عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-11-2022, 08:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح المبتدأ والخبر

شرح المبتدأ والخبر
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن



باب العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر:
لَمَّا فرغ ابن آجرُّوم رحمه الله مِن الكلام على المبتدأ والخبر، عقد هذا الباب لذكر ما يدخل على جملة المبتدأ والخبر مِن عوامل لفظية تُغيِّر حكمَهما الإعرابي السابق؛ من كون المبتدأ مرفوعًا بالابتداء، والخبر مرفوعًا بالمبتدأ، وتسمى تلك العوامل بالنواسخ عند جمهور البصريين.


وعليه فالمرادُ بالنواسخ تلك العوامل اللفظية التي تدخُل على المبتدأ والخبر[48]، فتُغيِّر وتنسخ:
أولًا: حكمهما الإعرابي السابق: مِن كون المبتدأ[49] مرفوعًا بالابتداء، والخبر مرفوعًا بالمبتدأ، إلى ما سيأتي بيانُه بالتفصيل بعد قليل، إن شاء الله تعالى.


ثانيًا: وتسميتهما، فبدلًا من أن يسمى المبتدأ مبتدأً، يسمى اسمًا لهذه العوامل اللفظية، أو مفعولًا به أول لها، وبدلًا مِن أن يسمى الخبر خبرًا للمبتدأ، يُسمى خبرًا لهذه العوامل اللفظية، أو مفعولًا به ثانيًا لها، على التفصيل الآتي ذكره إن شاء الله بعد قليل.


إذًا سُمِّيت هذه العوامل اللفظية بالنواسخ؛ لأنها تنسخ حكم المبتدأ والخبر الإعرابي والاسمي وتُغيره، وتجدِّد لهما حكمًا إعرابيًّا وتسمية أخرى، غير حكمهما الأول وتسميتهما الأولى، على ما سيأتي بيانه بالتفصيل إن شاء الله تعالى.


وهذه العوامل اللفظية (النواسخ) التي تدخل على المبتدأ والخبر، فتُغير إعرابهما وأسماءهما، ذكر منها ابن آجروم في آجروميته أربعةَ نواسخ[50]؛ هي:
1- كان وأخواتها.
2- إن وأخواتها.
3- ظن وأخواتها[51].
4- لا النافية للجنس[52].


وهذه النواسخ الأربعة يمكن تقسيمها من حيث:
1- كونها أفعالًا أو أحرفًا.
2- ومِن حيث عملها في كلٍّ مِن المبتدأ والخبر.

أولًا: تقسيمها مِن حيثُ كونُها أفعالًا أو أحرفًا:
تنقسمُ هذه النواسخ الأربعة مِن حيث كونها أفعالًا أو أحرفًا إلى قسمين:
القسم الأول: أفعال، وهو يشمل:
1- (كان) وأخواتها، وهي كلها أفعال اتفاقًا، إلا (ليس)، فإنها على الخلاف بين النحاة: هل هي فعل أو حرف؟ وسيأتي الحديث على ذلك بالتفصيل في باب (كان) وأخواتها، إن شاء الله تعالى.


2- و(ظن) وأخواتها، وهي أفعال باتفاق.


والقسم الثاني: أحرف، وهو يشمل:
1- (إن) وأخواتها.
2- و(لا) النافية للجنس.
وهذه أحرف باتفاقٍ.


ثانيًا: تقسيمها مِن حيثُ عملها في المبتدأ والخبر:
تنقسم هذه النواسخ الأربعة من حيث عملها في المبتدأ والخبر إلى ثلاثة أقسام[53]:
1- قسم يرفع المبتدأ، وينصب الخبر، وهو: (كان) وأخواتها، فـ(كان) وأخواتها ترفع المبتدأ ويسمى اسمها، وتنصب الخبر ويسمى خبرها.


ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [البقرة: 213]، فالفعل (كان) في هذه الآية رفع المبتدأ (الناس)، وسُمِّي اسمَ (كان)، ونصب الخبرَ (أمة)، وسُمي خبرَ (كان).


2- وقسم ينصب المبتدأ، ويرفع الخبر[54]، وهو: (إن) وأخواتها، و(لا) النافية للجنس، فكلُّ مِن (إن) وأخواتها، و(لا) النافية للجنس ينصبُ المبتدأ ويسمى اسمه، ويرفع الخبر ويسمى خبره.


ومثال ذلك في (إن) وأخواتها قولُه تعالى: ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5][55]، ومثاله في (لا) النافية للجنس: لا طالبَ علمٍ مذمومٌ[56].


