛ المتحركة والساكنة، وفي الجدول التالي تلخيص لما ذكرناه فيها:
أولًا: أن عدد هذه الضمائر ستة ضمائر؛ هي: تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونون النسوة، ونا الفاعلين، وهذ الثلاثة هي ضمائر الرفع المتحركة، وواو الجماعة، وألف الاثنين أو الاثنتين، وياء المخاطبة المؤنثة، وهذه هي ضمائر الرفع الساكنة.
ثانيًا: أن هذه الضمائر الستة كلها تكون في محل رفع فاعلًا، إلا (نا) الفاعلين، فإنها تكون أحيانًا في محل نصب مفعولًا به، وعليه فإنه متى اتصل واحد من الضمائر الخمسة: (تاء الفاعل بأشكالها الستة، ونون النسوة، وياء المخاطبة المؤنثة، وواو الجماعة، وألف الاثنين أو الاثنتين) بفعل - أيًّا كان نوع هذا الفعل - أُعرب ضميرًا مبنيًّا على... (حسب حركة الضمير)، في محل رفع فاعلًا[16].
ثالثًا: أن هذه الضمائر الستة من حيث اتصالها بأنواع الفعل الثلاثة على أقسام.
تنقسم ضمائر الرفع المتصلة؛ الساكنة والمتحركة من حيث اتصالها بأنواع الفعل الثلاثة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يتصل بأنواع الفعل الثلاثة، وهو يشمل الضمائر: ألف الاثنين أو الاثنتين، واو الجماعة، نون النسوة، نا الفاعلين.
والقسم الثاني: ما يتصل بنوعين فقط من الأفعال، وهو ضمير واحد فقط، هو ياء المخاطبة المؤنثة، فهي لا تتصل إلا بالفعل المضارع، والأمر، ولا تتصل أبدًا بالفعل الماضي.
القسم الثالث: ما يتصل بنوعٍ واحد فقط من الأفعال، وهو تاء الفاعل بأشكالها الستة، فإنها لا تتصل إلا بالفعل الماضي فقط.
وبهذا ينتهي ما أردنا تلخيصَه من الكلام على ضمائر الرفع المتصلة الساكنة والمتحركة، وننتقل الآن بعون الله إلى الحديث عن ضمائر الرفع المنفصلة التي تقع فاعلًا.
ثانيًا: من أنواع الضمائر التي تقع فاعلًا:
الضمير المنفصل:
ينقسم الضمير المنفصل الذي يمكن أن يقع فاعلًا إلى قسمين؛ هما:
1- ضمير بارز، وهو ما يُوجَد له صوة في اللفظ؛ أي: ما يكون متلفَّظًا به، ومنطوقًا به.
2- وضمير مستتر، وهو ما ليس له صورةٌ في اللفظ؛ أي: ما لا يُتلفَّظ به، ولا ينطق به؛ وإنما يكون مختفيًا في الفعل.
أولًا: الضمير البارز المنفصل:
ينقسم الضمير البارز المنفصل الذي يقع فاعلًا إلى:
1- ضمير بارز منفصل للمتكلِّم.
2- ضمير بارز منفصل للمخاطَب.
3- ضمير بارز منفصل للغائب.
أولًا: الضمير البارز المنفصل للمتكلم:
يشمل الضمير البارز المنفصل للمتكلم الذي يمكن أن يقع فاعلًا ضميرين؛ هما:
1- (أنا)، ويكون للمتكلم المفرد، مذكرًا كان أو مؤنثًا؛ نحو: ما يقوم إلا أنا، وإنما صلى أنا.
2- (نحن)، ويكون:
للمفرد المعظِّم نفسه، مذكرًا كان أو مؤنثًا.
وللمثنَّى بنوعيه؛ المذكر والمؤنث.
وللجمع بنوعيه؛ المذكر والمؤنث.
ومثال وقوع الضمير المنفصل البارز (نحن) فاعلًا؛ إنما قام نحن - لم يقم إلا نحن.
