تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته ...)
قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. هو ذكوان السمان المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكنيته أبو صالح وهو مشهور بكنيته هذه، واسمه ذكوان ولقبه السمان أو الزيات ؛ لأنه كان يجلب الزيت والسمن، فيقال له: السمان ، ويقال له: الزيات ، وهو كثير الرواية عن أبي هريرة ، وكذلك يروي عن غيره. لكنه كثير الرواية عن أبي هريرة . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.
شرح حديث: (الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة). قال أبو داود : قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: (صلاة الرجل في الفلاة تضاعف على صلاته في الجماعة) وساق الحديث ] . أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة) وهذا فيه بيان أن الحديث السابق يبين هذا الحديث، وأن المقصود أنها تضاعف هذه المضاعفة، فتكون صلاته الواحدة بخمس وعشرين صلاة. قوله: (فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة)، يعني: أنها تضاعف هذا المضاعفة، ولعل هذه المضاعفة سببها كون الإنسان يحرص عليها في السفر مع وجود التعب ومع وجود النصب والمشقة، فمع ذلك يكون فيها ذلك الأجر وذلك الفضل العظيم. ويحتمل أن ذلك حيث تكون الفتن وعزلة الناس وكون الإنسان يكون معه غنم يرعاها ويعبد الله عز وجل، وقد جاء في ذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن من يستطيع مخالطة الناس والصبر على أذاهم ويتمكن من ذلك، فإن ذلك أعظم أجراً من العزلة ومن الانفراد، ولكن ذكر الفلاة هنا يدل على عظم أجر الصلاة في السفر مع حصول المشقة والنصب والتعب، وأنه لو صلاها وحده في الفلاة وهو مسافر فإن الله تعالى يكتب له ذلك الأجر العظيم، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) ، وهذا فيه بيان فضل المحافظة على الصلاة دائماً وأبداً ولاسيما في حال الأسفار وفي الفلوات، وكون الإنسان يكون وحده لا يطلع عليه إلا الله عز وجل ولا يراه إلا الله سبحانه وتعالى، فتكون مراقبته لله عز وجل وتقواه لله سبحانه وتعالى تدفعه وتجعله يحافظ على الصلوات الخمس، سواء كان ذلك حصله عن طريق وجود الجماعة أو أنه كان بمفرده وحافظ على الصلاة، فإنه يحصل هذا الأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى. وفي حديث عبد الواحد الذي ذكره أبو داود بيان أن تلك الصلاة التي يصليها تضعف على صلاة الجماعة بخمسين صلاة، يعني: ليس الأمر مقصوراً على كونه يصلي وحده، بل أيضاً على صلاة الجماعة.
تراجم رجال إسناد حديث: (الصلاة في جماعة تعدل خمساً وعشرين صلاة ...)
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. هو محمد بن عيسى بن الطباع وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون ]. [ أبو معاوية مر ذكره، و هلال بن ميمون الجهني صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة . [ عن عطاء بن يزيد ]. هو عطاء بن يزيد الليثي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته أبي سعيد ، واسمه سعد بن مالك بن سنان ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : قال عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم
شرح حديث: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم. حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو عبيدة الحداد حدثنا إسماعيل أبو سليمان الكحال عن عبد الله بن أوس عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم. لما ذكر في الترجمة السابقة فضل المشي إلى الصلاة مطلقاً، وكان في بعض الأحوال يوجد الظلام، وفي ذلك زيادة المضرة والمشقة، ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على فضل الذهاب إلى المسجد في شدة الظلام. أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) وهذا كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (حفت الجنة بالمكارة) يعني: أن الطريق إلى الجنة فيه تعب وفيه نصب يحتاج إلى صبر؛ فالإنسان يحتاج إلى صبر على طاعة الله وصبر عن معاصي الله، فيجب الصبر على الطاعة ولو شقت على النفوس، ويحرص على أن يذهب إلى المساجد ولو في الظلام، ولو في شدة الحر، ولو في شدة البرد؛ لأن حصول المشقة وحصول النصب فيه زيادة في الأجر وفيه الثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى. وقوله: (بشر المشائين) أي: الذين يمشون إلى المساجد. قوله: (في الظلم) يعني: في حال الظلام وفي شدة الظلام، وهذا إنما يكون في الفجر وفي العشاء؛ ولهذا جاء أن هاتين الصلاتين هما أثقل الصلاة على المنافقين، وفيهما ما فيهما من النصب؛ ولهذا فإن الذهاب إلى المساجد في شدة الظلام فيه هذا الثواب العظيم من الله عز وجل. قوله: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) لأنهم مشوا في الظلام فيجازيهم الله عز وجل بأن يجعل لهم نوراً تاماً يوم القيامة يبصرون به ويمشون به، والجزاء من جنس العمل، وكما أن هذا فيه مشي في الظلام فإنه يقابله نور، وجزاؤه نور يحصل يوم القيامة، كما جاء في فضل الصيام أن الصائمين يدخلون من باب يقال له: الريان؛ لأنهم عطشوا أنفسهم؛ فجوزوا أن يدخلوا من باب يشعر بالري الذي هو ضد الظمأ. فهؤلاء لما مشوا في الظلمات إلى المساجد، وحرصوا على الذهاب إلى المساجد في الظلمات يجازيهم الله عز وجل بأن يجعل لهم نوراً يمشون به يوم القيامة يضيء لهم جزاءاً وفاقاً، والجزاء من جنس العمل، فكما أنهم مشوا في الظلام فالله يعوضهم نوراً يستضيئون به يوم القيامة.
