عرض مشاركة واحدة
  #307  
قديم 09-11-2022, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,530
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد





تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء الرابع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(293)
الحلقة (307)
صــ 327إلى صــ 334




وكما قال حسان : [ ص: 327 ]


فنشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ، ما ينهنهنا اللقاء


وأما منافع الميسر ، فما يصيبون فيه من أنصباء الجزور . وذلك أنهم كانوا يياسرون على الجزور ، وإذا أفلج الرجل منهم صاحبه نحره ، ثم اقتسموا أعشارا على عدد القداح ، وفي ذلك يقول أعشى بني ثعلبة :


وجزور أيسار دعوت إلى الندى ونياط مقفرة أخاف ضلالها
[ ص: 328 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

4134 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : المنافع ههنا ما يصيبون من الجزور .

4135 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط عن السدي : أما منافعهما ، فإن منفعة الخمر في لذته وثمنه ، ومنفعة الميسر فيما يصاب من القمار .

4136 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا ابن أبي زائدة عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " ، قال : منافعهما قبل أن يحرما .

4137 - حدثنا علي بن داود قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس : " ومنافع للناس " ، قال : يقول فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها .

واختلف القرأة في قراءة ذلك :

فقرأه عظم أهل المدينة وبعض الكوفيين والبصريين : " قل فيهما إثم كبير " بالباء ، بمعنى قل : في شرب هذه ، والقمار هذا كبير من الآثام .

وقرأه آخرون من أهل المصرين البصرة والكوفة : " قل فيهما إثم كثير " ، بمعنى الكثرة من الآثام . وكأنهم رأوا أن " الإثم " بمعنى " الآثام " ، وإن كان في اللفظ واحدا ، فوصفوه بمعناه من الكثرة . [ ص: 329 ]

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأه " بالباء " : " قل فيهما إثم كبير " ، لإجماع جميعهم على قوله : " وإثمهما أكبر من نفعهما " ، وقراءته بالباء . وفي ذلك دلالة بينة على أن الذي وصف به الإثم الأول من ذلك ، هو العظم والكبر ، لا الكثرة في العدد . ولو كان الذي وصف به من ذلك الكثرة ، لقيل : وإثمهما أكثر من نفعهما .
القول في تأويل قوله تعالى ( وإثمهما أكبر من نفعهما )

قال أبو جعفر : يعني بذلك عز ذكره : والإثم بشرب [ الخمر ] هذه والقمار هذا أعظم وأكبر مضرة عليهم من النفع الذي يتناولون بهما . وإنما كان ذلك كذلك ، لأنهم كانوا إذا سكروا وثب بعضهم على بعض ، وقاتل بعضهم بعضا ، وإذا ياسروا وقع بينهم فيه بسببه الشر ، فأداهم ذلك إلى ما يأثمون به .

ونزلت هذه الآية في الخمر قبل أن يصرح بتحريمها ، فأضاف الإثم جل ثناؤه إليهما ، وإنما الإثم بأسبابهما ؛ إذ كان عن سببهما يحدث .

وقد قال عدد من أهل التأويل : معنى ذلك : وإثمهما بعد تحريمهما أكبر من نفعهما قبل تحريمهما .

ذكر من قال ذلك :

4138 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس : " وإثمهما أكبر من نفعهما " ، قال : منافعهما قبل التحريم ، وإثمهما بعد ما حرما .

4139 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن " [ ص: 330 ] الربيع : ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ينزل المنافع قبل التحريم ، والإثم بعد ما حرم .

4140 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرني عبيد بن سليمان قال سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإثمهما أكبر من نفعهما " ، يقول : إثمهما بعد التحريم أكبر من نفعهما قبل التحريم .

4141 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : " وإثمهما أكبر من نفعهما " ، يقول : ما يذهب من الدين والإثم فيه أكبر مما يصيبون في فرحها إذا شربوها .

قال أبو جعفر : وإنما اخترنا ما قلنا في ذلك من التأويل لتواتر الأخبار وتظاهرها بأن هذه نزلت قبل تحريم الخمر والميسر فكان معلوما بذلك أن الإثم الذي ذكره الله في هذه الآية فأضافه إليهما ، إنما عنى به الإثم الذي يحدث عن أسبابهما - على ما وصفنا - لا الإثم بعد التحريم .

ذكر الأخبار الدالة على ما قلنا من أن هذه الآية نزلت قبل تحريم الخمر :

4142 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا قيس عن سالم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع للناس " فكرهها قوم لقوله : " فيهما إثم كبير " ، وشربها قوم لقوله : " ومنافع للناس " ، حتى نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) [ سورة النساء : 43 ] ، قال : فكانوا يدعونها في حين الصلاة ويشربونها في غير حين الصلاة ، حتى نزلت : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) [ سورة المائدة : 90 ] فقال عمر : ضيعة لك ! اليوم قرنت بالميسر ! [ ص: 331 ]

4143 - حدثني محمد بن معمر قال : حدثنا أبو عامر قال : حدثنا محمد بن أبي حميد عن أبي توبة المصري قال : سمعت عبد الله بن عمر يقول : أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاثا ، فكان أول ما أنزل : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير " الآية ، فقالوا : يا رسول الله ، ننتفع بها ونشربها كما قال الله جل وعز في كتابه ! ثم نزلت هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) الآية ، قالوا : يا رسول الله ، لا نشربها عند قرب الصلاة . قال : ثم نزلت : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) الآية ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حرمت الخمر " . [ ص: 332 ]

4144 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح قال : حدثنا الحسين عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا قال الله : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) و" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ، فنسختها الآية التي في المائدة ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر ) ، الآية .

4145 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الوهاب قال : حدثنا عوف عن أبي القموص زيد بن علي قال : أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاث مرات . فأول ما أنزل قال الله : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ، قال : فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك ، حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاما لا يدري عوف ما هو ، فأنزل الله عز وجل فيهما : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) ، فشربها من شربها منهم ، وجعلوا يتقونها عند الصلاة ، حتى شربها - فيما زعم أبو القموص رجل ، فجعل ينوح على قتلى بدر :


تحيي بالسلامة أم عمرو وهل لك بعد رهطك من سلام [ ص: 333 ] ذريني أصطبح بكرا ، فإني
رأيت الموت نقب عن هشام وود بنو المغيرة لو فدوه
بألف من رجال أو سوام كأي بالطوي طوي بدر
من الشيزى يكلل بالسنام كأي بالطوي طوي بدر
من الفتيان والحلل الكرام
قال : فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع ، حتى انتهى إليه ، فلما عاينه الرجل ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان بيده ليضربه ، قال : أعوذ بالله من غضب الله ورسوله ! والله لا أطعمها [ ص: 334 ] أبدا ! فأنزل الله تحريمها : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون ) ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : انتهينا ، انتهينا ! !

4146 - حدثنا سفيان بن وكيع قال : حدثنا إسحاق الأزرق عن زكريا عن سماك عن الشعبي قال : نزلت في الخمر أربع آيات : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " ، فتركوها ، ثم نزلت : ( تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ سورة النحل : 67 ] ، فشربوها ثم نزلت الآيتان في " المائدة " : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام ) إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون )




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 31.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 31.04 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (1.98%)]