3- وقسم ينصب المبتدأ والخبر جميعًا، وهو: (ظن) وأخواتها، فـ(ظن) وأخواتها تنصب المبتدأ والخبر جميعًا، ويُسمَّى المبتدأ مفعولًا به أول لها، ويسمى الخبر مفعولًا به ثانيًا لها، ومثال ذلك قوله تعالى: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} [الكهف: 36]، فالفعل (أظن) في هذه الآية نصب المبتدأ والخبر جميعًا، فنصب المبتدأ الذي هو (الساعة) على أنه مفعول به أول، ونصب الخبر الذي هو (قائمة)، على أنه مفعول به ثانٍ.

وذاكم هي بعض الفوائد التي تتعلق بما ذكرناه قبل:
الفائدة الأولى: يتبيَّن لنا مما سبق أن لكل من المبتدأ والخبر اسمًا، يسميان به عند دخول تلك العوامل اللفظية الأربعة عليهما، فيسمى المبتدأ:
اسمًا للناسخ، إذا كان هذا الناسخ هو (كان) وأخواتها، أو (إن) وأخواتها، أو (لا) النافية للجنس.
ويسمى مفعولًا به أول إذا كان الناسخ هو (ظن) وأخواتها.


ويسمى الخبر مع (كان) وأخواتها، أو (ن) وأخواتها، أو (لا) النافية للجنس، خبرًا لهذه النواسخ اللفظية الثلاثة، لا خبرًا للمبتدأ، فتختلف تسميته عما كان عليه.
ويسمى مع (ظن) وأخواتها مفعولًا به ثانيًا.

الفائدة الثانية: بالنظر إلى ما مضى من الحديث على حكم المبتدأ والخبر؛ فالإعراب يقبل أن يدخل عليهما أي ناسخ لفظي، وبالنظر إلى هذا الحكم الإعراب بعد أن دخلت عليهما هذه النواسخ اللفظية الأربعة يتضح لنا أن حكمهما الإعرابي على أربعة أقسام:
1- إما أن يكون كل من المبتدأ والخبر مرفوعًا، وذلك إذا لم يدخل عليهما ناسخ لفظي من هذه النواسخ اللفظية الأربعة المذكورة؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 29].


2- وإما أن يكون كل مِن المبتدأ والخبر منصوبًا، وذلك إذا دخل عليهما الناسخ اللفظي (ظن) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً ﴾ [الكهف: 36].


3- وإما أن يكون المبتدأ مرفوعًا والخبر منصوبًا، وذلك إذا دخل عليهما الناسخ اللفظي (كان) وأخواتها؛ نحو قوله تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴾ [الأحزاب: 40].


4- وإما أن يكون المبتدأ منصوبًا والخبر مرفوعًا، وذلك إذا دخل عليهما الناسخ اللفظي (إن) وأخواتها، أو (لا) النافية للجنس؛ نحو قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 220]، وقولك: لا متصدقًا بمالِه مذموم[57].

الفائدة الثالثة: قولنا مع (كان، وظن، وإن): وأخواتها، المراد: نظائرها في العمل[58]، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - ذكر نظير (كان، وإن، وظن) في أبواب كل واحد منها.


[1] وهذا بيِّنٌ وواضح، فالمبتدأ مِن مرفوعات الأسماء.

[2] فلا يكون المبتدأ إلا مرفوعًا، ولا نقول: خرج به المجزوم؛ لأن الجزم خاصٌّ بالأفعال، والمبتدأ - كما سبق - لا يكون إلا اسمًا.

[3] أي: الخالي والمجرَّد.

[4] (العوامل) جمع (عامل)، والعامل سيأتي إن شاء الله تعالى تعريفه مع بيان أنواعه.

[5] فإنَّ عاملَ رفعِ كلٍّ مِن (نوح، الإنسان) في هاتين الآيتين عاملٌ لفظي، وهو ما سبقهما مِن فعل.

[6] لـ(كان) وأخواتها باب مستقلٌّ ستتم دراسته بالتفصيل في مكانه إن شاء الله تعالى.

[7] فالعامل الذي رفَع لفظ الجلالة في هذه الآية مُتلفَّظٌ به، وهو الفعل: (كان).

[8] سيأتي إن شاء الله تعالى دراسة باب (إن) وأخواتها في مكانه بالتفصيل.

[9] فسببُ وعاملُ الرفع في كلمة (شديد) في هذه الآية الحرف (إن)، وهو مُتلفَّظٌ به.

[10] فالذي رفَع كلمة (رسول) في هذه الآية هو المبتدأ (محمد)، وهو عاملٌ لفظيٌّ متلفظ به.
فالقاعدة عند النحاة: أن سبب وعامل الرفع في الخبر هو المبتدأ، وسيأتي بعد قليل إن شاء الله تعالى تعريف الخبر والحديث عنه بشيء من التفصيل.