تراجم رجال إسناد حديث: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)
قوله: [ حدثنا يحيى بن معين ]. يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عبيدة الحداد ]. هو عبد الواحد بن واصل السدوسي وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إسماعيل أبو سليمان الكحال ]. إسماعيل أبو سليمان الكحال صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن عبد الله بن أوس ]. عبد الله بن أوس لين الحديث، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن بريدة ]. هو بريدة بن الحصيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث صححه الألباني ، وفيه راو لين الحديث، وفيه راو صدوق يخطئ، وله طرق أخرى، ومنها: حديث أنس عند ابن ماجة نحوه.
ما جاء في الهدي في المشي إلى الصلاة
شرح حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الهدى في المشي إلى الصلاة. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري أن عبد الملك بن عمرو حدثهم عن داود بن قيس قال: حدثني سعد بن إسحاق حدثني أبو ثمامة الحناط : (أن كعب بن عجرة رضي الله عنه أدركه وهو يريد المسجد؛ أدرك أحدهما صاحبه، قال: فوجدني وأنا مشبك بيدي، فنهاني عن ذلك وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن يديه؛ فإنه في صلاة) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب ما جاء في الهدى في المشي إلى الصلاة، والمقصود الهيئة والطريقة والسيرة التي ينبغي أن يكون عليها الإنسان، والآداب التي ينبغي أن يتأدب بها الإنسان وهو خارج إلى الصلاة؛ والمقصود هنا ذكر بعض الأمور التي لا تنبغي أن يكون الإنسان متصفاً بها في ذهابه إلى الصلاة. أورد أبو داود رحمه الله حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه وفيه أن أبا ثمامة الحناط كان يريد الذهاب إلى المسجد فأدركه كعب بن عجرة وهو ذاهب إلى المسجد، وكان أبو ثمامة الحناط قد شبك بين أصابعه، فنهاه عن ذلك كعب بن عجرة وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن يديه) يعني: لا يشبكن بين أصابعه؛ وذلك بأن يدخل الأصابع بعضها في بعض فيشبكها. قوله: (فإنه في صلاة) يعني: ما دام متجهاً إلى الصلاة فهو في صلاة، فلا يشبكن بين أصابعه لا في الطريق ولا في المسجد. وحديث كعب بن عجرة يدلنا على أن الهيئة التي يكون عليها الإنسان وهو خارج إلى المسجد أنه لا يشبك بين أصابعه، وهذا من الهدي ومن السمت والطريقة والهيئة التي يكون عليها الإنسان وهو خارج إلى المسجد؛ لأنه في صلاة، وهذا فيما إذا كان في الصلاة وقبل الصلاة، أما بعد الصلاة فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه شبك بين أصابعه، كما جاء في حديث ذي اليدين الذي في الصحيحين (أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى الظهر أو العصر صلاها ركعتين فقط، ثم تقدم إلى خشبة معروفة في المسجد واستند عليها وشبك بين أصابعه، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يديه طول يقال له: ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟! قال: لم أنس ولم تقصر، قال: بل نسيت يا رسول الله! فالتفت عليه الصلاة والسلام إلى الصحابة وقال: أكما يقول ذو اليدين ؟ قالوا: نعم، فقام وصلى الركعتين الباقيتين). وبعض أهل العلم قال في الجمع بين هذه الأحاديث: إن هذا يحمل على ما دل عليه وهذا يحمل على ما دل عليه وهذا جمع بين الأحاديث، وبعضهم قال: إن الأحاديث التي في الصحيحين أقوى من الأحاديث التي في غيرهما، ولكن الجمع مقدم على الترجيح وعلى النسخ، وفي إعمال كل ما جاء من التشبيك وعدمه إعمال للأحاديث جميعاً، فيجوز بعد الصلاة ولا يجوز في الصلاة ولا قبل الصلاة، وهذا هو التوفيق بين الأحاديث التي وردت في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامداً إلى المسجد ...)
قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ أن عبد الملك بن عمرو حدثهم ]. هو أبو عامر العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكثيراً ما يأتي ذكره بكنيته أبي عامر ، وهنا جاء باسمه عبد الملك بن عمرو . [ عن داود بن قيس ]. داود بن قيس ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني سعد بن إسحاق ]. سعد بن إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ حدثني أبو ثمامة الحناط ]. أبو ثمامة الحناط مجهول الحال، أخرج له أبو داود . [ أن كعب بن عجرة ]. كعب بن عجرة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه هذا الرجل المجهول، لكن قد جاءت أحاديث كثيرة عديدة تدل على ما دل عليه.