ثانيًا: الضمير البارز المنفصل للمخاطب:
يشمل الضمير البارز المنفصل للمخاطب الذي يمكن أن يقع فاعلًا خمسة ضمائر؛ هي:
1- (أنتَ) - بفتح التاء - للمخاطب المفرد المذكر؛ نحو: ما صلى إلا أنتَ - إنما يُصلي أنتَ.
2- (أنتِ) - بكسر التاء - للمخاطبة المفردة المؤنثة؛ نحو: إنما صلى أنتِ - ولا يصلي إلا أنتِ.
3- (أنتما)، للمثنى مطلقًا؛ أي: المذكر والمؤنث؛ نحو: إنما يصلي أنتما - ما صلى إلا أنتما.
4- (أنتم) لجماعة الذكور المخاطبين؛ نحو: إنما صلى أنتم - لا يصوم إلا أنتم.
5- (أنتن) لجماعة الإناث المخاطبات؛ نحو: إنما صلى أنتن - لا يصوم إلا أنتن.
ثالثًا: الضمير البارز المنفصل للغائب:
يشمل الضمير البارز المنفصل للغائب الذي يمكن أن يقع فاعلًا خمسة ضمائر؛ هي:
1- (هو) للمفرد المذكر الغائب؛ نحو: ما قام إلا هو - إنما يقوم هو.
2- (هي) للمفردة المؤنثة الغائبة؛ نحو: ما صام إلا هي - إنما يصوم هي.
3- (هما) للمثنى مطلقًا؛ أي: المذكر والمؤنث؛ نحو: ما ضرب إلا هما - إنما يضرب هما.
4- (هم) لجماعة الذكور الغائبين؛ نحو: لم يقم إلا هم - إنما قام هم.
5- (هن) لجماعة الإناث الغائبات؛ نحو: لم يصم إلا هن - إنما صام هن.
• ومن الملاحظ في كل الأمثلة التي ذكرناها على وقوع الضمير البارز المنفصل - سواء كان للمتكلم، أم للمخاطب، أم للغائب - فاعلًا، أنه وقع فيها بعد فعل، محصورًا بـ(إنما، أو إلا)، وأنه وقع بعد فعل ماضٍ أو مضارع، ولم يقع أبدًا في مثال من الأمثلة المذكورة بعد فعل أمر، وسببُ ذلك أن الضمائر المنفصلة البارزة لا تكون أبدًا فاعلًا للفعل الأمر[17].
أما قوله تعالى: ﴿اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 35]، فالضمير (أنت) هنا ليس فاعلًا للفعل الأمر (اسكُنْ)، وإنما هو توكيد للضمير المستتر في الفعل (اسكن)، فأصل الكلام: اسكُنْ أنتَ أنتَ.
فإن لم يَسبِق الضميرَ البارز المنفصل فعلٌ محصور بـ(إنما، أو إلا)، فإنه لا يكون فاعلًا، وإنما يعرب:
مبتدأ، كما في قوله تعالى: ﴿وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ﴾ [البقرة: 30]، فالضمير المنفصل البارز (نحن) هنا مبتدأ، وليس فاعلًا، وانظر ما سيأتي إن شاء الله في باب المبتدأ.
وقد يُعرب هذا الضمير البارز المنفصل أيضًا: توكيدًا للضمير المستتر في الفعل غير المسبوق بـ(إنما، أو إلا): وذلك نحو الآية التي ذكرناها منذ قليل: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 35].
♦♦♦♦
النوع الثاني من نوعي الضمير المنفصل الذي يقع فاعلًا:
الضمير المستتر:
ذكرنا - فيما تقدم - أن الفاعل الضمير المنفصل قد يكون ضميرًا مستترًا - أي: غير متلفَّظ به، ولا مكتوبًا بعد الفعل؛ وإنما يكون مقدرًا - والضمائر المستترة التي تقع فاعلًا خمسة ضمائر فقط من الضمائر الاثني عشر المنفصلة البارزة، وهي:
1- (أنا)، ومثال وقوعه ضميرًا مستترًا فاعلًا: قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ [الرعد: 36]، ففاعل الأفعال (أعبد، وأشرك، وأدعو) ضمير مستتر، تقديره: (أنا).
2- (أنتَ) - بفتح التاء - ومثال وقوعه ضميرًا مستترًا فاعلًا: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [القصص: 88]، ففاعل الفعل (تَدْعُ) هنا (ضمير مستتر، تقديره: (أنت).