[11] يعني: أن العامل هو الذي يتسبَّب في رفع الكلمة أو نصبها أو جرها أو جزمها، كما سيتضح بالأمثلة إن شاء الله تعالى.

[12] فقد عمِلَتْ أداة النصب (لن) في هذه الآية - وهي متلفظ بها - النصبَ في الفعلين المضارعين: (تخرق، تبلغ).

[13] فقد عملت أداة الجزم (لم) في هذه الآية - وهي متلفظ بها - الجزم في الأفعال المضارعة الثلاثة: (يلد، يولد، يكن).

[14] إلى غير ذلك من العوامل اللفظية، والتي لا يتَّسع المقام لذِكْرِها هاهنا.

[15] فلا يكون المبتدأ مسبوقًا بفعلٍ أو بحرف عامل.

[16] ولا ثالث في اللغة العربية لهذين العاملين المعنويين؛ يعني: أن العوامل المعنوية في اللغة العربية محصورةٌ في هذين النوعين المذكورين فقط.

[17] سيأتي الحديث عن أنواع الخبر بشيء من التفصيل مع التمثيل على هذه الأنواع قريبًا، إن شاء الله تعالى.

[18] وما دامتْ جملة اسمية، فهي مُكوَّنة من مبتدأ وخبر.

[19] كما فعل في الفاعل ونائب الفاعل تمامًا، ويلاحظ أن القسمين هنا هما نفس القسمين المذكورين في باب الفاعل ونائب الفاعل.

[20] فالكلمات: (محمد، والآخرة، وأصحاب) في هذه الآيات قد وقعتْ مبتدأً، وهي أسماء ظاهرة.

[21] أما الضمائر البارزة المتصلة أو الضمائر المستترة، فهذه لا تقع مبتدأ أبدًا.

[22] يُلاحظ أننا في إعراب الأمثلة المذكورة كنَّا دائمًا نقول: في محلِّ رفع؛ وذلك لأنَّ الضمائر كلها مبنيَّة، فإعرابُها محلي، لا لفظي.

[23] فالضمير (أنا) في هذه الآية مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

[24] رواه البخاري (6624)، ومسلم (855) (19)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والشاهد في الآية والحديث المذكورين: أن الضمير (نحن) وقع مبتدأ في محل رفع، وهذان المثالان هما للجمع المذكر، فأما مثال المثنى المذكر، فأن يقول رجلان مثلًا: نحن قائمان، ومثال المثنى المؤنث أن تقول امرأتان: نحن قائمتان، كما أن الضمير (نحن) قد يدلُّ على المثنى إذا كان المرادُ به رجلًا وامرأة، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها، فيما رواه مسلم رحمه الله، كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم مِن إناء واحد، ونحن جُنُبانِ، ومثال دلالة الضمير (نحن) على جماعة الإناث مع وقوعه مبتدأ: نحن قائمات.

[25] فـ(أنت) في الآيتين: ضمير مبني على الفتح، في محل رفع مبتدأ.

[26] رواه البخاري (1788)، ومسلم (1211) (123)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
والشاهد في هذا الحديث: الضمير (أنت)، فهو في محلِّ رفع مبتدأ.

[27] فـ(أنتما): ضمير مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
ويمكن أن يُمثَّل لوقوع هذا الضمير مبتدأ مرادًا به المثنى المؤنث بقولك: أنتما مجتهدتان أيتها الطالبتان، فـ(أنتما): ضمير مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، ولا فرق - كما ترى - بين لفظ الضمير للمثنى المذكر والمثنى المؤنث، ولكن السياق هو الذي يُحدِّد المراد.

[28] فـ(أنتم): ضمير مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، ومن شواهد ذلك أيضًا من كتاب الله قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43].

[29] رواه البخاري (4895)، ومسلم (884) (1)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والشاهد في هذا الحديث وُقوع الضمير (أنتن) مبتدأ، وهو في محل رفع.

[30] رواه البخاري (1495)، ومسلم (1504) (14).
والشاهد في هذه الآية وهذا الحديث: وقوع الضمير (هو) مبتدأ، وهو في محل رفع.

[31] فـ(هي) في هذه الآية: ضمير مبني على الفتح، في محل رفع مبتدأ.