شرح حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبري حدثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن معبد بن هرمز عن سعيد بن المسيب قال: حضر رجل من الأنصار الموت فقال: إني محدثكم حديثاً ما أحدثكموه إلا احتساباً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة، لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له، فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك)]. أورد أبو داود حديث رجل من الأنصار يرويه عنه سعيد بن المسيب رحمه الله أنه لما حضره الموت قال: (إني محدثكم حديثاً لا أحدثكموه إلا احتساباً) يعني: أنه يرجو الثواب من الله عز وجل في ذلك، وليأخذ الناس بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يرويه لهم من الحديث، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء) وإحسان الوضوء يكون بإسباغه، وذلك بكونه يتأكد من كون الماء جاء على جميع أعضاء الوضوء بحيث لم يترك شيئاً لم يصل إليه الماء، ثم أيضاً يأتي به بثلاث غسلات ولا يزيد على ذلك. إذاً: فإحسان الوضوء هو كون الإنسان يأتي به مستوعباً لا يترك موضعاً أو شيئاً من أعضاء الوضوء لم يصل إليه الماء، ثم يغسل أعضاءه ثلاث مرات، هذا هو إسباغ الوضوء. قوله: (ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله له بها درجة، ولم يضع رجله اليسرى إلا حط الله عنه بها سيئة) والأحاديث التي تقدمت تدل على هذا، ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة وحط عنه بها خطيئة)؛ فكلما رفع الإنسان قدمه فإن الله تعالى يرفع له بها درجة، وكلما وضعها حط الله تعالى عنه بها خطيئة، ولا بد من رفع ووضع، فالرفع فيه رفع درجات والوضع فيه حط خطايا، وذلك فضل من الله عز وجل. قوله: (فليقرب أحدكم أو ليبعد) يعني: فليقرب بيته أو يبعد من المسجد، والمسافة كلما زادت كان أعظم، وهذا مثل الحديث الذي تقدم (أن الأبعد فالأبعد إلى المسجد أعظم أجراً). قوله: (فإن أتى المسجد فصلى في جماعة غفر له) يعني: لو أتى المسجد وصلى جماعة فإنه يغفر له. قوله: (فإن أتى المسجد وقد صلوا بعضاً وبقي بعض صلى ما أدرك وأتم ما بقي) يعني: إن فاتته بعض الصلاة صلى ما أدرك وأتم ما بقي، وهذا معناه: أنه يصلي معهم ما أدرك وما بقي فإنه يتمه بعد الصلاة. وهذا فيه دليل على أن ما يقضيه المسبوق بعد السلام هو آخر صلاته؛ لأنه قال: (أتم ما بقي) يعني: أن ما يدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته وما يقضيه بعد سلام الإمام هو آخر صلاته، وسيأتي في بعض الأحاديث: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) وهو دليل على أن ما يقضيه المسبوق هو آخر صلاته وليس أول صلاته. وقوله: (كان كذلك) يعني: غفر له؛ لأنه خرج من بيته متوضئاً يريد الصلاة، وهذا فيما إذا لم يكن ذلك تكاسلاً وعادة، فإذا كان الإنسان حريصاً على الصلاة ولكن حصل أن فاتته الصلاة فإنه يعذر، وأما أن يكون الإنسان عادته أن يتكاسل ويتأخر عن الصلاة فهذا لا ينبغي، فالإنسان عليه أن يحرص على أن يذهب إلى المساجد وأن يبكر إليها. وهذا يدلنا على فضل الذهاب إلى المساجد وأن فيه الأجر العظيم من الله، وسواء أدرك الصلاة كلها أو أدرك بعضها أو لم يدرك شيئاً ولكنه صلى في المسجد، فإنه بذلك يحصل الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله سبحانه وتعالى.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة ...)
قوله: [ حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبري ]. محمد بن معاذ بن عباد العنبري صدوق يهم، أخرج له مسلم وأبو داود . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يعلى بن عطاء ]. يعلى بن عطاء ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن معبد بن هرمز ]. معبد بن هرمز مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين. [ حضر رجل من الأنصار الموت ]. الصحابة رضي الله عنهم المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنهم كلهم عدول ولا يحتاجون بعد تعديل الله عز وجل وثنائه عليهم إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين، بل يكفيهم شرفاً وفضلاً ما جاء في فضلهم من النصوص، ومن كونهم تشرفوا بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم ورأوا طلعته وسمعوا حديثه عليه الصلاة والسلام، فلهم ذلك الفضل ولهم تلك الميزة التي تميزوا بها على غيرهم، لذا كان المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ بخلاف غير الصحابة فإن المجهول فيهم جهالته تؤثر."