3- (نحن)، ومثال وقوعه ضميرًا مستترًا فاعلًا: قولُه تعالى: ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾ [التوبة: 66]، ففاعل الفعلين (نعف، نعذب) ضمير مستتر، تقديره: (نحن).
4- (هو) ومثال وقوع الفاعل ضميرًا مستترًا، تقديره: (هو): قوله تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: 82]، ففاعل الأفعال: (تاب، آمن، عمل، اهتدى) ضمير مستتر، تقديره: (هو).
5- (هي)، ومثال وقوع الفاعل ضميرًا مستترًا تقديره: (هي): قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: 31]، ففاعل الأفعال: (سمعت، أرسلت، أعتدت، آتت، قالت) ضمير مستتر، تقديره: (هي)[18].
أما ما سوى هذه الضمائر الخمسة من ضمائر الرفع المنفصلة الاثني عشر؛ كالضمير (أنتِ - بكسر التاء - وهما، وهم)، فإنه لا يكون ضميرًا مستترًا؛ لأن له بديلًا من ضمائر الرفع المتصلة السابق ذكرها، والتي تقع فاعلًا يحل محله، فالضمير (أنتِ) مثلًا لا يُقدَّر كضمير مستتر؛ لأنه يأتي بدلًا منه الضمير المتصل ياء المخاطبة المؤنثة، فنقول على سبيل المثال: اذهبي إلى المعهد حتى تتعلَّمي كتاب الله، بذكر الضمير ياء المخاطبة المؤنثة في الفعلين (اذهبي، وتتعلمي)، وعدم تقدير الضمير المستتر (أنتِ).
وبهذا ينتهي الكلام على أنواع الفاعل.
وذاكم ملخص لِما مضى مع بعض الفوائد على باب الفاعل:
أولًا: الفعل الأمر:
لا يكون فاعل الفعل الأمر إلا واحدًا من خمسة ضمائر؛ هي:
1- الضمير المستتر (أنتَ)؛ نحو قول الله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، فالأفعال (خذ، أمر، أعرِض) كلها أفعال أمر، وفاعلها ضمير مستتر، تقديره؛ أنتَ.
2- نون النسوة.
3- ياء المخاطبة المؤنثة.
4- واو الجماعة.
5- ألف الاثنين أو الاثنتين[19].
وقد مضت الأمثلة على وقوع هذه الأربعة فاعلًا للفعل الأمر.
وبِناءً على ذلك، فإنه لا يكون الاسم الظاهر، أو الضمير المنفصل البارز فاعلًا للفعل الأمر أبدًا.
ثانيًا: الفعل المضارع:
يكون فاعل الفعل المضارع:
1- اسمًا ظاهرًا، بأنواعه المختلفة، والتي قد تقدم ذكرها.
2- ضميرًا منفصلًا بنوعيه؛ المستتر والبارز.
3- ضميرًا متصلًا إلا ضميرين فقط، فلا يقعان فاعلًا للفعل المضارع، وهما:
1- نا الفاعلين؛ فإنها إن اتصلت بالفعل المضارع أُعربت مفعولًا به، لا فاعلًا.
2- تاء الفاعل بأشكالها الستة؛ وذلك لأنها لا تتصل أصلًا بالفعل المضارع.
وقد تقدمت الأمثلة على ذلك كله.
ثالثًا: الفعل الماضي:
يكون فاعل الفعل الماضي:
1- اسمًا ظاهرًا، بأنواعه المختلفة، والتي قد تقدم ذكرها.
2- ضميرًا متصلًا إلا ضميرًا واحدًا فقط، هو ياء المخاطبة المؤنثة؛ وذلك لأنها لا تتصل أصلًا بالفعل الماضي.
3- ضميرًا منفصلًا، بنوعيه البارز والمستتر.
وقد تقدَّمت الأمثلة على ذلك كله.