[32] فـ(هما) في هاتين الآيتين: ضمير مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
وأمَّا ضمير المثنى للغائبين، فيمكن أن يُمَثَّل له بنحو: الطالبتان تكتبان، وهما جالستان، فالضمير (هما) في هذا المثال مبني على السكون، في محل رفع مبتدأ.
ويلاحظ أنه لا فرق في اللفظ بين الضمير (هما) للمثنى المذكر، والضمير (هما) للمثنى المؤنث؛ ولذلك كان الذي يُحدِّد المراد منهما هو السياق.

[33] بضم الهاء، وسكون الميم، ما لم يَلْقَها ساكن، فإن لقِيها ساكن حُرِّكت بالضم، تخلصًا من التقاء الساكنين؛ كما في قوله سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا ﴾ [الأنفال: 4].

[34] رواه البخاري (2543)، ومسلم (2525) (198)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والشاهد في هذه الآية وهذا الحديث، وقوع الضمير (هم) في محل رفع، مبتدأ.

[35] فهذه اثنا عشر ضميرًا، لا يقع سواها من الضمائر مبتدأً، وهي كلها ضمائر رفع؛ لأن المبتدأ من مرفوعات الأسماء، ويلاحظ أنها اثنانِ للمتكلم، وخمسة للمخاطب، وخمسة للغائب، وفي شرح الآجرومية للرملي صـ 150: وهذه الضمائر تكون أيضًا أخبارًا؛ نحو: أخوك أنا، وأخواي أنتما، فلو قال المصنف: والمبتدأ والخبر قسمان: ظاهر ومضمر؛ لكان أولى؛ اهـ.

[36] فالضمير (هن) في هاتين الآيتين؛ مبني على الفتح، في محل رفع، مبتدأ، ويلاحظ أن المبتدأ إذا كان ضميرًا، فإنه يكون مبنيًّا في محل رفع دائمًا، ولا يكون معربًا أبدًا؛ لأن الضمائر كلها مبنية.

[37] فالمثنى والمجموع هما مِن قبيل الخبر المفرد في باب المبتدأ والخبر؛ لأنهما ليسا جملة ولا شبه جملة، وبذلك يَتَبَيَّن لك أن الاسم المفرد يختلف معناه، والمراد به بحسب الباب الذي يذكر فيه، فقد يكون المراد بالاسم المفرد:
ما ليس جملة ولا شبه جملة، وذلك في باب المبتدأ والخبر، وباب الحال وما يدخل عليهما من نواسخَ لفظيةٍ.
وقد يكون المراد به ما ليس مثنى ولا مجموعًا، وذلك في باب الإعراب وباب النعت.
وقد يكون المراد به ما ليس مركبًا، وذلك في باب العَلَم.
وقد يكون المراد به ما ليس مضافًا ولا شبيهًا بالمضاف، وذلك في باب (لا) النافية للجنس، وباب النداء.

[38] فالخبر قد يكون مفردًا، وقد يكون غير مفرد، وهذا بخلاف المبتدأ فإنه - كما سبق - لا يكون إلا مفردًا.

[39] الجملة الفعلية هي ما صُدرت بفعل حقيقة، وهذا ظاهر أو حكمًا؛ نحو: لن يقوم زيد.

[40] فقد وقعت الجملة الفعلية: ﴿ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 213] خبرًا للمبتدأ (الله)، وهي عبارة عن الفعل (يهدي)، والفاعل الضمير المستتر (هو)، والمفعول به (مَن)، وهذ الجملة كلها في محل رفع، خبر المبتدأ.
ومِن أمثلة وقوع الخبر جملةً فعلية في كتاب الله أيضًا قوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد: 41]، وقوله عز وجل: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾ [يونس: 25]، وقوله سبحانه: ﴿ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ ﴾ [الواقعة: 60]، وقوله تعالى: ﴿ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ ﴾ [الواقعة: 69]، وقوله عز وجل: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ﴾ [البقرة: 228]، وقوله سبحانه: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ [البقرة: 233].

[41] فقد وقعتِ الجملة الفعلية (بِيع بيته) خبرًا للمبتدأ (زيد)، وهي مكوَّنة من الفعل الماضي المبني للمجهول (بيع)، ونائب الفاعل (بيته).
ومِن أمثلة وُقوع الخبر جملةً فعلية مكونة من الفعل مع نائب فاعله من كتاب الله عز وجل، قولُه سبحانه: ﴿ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ﴾ [الحاقة: 5]، فـ(ثمود) مبتدأ، و(أُهلِكوا)؛ فعلٌ ماضٍ مبني للمجهول، وواو الجماعة نائب فاعل، والجملة من الفعل ونائب الفاعل في محل رفع خبر المبتدأ (ثمود).

[42] الجملة الاسمية هي: ما صُدِّرت باسم حقيقةً، وهذا ظاهر، أو حكمًا نحو: إن زيدًا قائم.