ثانيًا: اعلم - رحمك الله - أنه لا يشترط أن يأتي الفاعل بعد الفعل مباشرة، بل قد يَفصِل بينهما فاصلٌ؛ نحو قوله تعالى: ﴿قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ﴾ [إبراهيم: 11]، وقوله سبحانه: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: 269]، وقوله عز وجل: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ﴾ [القمر: 41]، فالفاعل في هذه الآيات الثلاث هو على الترتيب: (رسلهم، أولو، النذر)، وقد فصَل بينه وبين الفعل في الآية الأولى: (لهم)، وفي الآية الثانية: أداة الاستثناء (إلا)، وفي الآية الثالثة: (آل فرعون).
ثالثًا: الضمائر التي تقع فاعلًا على قسمين:
ضمائر متصلة: وهي على قسمين:
ضمائر متحركة، وهي: نا الفاعلين، نون النسوة، تاء الفاعل بأشكالها الستة.
وضمائر ساكنة، وهي: واو الجماعة، ياء المخاطبة المؤنثة، ألف الاثنين أو الاثنتين[20].
وضمائر منفصلة: وهي أيضًا على قسمين:
ضمائر منفصلة بارزة، وهي تشمل اثني عشر ضميرًا، تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
للمتكلم ضميران؛ هما: أنا، نحن.
وللمخاطَب خمسة ضمائر؛ هي: أنتَ، أنتِ، أنتما، أنتم، أنتن.
وللغَيبة خمسة ضمائر؛ هي: هو، هي، هما، هم، هن[21].
وضمائر منفصلة مستترة، وهي خمسة ضمائر؛ وهي:
أنا، أنتَ، نحن، هو، هي[22].
رابعًا: يمكن تلخيص كل ما مضى من ذكر أنواع الفاعل بأن نقول:
إنه إذا جاء بعد الفعل ما يدل على مَن فعل هذا الفعل، فهو الفاعل؛ سواء كان اسمًا ظاهرًا، أم ضميرًا متصلًا؛ متحركًا كان أو ساكنًا، أم ضميرًا منفصلًا؛ مستترًا كان أو بارزًا؛ وذلك لأن الفاعل هو من قام بالفعل، وأوجده، وأحدثه، بغضِّ النظر عن نوعه.
وبهذا ينتهي ما أردنا تلخيصه من باب الفاعل، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
[1] انظر ما تقدم من الحديث على علامات الرفع.
[2] فإن الكلمات: (أخوهم، أبوهم، ذو)، قد وقعت هنا فاعلًا، وهي مرفوعة بالواو؛ لأنها من الأسماء الخمسة.
[3] فإن الكلمات: (المنافقون، المشركون، المرسلون)، قد وقعت هنا فاعلًا، وهي مرفوعة بالواو؛ لأنها جمع مذكر سالم.
[4] فإن (أولو) في هذه الآية فاعل، وهي مرفوعة بالواو؛ لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم.
[5] فإن الكلمات: (المتلقِّيان، فتيان، عيناه)، قد وقعت هنا فاعلًا، وهي مرفوعة بالألف؛ لأنها مثنى.
[6] فإن (اثنتان) في هذا الحديث فاعل، وهي مرفوعة بالألف؛ لأنها ملحقة بالمثنى.
[7] ليعلم أن الفاعل المضمَر يخالف الفاعل الظاهر في أنه يرفعه الفعل الماضي، والمضارع، والأمر، كما سيتضح إن شاء الله تعالى من الأمثلة، بينما الفاعل الظاهر يرفعه الفعل الماضي والمضارع دون الفعل الأمر، كما سبق أن أسلفنا.
[8] تقدم ذكر هذه الأشكال الستة، وسيأتي بعد قليل إن شاء الله ذكرها كذلك.
[9] فهذه الضمائر الثلاثة متحرِّكة، وليست ساكنة، فنون النسوة، ونا الفاعلين مفتوحتان، وتاء الفاعل إما أن تكون مضمومة، وإما أن تكون مفتوحة، وإما أن تكون مكسورة، على حسب التفصيل الآتي ذكره قريبًا إن شاء الله.
[10] فهذه الضمائر الثلاثة كلها ساكنة، لا حركة عليها؛ لا ضمة، ولا فتحة، ولا كسرة؛ ولذلك يقال فيها كلها عند إعرابها: ضمير مبني على السكون، في محل رفع فاعل.
[11] سواء حرِّكت بالضم، أم بالفتح، أم بالكسر، على التفصيل الذي سنذكره الآن إن شاء الله، والذي قد تقدم ذكره.
[12] دون الفعل المضارع والأمر؛ وذلك لأنها - كما تقدَّم - من العلامات الخاصة بالفعل الماضي، فلا تتصل إلا به وحدَه، وبالتالي لا تقع فاعلًا إلا له فقط، دون الفعلين المضارع والأمر.
[13] وذلك لأنها لا تدل على مَن قام بالفعل إلا إذا اتصلت بالفعل الماضي المبني على السكون، كما سيتضح من الأمثلة، إن شاء الله تعالى.
[14] فحتى يكون الضمير (نا) فاعلًا لا بد - كما سبق - أن يدل على من قام بالفعل، فإن دل على من وقع عليه الفعل فهو مفعول به، لا فاعل.
[15] فلا تتصل ياء المخاطبة بالفعل الماضي.
[16] إلا إذا أتى هذا الضمير بعد فعل مبني للمجهول؛ كقوله تعالى: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ [البقرة: 93]، وقوله سبحانه: ﴿وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا﴾ [البقرة: 246]، فإنه يُعرَب في هذه الحالة نائبَ فاعل، وعليه فإن الضميرين (واو الجماعة، ونا الفاعلين) في هاتين الآيتين يعربان هكذا: ضميرًا مبنيًّا على...، في محل رفع نائب فاعل؛ لأنهما اتصلا بفعل مبني للمجهول هو: (أُشربوا، وأُخرجنا)، وكذلك يستثنى من إعراب هذه الضمائر الخمسة فاعلًا: ما إذا اتصلت بـ(كان) أو إحدى أخواتها، فإنها حينئذٍ تعرب اسمًا لها، لا فاعلًا، وكل من هذين البابين سيأتي إن شاء الله الحديث عنه بالتفصيل، وأما ما ذكرناه هنا، فهو مجرد إشارة فقط.
[17] وبذلك يجتمع لدينا أن كلًّا من الاسم الظاهر والضمير المنفصل البارز لا يقعان فاعلًا للفعل الأمر، أضِفْ إلى ذلك أيضًا الضمائر المتصلة؛ تاء الفاعل بأشكالها الستة؛ لأنها لا تتصل إلا بالفعل الماضي، و(نا) الفاعلين؛ لأنها إذا اتصلت بالفعل الأمر تكون مفعولًا به، لا فاعلًا، كما سبق بيان ذلك بالتفصيل.
أما الضمائر المتصلة الأربعة الباقية (نون النسوة، وألف الاثنين، وواو الجماعة، وياء المخاطبة المؤنثة)، فإنها تكون فاعلًا للفعل الأمر، كما سبق بيان ذلك بالتفصيل، وسيأتي في نهاية باب الفاعل إن شاء الله تلخيصٌ لِما يقع فاعلًا من الأسماء الظاهرة والضمائر المتصلة والمنفصلة لأنواع الفعل الثلاثة.
[18] وأما التاء التي في آخر هذه الأفعال الأربعة، فهي تاء التأنيث الساكنة، وهي - كما هو معلوم - حرف لا محل له من الإعراب.
[19] وهذه الأربعة هي ضمائر متصلة، وعليه ففاعل الفعل الأمر لا يكون إلا ضميرًا مستترًا، أو ضميرًا متصلًا.
[20] ويقال في إعراب هذه الضمائر الستة: ضمير متصل مبني على... (حسب حركة الضمير) في محل رفع فاعل.
[21] ويقال في إعراب هذه الضمائر الاثني عشر: ضمير منفصل بارز مبني على... (حسب حركة الضمير) في محل رفع فاعل.
[22] ويقال في إعراب هذه الضمائر الخمسة بعد إعراب الفعل: والفاعل ضمير مستتر، تقديره...، فعلى سبيل المثال يقال في إعراب الفعل (نذر) في قوله تعالى: ﴿فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا﴾ [يونس: 11]، فعل مضارع مرفوع؛ لتجرُّده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر، تقديره: (نحن).