[43] ووجه ذلك: أن جملة (ذلك خير) مكونة من مبتدأ ثانٍ، وهو (ذلك)، وخبر له، وهو (خير)، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره جملة اسمية في محل رفع، خبر للمبتدأ الأول، وهو (لباس).
ومثال ذلك أيضًا: أن تقول: زيد جاريتُه ذاهبة، فـ(زيد): مبتدأ أول، و(جاريته): مبتدأ ثانٍ، و(ذاهبة): خبر المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع، خبر المبتدأ الأول.

[44] فشبه الجملة (الجار والمجرور) هنا - وهو (في وجوهِهم) - خبر المبتدأ (سيماهم).

[45] وإعراب هذا المثال هكذا:
السفرُ: مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
غدًا: ظرف زمان، وعلامة نصبه فتح آخره، والظرف شبه الجملة في محل رفع، خبر المبتدأ، متعلق بواجب الحذف، تقديره: كائن أو مستقر.

[46] فشبه الجملة في هذين المثالين هو: ظرف الزمان (يوم)، وظرف المكان (أسفل)، وهما خبر المبتدأ: (الرحلة، الركب)، وإعراب قوله تعالى: ﴿ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ﴾ [الأنفال: 42]؛ هكذا:
الركب: مبتدأ مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
أسفل: ظرف مكان، مفعول فيه منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وهو شبه جملة في محل رفع، خبر المبتدأ، متعلق بواجب الحذف، تقديره: كائن أو مستقر.
منكم: جار ومجرور في محل نصب، صفة لـ(أسفل).
ومن أمثلة وقوع الخبر ظرفًا للمكان في كتاب الله عز وجل قوله تعالى: ﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الفتح: 10]، وقوله سبحانه: ﴿ فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ﴾ [النساء: 94].

[47] فإذا اجتمع مذكر ومؤنث، غُلِّب المذكر على المؤنث، فيقال: زيد وهند قائمان، ولا يقال: قائمتان.

[48] سيأتي ذكر هذه العوامل اللفظية بالتفصيل بعد قليل، إن شاء الله تعالى.

[49] فالمبتدأ لم يكن مسبوقًا بأي عامل لفظي، بل كان خاليًا من دخول العوامل اللفظية عليه، ولذلك كان سبب رفعه عاملًا معنويًّا، هو الابتداء، على ما تقدم بيانه بالتفصيل عند ذكر تعريف المبتدأ صـ 392.

[50] وإلا فهي أكثر مِن ذلك، ومما لم يذكُره ابن آجروم في آجروميته من النواسخ على سبيل المثال: باب (كاد) وأخواتها، وباب الأحرف المشبَّهات بـ(ليس)، وباب (أعلم، وأرى) وأخواتهما، والسبب - بلا شك - في عدم ذكرِه لهذه الأبواب وغيرها من النواسخ هو: أنه جعل هذا الكتاب للمبتدِئين، ونحن هنا تمشيًا مع منهج هذا الكتاب سنذكر ما ذكره رحمه الله فقط، ولن نزيد عليه.

[51] وهذه الثلاثة الأولى قد ذكرها ابن آجروم رحمه الله في باب مرفوعات الأسماء تباعًا، على الترتيب المذكور هنا.

[52] وهذه الأخيرة أخَّر رحمه الله ذكرها إلى باب منصوبات الأسماء.

[53] فالعوامل التي تدخل على المبتدأ والخبر، فتغير إعرابهما - بعد تتبع كلام العرب الموثوق به؛ كما قال السيوطي في (الأشباه) - على ثلاثة أقسام.

[54] فهذا القسم في العمل هو عكس القسم الأول، كما هو واضح.

[55] فالحرف (إن) في هذه الآية نصب المبتدأ (الشيطان)، ويسمى اسم (إن)، ورفع الخير (عدو)، ويسمى خبر (إن).

[56] فالحرف (لا) في هذا المثال نصب المبتدأ (طالب)، ويسمى اسم (لا) النافية للجنس، ورفع الخبر (مذموم)، ويسمى خبر (لا) النافية للجنس.

[57] وخلاصة ذلك: أن كلًّا من المبتدأ والخبر إما أن يرفعا وإما أن ينصبا، وإما أن يكون المبتدأ مرفوعًا، والخبر منصوبًا، وإما العكس أن يكون المبتدأ منصوبًا والخبر مرفوعًا.

[58] فالنحاة يُطلقون أخوات العامل على العوامل التي تعمل عمله؛ لاجتماعها معه في العمل.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 40.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 39.65 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.56%)]